التهاب الجيوب الأنفية عند الأطفال
تنتشر حالات التهاب الجيوب الأنفية (بالإنجليزية: Sinusitis) بين الكثير من الأطفال على اختلافهم وتنوعهم، إذ تظهر بعض الأعراض المرضية بشكل أكبر لدى الأطفال عن البالغين، وفي هذا المقال، سنستعرض معاً أسباب التهاب الجيوب الأنفية عند الأطفال، وأعراضها وكيفية تشخيصها وطرق علاجها المختلفة، ولكن قبل أن نتطرق لشرح ذلك، يجب أن تعرف أولاً تشريح الجيوب الأنفية.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
تشريح الجيوب الأنفية
تُعرف الجيوب الأنفية بأنها تجاويف ضمن عظام وجه الإنسان، وتحوي هواء بداخلها ويبطّنها غشاء مخاطيّ بشكل مشابه للقسم الأنفي من السبيل التنفسي العلوي، وتُقسم الجيوب الأنفية تشريحياً إلى أربعة أجزاء، تتمثل في الآتي: [2]
- الجيبان الغرباليان (Ethmoid Sinuses): يوجد هذا الجيبان على جانبي جسر الأنف مباشرةً، ويكونان موجودين منذ ولادة الطفل ويستمران بالنمو فيما بعد.
- الجيبان الفكيان (Maxillary Sinuses): يقع هذا الجيبان في منطقة الخدّين، ويماثلان الجيبين الغرباليين في كونهما موجودين منذ الولادة ويستمران بالنمو فيما بعد.
- الجيبان الجبهيان (Frontal Sinuses): يوجد هذان الجيبان في منطقة الجبهة وفوق الحاجبين، ويظهران لاحقاً خلال مرحلة الطفولة، أي بعد بلوغ الطفل السنة السابعة من عمره تقريباً.
- الجيبان الإسفينيان (Sphenoid Sinuses): يقع هذا الجيبان عميقاً ضمن الوجه وخلف القسم الأنفي من السبيل التنفسي العلويّ مباشرة، ويظهران في السنة الخامسة من عمر الطفل، لكنهما لا يتطوران حتى مرحلة المراهقة.
أسباب التهاب الجيوب الأنفية عند الأطفال
هناك العديد من الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بالتهاب الجيوب الأنفية عند الأطفال من ضمنها ما يأتي: [1]
- تشوهات خلقيّة في أنف الطفل.
- وجود إنتان ضمن الأسنان.
- ضخامة اللوزتين الحنكيتين والتهابهما.
- السباحة والغوص في الأعماق.
- التدخين السلبي.
- رضوض الأنف وكسوره.
- وجود أجسام غريبة في الأنف.
- تشوهات في الهيكل التشريحي لوجه الطفل، كانشقاق شراع الحنك.
- القلس المعدي المريئي (GERD).
أمراض تسبب التهاب الجيوب الأنفية عند الأطفال
قد ينجم التهاب الجيوب الأنفية عند الأطفال عن الإصابة ببعض الأمراض الفيروسية، بينما يحدث في حالات أخرى أن تتسبب البكتيريا في التهاب الجيوب الأنفية على اختلاف أقسامها التشريحية، ومن أشهر أنواع البكتيريا المسببة له ما يأتي: [2]
- المستدمية النزليّة (بالإنجليزية: Haemophilus Influenza).
- المكورات الرئوية (بالإنجليزية: Streptococcus Pneumoniaea).
- الموراكسيلا النزليّة (بالإنجليزية: Moraxella Catarrhali).
- العنقوديات (بالإنجليزية: Staphylococci).
- العقديات المقيّحة (بالإنجليزية: Streptococcal Pyogenes).
كيفية حدوث التهاب الجيوب الأنفية عند الأطفال
تقوم الطبقة المخاطيّة التي تبطّن الجيوب بإنتاج المخاط، الذي يتجه بشكل طبيعيّ من هذه التجويفات المملوءة بالهواء نحو البلعوم الأنفي، غير أن التهاب الطبقة المخاطية الذي ينتج إما عن فرط الحساسيّة التي يبديها الجهاز المناعي تجاه بعض العوامل المحسسة، أو في حال الإصابات الفيروسية التي يتعرض لها السبيل التنفسي العلوي قد يعيق عملية تفريغ المخاط مما يؤدي لتراكمه. [1]
وهذا ما يفسح المجال أمام بعض أنواع البكتيريا والجراثيم، كي تتكاثر في بؤرة الانسداد فتحدث الإنتانات الجرثومية الثانوية في الجيوب الأنفية، ويمكن لبعض العوامل الأخرى أن تتسبب في حدوث التهاب الجيوب الأنفية المزمن، منها: التهاب الأنف التحسسي الدائم، والتشوهات الخلقية ضمن المكونات التشريحية لوجه الطفل، إضافة إلى مرض القلس المعدي المريئيّ (GERD) والأطفال المثبطين مناعياً. [1]
أعراض التهاب الجيوب الأنفية عند الأطفال
عادةً ما يبدأ التهاب الجيوب الأنفية عند الأطفال بأعراض تشابه ما يحدث في نزلات البرد الشائعة (بالإنجليزية: Common Cold)، كالوهن العام وصداع الرأس، ونقص الشهية، إضافة إلى الاحتقان والسيلان الأنفي الواضح مع السعال المزعج. [3]
كما يمكن لدرجة حرارة الطفل المريض أن ترتفع بشكل طفيف وغير مقلق في البداية، إلا أن استمرار الأعراض التنفسية دون تحسّن لمدة تزيد عن 7-10 أيام، إلى جانب تحوّل السيلان المخاطي الأنفي من رائق إلى أصفرَ قيحيّ مع ارتفاع درجة الطفل المريض، يعد من العوامل التي ترجح الإصابة بالتهاب الجيوب الأنفية. [3]
وتجدر الإشارة إلى أن الأعراض الوصفية الخاصة بالتهاب الجيوب الأنفية، كالألم الوجهي الناتج عن ضغط الجيوب الوجهية، قد تغيب أو يصعب إيضاحها بشكل جيد لدى الأطفال، مما يجعل التشخيص مهمة صعبة تستدعي دقة الطبيب خلال الفحص. [3]
ومن أهم الأعراض السريرية التي يشكو منها الطفل المصاب بالتهاب الجيوب الأنفية ما يأتي: [3]
- احتقان أنفيّ يستمرّ 10 أيام أو أكثر.
- مفرزات أنفية سميكة لونها أصفر أو أخضر.
- سعال يستمر خلال اليوم ويشتد ليلاً.
- صعوبات في الرضاعة وتناول الطعام.
- سهولة استثارة الطفل خلال فترة المرض.
- التنفس الفموي الملحوظ نظراً لحدوث الانسداد الأنفي.
- انتفاخ واضح حول عيني الطفل المريض وأنفه.
- ألم في فك الطفل وأسنانه أو ما خلف الأنف والجبهة.
- رائحة نفس كريهة.
- تناقص حاسة الشم عند الطفل.
- ارتفاع في درجة حرارة الطفل قد يبلغ 38 درجة مئويّة أو أكثر.
- تعب عام مع ضعف القدرة على إنجاز النشاطات اليومية.
- الصداع الرأسي.
متى ينبغي ذهاب الطفل إلى أقرب مركز صحي
ننصحك بعرض طفلك مباشرة على أقرب قسم إسعافيّ أو عيادة طبيّة إذا ظهر عليه واحد أو أكثر مما يأتي: [1]
- اشتداد الأعراض السريرية لدى الطفل.
- عدم تحسّن الأعراض التي يشكو منها الطفل بعد 7-10 أيام.
- ظهور الأعراض الخاصة بالتهاب الجيوب الأنفية بشكل متكرر خلال فترات متقاربة.
تشخيص التهاب الجيوب الأنفية عند الأطفال
يطرح الطبيب الفاحص على وليّ الأمر الذي يرافق الطفل إلى المركز الطبي أسئلة تتعلق بمجموعة الأعراض التي اشتكى منها الطفل والفترة الزمنية التي ظهرت فيها، ويدقق أكثر فيما إذا تراجعت أو استمرت على نفس الوتيرة دون أي تحسن يذكر. [2]
وقد يلجأ أحياناً إلى سحب عينة دموية يؤكد خلالها وجود عوز مناعيّ (تناقص ملحوظ في تعداد الكريات البيض الدفاعية) أو رد فعل مبالغ من الجسم تجاه عامل محسّس (ارتفاع الأضداد Ig E) باعتبارهما سبباً وجيهاً لتطور التهاب الجيوب الأنفية عند الأطفال. [2]
بينما يعتبر التصوير الإشعاعي الوسيلة الأفضل للتشخيص، حيث يُجرى تصوير الطفل باستخدام الأشعة السينية (X-ray) أو الطبقي المحوري (CT Scan) لتحديد التشوهات التشريحية الموجودة على مستوى مكونات وجه الطفل. [2]
إضافة إلى تبيان التبدلات الالتهابية التي طرأت على مخاطية الجيوب الأنفية في سياق المرض، يمكن للطبيب أيضاً أن يأخذ مسحات من الصماخ الأنفي المتوسط (بالإنجليزية: Middle Meatus) بغية زرعها على الأوساط المخبرية المناسبة، لتحديد العامل الجرثوميّ الممرض المسؤول عن الالتهاب بشكل دقيق. [2]
علاج التهاب الجيوب الأنفية عند الأطفال
يصف الطبيب المعالج المضادات الحيوية (بالإنجليزية: Antibiotics) بما يتناسب مع نوع العامل الجرثومي الممرض، ويواظب المريض على تناولها لمدة زمنية تتراوح بين 10 إلى 14 يوماً، إضافة إلى إعطاء المسكنات وخافضات الحرارة كالباراسيتامول (بالإنجليزية: Paracetamol). [4]
ينصح الأطباء دوماً بأهمية تعويض السوائل عند الطفل المريض، مع تأمين الراحة اللازمة له في فراشه ريثما يستعيد نشاطه وقوته، إلى جانب استعمال الأجهزة المرطّبة لتلطيف جو الغرفة وترطيبها، يفيد كذلك وضع المناشف والمناديل الدافئة على الأنف والعين وخدّي الطفل لتخفيف الآلام التي يعاني منها. [4]
كما أن استعمال المحلول الملحي (بالإنجليزية: Saline) الذي يتوافر على شكل قطرات أو بخاخات أنفية يساعد في تقليل سماكة المفرزات المخاطية المتراكمة والتخفيف من حدة الاحتقان الأنفي الذي يعيق تنفس الطفل المريض. [4]
كما يحسن من وظيفة الطبقة المخاطية التي تبطن الأنف والجيوب الأنفية. يمكن في حالات قليلة إجراء بعض المداخلات الجراحية لتأمين الشفاء من التهاب الجيوب، كاستئصال اللوزتين الحنكيتين أو فتح الجيوب لإزالة المفرزات المتراكمة ضمنها. [4]
الوقاية من التهاب الجيوب الأنفية عند الأطفال
تجدر مراعاة حالة فرط الحساسيّة (بالإنجليزية: Allergy) التي يعاني منها طفلك واتخاذ التدابير الوقائية الخاصة فيها في سبيل حماية الطفل من الإصابة بإنتانات الجيوب الأنفية البكتيرية أو الفيروسيّة. [4]
فحالما يشكو طفلك من أعراض تشير إلى وجود حساسيّة تجاه بعض المواد مثل: غبار الطلع، والعطور، والعث المنزلي، وغبار المنزل، والتي تتمثل في العطاس، والسعال، والسيلان الأنفي، والدماع الشديد، عليك أن تسارع باستشارة الطبيب لعلاج الحالة والاستفسار عن الخطوات التي تقي حدوثها. [4]
كما يجب معالجة حالات نزلات البرد الشائعة منعاً من تفاقم الحالة وتراكم المفرزات الأنفية داخل الجيوب الأنفية، وبالتالي نموّ البكتيريا وحدوث الإنتانات. [4]
ومن الإجراءات التي يمكن اتباعها لحماية الأطفال من الإصابة بفرط الحساسيّة نذكر ما يأتي: [4]
- الامتناع التام عن التدخين بجانب الأطفال الذين يعانون من حالات فرط الحساسيّة؛ لحماية المخاطية التي تبطن داخل الأنف من التخريش والأذية.
- استخدام الأجهزة المرطبة (بالإنجليزية: Humidifier) لترطيب الهواء داخل المنازل والبيئات المغلقة.
- الحفاظ على نظافة الأسطح والأرضيات المنزلية والأثاث قدر الإمكان من تراكم الغبار.
- الابتعاد عن تربية الحيوانات الأليفة كالقطط والكلاب داخل المنزل، لأن أوبارها من أهم العوامل التي تطلق ردود الفعل التحسسية عند الطفل.
- إعطاء السوائل بشكل كافٍ للأطفال.
- فتح النوافذ والأبواب لتجديد الهواء بشكل متكرر داخل المنزل.
- تحديد فترات قليلة كي يغطس فيها الطفل أو يسبح في المسابح التي تعتمد بشكل أساسيّ على الماء المحتوي على مادة الكلور، لا سيّما أن للكلور تأثيراً مخرّشاً على بطانة الأنف والجيوب الأنفية.
- المواظبة قدر الإمكان على استعمال بخاخات وغسولات الأنف التي تحتوي على محلول ملحي، لترطيب الأنف والمخاطية الأنفيّة.
وفي النهاية، تجدر الإشارة إلى ضرورة الالتزام بالوصفة الطبية وتعليمات الطبيب حول الفترة الخاصة بالكورس العلاجي للمضادات الحيويّة، وبشكل عام يمكن القول إن التهاب الجيوب الأنفية عند الأطفال لا يشكّل حالة خطيرة تهدّد سلامتهم الصحية بشكل كبير، في حال الانتباه للأعراض التي يبديها الطفل بشكل مبكر، والالتزام بتوصيات الطبيب المعالج.