القرحة المعدية (Stomach Ulcer)
يعد تناول الطعام جزءاً مهماً من الحياة اليومية لكل منا، لذا تعتبر أمراض الجهاز الهضمي أكثر الأمراض قدرة على إزعاج الإنسان، وبم أن الغذاء يشكل الوقود الضروري لقيام الجسم بوظائفه الحيوية المختلفة، فإن الاضطرابات الهضمية تنعكس آثارها على صحة الجسم بكامله، ومن أخطر هذه الاضطرابات القرحة المعدية، وفي هذا المقال نقدم لك المقصود بالقرحة المعدية وأعراضها وأسبابها ومضاعفاتها وعلاجها.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
ما هي القرحة المعدية
تُعرف القرحة المعدية أو الهضمية، كما اتفقت العديد من المراجع الطبية على تسميتها، بأنها تآكلات متقرحة في بطانة المعدة من الداخل، بسبب تأثير الحمض المعدي عليها، وقد تصيب هذه التآكلات أجزاءً أخرى من الأنبوب الهضمي، خصوصاً العفج (الاثني عشر). [1]
أعراض القرحة المعدية
تبقى القرحات المعدية غير عرضية في أغلب الحالات حتى تختلط بإحدى مضاعفاتها الخطيرة وأهمها نزف القرحة أو انثقابها، لكن في الحالات العرضية تكون أعراضها كالآتي: [1]
- الألم البطني (وهو العرض النوعي): الألم المحدث بالقرحة يتوضع بشكل مبهم في ناحية البطن، وقد ينتشر إلى الأعلى نحو العنق والظهر (مما يجعله يختلط مع الألم قلبي المنشأ) أو إلى الأسفل باتجاه السرة، يبدأ الألم بعد تناول الطعام ببضع ساعات ويستمر لدقائق أو ساعات، وقد يوقظ الألم المريض ليلاً.
- عسرة الهضم: وهي عرض أقل شيوعاً، وتحدث بعد تناول وجبات كبيرة وتكون مزعجة للمريض.
- فقدان الشهية ونقص الوزن: غالباً ما يحدث بسبب الألم المحرض بتناول الطعام، فيرغب المريض بتجنب الانزعاج ويشعر بعدم الرغبة في الأكل مما ينتج عنه مع الوقت فقداناً خفيفاً أو معتدلاً في الوزن.
- حرقة المعدة: التي تحدث بعد الوجبات الكبيرة والدسمة، وهي ناتجة عن ارتداد محتوى المعدة الحامضي إلى المري وأحياناً البلعوم.
أسباب قرحة المعدة
هناك العديد من الأسباب التي قد تؤدي إلى الإصابة بقرحة المعدة، من أهمها ما يأتي: [2] [3]
- الإصابة ببكتيريا الملتوية البوابية (Helicobacter pylori): تستوطن هذه البكتيريا بطانة المعدة بشكل شائع عند مختلف الأعمار وغالباً ما تبقى الإصابة غير عرضية، بعض الأشخاص أكثر عرضة لتأثيرها، فتهيج لديهم البطانة وتضعفها، مما يجعلها معرضة للحمض المعدي فتتآكل وتحدث القرحة، ويبقى سبب إصابتهم دون غيرهم مجهولاً حتى الآن.
- تناول مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية (NSAIDs): مثل الأسبرين والبروفين وهي أدوية شائعة الاستخدام، توصف لتسكين الألم وخفض الحرارة، ومن الآثار الجانبية الشائعة لتناول مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية هي حدوث القرحات المعدية، لأن هذه الأدوية تثبط من اصطناع المخاط الذي يشكل طبقة على بطانة المعدة ويحميها من التعرض للحمض، ما يجعلها عرضة للتخريش الكيميائي من مفرزات المعدة.
- نمط الحياة غير الصحي: كان يعتقد سابقاً أن لنمط الحياة وبعض العادات السيئة كعادة التدخين وتناول الطعام الدسم المحتوي على الكثير من التوابل دور مهم في إحداث القرحات المعدية، وعلى الرغم من قلة الأدلة التي تدعم هذا الاعتقاد، فإن دور هذه العوامل في زيادة أعراض القرحة والتقليل من فاعلية علاجها تعتبر أمراً مؤكداً.
مضاعفات قرحة المعدة
النزف الداخلي في المعدة
وهو من المضاعفات الأكثر شيوعاً عندما تتوضع القرحة فوق أحد الأوعية الدموية في المعدة، وإما أن يكون هذا النزيف بطيئاً وخفياً فيؤدي إلى فقر الدم والتعب الدائم. [3]
أو أن يكون نزيف المعدة سريعاً ومفاجئاً، مما يؤدي إلى تقيؤ الدماء أو نزولها مع البراز، الذي يصبح لونه قاتماً جداً، ويكون من السهل تشخيص القرحة عندها بالتنظير الهضمي، الذي يكشف مكانها ويساعد على إيقاف النزف. [3]
انثقاب القرحة
وهو من المضاعفات الأقل شيوعاً ولكنها الأخطر، فانثقاب جدار المعدة في مكان القرحة يسمح للبكتيريا الموجودة داخل المعدة بالخروج إلى جوف البطن والغشاء البريتوني، مما يؤدي إلى ما يسمى بالتهاب البريتوان الكيميائي (بالإنجليزية: peritonitis)، ومن أبرز أعراضه الألم البطني المفاجئ سريع التطور. [3]
وتكمن خطورة التهاب البريتوان في إمكانية تطوره إلى إنتان الدم، الذي يكون مميتاً في كثير من الحالات، نظراً لإحداثه قصوراً في العديد من أجهزة الجسم. [3]
انسداد مخرج المعدة
في بعض الأحيان، يمكن للتورم والوذمة الناجمين عن القرحة أن يسببا انسداداً في مخرج المعدة، ومن أهم أعراضه ما يأتي: [3]
- التقيؤ المتكرر لكميات كبيرة من الطعام غير المهضوم بعد تناول الطعام بوقت قصير.
- الشعور المستمر بالتخمة والامتلاء.
- الشعور بالشبع بعد تناول كميات أقل من المعتاد.
علاج القرحة المعدية وفقاً لمسبباتها
يعتمد علاج القرحة المعدية على العامل المسبب لها، وتُشفى غالبية القرحات بعد شهر أو شهرين، وهذه العلاجات تتضمن ما يأتي: [1] [3]
المضادات الحيوية
في حال كانت القرحة ناجمة عن الإصابة ببكتيريا الملتوية البوابية، وتناول مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية معاً، سيكون العلاج الأنسب لها هو المضادات الحيوية، التي تُعطى على شكل علاج ثلاثي يومياً لمدة أسبوع.
ومن أشهرها: (الأموكسيسلين، والكلاريترومايسين، والميترونيدازول)، وكذلك الأدوية المثبطة لمضخة البروتون (PPI)، التي تكون مهمتها تثبيط إفراز الحمض المعدي، لمنع المزيد من الضرر لبطانة المعدة والسماح لها بترميم نفسها.
مضادات الهيستامين
في حال حدوث القرحة كأثر جانبي لتناول الـ(NSAIDs) قد يكتفي الطبيب بوصف مثبطات مضخة البروتون أو الأدوية المضادة لمستقبلات الهيستامين، وقد تساعد أحياناً مضادات الحموضة في تخفيف الأعراض المزعجة أكثر من دورها في الشفاء.
يمكن لتحسن نمط الحياة والعادات الصحية، مثل: الابتعاد عن التدخين والطعام الدسم كثير التوابل، وكذلك التوتر النفسي الشديد؛ أن يخفف من شدة الأعراض ريثما تشفى القرحة نهائياً.
ختاماً، لا بد من معرفة علامات وأعراض القرحة المعدية ومسبباتها، وذلك للحد من الحالات التي تتطور لديها المضاعفات المهددة للحياة قبل أن يتم تشخيصها، لذا عند ملاحظتك لها عليك بزيارة الطبيب لسرعة تلقي العلاج.