البوليميا العصبية: أسبابها وعلاجها الشامل
تعتبر البوليميا العصبية من أخطر اضطرابات الأكل التي تؤثر على الصحة النفسية والجسدية للنساء حول العالم، حيث تتجلى هذه المشكلة في سلوكيات غير طبيعية مثل الإفراط في تناول الطعام خلال فترة قصيرة (الإفراط القهري في الأكل) تليها محاولات متكررة للتخلص من السعرات الحرارية المكتسبة، إما من خلال التقيؤ المتعمد أو استخدام المسهلات بشكل مفرط.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
يعاني العديد من الأشخاص، خاصة النساء، من هذا الاضطراب نتيجة ضغوط اجتماعية ونفسية وجسدية مرتبطة بالجمال والمظهر. في هذا المقال، سنتناول أسباب البوليميا، وكيفية تشخيصها، وطرق علاج البوليميا العصبية من خلال العلاجات النفسية والدوائية والخيارات الغذائية. كذلك، سنناقش كيف يمكن الوقاية منها وأهمية دعم الأشخاص المصابين بهذا الاضطراب لتحقيق التعافي.
ما هي البوليميا العصبية؟
البوليميا العصبية (بالإنجليزية: Bulimia Nervosa) هي اضطراب نفسي يتميز بنوبات متكررة من الإفراط في تناول الطعام تليها سلوكيات قهرية للتخلص من الطعام بهدف منع زيادة الوزن. عادةً ما يصاحب هذا الاضطراب مشاعر الخزي والذنب والإحراج، مما يدفع الشخص إلى تكرار تلك السلوكيات الضارة. يمكن أن تكون البوليميا مدمرة للصحة النفسية والجسدية إذا لم يتم التعامل معها بجدية. [1]
تترافق البوليميا العصبية مع اضطرابات نفسية أخرى مثل الاكتئاب، القلق، واضطرابات التحكم في الانفعالات. يُعد التشخيص والعلاج المبكران ضروريين لتجنب المضاعفات طويلة الأمد.
أسباب البوليميا العصبية
لا زالت أسباب الإصابة بالبوليميا العصبية مجهولة، ولكن قد يعود تطور البوليميا العصبية إلى مجموعة متنوعة من الأسباب التي تشمل العوامل النفسية، الاجتماعية، الثقافية، والبيولوجية. في ما يلي استعراض لأهم العوامل المسببة لهذا الاضطراب: [1] [2]
1. العوامل النفسية
تلعب العوامل النفسية دوراً رئيسياً في الإصابة بالبوليميا العصبية. يمكن أن تكون مشاعر الخزي والقلق المتعلقة بمظهر الجسد والوزن من الأسباب المباشرة التي تدفع الشخص إلى سلوكيات غير صحية للتخلص من الطعام.
يؤثر انخفاض الثقة بالنفس بشكل كبير على قدرة المرأة على التعامل مع الضغوط اليومية المتعلقة بمظهرها الخارجي، مما قد يؤدي إلى اضطراب في علاقة الشخص مع الطعام. كذلك، يُلاحظ أن النساء اللواتي يعانين من اضطرابات مثل الاكتئاب أو اضطرابات القلق يكنَّ أكثر عرضة للإصابة بالبوليميا.
2. العوامل الاجتماعية والثقافية
يُعتبر الضغط المجتمعي للوصول إلى معايير جمال معينة، خاصة فيما يتعلق بالنحافة والجسم المثالي، من أهم الأسباب التي تساهم في زيادة انتشار اضطرابات الأكل بين النساء. المجتمعات التي تُمجّد النحافة وتضعها كمعيار للجمال تدفع العديد من النساء والشابات إلى اتباع حميات غذائية صارمة وغير صحية، مما يزيد من خطر الإصابة بالبوليميا العصبية.
وسائل الإعلام أيضاً تلعب دوراً في تفاقم هذه الضغوط، حيث يروج الإعلام لمفاهيم غير واقعية للجمال. هذا يجعل النساء يشعرن بضغط أكبر لتحقيق هذا الجمال المثالي، مما يؤدي في بعض الأحيان إلى تطور اضطرابات الأكل.
3. العوامل البيولوجية والجينية
تشير الأبحاث إلى أن هناك علاقة بين العوامل البيولوجية والجينية واضطرابات الأكل. يعتقد العلماء أن بعض التغيرات الكيميائية في الدماغ قد تسهم في تطور البوليميا العصبية. على سبيل المثال، التغيرات في مستويات السيروتونين، وهو ناقل عصبي يؤثر على المزاج والشهية، قد تلعب دوراً في الرغبة في الإفراط في تناول الطعام وعدم الشعور بالشبع.
4. العوامل البيئية
من العوامل الأخرى التي تسهم في الإصابة بالبوليميا هي التجارب السلبية خلال الطفولة أو المراهقة، مثل التعرض للتنمر أو الانتقادات المستمرة حول المظهر الجسدي. كما أن الضغوط العائلية والمشاكل الأسرية قد تلعب دوراً في زيادة خطر الإصابة بهذا الاضطراب.
كيفية تشخيص البوليميا العصبية
تشخيص البوليميا العصبية يتطلب تقييماً دقيقاً من قبل مختصين في الصحة النفسية. قد يشمل التشخيص مقابلات سريرية واستبيانات لتحديد السلوكيات المرتبطة بالأكل. عادةً ما يتم تشخيص البوليميا إذا كانت هناك نوبات متكررة من الإفراط في تناول الطعام والتخلص منه بطرق غير صحية لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر.
من الأعراض الشائعة التي قد يلاحظها الطبيب أو المعالج:
- الإفراط في تناول الطعام بشكل متكرر، مع الشعور بفقدان السيطرة على الكمية.
- السلوكيات القهرية للتخلص من الطعام مثل القيء أو استخدام المسهلات.
- الخوف الشديد من زيادة الوزن، حتى لو كان الوزن طبيعياً أو أقل من الطبيعي.
- انخفاض الثقة بالنفس المرتبط بشكل مباشر بالوزن والمظهر.
علاج البوليميا العصبية
يتطلب علاج البوليميا العصبية خطة شاملة تشمل العلاج النفسي، الدوائي، والدعم الغذائي. الهدف من العلاج هو تعديل السلوكيات الغذائية الخاطئة وتعزيز الصحة النفسية والجسدية للمريضة.
1. العلاج النفسي
يُعد العلاج النفسي الحجر الأساسي في علاج البوليميا العصبية. هناك عدة أنواع من العلاجات التي أثبتت فعاليتها، أهمها:
- العلاج السلوكي المعرفي (CBT): يُعد العلاج السلوكي المعرفي من أكثر الأساليب فعالية في علاج البوليميا. يساعد المريض على تغيير الأنماط السلبية من التفكير والسلوكيات غير الصحية المتعلقة بالأكل والمظهر. يركز العلاج السلوكي المعرفي على تعديل الأفكار والمشاعر التي تؤدي إلى الإفراط في الأكل، ويُعلِّم المريض استراتيجيات جديدة للتعامل مع التوتر والضغوط.
- العلاج الجماعي: يُعد العلاج الجماعي مفيداً للأشخاص الذين يشعرون بالعزلة بسبب اضطرابهم. من خلال مشاركة تجاربهم مع آخرين يعانون من نفس الاضطراب، يمكن أن يشعر المريض بالدعم والقبول، وهو أمر حاسم في عملية التعافي.
- العلاج الأسري: في بعض الحالات، قد يُدمج أفراد العائلة في العلاج لتقديم دعم أسري قوي. هذا العلاج يُعتبر ضرورياً بشكل خاص لدى المراهقات اللاتي يعشن مع أسرهن، حيث يمكن أن يساعد في تحسين ديناميكيات الأسرة، ويقلل من الضغوط الداخلية.
2. العلاج الدوائي
في بعض الحالات، قد يستلزم الأمر استخدام أدوية مضادة للاكتئاب مثل مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs). هذه الأدوية تساعد في تحسين المزاج وتقليل الرغبة في الإفراط في تناول الطعام. كما تعمل هذه الأدوية على تقليل القلق المرتبط بالمظهر الجسدي، وتساعد في تحسين الأداء اليومي.
3. الدعم الغذائي
يعتبر التغذية العلاجية جزءاً أساسياً من علاج البوليميا. يقدم أخصائيو التغذية خططاً غذائية مصممة خصيصاً لتساعد المرضى في استعادة التوازن الغذائي والوزن الطبيعي. الهدف من هذه الخطط هو تعليم المريض كيفية تناول الطعام بشكل صحي ومتوازن دون الشعور بالذنب أو الحاجة إلى التخلص من الطعام.
4. الدعم العاطفي والاجتماعي
الدعم العاطفي والاجتماعي من أفراد العائلة والأصدقاء له دور حاسم في علاج البوليميا. تشجيع النساء على الحديث عن مشاعرهن ومخاوفهن، وتقديم بيئة داعمة خالية من الأحكام، يمكن أن يعزز فرص التعافي والعودة إلى حياة صحية.
الوقاية من البوليميا العصبية
على الرغم من أن الوقاية من البوليميا العصبية قد تكون صعبة، إلا أن هناك بعض الإجراءات التي يمكن اتخاذها لتقليل خطر الإصابة. تعزيز الثقة بالنفس، وتشجيع النساء على تقدير أنفسهن وجمالهن الطبيعي، يمكن أن يكون من أبرز الوسائل للوقاية. كما أن تعليم العادات الغذائية الصحية، وتجنب انتقاد المظهر الجسدي، يعدان خطوات هامة نحو بناء علاقة إيجابية مع الطعام والجسد. [3]
البوليميا العصبية هي اضطراب نفسي معقد يتطلب علاجاً متعدد الجوانب يشمل الدعم النفسي، الغذائي، والدوائي. من المهم أن نفهم أن التعافي من البوليميا ممكن، ويجب على المجتمع توفير الدعم والتوعية اللازمة لتجنب وصمة العار المحيطة بهذا الاضطراب.
النساء اللواتي يعانين من هذا الاضطراب يجب أن يسعين للحصول على الدعم من مختصين في الصحة النفسية لتجنب العواقب الصحية الخطيرة والعيش بحياة صحية ومتوازنة.
مواضيع ذات صلة
شاهدي أيضاً: اضطراب نهم الطعام
شاهدي أيضاً: عادات غذائية صحية يومياً لخسارة الوزن
شاهدي أيضاً: فقدان الوزن من دون عناء
شاهدي أيضاً: متى يكون فقدان الوزن خطيراً
شاهدي أيضاً: ما هو معدل فقدان الوزن الطبيعي؟
-
الأسئلة الشائعة
- هل البوليميا العصبية تسبب السرطان؟ إجمالاً، لا يوجد دليل مباشر يربط البوليميا العصبية بالسرطان، لكن السلوكيات المرتبطة بها قد تزيد من خطر الإصابة بأمراض تؤثر على الصحة العامة. لذلك، من المهم معالجة البوليميا في وقت مبكر لتجنب المضاعفات الصحية الخطيرة.
- هل يمكن علاج البوليميا العصبية بشكل نهائي؟ نعم، يمكن علاج البوليميا العصبية بنجاح من خلال العلاج النفسي والدوائي والدعم الغذائي. يعتمد التعافي على الدعم المستمر والتوعية بالعادات الغذائية الصحية.
- هل تؤثر البوليميا العصبية على الصحة العامة بشكل خطير؟ نعم، تؤثر البوليميا العصبية على الصحة الجسدية والنفسية بشكل كبير. يمكن أن تؤدي إلى مضاعفات مثل تلف الأسنان، مشاكل الجهاز الهضمي، اضطرابات القلب، ومشاكل الكلى.