الجيش والقوات المسلحة المصرية
يعتبر الجيش المصري من أقدم جيوش العالم بما أن مصر تعتبر الدولة الأقدم في العالم التي أسست حكومة متصلة الحلقات منذ عهد الملك مينا حوالي 3200 قبل الميلاد وحتَّى يومنا هذا.
وإلى عهد الملك مينا في القرن الثاني والثلاثين قبل الميلاد يعود تشكيل الجيش المصري، الذي خاض معارك وحروب كثيرة خلال أكثر من خمسة آلاف عام، فكانت له انتصارات كبيرة جعلت من مصر إمبراطورية مترامية الأطراف، كما تعرض لهزائم غيرت من مجرى الأحداث التاريخية في مصر.
على الرغم من تعداد وعتاد القوات البرية الكبير لا تعد من القيادات المستقلة في الجيش المصري
قبل أن نخوض في تاريخ تأسيس الجيش المصري وأبرز المعارك والحروب التي خاضها سنتوقف معاً عند تنظيم الجيش المصري الحالي وتسليحه وأبرز إداراته.
حيث يتألف الجيش المصري من ثلاثة فروع رئيسية هي وفقاً للموقع الرسمي وزارة الدفاع المصرية:
1- القوات المصرية البحرية
2- القوات الجوية المصرية
3- قوات الدفاع الجوي
ولكل فرع من هذه الأفرع قائد وقائد أركان خاص به، أما القوات البرية على الرغم من كبر حجمها فلا تعتبر فرعاً مستقلاً وتعود قيادتها بشكل مباشر إلى قادة الجيوش الميدانية ورئيس الأركان والقائد العام للجيش والقوات المسلحة.
يضاف إلى هذه التقسيمات الرئيسية تقسيمات فرعية أخرى تتوزع على المناطق أو وفق المهمات وهي معظمها من القوات البرية، منها القيادة الموحدة لشرق القناة، والمناطق العسكرية الجنوبية والشمالية والغربية، والجيوش الميدانية الثلاث، إضافة إلى حرس الحدود والحرس الجمهوري، كذلك قوات التدخل السريع وقوات الصاعقة.
وتقوم مجموعة من الإدارات على تنظيم شؤون هذه الوحدات والفروع، حيث تنقسم هذه الإدارات بحسب اختصاصها على غرار إدارة شؤون الضباط وإدارة التحريات العسكرية، إضافة إلى إدارة الحرب الإلكترونية وإدارة الأسلحة والذخائر وعشرات الإدارات الأخرى.
إضافة إلى القيادة المباشرة يتولى مجلس الدفاع الوطني النظر في أمور الجيش والقوات المسلحة المصرية وفقاً للدستور
تنص للمادة 200 وما يليها من الفصل الثامن من دستور جمهورية مصر العربية الصادر عام 2014 على ما يلي:
- القوات المسلحة ملك للشعب، مهمتها حماية البلاد والحفاظ على أمنها وسلامة أراضيها، والدولة وحدها هي التي تُنشئ هذه القوات، ويُحظر على أي فرد أو هيئة أو جماعة إنشاء تشكيلات أو تنظيمات أو فرق عسكرية أو شبه عسكرية، ويكون للقوات المسلحة مجلس أعلى على النحو الذي ينظمه القانون.
- وزير الدفاع هو القائد العام للقوات المسلحة ويعين من ضباطها.
- ينظم القانون التعبئة العامة ويبين شروط الخدمة والترقية والتقاعد في القوات المسلحة.
- تختص اللجان القضائية لضباط وأفراد القوات المسلحة دون غيرها بالفصل في كافة المنازعات الإدارية الخاصة بالقرارات الصادرة في شأنهم.
مجلس الدفاع الوطني المصري
وفقاً للمادة 203 من الدستور المصري؛ يُنشأ مجلس الدفاع الوطني للنظر في الشؤون الخاصة بوسائل تأمين البلاد وسلامتها ومناقشة موازنة القوات المسلحة التي تدرج كبندٍ واحد في الموازنة العامة.
كما يُؤخذ رأي مجلس الدفاع الوطني بمشروعات القوانين المتعلقة بالقوات المسلحة.
يكون رئيس الجمهورية هو رئيس مجلس الدفاع الوطني الذي يتألف من رئيس مجلس الوزراء، رئيس مجلس النواب، وزراء الدفاع والخارجية والداخلية والمالية، إضافة إلى رئيس المخابرات العامة، رئيس أركان حرب القوات المسلحة.
إلى جانب قادة القوات البحرية والجوية وقوات الدفاع الجوي، رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة، مدير إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع، كما يحق لرئيس الجمهورية أن يدعو من يراه من المختصين لحضور اجتماعات المجلس لكن دون أن يكون له صوت معدود.
مصر في المرتبة الأولى عربياً من حيث تعداد القوات المسلحة
فعلياً تحتل مصر المرتبة الخامسة عشرة عالمياً بتعداد السكان الذي يتجاوز 94 مليون نسمة، وبما أن مصر تعتني بالجيش بشكل خاص، كما أنَّ نظامها يتضمن الخدمة الإلزامية نلاحظ وجود أعداد كبيرة من القوات المتاحة والقوات العاملة فضلاً عن القوات الاحتياطية.
- مجمل القوات المتاحة للخدمة: يبلغ تعداد مجمل القوات المتاحة 42 مليون فرد وفقاً لموقع Global Fire Power متضمنة كل المواطنين ضمن سن التجنيد، وبذلك تحتل مصر المرتبة الرابعة عشرة عالمياً والأولى عربياً من حيث تعداد القوات المتاحة.
- بلوغ سن الخدمة سنوياً: كما يصل حوالي مليون ونصف المليون من المصريين إلى سن الخدمة سنوياً وفق تقديرات عام 2016، أيضاً تأتي مصر في المرتبة الرابعة عشرة عالمياً والأولى عربياً في هذا المقياس، حيث تحتل الهند المرتبة الأولى بحوالي 23 مليون فرد يصلون إلى سن الخدمة سنوياً.
- القوات العاملة النشطة وقوات الاحتياط: وتأتي مصر في المرتبة العاشرة عالمياً والثانية عربياً بعد الجزائر من حيث تعداد القوات العاملة النشطة، حيث يبلغ عدده القوات المسلحة العاملة في مصر 454250 فرد، فيما يبلغ عدد أفراد الاحتياط 875 ألف فرد ويأتي الجيش المصري في المرتبة الثانية عشرة عالمياً والأولى عربياً من حيث قوات الاحتياط.
يتمتع الجيش المصري بتنوع كبير في مصادر التسليح ونوعية السلاح
عرف الجيش المصري مراحل مختلفة من التسليح الشرقي والغربي، ولا يخفى على أحد أن مصادر السلاح ترتبط بشكل وثيق بالظروف والتحالفات السياسية.
حيث أبرم الجيش المصري اتفاقيات تسليح مع الاتحاد السوفيتي سابقاً، ثم مع روسيا الاتحادية ومع الولايات المتحدة الأمريكية والصين وغيرها من الدول، كما تقوم المعامل التابعة للقوات المسلحة المصرية بتصنيع جزء من هذه الأسلحة والذخائر.
تعد مصر من أكفأ الدول العربية تسليحاً، فقد لجأ الجيش المصري إلى امتلاك أسلحة نوعية خاصة في القوات البحرية، ما جعلها تحصل على ترتيب مرتفع عالمياً على الرغم من وجود دول عربية تتخطاه بميزانية الإنفاق العسكري.
فيما يلي سنتعرف معاً على المعلومات المعلنة عن تسليح الجيش المصري اعتماداً على بيانات موقع Global Fire Power المتخصص في هذا الشأن، وترتيب السلاح المصري على المستوى العربي والعالمي.
سلاح الجو المصري هو الأول عربياً بمجمل عدد الطائرات الحربية
- مجمل عدد الطائرات الحربية: تمتلك مصر أسطولاً جوياً حربياً يضعها في المرتبة الثامنة عالمياً والأولى عربياً بقوام 1132 طائرة.
- الطائرات المقاتلة وطائرات الاعتراض: القوات الجوية المصرية في المرتبة السابعة عالمياً والأولى عربياً بتعداد الطائرات المقاتلة وطائرات الاعتراض 337 طائرة.
- الطائرات المهاجمة: أيضاً تأتي مصر في المرتبة السابعة عالمياً والأولى عربياً من حيث عدد الطائرات المهاجمة الذي يبلغ 427 طائرة.
- طائرات النقل الحربي: تمتلك القوات المسلحة المصرية 260 طائرة حربية معدة للنقل تضعها في المرتبة السابعة عشرة عالمياً الثانية عربياً بعد الجزائر.
- عدد الطائرات المروحية: كما يمتلك سلاح الجوي المصري 257 طائرة مروحية تجعله يحصل على المرتبة الخامسة عشرة عالمياً والأولى عربياً مع الجزائر.
- تعداد المروحيات المهاجمة: من إجمالي مروحيات الجيش المصري توجد 46 مروحية مقاتلة مهاجمة تحتل المرتبة الرابعة عشرة عالمياً، والثانية عربياً بعد الأردن بفارق طائرة واحدة فقط.
- المطارات القابلة للاستخدام: على الرغم من القوة الجوية الكبيرة التي يمتلكها سلاح الجو المصري إلَّا أنَّه يتأخر حتَّى المرتبة الواحدة والستين عالمياً بعدد المطارات القابلة للاستخدام الذي يبلغ 81 مطاراً، يسبقه سلاح الجو السوري في المرتبة الثامنة والخمسين، وسلاح الجو العراقي في المرتبة الثانية والخمسين، فيما تحتل المملكة العربية السعودية المرتبة الأولى عربياً والخامسة والعشرين عالمياً من خلال 214 مطاراً قابلاً للاستخدام.
تأتي مصر في المرتبة الثانية عربياً بعدد الدبابات بعد سورية
- الدبابات المقاتلة: يأتي سلاح الدبابات المصري في المرتبة السابعة عالمياً، حيث يبلغ عدد الدبابات المصرية 4110 دبابات، وتأتي مصر في المرتبة الثانية عربياً بعد سورية التي تمتلك 4640 دبابة.
- العربات المدرعة: تمتلك القوات البرية المصرية ما مجموعه 13949 عربة مدرعة مقاتلة، ما يجعلها في المرتبة الثالثة عالمياً بعد روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، وبالضرورة الأولى عربياً.
- مدفعية الدفع الذاتي: تمتلك مصر 889 عربة مدفعية ذات الدفع الذاتي تضعها في المرتبة الثامنة عالمياً والأولى عربياً.
- المدفعية: تمتلك 2360 مدفع، ما يجعلها في المرتبة السابعة عالمياً والأولى عربياً.
- منصات الصواريخ Rocket Projectors: تأتي القوات المسلحة المصرية في المرتبة الرابعة عالمياً والأولى عربياً من حيث عدد منصات الصواريخ Rocket Projectors الذي يبلغ 1481 منصة.
مصر من الدول القليلة في العالم التي تمتلك حاملات للطائرات
- مجموع القوة البحرية: تحتل مصر المرتبة السادسة عالمياً بمجموع القوات البحرية بتعداد 319 قطعة بحرية.
- حاملات الطائرات: مصر هي الدولة العربية الوحيدة وواحدة من ثلاث عشرة دولة تمتلك حاملات للطائرات، حيث تحتل القوات البحرية المصرية المرتبة التاسعة عالمياً بامتلاكها حاملتين للطائرات، فيما تمتلك الولايات المتحدة الأمريكية تسع عشرة حاملة طائرات تدفعها إلى المركز الأول.
- الفرقاطات: الفرقاطات (Frigate) سفن حربية أصغر من المدمرات وأكبر من الزوارق الدورية، تتميز بسرعتها، تمتلك مصر تسع فرقاطات تضعها في المرتبة السادسة عشرة عالمياً والأولى عربياً تليها الجزائر في المرتبة الثانية.
- الطرَّادات: تمتلك مصر اثنين من الطرادات ما يجعلها في المرتبة الخامسة والثلاثين عالمياً، والثالثة عربياً بعد الجزائر والسعودية.
- المدمرات: لا تمتلك مصر مدمرات، عموماً لا تمتلك أي من الدول العربية مدمرات بحرية.
- الغواصات: تمتلك القوات البحرية المصرية خمس غواصات تضعها في المرتبة السابعة والعشرين عالمياً، والثانية عربياً بعد الجزائر التي تمتلك ست غواصات، وفعلياً هذه الدول العربية الوحيدة التي تمتلك قدرة عسكرية تحت الماء.
- زوارق الدوريات: مصر في المرتبة الثالثة عالمياً والأولى عربياً من حيث زوارق الدوريات بمجموع 227 زورقاً حربياً.
- كاسحات الألغام البحرية: تمتلك القوات البحرية المصرية 23 كاسحة ألغام بحرية تضعها في المرتبة الأولى عربياً والسادسة عالمياً.
يتميز الإنفاق العسكري المصري بكفاءة عالية تدفع الجيش المصري إلى مراتب متقدمة بين الجيوش الأقوى في العالم
على الرغم من الترتيب المرتفع الذي تحققه مصر بين جيوش العالم والجيوش العربية إلَّا أنَّها تأتي في المرتبة الخامسة والأربعين عالمياً والسادسة عربياً من حيث الإنفاق العسكري.
حيث بلغ الإنفاق العسكري في مصر وفقاً لبيانات جلوبال فاير باور لعام 2017 مبلغاً وقدره أربعة مليارات وأربعمائة مليون دولار أمريكي، مقابل حوالي 57 مليار دولار أمريكي أنفقتها المملكة العربية السعودية على شؤون الدفاع في العام نفسه لتحتل المرتبة الأولى عربياً والثالثة عالمياً من حيث الإنفاق العسكري.
ترتيب الجيش المصري عالمياً وعربياً
دخلت مصر عام 2017 ضمن قائمة أقوى عشرة جيوش في العالم واحتلت المرتبة العاشرة، وهذا أثر على ترتيب الجيش المصري بين جيوش العالم كالآتي:
- الترتيب العالمي للجيش المصري: أصبح الجيش المصري عاشر أقوى جيش في العالم، فيما حافظت المملكة المتحدة وأمريكا والصين على المراتب الثلاثة الأوائل.
- ترتيب الجيش المصري عربياً: يتربع الجيش المصري على رأس قائمة الجيوش العربية كأقوى جيش عربي.
- ترتيب الجيش المصري في الشرق الأوسط: كما يعتبر الجيش المصري ثاني أقوى جيش في الشرق الأوسط بعد الجيش التركي.
- ترتيب الجيش المصري في أفريقيا: يأتي الجيش المصري في المرتبة الأولى على مستوى قارة أفريقيا، تليه مباشرة القوات المسلحة الجزائرية في المرتبة الثانية، فيما يأتي الجيش السوداني في المرتبة الثامنة، يليه الجيش الليبي مباشرة في المرتبة التاسعة.
يتوزع ضباط الجيش المصري ضمن إحدى عشرة رتبة عسكرية
يمتلك الجيش المصري ثلاثة رتب من صف الضباط هي:
- عريف.
- رقيب.
- ورقيب أول.
إلى جانب الأفراد أو الجنود الذين لا يحملون رتبة، كما يتوزع الضباط ضمن أحدى عشرة رتبة عسكرية تبدأ برتبة ملازم وتنتهي برتبة مشير والتي تعتبر الرتبة الأعلى في الجيش المصري، وإليكم رتب الضباط تنازلياً من رتبة مشير إلى رتبة ملازم وفقاً لوزارة الدفاع المصرية:
صور الرتب العسكرية المصرية من مشير إلى لواء
صور الرتب العسكرية المصرية من عميد إلى رائد
صور الرتب العسكرية المصرية من نقيب إلى ملازم
الجيش المصري من أقدم الجيوش النظامية في العالم
فعلياً يعود تأسيس الجيش المصري الحديث إلى عهد محمد علي باشا الكبير في القرن التاسع عشر، لكن تاريخ الجيش المصري يعود إلى عصور أقدم من ذلك بكثير كما بيَّنا في المقدمة، وهناك محطات رئيسية لا بد من الوقوف عندها في تاريخ القوات المسلحة المصرية.
1- جيش الفراعنة
بعد أن تمكن الملك مينا من توحيد وجهي مصر القبلي والبحري حوالي 3200 قبل الميلاد أصبحت مصر دولة موحدة تمتلك مؤسسات ومراكز إدارة منظمة، ومن بين هذه المؤسسات كانت المؤسسة العسكرية التي بلغت أوجَّ مجدها في عهد الدولة الحديثة في القرن الرابع عشر والثالث عشر قبل الميلاد في عصر الأسرات الثامنة عشرة والتاسعة عشرة.
ويعتبر القائد والملك المصري أحمس الأول هو من افتتح مرحلة "المجد العسكري" بطرد الهكسوس من مصر القديمة، كما تعتبر معركة قادش بين الحيثيين والفراعنة من أبرز حروب المصريين في تلك الفترة، والتي انتهت بتوقيع أول اتفاقية سلام في العالم.
2- الجيش المصري بين الفراعنة والرومان
بدأت القوات المصرية فعلياً تتفكك وتضعف نتيجة ضعف الفراعنة المتأخرين، لكنها في نفس الوقت بدأت تتحول لحركات مقاومة ضد الفرس تمكنت من اعتلاء العرش في فترات متقطعة.
كما كثرت ظاهرة الاعتماد على فرق المرتزقة في مرحلة ضعف الفراعنة وخاصة من الإغريق والليبيين، حتَّى أن المرتزقة الليبيين استطاعوا الوصول إلى عرش مصر وأسسوا الأسرة الثانية والعشرين مطلع الألف الأول قبل الميلاد.
انتهت هذه المرحلة عموماً بانتهاء الدولة الفرعونية ووصول الإسكندر الكبير إلى مصر سنة 331 قبل الميلاد، ثم حكم بطليموس الأول أو ما عرف بعهد البطالسة (البطالمة).
وفي هذه المرحلة كان اعتماد البطالمة شبه كامل على جنودهم من غير المصريين، لكن البطالمة اضطروا للاستعانة بالجنود المصريين للمرة الأولى سنة 217 قبل الميلاد لمواجهة التحالف السوري المقدوني.
وهذا ما أجج الشعر القومي لدى المصريين ودفعهم للقيام بسلسلة من الثورات لعبت دوراً كبيراً في إنهاء حكم البطالمة.
يمكن القول أن الجيش المصري القديم تفكك بعد احتلال الرومان لمصر من خلال انتصارهم على البطالمة في معركة أكتيوم الشهيرة سنة 31 قبل الميلاد، فالرومان كانوا يخشون فعلياً من استخدام الجنود المصريين لما أبدوه من ميول قومية في عهد البطالمة وما نتج عن هذه الميول من ثورات.
3- الجيش المصري بعد الفتح الإسلامي
انتهى عهد الرومان على يد الفرس الذين لم يتمكنوا من الصمود طويلاً قبل أن تصل جيوش المسلمين إلى مصر بقيادة عمرو بن العاص سنة 640 ميلادية.
وفي عهد الدولة الإسلامية بدأ تنظيم دواوين الجند في مصر وانحصرت الخدمة في المسلمين، حيث لم يكن مفهوم الجيش المصري وارداً في هذه الفترة بل كان جيش المسلمين هو المفهوم الأصح.
ومن الصفحات المشرقة في تاريخ مصر العسكري انتصار جيش المسلمين بمعركة ذات الصواري البحرية بمواجهة البيزنطيين على الرغم أنَّها أولى معارك المسلمين البحرية.
وكان ذلك عام 655 للميلاد في عهد والي مصر عبد الله بن سرح من خلافة الخليفة الراشدي عثمان بن عفان.
4- الجيش المصري الحديث
لعبت مصر دوراً عسكرياً محورياً طيلة فترة الدول الإسلامية المتعاقبة منذ الأمويين وحتَّى المماليك مروراً بالفاطميين والأيوبيين، لكن الحديث عن الجيش المصري في صورته الحالية يقودنا إلى عصر محمد علي باشا الكبير مؤسس مصر الحديثة.
كان محمد علي يطمح لتأسيس دولة مستقلة عن العثمانيين تضم مصر والشام بشكل أساسي، وبعد مشاركته في معارك عدة - أبزرها التصدي لحملة فريزر الانجليزية عام1807 وحرب مورة 1821 - قرر محمد علي أن ينفصل عن السلطنة العثمانية.
فأوكل مهمة السيطرة على بلاد الشام لابنه ابراهيم باشا الذي نجح في البداية لكنه اضطر للتراجع أمام تحالف العثمانيين مع الإنجليز.
فعلياً يعتبر تراجع ابراهيم باشا إلى مصر والاتفاقية التي أبرمت مع العثمانيين هي بداية تأسيس مصر الحديثة، حيث اعترفت السلطنة بسلطة محمد علي على مصر وأحقيته بتوريث عرشها لأبنائه مع تبعية اسمية للسلطان.
وتعتبر هذه المحطة بداية الجيش المصري على الرغم من وجود أعداد كبيرة من العناصر الأجنبية، لكن هذا الجيش فعلياً هو من قام بالإطاحة بالملكية من خلال ثورة 23 يوليو/تموز عام 1952.
رجال الجيش المصري في السياسة والسلطة
بعيداً عن التاريخ القديم لمصر يمكن أن نتتبع بسهولة نشاط العسكريين في الحياة السياسية المصرية، خاصة في نهاية عهد الملكية وبداية عهد الجمهورية المصرية.
فالثورة العرابية عام 1881 كانت بقيادة أحد ضباط الجيش وهو أحمد عرابي، فبدأت بمواجهة الخديوي توفيق ثم بمواجهة الإنجليز، كما أنَّ الجمهورية قامت على يد الضباط الأحرار في ثورة يوليو عام 1952.
كان اللواء محمد نجيب أول رئيس للجمهورية المصرية وجميع من تلوه كانوا من ضباط الجيش وحافظوا على الصفة العسكرية، حيث تلاه الرئيس جمال عبد الناصر، وخلفه الرئيس أنور السادات، وأخيراً الرئيس محمد حسني مبارك قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني عام 2011.
تولى الجيش إدارة البلاد بعد ثورة يناير لفترة انتقالية ثم انتقل الحكم بالانتخاب إلى جماعة الإخوان المسلمين ومرشحها الرئيس محمد مرسي وهو ليس من العسكريين، لكن بعد ثورة الثلاثين من يونيو/حزيران عام 2014 عاد الجيش لتسيير أمور البلاد لفترة انتقالية ثانية شغل عدلي منصور خلالها منصب رئيس الجمهورية.
وانتهت بوصول المشير عبد الفتاح السيسي إلى سدة الرئاسة بالانتخاب بعد أن استقال من منصب وزير الدفاع وتخلى عن صفته العسكرية وفقاً للدستور المصري.
أخيراً... يمثل الجيش المصري قوةً رئيسيةً في منطقة الشرق الأوسط والعالم، كما يعتبر حتَّى توقيع اتفاقية كامب ديفيد مع الاحتلال الإسرائيلي نهاية السبعينات من أكثر الجيوش العربية نشاطاً.
حيث خاض حروباً مع الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1948 وحتَّى حرب أكتوبر/تشرين الأول عام 1973 مروراً بالعدوان الثلاثي والنكسة وحرب الاستنزاف، فضلاً عن إيفاده إلى اليمن في عهد الرئيس جمال عبد الناصر ومشاركته في حرب الخليج الثانية في عهد الرئيس حسني مبارك.