اليوم الدولي للرحلة البشرية إلى الفضاء
مع التطور العلمي والتكنولوجي بات كل شيء ممكناً في هذه الحياة، حتى وصل الإنسان إلى القمر، وبتنا بدل أن نحلم بالوصول إلى الفضاء نفكر في سؤال آخر.. هل أستطيع السفر إلى هناك؟ هل لدي الإمكانات المادية والبيولوجية للقيام بذلك؟ ولأن الإنسان وصل إلى الفضاء فقد استحق هذا الإنجاز التخليد وتحديد يوم دولي للرحلة البشرية إلى الفضاء.. فما هو هذا اليوم؟ وكيف يتم الاحتفال به؟ وكيف تم اعتماده؟ هذا ما سنجيب عنه في هذه المقالة.
تعريف اليوم الدولي للرحلة البشرية إلى الفضاء
يعرف اليوم الدولي للرحلة البشرية إلى الفضاء باللغة الإنجليزية باسم (International Day of Human Flight into Space)، هو اليوم الذي حددته منظمة الأمم المتحدة للاحتفال بوصول الإنسان إلى الفضاء، حيث حددته في الثاني عشر من شهر نيسان/ أبريل كل عام.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
الاحتفال باليوم الدولي للرحلة البشرية إلى الفضاء
يحتفل العالم باليوم الدولي للرحلة البشرية إلى الفضاء في الثاني عشر من شهر نيسان/ أبريل من كل عام، وهو ليس عطلة رسمية، ذلك بهدف تعزيز التطلعات لاستكشاف الفضاء الخارجي والحفاظ عليه للأغراض السلمية، وتشمل الأنشطة التي تروج لهذا اليوم إقامة معارض الصور، كذلك مؤتمرات لعرض التكنولوجيا المستخدمة في الفضاء الخارجي، إصدار طوابع تذكارية.
تحديد اليوم الدولي للرحلة البشرية إلى الفضاء
حددت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في قرارها الذي حمل الرقم 65/271، الصادر في السابع من شهر نيسان/ أبريل عام 2011، يوم الثاني عشر من شهر نيسان/ أبريل يوماً دولياً للرحلات الفضائية البشرية، ذلك "للاحتفال كل عام على الصعيد الدولي ببدء البشرية عصر الفضاء، والمساهمة الهامة لعلوم وتكنولوجيا الفضاء في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وزيادة رفاه الدول والشعوب، فضلاً عن ضمان تحقيق تطلعاتها إلى الحفاظ على الفضاء الخارجي للأغراض السلمية".
وأعربت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها عن اقتناعها العميق بالمصلحة المشتركة للإنسانية في تعزيز وتوسيع نطاق استكشاف الفضاء الخارجي واستخدامه، بوصفه إقليم البشرية جمعاء، للأغراض السلمية، وفي الجهود المتواصلة لتوسيع نطاق الفوائد المستمدة منها من جميع الدول".
الاتحاد السوفيتي أول بلد يحتفل بذكرى أول رحلة بشرية ناجحة إلى الفضاء
احتفل الاتحاد السوفيتي السابق باليوم الدولي للرحلات البشرية إلى الفضاء، وذلك منذ عام 1962، أي في العام التالي للرحلة الأولى إلى الفضاء الخارجي في التاريخ التي قام بها رائد الفضاء السوفيتي يوري غاغارين، ففي التاسع من شهر نيسان/ أبريل عام 1962 أقر هذا اليوم وأدرج في قانون "أيام المجد العسكري والتواريخ التذكارية في روسيا"؛ في الفقرة الأولى من المادة الأولى من ذلك القانون.
الاحتفال باليوم الدولي للرحلات البشرية إلى الفضاء
بدأ الاحتفال بمناسبة تتعلق بالفضاء على المستوى الدولي للمرة الأولى في عام 1968، عندما قرر المؤتمر الحادي والستين للاتحاد الدولي للطيران الاحتفال بالثاني عشر من شهر نيسان/ أبريل كل عام باعتباره اليوم العالمي للملاحة الجوية والفضائية، وفي الثاني عشر من شهر نيسان/ أبريل عام 1981، أي بعد عشرين عاماً من إطلاق الرحلة الفضائية الأولى (فوستوك1) أطلق مكوك فضائي يدعى (ستس-1، كولومبيا) للرحلة الجوية المدارية الأولى، على الرغم من أن ذلك كان مصادفة مع تأخر إطلاق الطائرة ستس-1 لمدة يومين.
أول رحلة إلى الفضاء
أول إنجاز بشري باتجاه الفضاء كان في الرابع من شهر تشرين الأول/ أكتوبر عام 1957، حيث أطلق أول ساتل أرضي من صنع الإنسان (سبوتنيك I)؛ (الساتل أو القمر الصناعي هو جهاز صنعه الإنسان يدور في الفضاء الخارجي حول الأرض أو حول أي كوكب آخر، ويقوم الساتل بأعمال عديدة على سبيل المثال: الاتصالات والفحص والكشف)، في الفضاء الخارجي، الأمر الذي فتح الطريق أمام استكشاف الفضاء.
حيث أصبح رائد الفضاء السوفيتي يوري غاغارين أول إنسان يقوم برحلة إلى الفضاء حيث دار حول الأرض مدة ساعة وثماني وأربعين دقيقة على متن المركبة الفضائية (فوستوك 1)؛ في الثاني عشر من شهر نيسان/ أبريل عام 1961، وهو ما فتح فصلاً جديداً من المسعى البشري في الفضاء الخارجي، كما كانت السوفيتية فالنتينا تيريشكوفا أول امرأة تدور حول الأرض في السادس عشر من شهر حزيران/ يونيو عام 1963.
كما أصبح رائد الفضاء الأمريكي نيل أرمسترونغ أول إنسان يضع القدم على سطح القمر في العشرين من شهر تموز/ يوليو عام 1969، ورست كلا من السفينتين الفضائيتين "أبولو" و"سويوز" في السابع عشر من شهر تموز/ يوليو عام 1975، باعتبارهما أول بعثة إنسانية دولية في الفضاء.
يوري غاغارين ابن نجار سوفيتي أول رائد فضاء في العالم
ولد يوري أليكسيفيتش غاغارين في قرية كلوشينو، بالقرب من غزاتسك في التاسع من شهر آذار/ مارس عام 1934، والده النجار أليكسي إيفانوفيتش غاغارين ووالدته آنا تيموفيفنا غاغارينا كميلكيد، كان يوري الثالث من بين أربعة أطفال: الأخ الأكبر فالنتين، الشقيقة الكبرى زويا، والأخ الأصغر بوريس.
القوات الألمانية تحتل قريته وتطرد أسرته من منزلها
عانت أسرة يوري غاغارين من الاحتلال الألماني النازي خلال الحرب العالمية الثانية، حيث قام الألمان النازيون باحتلال قريته في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1941 وطردوا عائلته من منزلها، فسكنوا في كوخ لمدة سنة وتسعة أشهر حتى انتهاء الاحتلال الألماني لقريته، كما قام الألمان بترحيل فالنتين شقيق يوري إلى بولندا للعمل بالسخرة في عام 1943، ولم يعد إلا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية في عام 1945، وفي العام التالي انتقلت عائلته إلى غزهوتسك، حيث واصل غاغارين تعليمه الثانوي.
درس يوري غاغارين في مدرسة ساراتوف التقنية الصناعية ثم تعلم الطيران
درس يوري غاغارين بمدرسة محلية "للعمال الشباب" في عام 1950 وبعد تخرجه مع مرتبة الشرف في صنع قوالب ومسابك العمل في عام 1951؛ تم اختياره لمزيد من التدريب في مدرسة ساراتوف التقنية الصناعية، حيث درس الجرارات، وخلال وجوده في ساراتوف، تطوع غاغارين للتدرب على الطيران في عطلة نهاية الأسبوع في نادي تحليق محلي، حيث تعلم الطيران في البداية من طابقين وفي وقت لاحق في مدرب ياك 18.
ثم درس في المدرسة التقنية وتخرج منها في عام 1955، ثم دخل يوري غاغارين الجيش السوفياتي، حيث تم إرساله إلى مدرسة تشكالوف للقوات الجوية الأولى في أورينبورغ، حيث حلق منفرداً في طائرة من طراز ميج 15 في عام 1957، وبعد التخرج، تم تعيينه للعمل في قاعدة لوستاري الجوية في منطقة مورمانسك، بالقرب من الحدود النرويجية، ليصبح ملازماً في القوات الجوية السوفياتية في الخامس من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1957، وفي السادس من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1959 حصل على رتبة ملازم أول.
اختيار غاغارين لرحلة الفضاء الأولى في التاريخ
بعد الكثير من البحث وعملية الاختيار في عام 1960، تم اختيار يوري غاغارين مع تسعة عشر طياراً آخر لبرنامج الفضاء السوفياتي، كما تم اختيار غاغارين لمجموعة تدريب النخبة المعروفة باسم سوتشي ستة، حيث سيتم اختيار رائد الفضاء الأول من برنامج فوستوك. خضع غاغارين والمرشحين المحتملين الآخرين لتجارب مصممة لاختبار التحمل البدني والنفسي.
كما خضع للتدريب للرحلة القادمة، ومن بين العشرين طيار، كانت الخيارات النهائية لإطلاق أول رائد إلى الفضاء على يوري غاغارين بسبب أدائه خلال الدورات التدريبية، وقال غاغارين للزعيم السوفياتي نيكيتا خروشوف أنه خلال إعادة التدوير كان قد صفق لحن "الوطن الأم يسمع، يعرف الوطن الأم يعرف/ أين يطير ابنها في السماء"، وهما أول سطرين من الأغنية الوطنية الروسية للفضاء، وهي من كلمات الشاعر السوفيتي ديميتري شوستكوفيتش كتبها في عام 1951.
من رائد فضاء إلى سياسي
أصبح يوري غاغارين نائباً في برلمان الاتحاد السوفيتي في عام 1962، كما انتخب في اللجنة المركزية للرابطة الشيوعية الشابة، وعاد بعد ذلك للعمل في منشأة رائد الفضاء (ستار سيتي)، حيث أمضى عدة سنوات في العمل على تصميم مركبة فضائية قابلة لإعادة الاستخدام، ثم أصبح ضابطاً في القوات الجوية السوفياتية في الثاني عشر من شهر حزيران/ يونيو عام1962، حصل على رتبة عقيد في السادس من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1963، حيث حاول المسؤولون السوفياتيون إبقائه بعيداً عن أي رحلات جوية، قلقين من فقدان بطلهم في حادث. كان غاغارين طياراً احتياطياً لصديقه فلاديمير كوماروف في رحلة سويوز 1، التي أطلقت على الرغم من احتجاجات غاغارين على ضرورة اتخاذ المزيد من احتياطات السلامة، حيث انتهت رحلة كوماروف في حادث تحطم مميت.
وفي العشرين من شهر كانون الأول/ ديسمبر عام 1963 أصبح غاغارين نائب مدير التدريب لقاعدة تدريب رواد الفضاء في ستار سيتي، وبعد عامين أعيد انتخابه نائباً في مجلس أمن الدولة، وفي العام التالي بدأ إعادة التأهيل كطيار مقاتل.
متزوج ولديه ابنتان
تزوج يوري غاغارين من فالنتينا إيفانوفنا غورياشيفا (تخرجت من كلية أورينبورغ الطبية)، في السابع من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1957، ولديهما ابنتان، هما:
- يلينا يوريفنا غاغارين، هي مؤرخة فنية عملت كمدير عام لمتاحف موسكو للكرملين منذ عام 2001.
- غالينا يوريفنا غاغارين، هي أستاذة الاقتصاد ورئيسة قسم في جامعة بليخانوف الروسية للاقتصاد في موسكو.
تكريم رائد الفضاء السوفيتي يوري غاغارين
اعتبر الاتحاد السوفيتي رحلة يوري غاغارين انتصاراً لبرنامج الفضاء السوفياتي، وفتحت حقبة جديدة في تاريخ استكشاف الفضاء، فأصبح يوري غاغارين بطلاً وطنياً للاتحاد السوفيتي والكتلة الشرقية وشخصية مشهورة في جميع أنحاء العالم.
كما عقدت موسكو وغيرها من المدن في الاتحاد السوفييتي السابق تظاهرات جماهيرية، واصطحب يوري غاغارين في موكب طويل للمسؤولين رفيعي المستوى في شوارع موسكو إلى الكرملين حيث أقيم له احتفال ضخم قلده خلاله الرئيس السوفيتي نيكيتا خروتشوف أعلى وسام شرف سوفياتي، ولقب بطل الاتحاد السوفياتي.
كما أقيم له تمثال في عام 1981 باعتباره أول رائد في العالم لرحلة الفضاء الخارجي في مدينة ساراتوف، كما صمم وسام حمل اسمه (وسام يوري غاغارين)، وبعد وفاته سميت قريته ومسقط رأسه بغاغارين.
توفي يوري غاغارين في حادث تحطم طائرة
توفي يوري غاغارين في السابع والعشرين من شهر آذار/ مارس عام 1968، خلال تحطم طائرته ميغ 15 عندما كان يقوم في رحلة تدريبية روتينية من قاعدة تشكالوفسكي الجوية، بالقرب من بلدة كيرزاخ، حيث تم حرق جثمانه ودفن رماده في جدران الكرملين في الساحة الحمراء.
في الختام.. يبقى اليوم الدولي للرحلة البشرية للفضاء تخليداً لأول رحلة إلى الفضاء الخارجي حولت صاحبها من مواطن سوفيتي إلى أول رائد فضاء في التاريخ، وهو ما فتح المجال أمام المزيد من الرحلات نحو الفضاء الخارجي.