اليوم العالمي لحرية الصحافة (World Press Freedom Day)
يعد اليوم العالمي لحرية الصحافة من الأيام الدولية التي خصصتها منظمة الأمم المتحدة بهدف التوعية بأهمية حرية الصحافة وتذكير الحكومات بواجبها باحترام ودعم الحق في الحرية بالتعبير، إضافةً لتسليط الضوء على دور الإعلاميين الذين فقدوا حياتهم خلال أدائهم لواجبهم.. فكيف يتم الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة؟ ومتى اعتمد وكيف؟ هذا ما سنجيب عنه في هذه المقالة.
الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة
يحيي العالم اليوم العالمي لحرية الصحافة في الثالث من شهر أيار/ مايو كل عام، وهو يوم للاحتفال وليس عطلة رسمية، حيث تقوم منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو) بعدد من الفعاليات المختلفة مثل المعارض الفنية، عقد مؤتمر سنوي يجمع بين الإعلاميين ومنظمات حرية الصحافة ووكالات الأمم المتحدة لتقييم حالة حرية الصحافة في جميع أنحاء العالم ومناقشة الحلول لمعالجة التحديات.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
ويركز كل مؤتمر على موضوع يتعلق بحرية الصحافة، بما في ذلك (الحكم الرشيد، التغطية الإعلامية للإرهاب، الإفلات من العقاب، دور وسائط الإعلام في البلدان الخارجة من الصراع)، كما يتضمن الاحتفال تقديم جائزة (غيليرمو كانو) العالمية لحرية الصحافة لتكريم أولئك الذين خاطروا بحياتهم لجلب الأخبار إلى العالم، وفي كل عام تستضيف إحدى مدن العالم المناسبة.
جائزة (غيليرمو كانو) العالمية لحرية الصحافة
ابتداءً من عام 1997، بدأت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة بمنح جائزة اليونسكو المعروفة باسم (غيليرمو كانو) العالمية لحرية الصحافة لتكريم عمل فرد أو منظمة تدافع عن حرية التعبير أو تعززها، ولا سيما إذا كان ذلك يعرض حياة الفرد للخطر.
وسميت هذه الجائزة بهذا الاسم تكريماً للصحافي الكولومبي غيليرمو كانو إيزازا الذي اغتيل أمام مكاتب صحيفته "إل إسبكتادور" في بوغوتا في السابع عشر من شهر كانون الأول/ ديسمبر 1986 حيث تناول كانوا في كتاباته إلى رجال مافيات المخدرات في كولومبيا السبب الذي دفع المافيا لاغتياله.
مواضيع اليوم العالمي لحرية الصحافة (1998 - 2017)
- "حرية الصحافة هي حجر الزاوية في حقوق الإنسان" "Press Freedom is a Cornerstone of Human Rights"، في مدينة إنغلاند البريطانية في عام 1998.
- "الحقب العنيفة: وجهات نظر الأجيال بشأن حرية الصحافة" "Turbulent Eras: Generational Perspectives on Freedom of the Press"، في العاصمة الكولومبية بوغوتا في عام 1999.
- "نقل الأخبار في عالم خطير: دور وسائل الإعلام في تسوية الصراعات والمصالحة وبناء السلام" "Reporting the News in a Dangerous World: The Role of the Media in conflict settlement, Reconciliation and peace-building"، في مدينة جنيف السويسرية في عام 2000.
- "مكافحة العنصرية وتعزيز التنوع: دور الصحافة الحرة "Combating racism and promoting diversity: the role of free press"، حيث عقدت بالاشتراك مع الاحتفال بالذكرى العاشرة لإعلان ويندهوك. وقد تميزت هذه المناسبة بتوقيع الميثاق الأفريقي للإذاعة، وذلك في مدينة ويندهوك النامبية في عام 2001.
- "تغطية الحرب على الإرهاب العالمي"."Covering the War on Global Terrorism"، في العاصمة الفلبينية مانيلا في عام 2002.
- "وسائل الإعلام والنزاع المسلح" "The Media and Armed Conflict"، في مدينة كينغستون الجامايكية في عام 2003.
- صربيا "من يقرر كم المعلومات؟" "Who decides how much information?"، في العاصمة الصربية بلغراد في عام 2004.
- السنغال "الإعلام والحكم الرشيد" "Media and Good Governance"، في العاصمة السنغالية داكار في عام 2005.
- "وسائل الإعلام كقائد للتغيير" "The media as drivers of change"، في مدينة كولومبو السيرلانكية، في عام 2006.
- "الأمم المتحدة وحرية الصحافة"."The United Nations and the freedom of press"، في مدينة ميديلين الكولومبية في عام 2007.
- "الاحتفال بالمبادئ الأساسية لحرية الصحافة" "Celebrating the fundamental principles of press freedom"، في مدينة مابوتو الموزامبيقية في عام 2008.
- "الحوار والتفاهم المتبادل والتسوية" "Dialogue, mutual understanding and reconciliation"، في العاصمة القطرية الدوحة في عام 2009.
- "حرية المعلومات: الحق في المعرفة" "Freedom of information: the right to know"، في مدينة بريسبان الأسترالية في عام 2010.
- "وسائل الإعلام في القرن الحادي والعشرين: حدود جديدة، حواجز جديدة" 21"st Century Media: New Frontiers, New Barriers"، في العاصمة الأمريكية واشنطن في عام 2011.
- "أصوات جديدة: حرية الإعلام تساعد على تغيير المجتمعات" "New Voices: Media Freedom Helping to Transform Societies"، في العاصمة التونسية تونس في عام 2012.
- "تأمين حرية التعبير في جميع وسائل الإعلام" "Safe to Speak: Securing Freedom of Expression in All Media"، بمدينة سان خوسيه في كوستاريكا في عام 2013.
- "حرية الإعلام من أجل مستقبل أفضل: صياغة خطة التنمية لما بعد عام 2015" "Media Freedom for a Better Future: Shaping the post-2015 Development Agenda"، في العاصمة الفرنسية باريس في عام 2014.
- "دع الصحافة تزدهر نحو إعداد تقارير أفضل، والمساواة بين الجنسين، وسلامة وسائل الإعلام في العصر الرقمي" "Let Journalism Thrive! Towards Better Reporting, Gender Equality, & Media Safety in the Digital Age"، بمدينة ريغا في لاتفيا في عام 2015.
- "الحصول على المعلومات والحريات الأساسية" "Access to Information and Fundamental Freedoms"، في العاصمة الفنلندية هلسنكي في عام 2016.
- "الرأي المناسب في الوقت المناسب: دور الإعلام في تعزيز مجتمعات سلمية وعادلة وشاملة" "Critical Minds for Critical Times: Media’s role in advancing peaceful, just and inclusive societies"، في العاصمة الإندونيسية جاكرتا، في عام 2017.
جذور اليوم العالمي لحرية الصحافة
يعود اهتمام منظمة الأمم المتحدة بالصحافة إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في عام 1948، حيث نصت المادة التاسعة عشرة من هذا الإعلان على أنه: "لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير؛ ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون تدخل، والتماس المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها من خلال أي وسيلة من وسائل الإعلام وبغض النظر عن الحدود".
إعلان ويندهوك يمهد لتحديد اليوم العالمي لحرية الصحافة
انعقد مؤتمر ويندهوك في مدينة ويندهورك بدولة نامبيا في عام 1991 وضم مجموعة من الإعلاميين الأفارقة انتهى باعتماد ما بات يُعرف باسم إعلان ويندهوك بشأن تعزيز وسائط الإعلام المستقلة والتعددية، وتضمن هذا الإعلان ما يلي:
- إنشاء وصون وتعزيز صحافة مستقلة وتعددية وحرة.
- أهمية حرية الصحافة من أجل تطوير الديمقراطية والحفاظ عليها في أمة ما، وضرورتها في التنمية الاقتصادية.
وبناء على الدعوة التي وجهها هذا المؤتمر لتحديد يوم عالمي لحرية الصحافة عُقد المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو) في دورته السادسة والعشرين في عام 1991، وقرر تبني توصية رفعت للجمعية العامة للأمم المتحدة مفادها تحديد يوم عالمي لحرية الصحافة، وهو ما حصل، حيث أنشأت الجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم العالمي لحرية الصحافة في شهر كانون الأول/ ديسمبر عام 1993، وحددته يوم الثالث من شهر أيار/ مايو وهو اليوم ذاته الذي اعتمد فيه إعلان ويندهوك.
أهمية اليوم العالمي لحرية الصحافة
تأتي أهمية اليوم العالمي لحرية الصحافة من النقاط التالية:
- يعد هذا اليوم مناسبة لإعلام المواطنين بانتهاكات حرية الصحافة، وتذكير بأن وسائل الإعلام في عشرات البلدان حول العالم تخضع للرقابة والغرامة والتعليق والإغلاق، بينما يتعرض الصحفيون والمحررون والناشرون للمضايقات والاعتداءات والاعتقال وحتى القتل.
- يعد هذا اليوم بمثابة موعد لتشجيع وتطوير مبادرات لصالح حرية الصحافة، وتقييم حالة حرية الصحافة في جميع أنحاء العالم.
- هذا اليوم بمثابة تذكير للحكومات بضرورة احترام التزامها بحرية الصحافة، كما أنه يوم للتفكير بين الإعلاميين بشأن قضايا حرية الصحافة والأخلاقيات المهنية.
- اليوم العالمي لحرية الصحافة هو يوم دعم لوسائل الإعلام أينما وجدوا في العالم.
- يوم ذكرى لهؤلاء الصحفيين الذين فقدوا أرواحهم خلال أدائهم لمهامهم.
دور حرية الإعلام في تمكين الناس بالتحكم في حياتهم
تؤمن حرية الإعلام والوصول إلى المعلومات في هذا البلد أو ذاك الهدف الإنمائي الأوسع المتمثل في تمكين الناس، والتمكين عملية اجتماعية وسياسية متعددة الأبعاد تساعد الناس على السيطرة على حياتهم. ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال الوصول إلى معلومات دقيقة وعادلة وغير منحازة، تمثل عدداً وافراً من الآراء، ووسائل التواصل، بالتالي المشاركة في الحياة النشطة للمجتمع.
متطلبات حرية الصحافة
كي يستطيع الإعلام والصحافة العمل بحرية ينبغي توفر الشروط التالية وفق ما أورد موقع منظمة الأمم المتحدة، وهذه الشروط هي:
- توفر بيئة قانونية وتنظيمية تسمح بظهور قطاع إعلامي مفتوح وتعددي.
- توفر إرادة سياسية لدعم قطاع الإعلام وسيادة القانون لحمايته.
- وجود قوانين تكفل الوصول إلى المعلومات.
- توفر المهارات اللازمة لمحو الأمية الإعلامية لدى المتلقين للأخبار، حيث تقوم هذه المهارات بنقل المعلومات وتحليلها وتقريبها إلى ذهن المتلقي كي يستطيع استخدامها في حياته اليومية.
- أن يتمتع الإعلاميون بأعلى المعايير الأخلاقية وهو ما يشكل البنية التحتية الأساسية حيث يمكن أن تسود حرية التعبير.
وعلى هذا الأساس، تعمل وسائط الإعلام كجهة رقابية، ويشارك المجتمع المدني مع السلطات وصانعي القرار، وتدفق المعلومات من خلال المجتمعات المحلية وفيما بينها.
أهمية قوانين حرية المعلومات
تعد حرية الوصول للمعلومات أمراً بالغ الأهمية، وتعتبر القوانين التي تسمح بالوصول إلى المعلومات العامة - ضرورية، كذلك كيفية الوصول لهذه المعلومات، سواء من خلال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أو من خلال تبادل الوثائق ببساطة، حيث يمكن للمعلومات تغيير الطريقة التي نرى من خلالها العالم من حولنا، مكاننا فيه، وكيفية ضبط حياتنا من أجل تعظيم الفوائد المتاحة من خلال مواردنا المحلية، فعملية صنع القرار التي تحركها الحقائق يمكن أن تغير بشكل كبير وجهات نظرنا السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ولذلك، فإن وسائل الإعلام المفتوحة والتعددية ربما تكون أغلى عندما توفر ببساطة مرآة للمجتمع لكي يرى نفسه.
إضافةً لذلك، تلعب حرية المعلومات والشفافية دوراً كبيراً في مكافحة الفساد، مما له أثر ملموس على التنمية، حيث حدد رئيس البنك الدولي السابق جيمس وولفنسون الفساد الحكومي باعتباره العقبة الرئيسية أمام التنمية وقطاع الإعلام المستقل كأداة واحدة لمكافحة الفساد العام.
أسس حرية الصحافة والحكم
حددت منظمة الأمم المتحدة معايير لحرية الصحافة، باعتبار ضمان حرية وسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم أولوية، وهذه المعايير تشمل ضمان الشفافية والمساءلة وسيادة القانون فيما يتعلق بوسائل الإعلام، وتعزيز مشاركة وسائل الإعلام في الخطاب العام والسياسي، وإسهام هذه الوسائل في مكافحة الفقر.
في الختام .. لطالما أطلق على وسائل الإعلام اسم "السلطة الرابعة"، على اعتبار أنه في كل بلد ثلاث سلطات هي (التشريعية، التنفيذية، القضائية)، بالتالي توفير الحرية لهذه الوسائل للقيام بواجبها كرقيب على السلطات الثلاث أمر حيوي بالنسبة للمجتمع فمن خلال ذلك يمكن كشف نقاط الخطأ والخلل في كل مفاصل المجتمع بغية تلافيها وإيجاد حلول لها.