الهرمون المنشط للحوصلة FSH
يُعتبر الهرمون المنشط للحوصلة أو الهرمون المنبه للجريب (بالإنجليزية: FSH: Follicle-stimulating hormone)، من الهرمونات الموجهة لعمل الغدد التناسلية (المبيض والخصية)، فهو وسيلة الجسم لتنظيم عمل هذه الغدد وضمان أدائِها لوظيفتها بشكلٍ متوازنٍ ودقيق، ولا يعمل هرمون FSH وحده، فهو يخضع لرقابة عُليا تتحكم فيه وتنظم عمله، إذ إن هذا الهرمون له دور بالغ الأهمية في جسم كل من الرجال والنساء، وفي هذا المقال، نوضح لك بالتفصيل وظيفة الهرمون المنشط للحوصلة FSH، ونسبته الطبيعية في الجسم، وأهميته لكل من الرجال والنساء.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
ما هو الهرمون المنشط للحوصلة FSH
الهرمون المنشط للحوصلة أو هرمون FSH هو مركب بروتيني سكري، يُفرز من القسم الأمامي للغدة النخامية (التي تنظم عمل بقية الغدد وتوجد في قاعدة الدماغ)، وذلك نتيجة لتأثرها بالهرمون المُطلق لموجهة الغدد التناسلية (بالإنجليزية: GnRH: Gonadotropin Releasing Hormone) الذي يُفرز من الوطاء (وهو جزء في الدماغ موجود أعلى الغدة النخامية مباشرةً، ومسؤول عن تنظيم عملها). [1]
ويعتبر كل من الهرمون المنشط للحوصلة FSH والهرمون الملوتن (LH: Luteinizing Hormone) (من الهرمونات الموجهة لعمل الغدد التناسلية أيضاً، ويعمل بالتضامن مع هرمون FSH ويُفرز من الغدة النخامية)، مسؤولين عن نمو وتطور الأعضاء التناسلية، وتحفيز إفراز الهرمونات الجنسية، بالإضافة لدورهما في إنتاج النطاف عند الذكر، والإلقاح وحدوث الحمل عند الأنثى. [1]
يعدُّ هرمون FSH واحداً من الهرمونات الأساسية التي تتحكم في عمل الغدد التناسلية (المبيضين والخصيتين) عند كل من الإناث والذكور: [1]
- الإناث: يساهم في تنظيم الدورة الطمثية عند المرأة بمختلف مراحلها، ويعمل هرمون FSH مع هرمون LH كما ذكرنا على تنظيم إفراز الهرمونات الجنسية المُحدِثة لجميع التغيرات التي تحدث للجسم في سن البلوغ (بالإنجليزية: Puberty).
- الذكور: يساهم هرمون FSH في تنظيم إنتاج وتطور الحيوانات المنوية (النطاف) في الخصيتين، نظراً لأهمية هذا الهرمون الكبيرة في الخصوبة والإلقاح والحمل.
وقد يؤدي أي اضطراب في النسب الطبيعية لهذا الهرمون إلى حدوث العقم عند الرجال والعقم عند النساء، وهذه الحالة إما أن تكون أولية ناجمة عن مشكلة في الغدة النخامية، أو ثانوية تنجم عن وجود مرض آخر في الجسم يؤثر على النسب الطبيعية لهذا الهرمون في الدم. [1]
وظيفة هرمون FSH وآلية عمله
يؤدي هرمون FSH دوراً بالغ الأهمية في جسم كل من الرجل والمرأة، لكن قبل الخوض في آلية عمله، لا بد أولاً من أخذ لمحة بسيطة عن آلية التنظيم الداخلي التي تتحكم في معدل إفرازه في الجسم. [2]
فكما ذكرنا، يُفرز هرمون FSH من الغدة النخامية بتحفيز من هرمون GnRH المفرز من الوطاء، ويعتمد إفراز الهرمون الأخير على نسبة الهرمونات الجنسية (هرمون الإستروجين عند الأنثى، هرمون التستوستيرون عند الذكر)، الموجودة في الدم، وتسمى هذه الآلية باسم التلقيم الراجع السلبي، وتتمثل فيما يأتي: [2]
- نقص الهرمونات الجنسية يؤدي إلى تحفيز إفراز هرمون GnRH من الوطاء، والذي بدوره يؤثر على الجزء الأمامي من الغدة النخامية مسبباً زيادة إفراز هرمون FSH الذي يؤثر على كل من المبيض والخصية، ويحفزهما على زيادة إنتاج الهرمونات الجنسية، فترتفع قيمتها في الدم.
- زيادة نسبة الهرمونات الجنسية في الدم، تمنع إفراز هرمون GnRH من قبل الوطاء، وبالتالي ينقص إنتاج هرمون FSH من القسم الأمامي من الغدة النخامية، مؤدياً لتوقف كل من المبيض والخصية عن إنتاج الهرمونات الجنسية، وبالتالي تنقص قيمتها في الدم.
ويؤدي هرمون FSH وظيفة مهمة جداً عند كل من الذكور والإناث، والتي تتمثل فيما يأتي: [2]
وظيفة هرمون FSH عند الإناث
يؤثر هرمون FSH على الجريبات المبيضية (تجمع خلوي كروي الشكل، تتطور ضمنه الخلية البيضية الأنثوية)، إذ إنه يحفز شهرياً نمو مجموعة من الجريبات الفتية الموجودة في المبيض.
لكن يسيطر جريب واحد منها فقط في النهاية، ويتطور بفعل الهرمون السابق وصولاً لمرحلة الجريب الناضج الذي يحوي بداخله الخلية البيضية الأنثوية، وبتمزق هذا الجريب تحدث عملية الإباضة (بالإنجليزية: Ovulation).
وتتمثل الإباضة أو التبويض في إطلاق الخلية البيضية الأنثوية ضمن القناة الناقلة للبويضات المعروفة باسم قناة فالوب (قسم من الجهاز التناسلي الأنثوي)، وبعد ذلك يتم إلقاحها بالنطفة الذكرية، في حال حدوث الجماع، فتتشكل البويضة الملقحة التي تتحول لاحقاً إلى جنين.
وفي حال عدم حدوث الإلقاح خلال الـ24 ساعة التالية للإباضة تتابع الخلية البيضية الأنثوية طريقها، بفضل حركة الأهداب التي تبطن جوف القناة الناقلة للبويضات، وصولاً إلى الرحم حيث تتمزق فيه.
وتنتج الجريبات المبيضية أيضاً الهرمونات الجنسية الأنثوية (هرمون الإستروجين وهرمون البروجستيرون)، وذلك تحت سيطرة هرمون FSH وهرمون LH، وتساهم هذه الهرمونات الجنسية في زيادة سُمك بطانة الرحم وتحضيره لاستقبال البويضة الملقحة وتعشيشها إذا حدث الإلقاح.
أما في حال عدم حدوث الإلقاح، تتمزق طبقات بطانة الرحم التي تكاثرت مُسبقاً، ما عدا الطبقة العميقة، وهذا هو سبب النزف التناسلي المعروف بالطمث الذي يحدث لدى جميع النساء بشكلٍ شهري.
وظيفة هرمون FSH عند الذكور
يساهم هرمون FSH عند الرجل في تنشيط وتحفيز عملية تصنيع الحيوانات المنوية (النطاف)، حيث تتم ضمن الأنيبيبات المنوية الموجودة في الخصيتين.
كما أن هذا الهرمون يؤثر على خلايا سيرتولي (وهي خلايا موجودة ضمن الأنيبيبات المنوية بين النطاف المتشكلة)، ويحرضها على القيام بعملها الذي يتمثل في تأمين وسط ملائم لنمو الحيوانات المنوية، وتطورها وتغذيتها حتى تصل لمرحلة النضج التام.
النسب الطبيعية لهرمون FSH عند الرجال والنساء
تختلف نسب الهرمون المنشط للحوصلة FSH عند النساء على مدار الشهر، وذلك باختلاف المرحلة من الدورة الشهرية التي يمر بها جسم المرأة، في حين تكون هذه القيم ثابتة نسبياً عند الرجل. [3]
سنوضح لك النسب الطبيعية لهرمون FSH عند كل من الرجل والمرأة، علماً بأن هذه النسب تختلف بشكل طفيف بين مخبرٍ وآخر، وهي كما يأتي: [3]
النسب الطبيعية لهرمون FSH عند الرجال
1.42-15.4 وحدة دولية/لتر (International Units per Liter).
النسب الطبيعية لهرمون FSH عند النساء
- خلال الطور الجريبي: يمثل مرحلة تطور الجريبات ضمن المبيض وصولاً إلى الجريب المسيطر الذي سيعطي الخلية البيضية، تحدث هذه التغيرات خلال الأيام الأولى للدورة الشهرية، وتتراوح قيمة هرمون FSH في هذه الفترة بين1.37-9.9 وحدة دولية/لتر (IU/L).
- خلال منتصف الدورة الشهرية: تتميز هذه الفترة بحدوث الإباضة وتمزق الجريب الناضج ليرسل الخلية البيضية ضمن القناة الناقلة للبيوض، تتراوح قيمة هرمون الـ FSH في هذه الفترة بين 6.17-17.2 وحدة دولية/لتر.
- خلال الطور اللوتئيني: سُمي كذلك نسبةً إلى الهرمون المسيطر خلال هذه المرحلة من الدورة الشهرية، وهو هرمون LH الذي يفرز من الغدة النخامية ويحرض إفراز البروجستيرون من الجسم الأصفر، (ما يتحول إليه الجريب الناضج بعد الإباضة)، وتوافق هذه المرحلة الأيام الأخيرة من الدورة الشهرية التي تسبق الطمث وتلي الإباضة، وتتراوح قيمة هرمون FSH في هذه الفترة بين 1.09-9.2 وحدة دولية/لتر.
أسباب تغير نسب هرمون FSH عند الرجال والنساء
قد يحدث اضطراب في نسب هرمون FSH إما بالارتفاع أو بالانخفاض، وهذا قد ينعكس سلباً على الوظيفة الجنسية للشخص، مؤدياً في غالبية الحالات إلى حدوث العقم، والذي يكون إما دائماً أو قابلاً للعلاج. [3]
وهذا يعتمد على السبب الذي أدى لحدوثه، وفيما يأتي نذكر أهم الأسباب المؤدية لحدوث خلل في نسب هرمون FSH عند كل من الرجال والنساء: [3]
أسباب ارتفاع هرمون FSH عند النساء
- نقص الهرمونات الجنسية عند الأنثى بسبب وجود مشكلة في المبيض ناجمة عن العلاج الكيماوي أو الإشعاعي أو أورام المبيض.
- بعض أورام الغدة النخامية المفرزة لهرمون FSH.
- بلوغ المرأة سن اليأس، وكذلك سن اليأس المبكر (الذي قد يصيب المرأة بعمر 40 سنة أو أقل).
- الإصابة بمتلازمة تورنر (بالإنجليزية: Turner Syndrome)، وهو مرض وراثي خلقي يصيب النساء ويسبب اضطرابات جنسية تؤدي للعقم.
أسباب ارتفاع هرمون FSH عند الرجال
- نقص الهرمونات الجنسية الذكرية بسبب وجود مشكلة في الخصيتين ناجمة عن العلاج الكيماوي أو الإشعاعي أو رض شديد.
- التقدم بالعمر وتراجع الأداء الوظيفي للخصيتين يسبب زيادة إنتاج هرمون FSH بغية تحفيز إنتاج المزيد من الهرمونات الجنسية.
- بعض أورام الغدة النخامية المفرزة لهرمون FSH.
- الإصابة بمتلازمة كلاينفلتر (بالإنجليزية: Klinefelter Syndrome)، وهو مرض وراثي خلقي يصيب الرجال ويسبب اضطرابات جنسية تؤدي للعقم.
أسباب انخفاض هرمون FSH عند النساء
- النحافة الزائدة وفقدان الوزن الشديد والسريع.
- وجود اضطراب في الوطاء أو الغدة النخامية، الذي قد ينجم عن تعرض هذه المناطق للجراحة أو العلاج الإشعاعي.
- استخدام العلاج الهرموني البديل (الإستروجين والبروجستيرون) لتحسين أعراض سن اليأس، أو علاج بعض الحالات الطبية.
- حدوث الحمل.
أسباب انخفاض هرمون FSH عند الرجال
- استخدام العلاج الهرموني البديل (التستوستيرون) من قبل الرجال الذين لديهم قيم منخفضة من هذا الهرمون.
- وجود اضطراب في الوطاء أو الغدة النخامية، الذي قد ينجم عن تعرض هذه المناطق للجراحة أو للعلاج الإشعاعي.
تنويه مهم:
- ارتفاع نسب هرمون FSH وهرمون LH عند الأولاد والفتيات دليل على بدء الدخول في مرحلة سن البلوغ.
- استخدام العلاج الهرموني البديل عند كل من الرجال والنساء يؤدي إلى نقص هرمون FSH في الدم بآلية التلقيم الراجع السلبي التي ذكرناها سابقاً.
هرمون FSH وسن اليأس
يُعبّر سن اليأس (بالإنجليزية: Menopause) عن نهاية مرحلة النشاط التناسلي عند المرأة، حيث تتكون كلمة (Menopause) من الكلمتين الإغريقيتين (Men)، التي تعني الشهر و(Pauein) التي تعني التوقف. [4]
فيكون معنى الكلمة الكامل هو التوقف الشهري، والمقصود به هو توقف نزول دم الطمث الشهري، ويصيب سن اليأس النساء في سن 45-55 عاماً، أي أن غالبية الحالات تحدث بشكل وسطي في سن 51 عاماً. [4]
أعراض سن اليأس عند المرأة
يتمكن الطبيب عادةً من تشخيص سن اليأس عند المرأة بمجرد اعتماده على الأعراض التي تعاني منها، حيث تصبح الدورات الطمثية غير منتظمة (طموث غزيرة متقاربة أو متباعدة الحدوث) حتى يتوقف نزول دم الطمث كلياً. [4]
بالإضافة إلى الأعراض الأخرى التي تصيب المرأة كالهبّات الساخنة، إذ تشعر خلالها المرأة بارتفاع درجة حرارة جسمها مع احمرار جلد الوجه والعنق، ويدوم ذلك من ثوانٍ لدقائق، ويترافق معه أحياناً تعرق غزير في راحتي اليدين، ثم يليه خفقان وبرودة، والتغيرات النفسية العديدة مثل: الإصابة بالاكتئاب، والعصبية الزائدة على أصغر الأمور، والقلق المستمر، والشعور بالصداع، وصعوبة التركيز. [4]
تشخيص سن اليأس عند النساء
في بعض الأحيان، يضطر الطبيب إلى إجراء بعض التحاليل المخبرية ليؤكد حدوث سن اليأس، إذ إنه يطلب قياس نسبة هرمون FSH الذي يكون مرتفعاً، بالإضافة إلى قياس نسبة هرمون الإستروجين في الدم الذي يكون بدوره منخفضاً. [4]
ويعود السبب وراء ذلك إلى تراجع وظيفة المبيض في هذه السن، فتنقص نسبة الهرمونات الجنسية التي ينتجها، مما يؤدي إلى ارتفاع نسب هرمون FSH كمحاولة لتعويض النقص، لكن دون جدوى، وبالتالي يتم تأكيد دخول المرأة في سن اليأس اعتماداً على ما يأتي: [4]
- توقف الدورة الطمثية، بالإضافة إلى الأعراض الأخرى التي تصيب المرأة في سن اليأس.
- الارتفاع المستمر لنسب هرمون المنبه للجريب، إذ إن نسبة هرمون FSH الأعلى من 40 ميلي وحدة دولية/ميلليلتر (mIU/mL) في عدة اختبارات متتالية تدل على دخول المرأة في سن اليأس.
- انخفاض نسب هرمون الإستروجين في الدم، فعادةً ما تكون النسب الطبيعية لهرمون الإستروجين عند المرأة من 30-400 بيكوغرام/ميلليلتر (pg/mL)، لكن بعد سن اليأس تنخفض هذه النسب إلى ما دون 30 بيكوغرام/ميلليلتر.
وفي النهاية، بعد أن تعرفت معنا على وظيفة الهرمون المنشط للحوصلة FSH وآلية عمله في الجسم ومدى أهميته للرجال والنساء، لا يسعنا سوى القول بأن التنظيم الصحيح والدقيق هو أساس كل عملٍ ناجحٍ، لذلك يتبع الجسم طرق شتّى للحصول على نظامٍ يؤمن استمرار الحياة، فالهرمونات والنواقل العصبية والإنزيمات التي تؤدي أدواراً مختلفة ومهمة ليست سوى وسيلة الدماغ لفرض أوامره على مختلف أجزاء الجسم بما يضمن الحصول على أفضل النتائج.