الطاهية البحرينية فريال محمد صالح: «أم زوجي» مُلهمتي وسبب شهرتي في الطبخ!
لكل فن رواده ومحبوه والمبدعون فيه، وفن الطبخ والطهي، هو فن تخصصي لا يجيده إلا من سبر أغواره وكانت له لمساته الخاصة وابتكاراته المميزة فيه، وأنامله الذهبية، من هنا نستضيف في هذا العدد إحدى الطاهيات المبدعات في هذا الفن التي اتسعت شهرتها وصارت محط أنظار متابعة الكثيرين، وهي الطاهية البحرينية فريال محمد صالح «أم عبدالرحمن» التي لها مطبخها الخاص في نادي صاحبات الأعمال والمهن البحرينية، فكان لنا معها هذا الحوار:
منذ متى بدأت لديك الموهبة والميول في مجال الطبخ والطهي؟
بدأت مشواري في تعلم الطبخ بعد زواجي منذ العام 1985 مباشرة، وذلك من خلال «أم زوجي» رحمها الله، ولاحقاً من خلال والدتي الله يطيل في عمرها. ففي بداية زواجي زادت التجمعات العائلية والمناسبات، وهذا الأمر دفعني إلى دخول المطبخ وتعلم المزيد من الطبخات والأطباق، ومن هنا بدأتُ تدريجياً أتعلم أسس الطبخ، ووصلت إلى مرحلة تجربة الطبخ على القدور الكبيرة للمناسبات العائلية، وهكذا كانت البداية حتى مرحلة النجاح.
ما هي أنواع الأطباق التي كانت بداية تجربتك مع الطهي؟
في تلك الفترة، لم أبدأ بأطباق صغيرة كبقية النساء المبتدئات مثل بيض وطماطم أو باستا وغيرها، وإنما بدأت بطبخات «ثقيلة» إن جاز لي التعبير، مثل المجبوس والبرياني وغيرها وبكميات كبيرة. وفي فترة لاحقة جاءتني الفكرة لتحضير الكنافة، فقمت بتحضيرها وحصلت على ردود فعل طيبة من أهلي وممن حولي، فقمت حينها بتجربة بيع الكنافة على الأقارب وذلك بعد تشجيعهم لي، والحمد لله كان هناك رضا وثناء من قبل الناس، حتى قمت قبل عدة سنوات بتدشين حساب لي عبر الانستغرام لعرض أطباقي، فزادت شهرتي.
من الذي اكتشف لديك هذا الميول وشجعك عليه والاستمرار فيه؟
حصلت على تشجيع من زوجي أولاً، وأخوات زوجي وأهلي، وبعض صديقاتي اللواتي شجعنني على الاستمرار في الطبخ وبيع ما أطبخه من أطباق، وفي ذلك الزمن لم تكن متواجدة وسائل التواصل الاجتماعي التي من خلالها نستطيع عرض منتوجاتنا وطبخاتنا، فكنت أبيع ما أطبخه على الأقارب والعوائل القريبة في البوفيهات والعزائم،
كما أقوم بتلبية طلبات المنازل للمناسبات الخاصة.
ما أهم الصعوبات التي واجهتك في بداياتك؟
ربما تكون أهم صعوبة في بداياتي هي حجم ما بدأت أطبخه، حيث أني – كما ذكرت – بدأت بطبخ أحجام وأطباق كبيرة للعوائل والمناسبات العائلية، وتعلمت على كميات كبيرة من حيث المقادير والأطباق الكبيرة، وحينما جئت لاحقاً لأطبخ أطباق وكميات بحجم أقل ولعدد أقل، وجدت نفسي أني لا استطيع تحديد النكهات المطلوبة لهذه الأطباق الصغيرة، لكن الحمد تجاوزت ذلك فيما بعد، وصرت أطبخ بمختلف الأحجام، ودون أن تكون الكمية معوقاً أمامي أو أواجه أي صعوبة.
وكذلك المكان المناسب للطبخ، هو الآخر كان يشكل صعوبة أمامي، حيث أنه إذا جاءني طلب لطبخ كمية كبيرة لعشرات الأشخاص، لم يكن لدي المطبخ الكبير والواسع الذي يتسع لهذه الأحجام في ذلك الوقت.
هل تأثرت في بداياتك بطاهية معينة محلية كانت أو عربية أو عالمية؟
محلياً، وفي ذلك الزمن، كنت أتابع الطاهية البحرينية أفنان الزياني من خلال التلفزيون وتعرفت على طبيعة الأطباق والطبخات التي تقدمها، وكذلك الطاهية دلال الشروقي وهي معروفة في البحرين ذلك الوقت، واطلعت عموما على بعض الطاهيات العربيات من خلال القنوات والفضائيات وغيرها، لكن لم أسعَ إلى التقليد في ما يحضرونه من طبخات وأطباق، بقدر ما كنت أستفيد وأتعرف على طرقهم في التحضير من أجل تطوير أطباقي الخاصة.
هل تجدين من الضروري على الطاهي أن يجيد مختلف الأصناف والأطباق، أم أن التخصص في أطباق معينة يزيده إبداعا وشهرة واتقاناً؟
لا أنصح بتجريب وطبخ كل أنواع الأطباق، فالتخصص أجده أفضل للطاهي أو الطاهية، فمثلاً أنا بدأت في القيام بأطباق معينة، وسعيت لتطويرها، ولا زلت فيها، ومميزة بها، لكن لأن الجيل تغيّر، والأذواق تغيرتْ وتعددتْ، فنضطر نحن أن نذهب ونلجأ للرغبات والأطباق التي يطلبها منا الناس أصحاب الأذواق المتعددة، فنلجأ لتعلم الأطباق الأخرى.
ألا تسعين مستقبلا إلى صقل تجربتك في الطهي عبر الدراسة الأكاديمية؟
سعيت إلى تطوير نفسي في الطبخ ذاتياً من خلال ابتكار الأطباق وتطويرها، وذهبت أكثر من مرة في عدد من الفنادق ليس لأخذ دورات تدريبة، وإنما لتعلم بعض الأمور الأخرى التي أحببت أن أقوم بها.
هل تجدين لديك القدرة والاستعداد لابتكار أطباق هي من بنات أفكار أنت واختراعك؟
كثير من الأطباق تعلمتها من والدتي، فهي لها طريقتها فيها، لكن أنا أقوم بتطوير هذه الأطباق بطريقتي الخاصة، مثل الأكلات والأطباق الإيرانية التي تخصصت فيها وسعت لأن تمكون لي لمساتي الخاصة بي.
ما أهم اللمسات والنكهات الخاصة التي تحرصين على وضعها في أطباقك؟
أحب أن تكون أكثر أطباقي، واللمسات فيها، أن تحتوي على نكهة ماء الورد والزعفران، لأن هذه النكهة تعطي رائحة ونكهة لذيذة للطبق، ولا أحب الإكثار من البهارات لأطباقي، لأن البهارات هي التي تخرب نكهة الأكل أصلاً، في الوقت أن الكثيرين يظنون أن البهارات وكثرتها هي التي تعطي رائحة أجمل وطعم ألذ للأكل، رغم أن ذلك غير صحيح، فأكلاتي عادة تكون خفيفة وبسيطة وتركز على نكهة ماء الورد والزعفران.
ألم تكن لك مشاركات أو فكرت في المشاركة في معارض تخصصية في الطهي والطبخ وابتكار الأطباق؟
للأسف، لم أشارك في معارض متخصصة بالطهي والطبخ، لكن شاركت في معرض واحد نظمه نادي صاحبات الأعمال والمهن البحرينية في فترة من الفترات، وشاركت فيه بنوع من الحلويات وأطباق معينة كمساهمة مني في دعم المعرض.
ما هي طبيعة الدورات التي تقدمينها للمتدربات والمبتدئات في فن الطبخ والطهي؟
أقدم دورات عملية متعددة ومختلفة لجميع الفئات العمرية مثل الشباب والشابات المتخرجات من الجامعات، أو المقبلات على الزواج، وكذلك من يرغبن من الشابات للدراسة خارج البحرين ولا يستطعن تهيأت الوجبات والأطباق لأنفسهن، فنقوم بإعطائهن دورات تخصصية وتطبيقية في كيفية تحضير مختلف الأطباق في الغربة. وكذلك دورات للأطفال من عمر 5 سنوات إلى 16 سنة، ودورات أيضا حتى لربات البيوت لتطوير أنفسهن أكثر، وهناك دورات خاصة للعاملات بالمنازل (الخدم) وايضا دورات للزوجين ليتعاونا معا في تحضير أطباق بالمطبخ دون تميز بينهما، فالحياة تكون أحلى لو شارك الزوجان في تعاونهما معاً بأعداد اطباقهم المفضلة.
على مستوى البحرين، هل تجدين أن هناك احتضاناً كافياً للموهبين في جانب الطهي سواء من قبل المؤسسات الرسمية أو غيرها؟
على الرغم التشجيع الذي منحي إياه نادي صاحبات الأعمال والمهن البحرينية على تطبيق بعض أفكاري وأحلامي، بحيث وفّر لي المكان لتدريب الناس على الطبخ والتدريب، وعرفني الناس أكثر من خلال الانستغرام، إلا أن للأسف لم أحصل على دعم وتشجيع رسمي، أو دعم من مؤسسات أهلية في مجالي، ربما هناك دعم رسمي وخاص لمجالات أخرى غير الطبخ والطهي، لكن لا أجد الاحتضان للكافي للموهبين في مجال الطبخ. وأنا أدعو وأتمنى أن تدعم أي مؤسسة أو شركة أو بنك وكذلك الجهات الرسمية هذه المواهب في الطبخ واحتضانها وتشجيعها وتطويرها لإيجاد طهاة عالميين.
بالنسبة للطموح، إلى أن تريدين أن تصلي في هذا المجال؟
طموحي ربما لا يكون لنفسي، وإنما طموحي أن أجد كل أسرة بحرينية بها بنت أو امرأة أو زوجة مهيأة لأن تكون ربة بيت ناجحة في الطبخ والطهي مثل نجاحها في أمور أخرى، وأكون أنا سبباً وعنصراً في هذا النجاح.
هل سنشهد مستقبلاً كتاباً خاصاً بك في فن الطهو والطبخ والأطباق المبتكرة؟
أتمنى أن يكون لي ذلك مستقبلا، حتى يتعلم الناس أطباقي وطريقة طبخي، وفعلاً أسعى لذلك ليكون لي كتابي الخاص.