الروماتيزم (Rheumatism)
الروماتيزم مصطلح شامل يعبر عن مجموعة من الأمراض تصيب المفاصل والعظام والأنسجة الرخوة، لا يستخدم الأطباء هذا المصطلح للدلالة على مرض معين؛ بسبب شموليته الواسعة حيث يندرج تحته ما يزيد عن الـ 200 مرض، لذلك يُفضّل الطبيب استخدام المصطلح العلمي الخاص بكل مرض مما يضمن وضع التشخيص الصحيح وإعطاء العلاج المناسب.
كلمة الروماتيزم تستخدم للتعبير عن اختصاص في الطب (Rheumatology) يهتم بدراسة أمراض الجهاز الحركي، ومصطلح الروماتيزم المتداول بين الناس يُقصد به عادةً التهاب المفاصل الروماتزمي.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
ما هو الروماتيزم؟
الروماتيزم أو (Rheumatology) كما ذكرنا هو ليس مرضاً واحداً بل يعبر عن اختصاص طبي كامل يضم أكثر من 200 مرض مختلف، منها الأمراض التي تصيب المفاصل -وهي أول ما يتبادر إلى الذهن عند التفكير بالروماتيزم- سواء كانت إنتانية، أو استقلابية، أو مناعية ذاتية.
والأمراض التي تصيب العضلات والغضاريف، وأمراض النسيج الضام الجهازية مثل تصلب الجلد (Scleroderma)، كذلك متلازمة شوغرن (Sjogren`s Syndrome)، والتهابات الأوعية بمختلف أنواعها، أما بالنسبة لأمراض المناعة الذاتية (مهاجمة الجهاز المناعي لخلايا وأنسجة الجسم السليمة لسبب مجهول) فالعديد منها تدخل ضمن تصنيف الأمراض الروماتيزمية والكثير منها لا علاقة لها بالروماتيزم.
فمن أمراض المناعة الذاتية الروماتيزمية؛ الذئبة الحمامية الجهازية (SLE: Systemic Lupus Erythematosus) والتهاب المفاصل الرثياني (Rheumatoid Arthritis) وغير ذلك العديد من الأمراض.
ما هي أهم أسباب الروماتيزم؟
لكل مرض من الأمراض الروماتيزمية أسباب خاصة وعوامل تساعد على الإصابة به، ويبقى السبب الرئيسي المسؤول عن أغلب أمراض الروماتيزم مجهولاً في معظم الأحيان، لكن يمكن أن نذكر بعض أهم أسباب الأمراض الروماتيزمية بشكل عام، وهي:
- مناعية ذاتية (مرض الذئبة).
- استقلابية (الداء النشواني).
- التهابية (التهاب المفاصل التنكسي).
- نقص النشاط الفيزيائي والرياضة.
- الوضعيات الخاطئة التي نتخذها أثناء الجلوس أو الوقوف.
- العمل الشاق وبذل مجهود يفوق قدرة الجسم على التحمل.
أنواع مرض الروماتيزم
نقدم لكم شرحا موجزا فيما يلي لأهم أنواع أمراض الروماتيزم، مع توضيح طرق تشخيص كل مرض، أعراضه وأسبابه وطرق علاجه:
1- التهاب المفاصل الرثياني (Rheumatoid Arthritis- RA)
أحد أهم الأمراض الروماتيزمية، هو عبارة عن مرض مزمن مناعي ذاتي تقوم فيه الكريات البيضاء (خلايا الجهاز المناعية) بمهاجمة المحفظة النسيجية التي تحيط بالمفصل، مما يؤدي لحدوث التهاب وتورم مؤلم في المفصل المصاب.
إن استمرار الالتهاب دون تطبيق علاج مناسب وتكرار هجمات المرض؛ يؤديان إلى تخرب النسيج الغضروفي (نسيج مرن وأملس يحيط بعظام المفصل ويحميها من الاحتكاك ببعضها أثناء الحركة، وبالتالي يحميها من التآكل والتخرّب) والنسيج العظمي للمفصل، وحدوث تشوهات شكلية غير قابلة للعكس فيه.
في بعض الحالات يمكن أن يصيب المرض أعضاء أخرى مثل الجلد، القلب، الأوعية الدموية، الرئتين، العينين، الكليتين، النسيج العصبي، كما يمكن أن يحدث التهاب المفاصل الرثياني في كل الأعمار لكنه أكثر شيوعاً ما بين (40-60) سنة ويصيب النساء أكثر من الرجال.
تبين أن كل من التدخين والسمنة يزيدان من خطر حدوث المرض عند الأشخاص الذين لديهم استعداد وراثي للإصابة (أي أن الشخص مؤهب أكثر للإصابة من غيره)، يمكن أن يحدث المرض بشكل هجمات ويمكن أن يصيب جميع المفاصل، لكنه غالباً ما يصيب المفاصل الصغيرة مثل مفاصل اليدين والقدمين في مراحله الباكرة.
ومع تطور المرض تبدأ المفاصل الكبيرة في الجسم بالإصابة أيضاً، مثل الركبة، الكاحل، المرفق، المعصم، الكتف، الورك، إن الالتهاب عادةً ما يكون ثنائي الجانب أي أنه يصيب المفصل نفسه في جهتي الجسم اليمنى و اليسرى، فمثلاً في حال إصابة مفاصل اليد تصاب كلتا اليدين وليس يد واحدة فقط.
ومن أعراض التهاب المفاصل الرثياني نذكر
- تورم، وسخونة، وألم في المفاصل المصابة.
- تصلب المفاصل (أي قساوة وصعوبة في حركتها)، وتكون بأسوأ حالاتها عند الاستيقاظ صباحاً، وبعد فترة من الاسترخاء وعدم تحريكها.
- الشعور بالتعب والإعياء وارتفاع الحرارة العامة.
- فقدان الشهية ونقص الوزن.
- عقيدات تحت الجلد: من أشكال الإصابة الجلدية في سياق التهاب المفاصل الرثياني، تحدث عند 25% من المصابين بالمرض، وهي عبارة عن عقيدات قاسية غير مؤلمة عادةً تتوضع بجانب المفاصل المصابة، وأكثر أماكن ظهورها شيوعاً هي:
- الأصابع.
- المرفق.
- الساعد.
- الركبة.
- كعب القدم.
كما يمكن أن تظهر على الوجه الخلفي لفروة الرأس لكنها حالة نادرة، يختلف حجمها من الصغير إلى الكبير فقد يبلغ بعضها حجم حبة الجوز، غالباً ما تكون كروية الشكل كما يمكن أن تأخذ شكلاً متطاولاً في بعض الأحيان.
هذه العقيدات عادةً ما تكون مفردة، إلا أنه قد يحدث أن تجتمع عدة عقيدات صغيرة بجانب بعضها، وهذا أكثر شيوعاً بالقرب من مفاصل اليد؛ يمكن أن تختفي هذه العقيدات أو يصغر حجمها مع مرور الوقت إما من دون علاج أو بواسطة الأدوية المستخدمة لعلاج التهاب المفاصل الرثياني.
كما يمكن حقن الكورتيزون موضعياً في العقدة، وفي حال عدم زوالها يتم اللجوء إلى استئصالها جراحياً الذي عادةً ما يُجرى بسبب مظهرها الذي يزعج المريض، لكنها قد تعود وتظهر مرة أخرى في سياق المرض، في بعض الأحيان قد تتقرح هذه العقيدات إذا تعرضت لضغط مستمر مما يعرضها للإنتان الجرثومي، وهنا لا بد من تطبيق علاج مناسب بالمضادات الحيوية، وفي الحالات الشديدة قد يلجأ الطبيب إلى التداخل الجراحي.
تشخيص التهاب المفاصل الرثياني
لا يوجد اختبار محدد يُعتمد عليه لوضع التشخيص، لذلك يقوم طبيبك بإجراء فحص سريري كامل، حيث يسألك فيه عن أعراضك وفترة ظهورها، شدتها ومدتها، كما يُجري فحص شامل للمفاصل المصابة ولبقية أعضاء الجسم لنفي الأمراض الأخرى.
يُطلب تحليل الدم الذي يُظهر وجود ارتفاع في سرعة تثفل الكريات الحمر (ESR: Erythrocyte Sedimentation Rate) وفي البروتين المتفاعل C reactive protein، وهي قيم تدل على وجود التهاب في الجسم، كما يتم البحث عن العامل الرثياني في الدم (RF: Rheumatoid Factor) الذي يكون إيجابياً عند أكثر من نسبة 80% من المصابين بالتهاب المفاصل الرثياني.
قد يقوم الطبيب أيضاً بإجراء صورة شعاعية بسيطة للمفاصل المصابة، وأحياناً صورة بالرنين المغناطيسي (MRI: Magnetic Resonance Imaging) لتحديد درجة الأذية الحاصلة في المفصل.
أما بالنسبة لعلاج التهاب المفاصل الرثياني
لا يوجد علاجٌ شافٍ للمرض، وتُستخدم مضادات الالتهاب اللاستيروئيدية (NSAID: Nonsteroidal anti-Inflammatory Drugs) لتخفيف الالتهاب والألم الحاصل، كما يتم وصف الكورتيزونات التي لها تأثير مضاد للالتهاب بالإضافة لتأثيرها الكابح للمناعة؛ وذلك بهدف تقليل الأذية المُحدثة من قبل خلايا الجهاز المناعي على المفصل.
2- التهاب المفاصل التنكسي (Osteoarthritis-OA)
من أكثر الأمراض الروماتيزمية شيوعاً، يصيب ملايين الأشخاص حول العالم، وهو عبارة عن التهاب مزمن يمكن أن يصيب أي مفصل في الجسم، ولكنه أكثر شيوعاً في المفاصل الكبيرة التي تتحمل عبئاً ميكانيكياً كبيراً مثل مفصل الركبة والورك، إلا أنه يمكن أن يصيب أيضاً المفاصل الصغيرة مثل مفاصل اليدين.
قد يصيب الالتهاب عدة مفاصل في آن واحد أو مفصلاً واحداً فقط، ويكون أحادي أو ثنائي الجانب، حيث يحدث فيه اضطراب في التغذية الدموية للغضروف المفصلي نتيجة الضغط المستمر الذي يتعرض له؛ مما يؤدي إلى تخربه وتكشُف السطوح العظمية الموجودة تحته التي تسبب ألماً شديداً أثناء الحركة قد يمتد أحياناً إلى العضلات المحيطة بالمفصل، بالإضافة لذلك تحدث يبوسة مفصلية خاصة في الصباح الباكر وبعد فترة من الاسترخاء.
كما قد تحدّد الحركة المفصلية لدرجة عدم القدرة على تحريك المفصل المصاب والطرف ككل في المراحل المتقدمة والشديدة من المرض، يمكنك أحياناً سماع طقطقة عند تحريك المفصل وهي ناجمة عن احتكاك السطوح العظمية ببعضها.
التهاب المفاصل التنكسي مرض يتطور ببطء، الألم قد يكون خفيفاً في المراحل المبكرة ولكنه يزداد سوءاً مع الوقت لدرجة أنه قد يعيق أداء الأعمال اليومية، بالإضافة لذلك لا يوجد دواء يعكس الأذية الحاصلة بعد بلوغ حد معين، ومع تطور المرض تحدث التشوهات المفصلية غير القابلة للعكس، والطريقة الوحيدة لتصحيحها تكون بتبديل المفصل جراحياً.
من المعرضون للإصابة بالمرض
- العمر: يزداد خطر الإصابة مع التقدم بالعمر، فالأشخاص المسنُّون هم الأكثر عرضة للإصابة، إلا أن المرض يمكن أن يصيب صغار السن أيضاً.
- الجنس: النساء أكثر عرضة للإصابة به من الرجال.
- البدانة: الوزن الزائد يعرض المفاصل التي تتحمل عبء الجسم مثل الركبة والورك لضغط شديد، وهذا يجعلها أكثر عُرضة للإصابة.
- الإصابات المفصلية: جميع الإصابات التي قد يتعرض لها المفصل تزيد خطر تعرضه لالتهاب المفاصل التنكسي، حتى القديمة منها والتي تبين أنها شفيت بشكل كامل، الأذيات المفصلية قد تكون ميكانيكية مثل الخلوع والكسور وعدم ثبات المفصل، أو التهابية مثل النقرس، أو مناعية ذاتية مثل التهاب المفاصل الرثياني والذئبة، أو إنتانية جرثومية، وحتى التشوهات المفصلية الخلقية الموجودة عند الشخص منذ الولادة تزيد خطر الإصابة.
- بعض المهن: كرياضة رفع الأثقال، وعمال البناء وغيرها من المهن التي تتطلب بذل جهد كبير، وتسبب تطبيق ضغط شديد على مفاصل معينة من الجسم.
تشخيص التهاب المفاصل التنكسي
يقوم طبيبك بفحص المفصل المصاب ويحدد مجال الحركة، ويطلب إجراء صورة شعاعية بسيطة للمفصل والتي تظهر تبدلات خاصة بالمرض، في المراحل المبكرة للإصابة قد لا تظهر تبدلات واضحة على الصورة البسيطة، فيُضطر الطبيب لإجراء صورة بالرنين المغناطيسي تعطي تفاصيل أكثر وأوضح.
من التحاليل التي قد تُطلب أيضاً هناك تحليل الدم الذي يفيد الطبيب لنفي الأمراض الأخرى المحتملة، وتحليل السائل المفصلي حيث يتم إدخال إبرة خاصة في المفصل من قبل شخص خبير وتُسحب كمية معينة من السائل المفصلي (الموجود بشكل طبيعي في جميع المفاصل) لدراسته، وهذا يساعد لنفي الإصابات الأخرى مثل الإنتان والنقرس.
علاج التهاب المفاصل التنكسي
الأمراض التنكسية لها خاصية التطور نحو الأسوأ، وحتى الآن لم يتم إيجاد دواء يعكس الأذية الحاصلة في المفصل، ولكن يمكن معالجة أعراض المرض والحد من تطوره السريع باتباع المبادئ العلاجية التالية:
- المسكنات: لتخفيف الألم مثل الباراسيتامول (Acetaminophen) والليدوكائين بحقن موضعي في الحالات الشديدة.
- مضادات الالتهاب اللاستيروئيدية (NSAID: Nonsteroidal anti-Inflammatory Drugs): مثل البروفين(Ibuprofen)، النابروكسين (Naproxen sodium) التي لها تأثير مسكن للألم بالإضافة لدورها المضاد للالتهاب.
- العلاج الفيزيائي والرياضة: إجراء تمارين خاصة محددة من قبل خبير تساعد على تقوية العضلات التي تحيط بالمفصل المصاب وتحسن سعة الحركة وقد تخفف الألم، بالإضافة لذلك فإن الرياضة المنتظمة التي تمارسها بنفسك مثل المشي الخفيف والسباحة تكون ذات فعالية مماثلة، فضلاً عن دورها في إنقاص الوزن الزائد الذي يزيد الأذية المفصلية، التدليك قد يكون مفيداً أيضاً لتقوية العضلات حول المفصل وتحسين الحركة.
- إنقاص العبء الميكانيكي المطبق على المفصل: بإنقاص الوزن، وتجنب إجهاد المفصل بالوقوف المديد والمشي وحمل الأثقال، استخدام العكاز يفيد أيضاً لأنه يقلل الضغط المطبق على المفصل المصاب.
- هناك بعض المركبات ذات القدرة الترميمية مثل خلاصة الصبار (Alloi) والفيتامينات من الزمرة B التي قد تساعد على إصلاح الأذية الغضروفية الحاصلة.
- الجراحة: في المراحل المتقدمة عندما يكون التخرب المفصلي شديداً، والألم مزعجاً لدرجة كبيرة، والحركة محدودةً بشكل معيق، يتم اللجوء إلى الجراحة وتركيب مفصل صنعي بديل.
3- التهاب الفقار اللاصق (Ankylosing Spondylitis-AS)
مرض التهابي مزمن مجهول السبب يصيب الأقراص الغضروفية الموجودة بين فقرات العمود الفقري خاصة في المنطقة القطنية والعجزية (أي منطقة أسفل الظهر)، قد يسبب الالتهاب الحاصل بمرور الزمن التحام الفقرات المصابة مع بعضها البعض؛ لذلك سُمي بالتهاب الفقار اللاصق.
هذا يقلل من مرونة العمود الفقري ويحدد مجال حركته، كما أنه قد يسبب الحدب (الانحناء نحو الأمام)، هذا النوع من الأمراض الروماتيزمية يبدأ بالظهور غالباً بسن المراهقة والشباب، وهو يصيب الرجال أكثر من النساء، ومن أهم أعراضه:
- يبدأ المرض بحدوث ألم ويبوسة في أسفل الظهر والورك، تكون بأسوأ أحوالها في الصباح الباكر وبعد فترة من الاسترخاء، ثم تتحسن بالحركة، يزداد الألم تدريجياً على مدى أشهر أو سنوات ليبلغ العنق ومنطقة ما بين الكتفين في أعلى الظهر.
- التعب والإعياء المستمر.
أعراض المرض قد تتحسن فترة لتعود مجدداً، أو تختفي كلياً، أو قد تزداد سوءاً مع مرور الوقت مما قد يسبب حدوث الإعاقة الحركية بسبب الأشكال الشاذة الناتجة عن التحام المفاصل ببعضها.
التشخيص والعلاج
يتم التشخيص بنفس الطرق المذكورة سابقاً بالاعتماد على القصة السريرية والفحص الشامل، وإجراء التحاليل الدموية المناسبة، وإجراء صورة شعاعية بسيطة لمنطقة الإصابة لرؤية التبدلات الحاصلة، واستخدام الرنين المغناطيسي في حال عدم كفاية المعلومات المتواجدة لوضع التشخيص المناسب.
أما بالنسبة لعلاج التهاب الفقار اللاصق فلا يوجد علاج خاص يعكس الأذية المحدثة بفعل المرض، ولكن يمكن معالجة الأعراض وتأخير تطور المرض، وذلك باستخدام المسكنات ومضادات الالتهاب اللا ستيروئيدية والعلاج الفيزيائي وتمارين رياضية خاصة لتخفيف اليبوسة والتصلب وتحسين الحركة، كما قد يتم اللجوء إلى الجراحة في حال الأذيات المفصلية الشديدة.
4- الذئبة الحمامية الجهازية (SLE: Systemic Lupus Erythematosus)
الذئبة مرض مناعي ذاتي مزمن مجهول السبب، لا يسلم منه أي عضو من أعضاء الجسم تقريباً، حيث يقوم الجهاز المناعي بمهاجمة الجلد والمفاصل والرئتين والقلب والأوعية الدموية والدماغ والكليتين وغيرها من الأجهزة والأعضاء لكن ليس بآن واحد، وغالباً لا تصاب جميع هذه الأعضاء عند المريض.
فالمرض يمكن أن يهاجم أي عضو في أي وقت، ويقدر بأن حوالي 5 مليون شخص في العالم مصاب بأحد أشكال المرض والنساء أكثر عرضة للإصابة، كما أن أغلب الحالات تُشخص بين عمر (15-40) سنة علماً أنه يمكن أن يصيب جميع الأعمار، الذئبة مرض يحدث بشكل هجمات يمكن خلالها حدوث أعراض وعلامات تعتمد على الأعضاء المصابة من الجسم.
أعراض الذئبة الحمامية الجهازية
- الحمى والتعب.
- الآلام والالتهابات المفصلية.
- طفح جلدي مميز على الوجه بشكل جناحي الفراشة يتوضّع على الخدّين والأنف، لكنه لا يظهر عند جميع المرضى.
- التحسس من الشمس: حيث تظهر آفات جلدية تحسسية عند التعرض لأشعة الشمس.
- ظاهرة رينو: تتلون أصابع اليدين أو القدمين بلون أبيض أو أزرق غامق عند التعرض للبرد.
- آلام صدرية بسبب إصابة الرئتين أو القلب في سياق المرض.
- جفاف العينين والفم.
- صداع وفقدان الذاكرة، وحدوث اختلاجات وسكتات دماغية.
لا تظهر هذه الأعراض جميعها عند المصاب بالذئبة، فالأعراض -كما قلنا- تعتمد على الأعضاء المصابة، ويمكن للمريض أن يعاني من عرض واحد فقط أو عدة أعراض، كما يمكن أن تختلف بين نوبة وأخرى.
تشخيص الذئبة الحمامية الجهازية
المرض صعب التشخيص ولا يوجد اختبار نوعي محدد لتشخيصه، بل يتم الاعتماد على الأعراض والعلامات، الفحص السريري للمريض، اختبارات الدم والبول والاختبارات المناعية، البحث عن الأضداد في الدم (الأضداد هي مركبات بروتينية تنتجها خلايا الجهاز المناعي لتحدد بها الأعضاء والأنسجة التي سيتم مهاجمتها).
ومن هذه الأضداد، أضداد النوى (ANA: Anti- nuclear antibodies) والتي تكون إيجابية عند معظم مرضى الذئبة، كل هذا يساعد على نفي الأمراض الأخرى، فكما تبيّن الذئبة مرض واسع وشامل ولا يمكن وضعه كتشخيص أكيد إلا بعد إجراء فحوصات عديدة.
علاج الذئبة الحمامية الجهازية
لا يوجد علاج خاص لمرض الذئبة وإنما يتم علاج أعراض كل هجمة على حدى، ومن الأدوية المستخدمة لعلاج التهاب المفاصل الحاصل في سياق الذئبة المسكنات ومضادات الالتهاب اللاستيروئيدية لتخفيف الألم والالتهاب، كما يمكن إعطاء الكورتيزونات؛ بسبب دورها الكابح للمناعة فضلاً عن تأثيرها المضاد للالتهاب.
5- متلازمة شوغرن (Sjogren`s Syndrome)
مرض روماتيزمي مزمن مجهول السبب وهو من أمراض المناعة الذاتية، أول الأعضاء التي تتعرض للهجوم من قبل خلايا الجهاز المناعي هي الغدد اللعابية والدمعية؛ مما يسبب جفاف الفم والعينين الذي يعتبر أهم أعراضه، ومن الأعضاء الأخرى التي يمكن أن تصاب أيضاً بهذا المرض:
المفاصل والكليتين والكبد والرئتين والجلد والغدة الدرقية، والنساء أكثر عرضة للإصابة بالمرض من الرجال، كما أن أغلب الحالات تُشخص بعد عمر الأربعين، متلازمة شوغرن قد تترافق مع أمراض مناعية أخرى مثل الذئبة والتهاب المفاصل الرثياني، أهم أعراض هذا المرض، هي:
- جفاف العينين: قد تعاني من إحساس حرقة في العينين، أو حكة شديدة وكأن هناك رمل فيهما، وسبب ذلك هو نقص ترطيب العينين نتيجة إصابة الغدد الدمعية المسؤولة عن هذه الوظيفة.
- جفاف الفم: يحدث نقص في إنتاج اللعاب بسبب إصابة الغدد اللعابية؛ مما يسبب جفاف الفم وصعوبة في الكلام والبلع.
الأشخاص المصابون بمتلازمة شوغرن قد يعانون أيضاً من واحد أو أكثر من الأعراض التالية:
- التهاب المفاصل مترافق مع ألم ومحدودية في حركتها.
- تورم الغدد اللعابية، خاصة تلك الموجودة أسفل الفك السفلي، وأمام الأذنين.
- جفاف الجلد أو تشكل طفح جلدي.
- جفاف المهبل.
- سعال جاف مزمن.
- تعب وإعياء مستمر.
تشخيص متلازمة شوغرن
يقوم الطبيب بأخذ القصة المرضية كاملةً وإجراء الفحص السريري، ويطلب مجموعة من التحاليل كتحليل الدم، ويقوم بفحص عينيك، كما قد يطلب منك إجراء صورة شعاعية خاصة تحدد كمية اللعاب المفرز داخل الفم عن طريق حقن الغدد اللعابية بمادة ملونة يمكن للجهاز كشفها، وهذا الإجراء يُدعى (Sialogrphy).
من الإجراءات المتبعة أيضاً أخذ خزعة (عيّنة) نسيجية صغيرة من الوجه الداخلي لإحدى الشفتين ليتم دراستها في المخبر، حيث أن متلازمة شوغرن تُسبب تبدلات مميزة يمكن كشفها بالمجهر.
علاج متلازمة شوغرن
يعتمد العلاج على الأعضاء المصابة بالمرض وعلى شدة الأعراض، فالكثير من المرضى يُعالجون جفاف العينين باستخدام القطرات العينية المرطبة، وجفاف الفم بشرب الماء، ولكن البعض الآخر قد يحتاج أدويةً للسيطرة على الأعراض، كاستخدام دواء البيلوكاربين (Pilocarpine) لعلاج جفاف الفم الشديد.
كذلك استخدام المسكنات ومضادات الالتهاب اللا ستيروئيدية في حال الإصابات المفصلية، تكون الجراحة هي الخيار الأخير للأشخاص الذين لم يستجيبوا لأي علاج آخر، حيث يتم إغلاق الأقنية التي تفرغ الدمع من العين مما يساعد على إبقائها رطبة.
6- مرض النقرس (Gout)
من الأمراض الروماتيزمية المزمنة، يحدث نتيجة وجود كميات كبيرة من بلورات حمض البول في الدم وترسبها في مفاصل وأنسجة الجسم، يسبب النقرس التهاباً واحمراراً وألماً في المفصل المصاب، كما أنه قد يسبب أيضاً أذية كلوية قد تنتهي بقصور الكلية.
يعتبر إبهام القدم أكثر المناطق إصابةً بالنقرس شيوعاً، إلا أن جميع مفاصل الجسم قد تصاب بالمرض، بدخول مرض النقرس طور الإزمان وعدم تطبيق العلاج المناسب تترسب بلورات حمض البول تحت الجلد مشكلةً نتوءات قاسية غير مؤلمة تدعى (Tophi) غالباً ما تظهر في اليدين، القدمين، المعصم، الكاحل، الأذن.
باستمرار ترسب بلورات حمض البول تكبر هذه النتوءات وقد تبلغ أحجاماً كبيرة مسببة تخرب الأنسجة والمفاصل المجاورة، يتم علاج النقرس بالمسكنات ومضادات الالتهاب اللا ستيروئيدية لتخفيف الألم والالتهاب، بالإضافة لدواء يقوم بإنقاص كمية حمض البول في الدم وهو الـ (Allopurinol).
7- تصلب الجلد (Scleroderma)
مرض روماتزمي مزمن، يصنف من أمراض المناعة الذاتية، يتصف باضطرابٍ في الدوران الدموي في الأوعية الصغيرة وتراكم كميات من الكولاجين (وهو المادة التي تعطي الجلد الطبيعي قساوته) ضمن الأنسجة المختلفة خاصةً الجلد مسبباً تصلبه وزيادة سماكته.
كما يمكن أن يصيب أعضاءً وأجهزةً أخرى مثل الجهاز الهضمي خاصة المري، القلب، الرئتين، الكليتين، في هذه الحالة يدعى بتصلب الجلد الجهازي المنتشر الذي يكون خطيراً وصعب العلاج، المرض يصيب النساء بشكل خاص بمعدل ثلاث نساء مقابل رجل واحد، وتبدأ الإصابة غالباً في سن الأربعين من العمر.
أعراض المرض تعتمد على الأعضاء المصابة، ومنها:
- زيادة سماكة الجلد خاصة في اليدين والقدمين والوجه، بحيث يظهر بشكل أملس لامع، وتعتبر الحكة عارضاً شائعاً.
- تشكل التقرحات على رؤوس الأصابع في مناطق التصلب، وهي تتشكل نتيجة اضطراب التغذية الدموية في تلك المنطقة.
- ظاهرة رينو: تلون أصابع اليدين أو القدمين بلون أبيض أو أزرق غامق عند التعرض للبرد، وهذا يحدث نتيجة الأذية الوعائية.
- الألم والتعب العضلي.
- التهاب المفاصل والآلام المفصلية.
- ألم وحرقة أعلى المعدة قد يمتد ليسبب ألماً صدرياً مترافقاً مع سعال جاف، وهذا ناجم عن إصابة المري بالمرض.
التشخيص والعلاج
التشخيص الأكيد لتصلب الجلد يتم بأخذ خزعة (عيّنة) نسيجية من الجلد المصاب لدراستها في المخبر، حيث تظهر تبدلات خاصة بالمرض، أما بالنسبة للعلاج فهو يعتمد على تحسين أعراض المريض بسبب عدم وجود علاج نوعي للمرض، ومن الأدوية المستخدمة المسكنات، مضادات الالتهاب اللا ستيروئيدية، الكورتيزونات، مضادات الحموضة في حال إصابة المري.
8- أمراض روماتيزمية أخرى
التهابات الأوعية (Vasculitis)
وهي التهابات مجهولة السبب تصيب مختلف الأوعية الدموية الصغيرة والمتوسطة والكبيرة؛ مما يسبب اضطراب الدوران الدموي ضمنها، وتعرض الأنسجة المعتمدة عليها لنقص التروية؛ وبالتالي نقص الأوكسجين الضروري لها، مما يسبب ألماً شديداً في المناطق المصابة.
الداء النشواني (Amyloidosis)
من الأمراض الروماتيزمية الاستقلابية، وهو ليس مرضاً مفرداً، إنما مجموعة من الأمراض تتميز كلها بعامل مشترك هو ترسب مركب بروتيني خاص هو البروتين النشواني (Amyloid Protein) في مختلف الأنسجة، يتشكل هذا البروتين في لُب العظم ويمكن أن يتجمع في أي عضو من أعضاء الجسم.
والأكثر عرضة للإصابة القلب، الكليتين، الكبد، الطحال، الجهاز العصبي، الجهاز الهضمي؛ أعراض المرض تعتمد على العضو المصاب، وفيما يتعلق بتدبير المرض لا يوجد علاج نوعي للداء النشواني، لكن الأدوية تساعد للتخلص أو تخفيف أعراض المرض، وإنقاص إنتاج البروتين النشواني.
في النهاية.. الروماتيزم اختصاص طبي بحد ذاته ييأخذ من طلاب الطب سنوات لدراسته، حتى يتمكنوا بعد ذلك من تشخيص كل مرض من أمراضه وإعطاء العلاج المناسب لكل منها، إذا كنت تعاني من أي عارضٍ من الأعراض السابقة اذهب واستشر طبيبك، فكما لاحظت العرَض الواحد قد يكون سببه أمراض عديدة.