الكاتب‭ ‬والسيناريست مصطفى‭ ‬صالح...“‭ ‬شارع‭ ‬طلال”‭ ‬حلمي‭ ‬ووجعي‭ ‬الأكبر

  • تاريخ النشر: الثلاثاء، 21 أبريل 2015 | آخر تحديث: الإثنين، 07 فبراير 2022
مقالات ذات صلة
الكاتب‭ ‬عبدالله‭ ‬الدليمي‭:‬ لا‭ ‬تعنيني‭ ‬الشهرة‭... ‬ولكن‭ ‬أسعى‭ ‬إلى‭ ‬إيصال‭ ‬رسالة
باسل‭ ‬هنيني...موهبة‭ ‬بقدر‭ ‬الحلم
أمل‭ ‬بوشوشة‭: ‬ الجزائر،‭ ‬سوريا‭ ‬ولبنان‭...‬وجهاتي‭ ‬المفضلة
يخفي‭ ‬الكاتب‭ ‬والسيناريست‭ ‬مصطفى‭ ‬صالح،‭ ‬أو‭ ‬كما‭ ‬يحلو‭ ‬للمقربين‭ ‬مناداته‭ ‬بـ‭ " ‬أبو‭ ‬فراس‭" ‬قدراً‭ ‬كبيراً‭ ‬من‭ ‬الطيبة‭ ‬والحنان‭ ‬بين‭ ‬ثنايا‭ ‬ضحكته‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬تمييزها‭ ‬من‭ ‬على‭ ‬بعد‭. ‬وبين‭ ‬أوراقه‭ ‬الكثيرة‭ ‬المبعثرة‭ ‬تارة‭ ‬على‭ ‬طاولة‭ ‬المطبخ‭ ‬وطاولته‭ ‬الشهيرة‭ ‬في‭ " ‬السنترال‭" ‬يمنح‭ ‬كاتب‭ " ‬نمر‭ ‬بن‭ ‬عدوان‭" ‬و‭" ‬عيون‭ ‬عليا‭" ‬و‭" ‬راس‭ ‬غليص‭"  ‬حياة‭ ‬مختلفة‭ ‬للشخصيات‭ ‬التي‭ ‬يرسمها‭ ‬في‭ ‬أعماله‭ ‬التي‭ ‬لطالما‭ ‬لقيت‭ ‬كل‭ ‬طيب‭ ‬من‭ ‬الأصداء‭.‬
وبين‭ ‬الرياضة‭ ‬والتعليم‭ ‬والصحافة‭ ‬والكتابة‭ ‬والمسرح‭ ‬ورئاسة‭ ‬التحرير،‭ ‬يدرك‭ ‬المتابعون‭ ‬لأعمال‭ ‬مصطفى‭ ‬صالح‭ ‬منذ‭ ‬ثمانينات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬أن‭ ‬وراء‭ ‬كل‭ ‬فعل‭ ‬إبداعي‭ ‬ينتجه‭ ‬كمية‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬البحث‭ ‬والتحليل‭ ‬والخيال‭ ‬الخصب‭ ‬الذي‭ ‬يجعل‭ ‬أعماله‭ ‬تبقى‭ ‬في‭ ‬الذاكرة‭.‬
يتحدث‭ " ‬أبو‭ ‬فراس‭" ‬في‭ ‬لقائه‭ ‬معنا‭ ‬عن‭ ‬أعماله‭ ‬الأخيرة،‭ ‬ومسيرته‭ ‬المهنية،‭ ‬وعشقه‭ ‬للمسرح،‭ ‬والذكريات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالأعمال‭ ‬الأحب‭ ‬إلى‭ ‬قلبه،‭ ‬والعمل‭ ‬الهاجس‭ ‬الذي‭ ‬يسكنه‭ ‬منذ‭ ‬زمن‭.‬
 
 
‭ ‬حدثنا‭ ‬عن‭ ‬عملك‭ ‬الأخير‭ " ‬الموج‭ ‬الأزرق‭ " ‬والذي‭ ‬يعرض‭ ‬حالياً‭ ‬على‭ ‬قناة‭ ‬رؤيا؟
يتمحور‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬حول‭ ‬قصة‭ ‬اجتماعية‭ ‬تدور‭ ‬أحداثها‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬العقبة‭ ‬الساحلية،‭ ‬وهو‭ ‬يعرض‭ ‬لإيقاع‭ ‬حياة‭ ‬سريع‭ ‬تمتاز‭ ‬به‭ ‬الحقبة‭ ‬الحالية،‭ ‬وقد‭ ‬ذهبت‭ ‬للعقبة‭ ‬أثناء‭ ‬كتابة‭ ‬العمل‭ ‬ومكثت‭ ‬هناك‭ ‬مدة‭ ‬أسبوع،‭ ‬قمت‭ ‬فيه‭ ‬بزيارة‭ ‬مواقع‭ ‬مختلفة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬وعلى‭ ‬الساحل،‭ ‬ودققت‭ ‬بتفاصيل‭ ‬لا‭ ‬يعرفها‭ ‬إلا‭ ‬القليل،وكشفت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأسرار‭ ‬المختبئة‭ ‬للمدينة‭ ‬وذلك‭ ‬بهدف‭ ‬إخراج‭ ‬مسلسل‭ ‬متكامل‭ ‬خالِ‭ ‬من‭ ‬الأخطاء‭ ‬ومليء‭ ‬بالأحداث‭. ‬تطرقت‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬إلى‭ ‬نموذج‭ ‬الصيادين‭ ‬الذين‭ ‬يبحرون‭ ‬لثلاث‭ ‬أو‭ ‬أربعة‭ ‬أيام‭ ‬ويعودون‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬خاليي‭ ‬الوفاض،‭ ‬وعرضت‭ ‬أيضاَ‭ ‬مشكلة‭ ‬البعض‭ ‬ممن‭ ‬يفقدون‭ ‬في‭ ‬البحر،‭ ‬عاشرت‭ ‬الكثير‭ ‬منهم‭ ‬أثناء‭ ‬كتابتي‭ ‬للعمل،‭ ‬وتطرقت‭ ‬للكثير‭ ‬من‭ ‬تفاصيل‭ ‬حياتهم‭.‬
 
عرفك‭ ‬القارئ‭ ‬الأردني‭ ‬كصحفي‭ ‬رياضي‭ ‬وكاتب‭ ‬مقال‭ ‬ورئيساً‭ ‬لتحرير‭ ‬إحدى‭ ‬أهم‭ ‬الصحف‭ ‬المحلية‭ ‬الأردنية‭ ‬كيف‭ ‬ظهرت‭ ‬فكرة‭ ‬السيناريو؟
‭ ‬تجربتي‭ ‬في‭ ‬كتابة‭ ‬السيناريو‭ ‬ليست‭ ‬حديثة‭ ‬العهد‭ ‬كما‭ ‬يعتقد‭ ‬البعض،‭ ‬فقد‭ ‬بدأت‭ ‬بكتابة‭ ‬السيناريو‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬عمل‭ ‬درامي‭ ‬من‭ ‬كتابتي‭ ‬وكان‭ ‬بعنوان‭ "‬‭ ‬بريق‭ ‬السنين‭"‬‭ ‬وأنتج‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1989،‭ ‬كما‭ ‬عملت‭ ‬مع‭ ‬الزميل‭ ‬عروة‭ ‬زريقات‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬البرامج‭ ‬من‭ ‬أهمها‭ ‬‭"‬‭ ‬مساء‭ ‬الخير‭"‬‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬أنتقل‭ ‬إلى‭ ‬كتابة‭ ‬أعمال‭ ‬أخرى‭ ‬مثل‭ (‬جرح‭ ‬الغزاله‭)‬و‭ (‬طائر‭ ‬الشوك‭) ‬وكلاهما‭ ‬من‭ ‬الأعمال‭ ‬القريبة‭ ‬إلى‭ ‬قلبي‭.‬
 
هل‭ ‬يمكن‭ ‬لأي‭ ‬ممن‭ ‬يمتلك‭ ‬موهبة‭ ‬الكتابة‭ ‬أن‭ ‬يدخل‭ ‬عالم‭ ‬السيناريو‭ ‬أيضاً؟‭ ‬وماهي‭ ‬مواصفات‭ ‬كاتب‭ ‬السيناريو‭ ‬المحترف‭ ‬في‭ ‬نظرك؟
بالطبع‭ ‬لا،‭ ‬ليس‭ ‬كل‭ ‬كاتب‭ ‬يمتلك‭ ‬بالضرورة‭ ‬موهبة‭ ‬كتابة‭ ‬السيناريو،‭ ‬لكن‭ ‬الكتابة‭ ‬كفعل‭ ‬إبداعي‭ ‬بصورة‭ ‬عامة،‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬التعليم،‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬الموهبه‭ ‬ومستوى‭ ‬عالٍ‭ ‬من‭ ‬الثقافة‭ ‬بمعناها‭ ‬الواسع،‭  ‬فمن‭ ‬المتوقع‭ ‬من‭  ‬كاتب‭ ‬السيناريو‭ ‬أن‭ ‬يقرأ‭ ‬جميع‭ ‬الأصناف‭ ‬الأدبية‭ ‬من‭ ‬الروايات‭ ‬والتاريخ‭ ‬وأن‭ ‬يتذوق‭ ‬الشعر‭. ‬وأهم‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬كله‭ ‬في‭ ‬نظري‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬قارئاً‭ ‬للقران‭ ‬الكريم‭ ‬وكتب‭ ‬الأديان‭ ‬السماوية‭ ‬لأنها‭ ‬منبع‭ ‬القصص‭. ‬و‭ ‬في‭ ‬لغتها‭ ‬إثراء‭ ‬للكاتب‭ ‬ولثقافته‭.‬
وأنا‭ ‬على‭ ‬قناعة‭ ‬بأنه‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬حرية‭ ‬تعبير‭ ‬كافية‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬لتحولت‭ ‬القصص‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬الكتب‭ ‬السماوية‭ ‬إلى‭ ‬أعمال‭ ‬درامية‭ ‬ملحمية،‭ ‬لأنها‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬تثري‭ ‬الدراما‭ ‬العربية‭ ‬بشكل‭ ‬مذهل‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬على‭ ‬كاتب‭ ‬السيناريو‭ ‬أن‭ ‬يتمتع‭ ‬بخيال‭ ‬خصب،‭ ‬فهو‭ ‬يرسم‭ ‬صوراً‭ ‬كاملة‭ ‬للأحداث،‭ ‬بتفاصيلها‭ ‬كاملة،‭ ‬ففن‭ ‬السيناريو‭ ‬يرتكز‭ ‬على‭ ‬تحويل‭ ‬أحداث‭ ‬القصة‭ ‬إلى‭ ‬مشاهد،‭ ‬ويكمن‭ ‬الفن‭ ‬في‭ ‬كتابة‭ ‬السيناريو‭ ‬في‭ ‬ربط‭ ‬المشاهد‭ ‬المنفصلة‭ ‬المليئة‭ ‬بالتفاصيل‭ ‬بشكل‭ ‬درامي‭ ‬متناسق‭ ‬حتى‭ ‬يخرج‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬بصورة‭ ‬مسلسل‭ ‬درامي‭ ‬أو‭ ‬فيلم‭ ‬أو‭ ‬غيره‭.‬
 
من‭  ‬يلفت‭ ‬انتباهك‭ ‬من‭ ‬كتاب‭ ‬السيناريو‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬؟
لا‭ ‬يحضرني‭ ‬اسم‭ ‬بذاته،‭ ‬لكن‭ ‬لكل‭ ‬كاتب‭ ‬أسلوبه،‭ ‬وطريقته‭ ‬ولكل‭ ‬منهم‭ ‬موهبته‭ ‬وفكره‭ ‬الخاص،‭ ‬فالبعض‭ ‬يكتبون‭ ‬فقط‭ ‬للمتعة‭ ‬والتسلية،‭ ‬بينما‭ ‬يكتب‭ ‬آخرون‭ ‬بهدف‭ ‬كسب‭ ‬المال،‭ ‬وتنعكس‭ ‬هذه‭ ‬الميول‭ ‬والعوامل‭ ‬على‭ ‬طبيعة‭ ‬العمل‭ ‬النهائي‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬سيناريو‭ ‬أو‭ ‬عمل‭ ‬درامي‭ ‬يرتبط‭ ‬بنوعية‭ ‬الكاتب‭ ‬وشخصيته‭ ‬وانتماءاته،‭ ‬ولكل‭ ‬بلد‭ ‬خصوصيته‭ ‬ونكهته‭ ‬الخاصة،‭ ‬لذلك‭ ‬تتنوع‭ ‬النصوص‭ ‬وتتلون،‭ ‬رغم‭ ‬وجود‭ ‬قواسم‭ ‬مشتركة‭  ‬للأعمال‭ ‬المنتجة‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭.‬
 
‭ ‬إلى‭ ‬ماذا‭ ‬تعزو‭ ‬قلة‭ ‬كتاب‭ ‬السيناريو‭ ‬في‭ ‬الأردن؟
أعتقد‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬عائد‭ ‬أولاً‭ ‬لضعف‭ ‬الإنتاج،‭ ‬وثانياً‭ ‬لندرة‭ ‬المواهب‭ ‬المتوفرة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭.‬
 
حين‭ ‬تشرع‭ ‬في‭ ‬كتابة‭ ‬نص‭ ‬لعمل‭ ‬ما،‭ ‬هل‭ ‬يمر‭ ‬في‭ ‬بالك‭ ‬أسماء‭ ‬الممثلين‭ ‬الذين‭ ‬قد‭ ‬تتخيلهم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الدور‭ ‬أو‭ ‬ذاك؟‭ ‬
أحياناً‭ ‬يحدث‭ ‬هذا‭ ‬الأمر،‭ ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬يشكل‭ ‬بعض‭ ‬الخلافات‭ ‬بيني‭ ‬وبين‭ ‬المنتجين،‭ ‬خصوصاً‭ ‬حين‭  ‬يقع‭ ‬اختيارهم‭ ‬على‭ ‬ممثلين‭ ‬غير‭ ‬مناسبين‭ ‬للأدوار‭ ‬في‭ ‬رأيئ،‭ ‬وعادة‭ ‬ما‭ ‬يرتبط‭ ‬ذلك‭ ‬بتفضيلات‭ ‬شخصية‭ ‬معينة،‭ ‬أو‭ ‬كلفة‭ ‬مالية‭.‬
 
من‭ ‬يعجبك‭ ‬من‭ ‬الممثلين‭ ‬الأردنيين؟
منذر‭ ‬رياحنه،‭ ‬فهو‭ ‬من‭ ‬أجمل‭ ‬الممثلين‭ ‬وأكثرهم‭ ‬تمكناً،‭ ‬وقد‭ ‬قمت‭ ‬شخصياً‭ ‬باقتراح‭ ‬اسمه‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عمل،‭  ‬كما‭ ‬تعجبني‭ ‬مارغو‭ ‬حداد‭ ‬فهي‭ ‬ممثلة‭ ‬ممتازة‭ ‬وذات‭ ‬ثقافة‭ ‬عالية،‭  ‬ولا‭ ‬ننسى‭ ‬القدير‭ ‬زهير‭ ‬النوباني‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يجاريه‭ ‬أحد‭ ‬حين‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بتأدية‭ ‬أدوار‭ ‬الشر،‭ ‬كما‭ ‬أنني‭ ‬من‭ ‬المعجبين‭ ‬أيضاً‭ ‬بالممثلة‭ ‬الأردنية‭ ‬عبير‭ ‬عيسى‭.‬
 
عرفك‭ ‬الجمهور‭ ‬العربي‭ ‬الاكبر‭ ‬عبر‭ ‬المسلسلات‭ ‬البدوية،‭ ‬هل‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬سبب‭ ‬استمرارك‭ ‬في‭ ‬كتابة‭ ‬أعمال‭ ‬من‭ ‬ذات‭ ‬النوع؟
كما‭ ‬أشرت‭ ‬سابقاُ‭ ‬في‭ ‬الحوار،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬لدي‭ ‬تجارب‭ ‬كتابة‭ ‬نصوص‭ ‬لأعمال‭ ‬إجتماعية‭ ‬متنوعة،‭ ‬لكن‭ ‬حكايتي‭ ‬مع‭ ‬المسلسلات‭ ‬البدوية‭ ‬كانت‭ ‬حين‭ ‬كان‭ ‬المركز‭ ‬العربي‭ ‬للإنتاج‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬كاتب‭ ‬يلملم‭ ‬أجزاء‭ ‬الحكاية‭ ‬البدوية‭ ‬المعروفة‭ ‬‭"‬راس‭ ‬غليص‭"‬‭ ‬ويكتب‭ ‬سيناريو‭ ‬مناسباً‭ ‬للإنتاج‭ ‬التلفزيوني،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬اسمي‭ ‬ضمن‭ ‬القائمة‭ ‬المقترحة،‭  ‬وحين‭ ‬لم‭ ‬ينجح‭ ‬أي‭ ‬منهم‭ ‬في‭ ‬هذا،‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬توفر‭ ‬الشحيح‭ ‬من‭ ‬المعلومات‭ ‬حول‭ ‬الرواية،‭ ‬اقترح‭ ‬عروة‭ ‬زريقات‭ ‬اسمي‭ ‬للقائمين‭ ‬على‭ ‬الأمر‭. ‬وكان‭ ‬الأمر‭ ‬بالنسبة‭ ‬لي‭ ‬تحدياً‭ ‬من‭ ‬نوع‭ ‬مختلف‭.‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬أول‭ ‬عهدي‭ ‬بالأعمال‭ ‬البدوية،‭ ‬وفعلاً‭ ‬نجح‭ ‬العمل‭ ‬الذي‭ ‬عرض‭ ‬في‭ ‬رمضان‭ ‬2007‭ ‬وحقق‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأصداء‭ ‬الإيجابية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬
‭ ‬
ألم‭ ‬تواجه‭ ‬صعوبة‭ ‬في‭ ‬الإلمام‭ ‬باللهجة‭ ‬البدوية؟‭ ‬ومن‭ ‬أين‭ ‬استقيت‭ ‬معلوماتك‭ ‬التاريخية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬حول‭ ‬تلك‭ ‬الحقبة؟
‭ ‬ركيزتي‭ ‬الأساسية‭ ‬كانت‭ ‬ثقافتي‭ ‬ومعرفتي‭ ‬باللسان‭ ‬البدوي،‭ ‬وقد‭ ‬اكتسبت‭ ‬هذه‭ ‬المعرفة‭  ‬أثناء‭ ‬عملي‭ ‬كمعلم‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬الأردنية‭ ‬في‭ ‬سبعينات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬تعيني‭ ‬وقتها‭ ‬في‭ ‬قرية‭  ‬تدعى‭ ‬‭"‬مغاير‭ ‬مهنا‭"‬‭ ‬تقع‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬صحراوية‭ ‬قاسية،‭ ‬ويتحدث‭ ‬أهلها‭ ‬البدوية،‭ ‬عشت‭ ‬بينهم‭ ‬خمس‭ ‬سنوات‭ ‬كاملة،‭ ‬وتعلمت‭ ‬الكثير‭ ‬عن‭ ‬ثقافتهم‭ ‬وعاداتهم‭.   ‬كما‭ ‬استعنت‭ ‬بقراءاتي‭ ‬المتعددة‭ ‬عن‭ ‬التراث‭ ‬البدوي‭ ‬ومن‭ ‬أهمها‭ ‬مؤلفات‭ ‬العلاَمة‭ ‬روكس‭ ‬العزيزي‭ ‬التي‭ ‬أضاءت‭ ‬لي‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الجوانب‭ ‬المخفية‭ ‬عن‭ ‬حياة‭ ‬البادية‭.‬
 
 
هل‭ ‬تحب‭ ‬أن‭ ‬يصنفك‭ ‬الجمهور‭ ‬ككاتب‭ ‬سناريو‭  ‬متخصص‭ ‬في‭ ‬اللون‭ ‬البدوي‭ ‬؟
لاأومن‭ ‬بوجود‭ ‬التخصص‭ ‬في‭ ‬كتابة‭ ‬السيناريو،‭  ‬قواعد‭ ‬العمل‭ ‬هي‭ ‬ذاتها‭ ‬سواء‭ ‬تعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بالدراما‭ ‬التاريخية‭ ‬أو‭ ‬الاجتماعية‭ ‬أو‭ ‬الكوميدية‭. ‬لكن‭  ‬عوامل‭ ‬الإنتاج‭ ‬الفني‭ ‬والتجاري‭ ‬تلعب‭ ‬دوراُ‭ ‬كبيراً‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬أولويات‭ ‬الإنتاج‭ ‬التلفزيوني‭. ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬بعد‭ ‬‭"‬‭ ‬راس‭ ‬غليص‭"‬‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬نجاح‭ ‬العمل‭ ‬بجزأيه‭ ‬دفع‭ ‬المنتجين‭ ‬إلى‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬مسلسلات‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬ذات‭ ‬الطابع،‭ ‬وجاء‭ ‬بعدها‭ ‬‭"‬نمر‭ ‬بن‭ ‬عدوان‭"‬‭ ‬و‭"‬عيون‭ ‬عليا‭"‬‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الأعمال‭ ‬التي‭ ‬قمت‭ ‬بكتابة‭ ‬نصوصها‭.‬
 
حدثنا‭ ‬عن‭ ‬تجربتك‭ ‬مع‭ ‬المسرح،‭ ‬خصوصاً‭ ‬وأن‭ ‬في‭ ‬جعبتك‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬خمس‭ ‬أعمال‭ ‬مسرحية‭ ‬سابقة؟‭ ‬
تجربتي‭ ‬مع‭ ‬المسرح‭ ‬كانت‭ ‬ممتعة‭ ‬بحق،‭ ‬والسبب‭ ‬هو‭ ‬التواصل‭ ‬المباشر‭ ‬الذي‭ ‬يمنحك‭ ‬إياه‭ ‬المسرح‭ ‬مع‭ ‬الجمهور،‭ ‬أول‭ ‬مسرحياتي‭ ‬كانت‭ ‬بعنوان‭ ‬‭"‬‭ ‬الله‭ ‬يستر‭ ‬من‭ ‬بكره‭"‬‭ ‬وجاءت‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1984،‭ ‬حيث‭ ‬كوَنت‭ ‬انا‭ ‬ومحمد‭ ‬حلمي‭ ‬وربيع‭ ‬شهاب‭ ‬فرقة‭ ‬مسرحية‭ ‬أنتجت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ست‭ ‬مسرحيات‭ ‬تكللت‭ ‬جميعها‭ ‬بالنجاح،‭ ‬وعرضت‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬محافظات‭ ‬المملكة،‭ ‬كما‭ ‬لاقت‭ ‬كل‭ ‬جميل‭ ‬من‭ ‬الأصداء‭. ‬ولازلت‭ ‬أذكر‭ ‬أننا‭  ‬في‭ ‬مسرحية‭ ‬عرب‭ ‬2000‭ ‬قمنا‭ ‬بعرض‭ ‬المسرحية‭ ‬لمدة‭ ‬شهر‭ ‬كامل‭ ‬وكان‭ ‬هذا‭ ‬رقماً‭ ‬غير‭ ‬مسبوقاً‭ ‬على‭ ‬مسرح‭ ‬دائرة‭ ‬الثقافة‭ ‬والفنون،‭ ‬كانت‭ ‬المسرحية‭ ‬التي‭ ‬أنتجت‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1986‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬تصوراتنا‭ ‬لما‭ ‬سيكون‭ ‬عليه‭ ‬حال‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2000،‭ ‬وشهدت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الإقبال‭ ‬في‭ ‬حينه‭.‬
 
كيف‭ ‬تنظر‭  ‬لربيع‭ ‬شهاب‭ ‬كممثل،‭ ‬خصوصاً‭ ‬بعد‭ ‬هذا‭ ‬الإنقطاع‭ ‬عن‭ ‬الساحة‭ ‬الفنية؟
شهاب‭ ‬ممثل‭ ‬مذهل،‭ ‬وكنت‭ ‬من‭ ‬أوائل‭ ‬من‭ ‬آمنوا‭ ‬بموهبته،‭ ‬لا‭ ‬زلت‭ ‬أذكر‭ ‬أنني‭ ‬تعرفت‭ ‬عليه‭ ‬أثناء‭ ‬عملي‭ ‬السابق‭ ‬في‭ ‬جريدة‭ ‬الدستور،‭ ‬تبنيت‭ ‬ربيع‭ ‬شهاب‭ ‬كموهبة‭ ‬غضة‭ ‬وقدمته‭ ‬للمخرج‭ ‬عروة‭ ‬زريقات‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يعمل‭ ‬وقتها‭ ‬في‭  ‬التلفاز‭ ‬الأردني‭ ‬،‭ ‬وقد‭ ‬آمن‭ ‬عروة‭ ‬به‭ ‬وبكفائته‭ ‬كممثل،‭ ‬كما‭ ‬أثبت‭ ‬ربيع‭ ‬موهبته‭ ‬ككوميدي‭ ‬من‭ ‬الطراز‭ ‬الرفيع‭.‬
 
أين‭ ‬أنت‭ ‬من‭ ‬المسرح‭ ‬الآن؟‭ ‬ألا‭ ‬تحب‭ ‬تكرار‭ ‬تجربة‭ ‬المسرح‭  ‬من‭ ‬جديد؟‭ ‬وكيف‭ ‬ترى‭ ‬المشهد‭ ‬المسرحي‭ ‬في‭ ‬الأردن؟
حسناً،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬الأمر‭ ‬سهلاً‭ ‬في‭ ‬المرة‭ ‬الأولى،‭ ‬لا‭ ‬زلت‭ ‬أذكر‭ ‬أننا‭ ‬عندما‭ ‬كنا‭ ‬نعرض‭ ‬أعمالنا‭ ‬المسرحية‭ ‬خارج‭ ‬عمان‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬الجمهور‭ ‬مستعداً‭ ‬تماماً‭ ‬لاستقبال‭ ‬رسائلنا،‭ ‬كانت‭ ‬مساحة‭ ‬الثقافة‭ ‬أضيق،‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬جمهور‭ ‬المحافظات‭ ‬كان‭ ‬يعتبر‭ ‬أن‭ ‬المرح‭ ‬‭"‬‭ ‬عيب‭"‬،‭ ‬عدا‭ ‬عن‭ ‬قلة‭ ‬عدد‭ ‬المتذوقين‭ ‬لهذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الفن،‭ ‬ولازال‭ ‬الفنانون‭ ‬في‭ ‬الأردن‭ ‬يكابرون‭ ‬ويناضلون‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لإثبات‭ ‬الوجود‭ ‬المسرحي‭ ‬المحلي،‭ ‬رغم‭ ‬الاقبال‭ ‬الجماهيري‭ ‬القليل‭.  ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬دور‭ ‬المسرح‭ ‬بات‭ ‬يتضاءل‭ ‬أمام‭ ‬الشاشة‭ ‬الملونة‭ ‬وصناعة‭ ‬السينما‭.‬
 
إلى‭ ‬ما‭ ‬تعزو‭ ‬هذا‭ ‬الأمر؟
أولا‭ ‬لضعف‭ ‬الثقافة‭ ‬المسرحية‭ ‬المحلية،‭ ‬الذي‭ ‬يعود‭ ‬في‭ ‬نظري‭ ‬إلى‭ ‬ضعف‭ ‬البنية‭ ‬الثقافية‭ ‬الفردية‭ ‬والعزوف‭ ‬عن‭ ‬القراءة،‭ ‬ولربما‭ ‬لطغيان‭  ‬السينما‭ ‬التي‭ ‬تقدم‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬العلاقات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والعاطفية‭ ‬المتشابكة‭ ‬في‭ ‬مشاهد‭ ‬منفصلة،‭  ‬أما‭ ‬في‭ ‬المسرح،‭ ‬فالأمر‭ ‬مختلف،‭ ‬التركيز‭ ‬بأكمله‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬على‭ ‬خشبة‭ ‬المسرح‭ ‬وعلى‭ ‬تحركات‭ ‬الممثلين‭ ‬طيلة‭ ‬الوقت‭.‬
 
مجموعة‭ ‬قصصية‭ ‬وحيدة‭ ‬لم‭ ‬تصدر‭ ‬غيرها،‭ ‬لماذا؟‭ ‬هل‭ ‬توقفت‭ ‬عن‭ ‬كتابة‭ ‬القصة‭ ‬القصيرة؟
صحيح،‭ ‬صدر‭ ‬لي‭ ‬عن‭ ‬رابطة‭ ‬الكتاب‭ ‬الأردنيين‭ ‬مجموعة‭ ‬قصصية‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1981‭ ‬كانت‭ ‬بعنوان‭ ‬‭"‬‭ ‬الجراد‭"‬‭. ‬وتوقفي‭ ‬عن‭ ‬كتابة‭ ‬القصص‭ ‬القصيرة‭ ‬لا‭ ‬يعدو‭ ‬كونه‭ ‬إمتداداً‭ ‬لأسلوبي‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬شكل‭ ‬الكتابة‭ ‬الخاص‭ ‬بي،‭ ‬بدايتي‭ ‬كانت‭ ‬مع‭ ‬القصة‭ ‬القصيرة،‭ ‬لكنني‭ ‬حين‭ ‬دخلت‭ ‬عالم‭ ‬التلفاز‭ ‬بدأت‭ ‬بتحويل‭ ‬القصص‭ ‬التي‭ ‬أبتكرها‭ ‬إلى‭ ‬سيناريوهات‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬تغير‭ ‬ظروف‭ ‬الإنتاج‭ ‬الفني‭ ‬دفعتني‭ ‬أيضاً‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الإتجاه،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬باتت‭ ‬غالبية‭ ‬الجمهور‭ ‬تفضل‭ ‬المرئي‭ ‬على‭ ‬المقروء‭.‬
 
ما‭ ‬حكايتك‭ ‬مع‭ ‬وسط‭ ‬البلد،‭ ‬وبالتحديد‭ ‬قهوة‭ ‬السنترال؟
كانت‭ ‬مقاهي‭ ‬عمَان‭ ‬في‭ ‬الستينات‭ ‬ملتقىَ‭ ‬للمثقفين‭ ‬والمبدعين،وكان‭ ‬السنترال‭ ‬بالذات‭ ‬يحتضن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأسماء‭ ‬المعروفة‭ ‬في‭ ‬عوالم‭ ‬الأدب‭ ‬والفن‭ ‬التشكيلي‭ ‬والموسيقى،‭ ‬فهناك‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬التقيت‭ ‬بصديقي‭ ‬بفخري‭ ‬قعوار،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬دور‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬توجهي‭ ‬لكتابة‭ ‬السيناريو،‭ ‬أسماء‭ ‬كثيرة‭ ‬كان‭ ‬يعجَ‭ ‬بها‭ ‬المقهى‭ ‬من‭ ‬أمثال‭ ‬خليل‭ ‬سواحي‭ ‬ومحمد‭ ‬القيسي‭  ‬وعلي‭ ‬فودة‭ ‬وعز‭ ‬الدين‭ ‬مناصرة‭  ‬ومحمود‭ ‬طه‭ ‬وعزيز‭ ‬عموره‭ ‬ونصر‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‭ ‬وياسر‭ ‬دويك‭ ‬بالاضافة‭ ‬إلى‭ ‬أصوات‭ ‬ذاك‭ ‬الزمن‭ ‬الشجية‭ ‬من‭ ‬أمثال‭ ‬محمد‭ ‬وهيب‭ ‬واسماعيل‭ ‬خضر،‭ ‬بالاضافة‭ ‬إلى‭ ‬فيصل‭ ‬حلمي‭ ‬والملحن‭ ‬رامي‭ ‬الزاغا‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬مطربي‭ ‬الإذاعة‭ ‬الأردنية‭. ‬كانت‭ ‬مقاهي‭ ‬وسط‭ ‬البلد‭ ‬توفر‭ ‬أجواءاً‭ ‬ثقافية‭ ‬تفاعلية‭ ‬متخمة،‭ ‬وكانت‭ ‬قهوة‭ ‬السنترال‭ ‬مرتعاً‭ ‬غنياُ‭ ‬لحوارات‭ ‬متنوعة‭ ‬ذات‭ ‬مستوى‭ ‬ثقافي‭ ‬يغني‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬عن‭ ‬الأحيان‭ ‬عن‭ ‬متابعة‭ ‬الصحف‭ ‬وقراءة‭ ‬الكتب‭ ‬لشدة‭ ‬ما‭ ‬تحويه‭ ‬من‭ ‬ثراء‭ ‬فكري‭ ‬وحميمية‭ ‬نفتقدها‭ ‬كثيراً‭ ‬في‭ ‬أيامنا‭ ‬هذه‭. ‬ورغم‭ ‬تغير‭ ‬الأوضاع‭ ‬واختلاف‭ ‬الظروف‭ ‬والوجوه،‭ ‬لا‭ ‬زلت‭ ‬أجد‭ ‬في‭ ‬قهوة‭ ‬السنترال‭ ‬ملاذاً‭ ‬وسكناً‭.‬
 
هل‭ ‬ترتبط‭ ‬طقوس‭ ‬الكتابة‭ ‬لديك‭ ‬بأجواء‭ ‬السنترال‭ ‬فقط؟
لدي‭ ‬طاولتي‭ ‬الخاصة‭ ‬هناك،‭ ‬كما‭ ‬اعتدت‭ ‬على‭ ‬ضجيج‭ ‬وسط‭ ‬البلد‭ ‬الذي‭ ‬يصلني‭ ‬من‭ ‬نوافذ‭ ‬المقهى،‭ ‬الجميع‭ ‬يعرفني‭. ‬أشعر‭ ‬وأنني‭ ‬في‭ ‬بيتي‭ ‬الثاني،‭ ‬لكن‭ ‬الغريب‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬طقوس‭ ‬الإبداع‭ ‬لدي‭ ‬تحوي‭ ‬قدراً‭ ‬من‭ ‬التناقض،‭ ‬فليس‭ ‬بامكاني‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬الكتابة‭ ‬في‭ ‬المنزل‭ ‬إلا‭ ‬والكل‭ ‬نيام‭!! ‬لا‭ ‬يسعفني‭ ‬ضجيج‭ ‬المنزل‭ ‬كأصوات‭ ‬شوارع‭ ‬وسط‭ ‬العاصمة‭ ‬المزدحمة‭.‬
 
كنت‭ ‬لفترة‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬رئيس‭ ‬تحريرقسم‭ ‬الرياضة،‭ ‬والدستور‭ " ‬الرياضي‭" ‬،‭ ‬كما‭ ‬تمحورت‭ ‬مقالاتك‭ ‬الأسبوعية‭ ‬السابقة‭ ‬حول‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬أين‭ ‬أنت‭ ‬من‭ ‬الرياضه‭ ‬الان؟
ما‭ ‬لا‭ ‬يعرفه‭ ‬الكثيرون‭ ‬عني‭ ‬هو‭ ‬أنني‭ ‬في‭ ‬الاصل‭ ‬درست‭ ‬الرياضة،‭ ‬كما‭ ‬كنت‭ ‬واحداً‭ ‬من‭ ‬مؤسسي‭ ‬نادي‭ ‬عمان،‭ ‬إلا‭ ‬أنني‭ ‬وبعد‭ ‬التقاعد‭ ‬وإنهائي‭ ‬للعمل‭ ‬الصحفي‭ ‬آثرت‭ ‬التفرغ‭ ‬لكتابة‭ ‬السيناريو‭ ‬ولم‭ ‬أعد‭ ‬مهتماً‭ ‬كثيراُ‭ ‬بالكتابة‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬المجال‭.‬
 
ما‭ ‬هو‭ ‬العمل‭ ‬الهاجس‭ ‬الذي‭ ‬تحلم‭ ‬بأن‭ ‬تراه‭ ‬على‭ ‬الشاشة‭ ‬ممهوراً‭ ‬باسمك‭ ‬؟‭ ‬
‭"‬شارع‭ ‬طلال‭"‬‭ ‬حلمي‭ ‬ووجعي‭ ‬الاكبر،‭ ‬أنهيت‭ ‬كتابته‭ ‬بعد‭ ‬جهد،‭ ‬وسلمت‭ ‬النص‭ ‬إلى‭ ‬المركز‭ ‬العربي‭ ‬للإنتاج‭ ‬لكنني‭ ‬لا‭ ‬أعلم‭ ‬لم‭ ‬يبدأ‭ ‬العمل‭ ‬به‭ ‬بعد‭. ‬
 
 
إلى‭ ‬ماذا‭ ‬يتطرق‭ ‬العمل؟‭ ‬ولم‭ ‬يشكل‭ " ‬شارع‭ ‬طلال‭" ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬الأهمية‭ ‬بالنسبة‭ ‬إليك؟
يتحدث‭ ‬المسلسل‭ ‬المكوًن‭ ‬إلى‭ ‬الآن‭ ‬من‭ ‬جزأين،‭ ‬عن‭ ‬تاريخ‭ ‬المملكة‭ ‬الاردنية‭ ‬الهاشمية‭ ‬منذ‭ ‬العام‭ ‬1953‭ ‬،‭ ‬تبدأ‭ ‬أحداث‭ ‬العمل‭ ‬من‭ ‬اللحظة‭ ‬التي‭ ‬يتسلّم‭ ‬فيها‭ ‬الملك‭ ‬حسين‭ ‬بن‭ ‬طلال‭- ‬رحمه‭ ‬الله‭-  ‬سلطاته‭ ‬الدستورية‭ ‬وهو‭ ‬مسلسل‭ ‬تاريخي‭ ‬سياسي‭ ‬اجتماعي،‭ ‬يؤرخ‭ ‬للمللكة‭ ‬ككل،‭ ‬ويأخذ‭ ‬اسمه‭ ‬من‭ ‬أقدم‭ ‬شارع‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬عمان،‭ ‬وهو‭ ‬شارع‭ ‬طلال‭ ‬الذي‭ ‬يقع‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬البلد‭.‬
أما‭ ‬عن‭ ‬سر‭ ‬تعلقي‭ ‬بهذا‭ ‬العمل‭ ‬بالذات،‭ ‬فلأنني‭ ‬شهدت‭ ‬بنفسي‭ ‬تلك‭ ‬اللحظة‭ ‬التاريخية‭ ‬التي‭ ‬يبدأ‭ ‬بها‭ ‬أول‭ ‬مشهد‭ ‬في‭ ‬العمل،‭ ‬لا‭ ‬زلت‭ ‬أذكر‭ ‬إلى‭ ‬الأن‭ ‬حين‭ ‬خرجت‭ ‬برفقة‭ ‬أولاد‭ ‬الحي‭ ‬في‭ ‬سيارة‭ ‬جارنا‭ ‬لرؤية‭ ‬الملك‭ ‬الراحل‭ ‬يتسلم‭ ‬سلطاته‭ ‬الدستورية‭ ‬بلباسه‭ ‬الرسمي‭ ‬في‭ ‬ساحة‭ ‬الجامع‭ ‬الحسيني،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬عمري‭ ‬حينها‭ ‬يتجاوز‭ ‬السنوات‭ ‬الست،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬لحظة‭ ‬تاريخية‭ ‬كهذه‭ ‬لا‭ ‬تمحى‭ ‬من‭ ‬الذاكرة‭.‬
 
هل‭ ‬من‭ ‬شخصية‭ ‬معينة‭ ‬تطمح‭ ‬في‭ ‬تصويرها‭ ‬في‭ ‬عمل‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬إبداعك‭ ‬ورؤيتك؟
أحب‭ ‬لو‭ ‬أكتب‭ ‬عن‭ ‬هارون‭ ‬الرشيد‭ ‬في‭ ‬عمل‭ ‬ما،‭  ‬فهو‭ ‬قد‭ ‬عاصر‭ ‬أمجاد‭ ‬الامبراطورية‭ ‬العباسية‭  ‬كاملة،‭ ‬كما‭ ‬لعب‭ ‬دوراً‭ ‬مهماً‭ ‬في‭ ‬نقل‭ ‬كل‭ ‬علوم‭ ‬الدنيا‭ ‬إلى‭ ‬العالم‭ ‬العربي،‭ ‬أراه‭ ‬شخصية‭ ‬غنية‭ ‬متعددة‭ ‬الجوانب‭.‬
 
ما‭ ‬هي‭ ‬آخر‭ ‬أعمالك؟
‭"‬وعد‭ ‬الغريب‭"‬،‭ ‬الذي‭ ‬يتم‭ ‬تصويره‭ ‬حالياً‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬مادبا،‭ ‬وهو‭ ‬مسلسل‭ ‬بدوي‭ ‬يحمل‭ ‬قصة‭ ‬مذهلة،‭ ‬من‭ ‬إنتاج‭ ‬المركز‭ ‬العربي‭ ‬،‭ ‬وأنا‭ ‬على‭ ‬قناعة‭ ‬بأنه‭ ‬سيكون‭ ‬من‭ ‬أقوى‭ ‬المسلسلات‭ ‬البدوية‭ ‬على‭ ‬الإطلاق،‭ ‬ومن‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬عرضه‭ ‬على‭ ‬الفضائيات‭ ‬في‭ ‬رمضان‭ ‬المقبل‭.‬
 
أحلام‭ ‬مهنية‭ ‬وشخصية‭ ‬لا‭ ‬زلت‭ ‬تأمل‭ ‬بتحقيقها؟
أشعر‭ ‬بالرضى‭ ‬التام‭ ‬عن‭ ‬مسيرتي‭ ‬المهنية،‭ ‬حصلت‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬مسيرتي‭ ‬الصحافية‭ ‬والإبداعية‭ ‬على‭ ‬أعلى‭ ‬منصب‭ ‬يمكن‭ ‬لصحفي‭ ‬أن‭ ‬يحلم‭ ‬به،‭ ‬حين‭ ‬تسلمت‭ ‬رئاسة‭ ‬تحرير‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬الصحف‭ ‬المحلية‭ ‬اليومية‭ ‬وهي‭ ‬‭"‬‭ ‬الغد‭"‬‭. ‬أعتز‭ ‬بمكتبتي‭ ‬التي‭ ‬تحوي‭ ‬عدداً‭ ‬كبيراً‭ ‬جداً‭ ‬من‭ ‬المراجع‭ ‬والكتب،‭ ‬رغم‭ ‬شعوري‭ ‬أحياناً‭ ‬بالغربة‭ ‬وسط‭ ‬هذا‭ ‬التدفق‭ ‬التكنولوجي‭ ‬الهائل‭ ‬والمتسارع،‭ ‬لكن‭ ‬الكتابة‭ ‬كانت‭ ‬ولا‭ ‬زالت‭ ‬ملاذي‭ ‬وحصني‭ ‬ومتعتي‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬دائم‭ ‬التغير‭.‬