تأثير الصراخ في تربية الطفل
إن الأبوة والأمومة هما الدوران الأكثر تحدياً في هذه الحياة، فهناك الكثير من الأساليب السلبية التي يتبعها الأهل أثناء تربية الطفل.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
والتي يجب أن ينتبها إلى معالجتها بالطريقة الصحيحة منها موضوع مقالنا؛ الصراخ في وجه الطفل ونعته بالألفاظ القاسية بصوت مرتفع.
فالكثير من الآباء والأمهات لا ينتبهون إلى أن صراخهم في وجه أطفالهم قد يعطي تأثيراً سلبياً في نفسية الطفل وهذا ما سنناقشه هنا.
سلبيات الصراخ في وجه الطفل
إن الصراخ في وجه الطفل هو شكل من أشكال المعاملة السيئة، وعندما يكون في الزمان والمكان غير المناسبين يكون أشد قساوة وتأثيراً على الطفل.
فبالرغم من أن الصراخ هو رد فعل عند الغضب والتوتر؛ يزعج الطرف الآخر الذي نصرخ في وجهه، إلا أن الغضب والصراخ في وجه الطفل أمام أحد أقرانه أو أقاربه له التأثير الأسوأ، ومن التأثيرات السلبية للصراخ على الطفل:
التأثير السلبي على صحته النفسية
فاستمرارك في الصراخ على طفلك سوف يؤثر سلبياً عليه وينعكس على شخصيته وردود أفعاله من خلال خلق حالة من الخوف لدى الطفل وإضعاف ثقته بنفسه.
حيث بين تقرير نشر مجلة رسالة هارفرد للصحة النفسية، أن الصراخ على الطفل وإلقاء اللوم والإهانة والتهديد والسخرية بشكل مستمر يمكن أن تكون أقسى عليه من الاعتداء أو التحرش الجسدي.
ومن الممكن أن يسبب الصراخ مخاطر اضطراب عقلي وصدمة بالإضافة إلى الانهيار النفسي.
حيث يشير التقرير إلى أن الأطفال الذين تعرضوا للعنف اللفظي والصراخ في صغرهم ارتفعت معدلات الجنوح والانحراف لديهم أكثر من الأطفال الآخرين الذين لم يتم تعرضهم للصراخ والعنف اللفظي في الصغر.
التسبب بردود فعل عدوانية
من الممكن أن يسبب الصراخ المستمر على الطفل ردود أفعال عدوانية لديه، فحالما تصرخ عليه قد يبدأ هو بالصراخ أيضاً والبكاء الشديد وكسر الأشياء والضرب عليها.
ونجد الكثير من الأهالي يعانون من تلك العدوانية لدى أطفالهم غير مدركين أنهم هم المسؤولون عن تلك التصرفات من خلال الصراخ ورفع الصوت على الطفل.
ولقد أشارت ناني جو فروست (Nanny Jo Frost)، مقدمة برنامج سوبر ناني (Supernanny) الإنجليزي والتي تحاول أن تساعد الأهالي على تربية أطفالهم بالطريقة الصحيحة وتحل مشاكل معظمهم.
"أن الصراخ على الطفل وتوبيخه قد يسبب ضعفاً في التركيز مع ردود أفعال عدوانية جداً".
زيادة مشاكل الانضباط عند الطفل
إن استخدام العنف اللفظي والصراخ على الطفل بدلاً من محاكاته بالمنطق قد يسبب الأمر زيادة أخطائه وتكرارها دون أن يتعلم منها.
وهذا ما بينته الاقتصادية الإنجليزية الدكتور لور دي برو (Laure de Preux) من خلال دراسة أجرتها بينت فيها من خلال مقاربة اقتصادية أن الصراخ المفرط على الطفل ظناً منك أنه سيتعلم من خطئه يمكن أن يعطي نتائج عكسية تماماً.
فقد يمارس الطفل العناد وتكرار الخطأ مراراً.
وهكذا، يجب علينا أن نعرف نتائج الفعل الذي نقوم به قبل فوات الأوان، لأن تلك السلبيات قد تشكل خطراً كبيراً على طفلك في حال استمريت بالصراخ عليه.
مقولات قد تدمر نفسية طفلك
عند اجترار الغضب قد تفقد تركيزك، وقد تتلفظ بكلمات لا تدرك مدى تأثيرها وقساوتها على الطفل، ومن المقولات التي يقولها الآباء والأمهات والتي قد تسبب تدميراً نفسياً عند الطفل:
- التهديدات: "إذا فعلت ذلك مرة أخرى سوف أتركك تعيش وحيداً".
- التمني بأنه غير موجود: "لو لم أنجبك كنت سأعيش حياتاً أفضل".
- مقارنته مع أقرانه أو أخوته: "لماذا لا تكون مرتباً مثل أخوتك؟" .
- مناداته بصفات سيئة وألقاب بذيئة: "أنت فوضوي، غير مرتب، يا كسول، أنت شخص ميؤوس منك".
- إلقاء اللوم عليه: "أنت دائماً تسبب لي الصداع، أنت تتعبني، أنت تسبب لي الاشمئزاز".
- عدم التقدير: "لا فائدة منك، أنت لا تصلح لشيء، أنت لا تعرف القيام بهذا".
اعتذار الأهل ونصائح عند الصراخ على الطفل
عند اللحظة التي تشعر بأنك قد غضبت من ابنك وقمت بالصراخ عليه بشكل مبالغ فيه، يمكنك إصلاح الموقف من خلال الاعتذار منه بطريقتك الخاصة حتى تعود العلاقة بينكما إلى مجاريها.
إضافة إلى تعليمه بأن الاعتذار بعد الخطأ أمر مهم ولا عيب فيه فأنت القدوة الأولى له على أي حال، لهذا يمكنك اتباع إحدى الخطوات التالية لتعبر عن اعتذارك:
- اجلس مع طفلك واجلب له العصير المفضل لديه ومن ثم قل له: "أنا أعلم أنك منزعج مني وأنا اعتذر".
- قم بتشغيل الفيديو أو التلفاز وقوما بمتابعة فيلم ممتع معاً، حتى تشعر بأنه بدأ يرتاح ومن ثم اعتذر له عما بدر منك.
- حاول أن تجلس مع طفلك في جو هادئ ومن ثم اقترح موضوعاً قابلاً للنقاش حتى تلاحظ أن الحديث بينكما عاد إلى مجراه الطبيعي ومن ثم قل له "لا أعرف كيف غضبت بتلك السرعة، أنا حقاً أعتذر".
- اقترح على طفلك أن تذهبا سويةً إلى نزهة ومن ثم حاولا أن تمشيا في أمكنة ممتعة حتى تجد الوقت المناسب للاعتذار منه.
- قم بتحضير الطعام المفضل لطفلك ودعوته لأكله معاً وقل له "ما رأيك أن نتقاسم هذه الوجبة الشهية معاً، فأنا أرغب في التحدث معك عن سوء التفاهم الذي حصل قبل قليل".
أمور تجعل طفلك متفهماً لغضبك أحياناً
لا يمكنك الصعود إلى القمة دون أن تتأكد من أن القاعدة الأساسية متينة، وهذه حال العلاقة بينك وبين طفلك، فهناك أمور وأشياء مهمة جداً يجب أن تؤسسها في شخصية الطفل حتى تستطيع بناء علاقة جيدة ومتينة بينكما.
ومن هذه الأمور:
- أن تجعل الطفل يشعر دائماً بحنانك وعطفك عليه فمن شأن ذلك أن يجعله يقدر الحب الذي تمنحه إياه وأنك شخص غير قاسي.
- أن تشرح لطفلك أن الإنسان لا بد أن يخطئ، ولكن يجب أن يتعلم من أخطائه.
- تقدير أفعال الطفل دائماً، إذ يعتبر ذلك حافز مهم لديه لتشجيعه على المحاولة وعلى تجنب الأخطاء حتى تبقى صورته مثالية بالنسبة لك.
- في حال تعرضت لموقف يدعو إلى الغضب مع أشخاص آخرين كشريك الحياة أو غيره، عليك ألا تغضب أمام الطفل، وحاول تجنب الصراخ أمامه فيكفي أن تذهب إلى مكان آخر (غرفة أخرى) بعيداً عن الطفل.
- اشرح للطفل دائماً ماذا تريد أنت بالضبط، كي يفهم التصرفات الصحيحة بشكل واضح وصريح.
ما يمكنك فعله لتجنب الصراخ في طفلك
لا يوجد من لا يشعر بالغضب والتوتر في بعض الأحيان بسبب مواقف تزعجه أو ظروف محيطة به، ولكن هناك بعض الاستراتيجيات التي يمكنك اتباعها حتى تكظم الغيظ وتخفف من الغضب وبالتالي الامتناع عن الصراخ في وجه طفلك وهي:
- في لحظات التوتر والغضب، حاول الامتناع عن التكلم في أي موضوع، وعن قول أي شيء.
- خذ مهلة لتهدئة نفسك وحاول أن تنتقل إلى غرفة أخرى أو مكان آخر كي تجلس وحيداً حتى تهدأ.
- خذ نفساً عميقاً واتبع تمارين الشهيق والزفير لمدة خمس دقائق لما في ذلك من فائدة في تهدئة الأعصاب.
- لا تحاول أن تتذكر المشاكل السابقة التي قام بها طفلك مما يسبب لك تراكمات تدفعك إلى الغضب بشكل أكبر، حاول أن تفكر في حل المشكلة لا التفكير بالمشكلة ذاتها.
- حاول تبسيط الموقف الذي تعرضتما له، وابتع حس الفكاهة للتخفيف من حدة الموقف وبالتالي الامتناع عن الغضب.
- حاول أن تجد مبررات للسلوك الذي قام به الطفل حتى تستطيع استيعاب الأمر من جميع جوانبه وليس من وجهة نظرك فقط.
أخيراً.. نكون قد تعرفنا من خلال هذا المقال على شكل من أشكال المعاملة السيئة للطفل وتأثيره عليه ألا وهو الصراخ.
لذلك من الأفضل أن نختار المناقشة بالمنطق والتفاهم بدلاً من الصراخ حتى لا يتعرض الطفل إلى أزمات خطيرة مثلما ذكرنا مسبقاً.