اكتئاب ما بعد السفر: رحلة العودة إلى الواقع

  • تاريخ النشر: الخميس، 01 أغسطس 2024
مقالات ذات صلة
الحب والسفر: تعرفوا على ثنائيات المؤثرين العرب عن التجول والرحلات
تفاصيل رحلة علاج اليوتيوبر بندريتا من الاكتئاب وتفكيره في الانتحار
Ferragamo يعيد استكشاف الواقع عبر رحلة تتجاوز العالم الافتراضيّ

من منّا لم يشعر بتلك النشوة التي تغمرنا أثناء التخطيط لرحلة، تلك الفترة التي نرسم فيها أحلاماً وردية، ونخطط لمغامرات لا تُنسى؟ ثم يأتي اليوم الذي نعود فيه إلى أرض الواقع، حاملين معنا ذكريات لا تُقدر بثمن، ولكننا نشعر في الوقت نفسه بحالة من الحزن والاكتئاب تغزو نفوسنا. هذا الشعور المتناقض هو ما يُعرف باكتئاب ما بعد السفر، تلك الظاهرة التي تنتاب الكثيرين بعد انتهاء إجازتهم.

فيديو ذات صلة

This browser does not support the video element.

ما هو اكتئاب ما بعد السفر؟

اكتئاب ما بعد السفر، أو ما يعرف بـ "Post-Travel Blues"، هو حالة نفسية مؤقتة يشعر فيها الشخص بحالة من الحزن والاكتئاب بعد عودته من رحلة أو إجازة ممتعة، حيث يشعر الشخص الذي يعاني من هذه الحالة بأنه فقد شيء ثمين بعد العودة إلى الروتين اليومي. وقد يرافق هذه الحالة شعور بالوحدة، والملل، والحنين إلى الأماكن التي زارها، والأشخاص الذين التقى بهم. [1]  

ومن آثار اكتئاب ما بعد السفر على الحياة اليومية ما يلي:

  • صعوبة التركيز: قد يجد الشخص صعوبة في التركيز في العمل أو الدراسة، مما يؤثر على أدائه.
  • تغيرات في المزاج: قد يتأرجح المزاج بين الحزن والسعادة، والشعور بالملل والاكتئاب.
  • اضطرابات النوم: قد يعاني الشخص من الأرق أو النوم الزائد، مما يؤثر على صحته العامة.
  • تغيرات في الشهية: قد يزداد أو ينقص الشهية، مما يؤدي إلى تغييرات في الوزن.
  • العزلة الاجتماعية: قد يميل الشخص إلى العزلة عن الأصدقاء والعائلة.
  • التعب والإرهاق: الشعور بالإرهاق البدني والنفسي رغم عدم وجود جهد بدني كبير.

قد يبدو الأمر غريباً، كيف يمكن أن نشعر بالحزن بعد تجربة ممتعة؟ ولكن، هناك العديد من الأسباب التي تفسر هذه الظاهرة، حيث تُشير الدراسات إلى أن هذا الاكتئاب يمكن أن يكون ناتجاً عن عدة عوامل، منها الشعور بالعودة إلى الروتين اليومي الممل، والتباين بين تجارب السفر المثيرة والواقع اليومي، وأحياناً أيضاً التوقعات الكبيرة التي لم تتحقق بالكامل أثناء السفر.

أسباب اكتئاب ما بعد السفر

هناك عدة عوامل تساهم في ظهور أعراض اكتئاب ما بعد السفر بعد العودة إلى الروتين اليومي. في هذا القسم، سنستعرض الأسباب الرئيسية التي قد تفسر لماذا يشعر البعض بالاكتئاب بعد انتهاء رحلتهم، وكيف أن هذه الأسباب تتفاعل مع جوانب حياتهم النفسية والعاطفية.

  • صدمة العودة إلى الروتين: بعد أن اعتاد الجسم والعقل على إيقاع مختلف تماماً، يعودان فجأة إلى روتين الحياة اليومي. هذا التغيير المفاجئ يسبب صدمة نفسية قد تؤدي إلى الشعور بالملل والاكتئاب.
  • مقارنة الواقع بالحلم: خلال السفر، نكون في عالم مثالي بعيداً عن المسؤوليات والضغوط اليومية. عند العودة، نجد أن الواقع لا يتطابق مع تلك الصورة المثالية التي رسمناها في مخيلتنا، مما يسبب شعوراً بالإحباط.
  • الخوف من المجهول: بعد العودة من رحلة ممتعة، قد يشعر البعض بالقلق حيال المستقبل، وتساؤلات حول متى ستكون الرحلة القادمة، وهذا القلق قد يؤدي إلى الشعور بالاكتئاب.
  • التغيرات البيولوجية: أثناء السفر، يتعرض الجسم لتغيرات في أنماط النوم واليقظة، والتغذية، والنظام اليومي. هذه التغيرات قد تؤثر على مستويات هرمونات السعادة في الجسم، مما يزيد من الشعور بالاكتئاب.
  • العزلة الاجتماعية: قد يشعر البعض بالعزلة الاجتماعية بعد العودة من السفر، خاصة إذا كانوا قد التقوا بأشخاص جدد وعقدوا صداقات خلال رحلتهم.

كيف نتغلب على اكتئاب ما بعد السفر؟

التعامل مع اكتئاب ما بعد السفر يتطلب مزيجاً من الوعي والتخطيط الاستراتيجي للعودة إلى الروتين اليومي بطرق تساعد على تحسين الحالة النفسية. فيما يلي بعض الاستراتيجيات العملية التي يمكن أن تساعد في التغلب على هذه الحالة: [1] [2]  

تقبل المشاعر

من أولى خطوات التعامل مع اكتئاب ما بعد السفر هو الاعتراف بالمشاعر السلبية وعدم إنكارها، فمن الأساسي أن نتقبل مشاعر الحزن والاكتئاب التي قد نواجهها بعد العودة من السفر، وإنكار هذه المشاعر قد يؤدي إلى تفاقمها، بينما الاعتراف بها كجزء طبيعي من عملية العودة يمكن أن يساعد في معالجتها بشكل أكثر فعالية. التواصل مع النفس وتقبل المشاعر يسهمان في تحسين الوضع النفسي، ويجعلا التكيف مع الروتين اليومي أسهل.

كما قد يكون من المفيد التحدث عن التجربة والمشاعر مع الأصدقاء أو أفراد العائلة. هذه العملية لا تساعد فقط في تخفيف الضغط النفسي، ولكن أيضاً قد تعزز من فرص الحصول على الدعم والتفهم. من خلال الحوار المفتوح، يمكننا أن نشعر بالراحة، ونبدأ في معالجة مشاعرنا بشكل فعال.

التكيف مع الروتين

بعد تجربة السفر، قد يشعر الفرد بفراغ بعد العودة إلى الروتين اليومي. لإعادة التوازن، يمكن إدخال بعض الأنشطة الممتعة إلى الروتين اليومي. مثلاً، يمكن البدء في مشروع جديد أو ممارسة هواية مفضلة. هذه الأنشطة قد توفر شعوراً بالإنجاز والفرح، وتساعد في ملء الفراغ الذي قد يشعر به الشخص بعد العودة من الرحلة.

تذكر الذكريات الجميلة

إعادة زيارة الذكريات الممتعة من الرحلة يمكن أن تكون طريقة رائعة لتخفيف مشاعر الحزن. النظر إلى الصور ومقاطع الفيديو، ومشاركة هذه الذكريات مع الأصدقاء والعائلة، يعيد الشعور بالفرح الذي تم تجربته أثناء السفر. يمكن أن تكون هذه الذكريات مصدراً للإلهام، وتجعل العودة إلى الروتين أكثر تحملاً.

التخطيط للمستقبل

التفكير في الرحلات المستقبلية أو الأنشطة الممتعة يمكن أن يساعد في تجنب التركيز السلبي على ما بعد السفر. التخطيط لرحلات جديدة أو تحديد أنشطة شيقة يمكن أن يوفر شعوراً بالإثارة والتطلع، مما يعزز من الحالة النفسية، ويقلل من مشاعر الإحباط بعد العودة.

ممارسة الرياضة بانتظام

الرياضة تعتبر من أفضل الطرق لتحسين المزاج والتغلب على الاكتئاب. ممارسة التمارين الرياضية بانتظام تساعد على إفراز هرمونات السعادة مثل الإندورفين، مما يعزز الشعور بالرفاهية، ويقلل من مشاعر القلق والاكتئاب. حتى الأنشطة البسيطة مثل المشي يمكن أن تكون مفيدة.

التواصل الاجتماعي

البقاء على اتصال بالأصدقاء والعائلة يمكن أن يوفر دعماً عاطفياً هاماً. التواصل مع الأشخاص الذين نحبهم والانضمام إلى مجموعات تهتم بالسفر أو الأنشطة الاجتماعية يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على الصحة النفسية. العلاقات الاجتماعية القوية تسهم في الشعور بالانتماء والدعم.

ممارسة التأمل واليوغا

التأمل واليوغا تقنيات فعالة في تقليل التوتر وتعزيز الاسترخاء. يمكن أن تساعد هذه الممارسات في تحسين التركيز وتهدئة العقل، مما يساهم في التعامل مع مشاعر الاكتئاب والقلق. إدخال هذه الأنشطة في الروتين اليومي يمكن أن يكون له تأثير إيجابي كبير على الحالة النفسية.

تدوين اليوميات

تدوين الأفكار والمشاعر في يوميات يمكن أن يكون وسيلة مفيدة لفهم الذات بشكل أفضل. يساعد تسجيل المشاعر والتجارب على التعرف على أنماط التفكير وتفريغ التوتر، مما يسهم في معالجة المشاعر السلبية بشكل أكثر فعالية.

الاستعانة بالمتخصص

إذا استمرت الأعراض لفترة طويلة أو كانت شديدة، فمن الضروري استشارة الطبيب أو المعالج النفسي. المتخصصون يمكنهم تقديم الدعم والعلاج المناسب للتعامل مع اكتئاب ما بعد السفر بطريقة منهجية ومدروسة، مما يساعد في تحقيق التعافي الكامل.

باتباع هذه الاستراتيجيات، يمكن التعامل مع اكتئاب ما بعد السفر بطرق إيجابية وفعالة، مما يعزز من القدرة على العودة إلى الروتين اليومي بالشعور بالراحة والتوازن.

في الختام، اكتئاب ما بعد السفر هو حالة شائعة، ولا يجب أن نشعر بالخجل أو الوحدة بسببها. من خلال فهم أسباب هذه الحالة، وتطبيق بعض الاستراتيجيات البسيطة، يمكننا التغلب على هذه المشاعر سريعاً والعودة إلى حياتنا الطبيعية. تذكروا، السفر تجربة جميلة، ولكن علينا أن نتعلم كيف نستمتع بها دون أن ندفع ثمناً باهظاً.

مواضيع ذات صلة

شاهدي أيضاً: الاكتئاب المبتسم

  1. أ ب "هل اكتئاب ما بعد الإجازة حقيقي؟ ماذا يقول البحث" ، منشور على موقع Medicalnewstoday.com
  2. "اكتئاب ما بعد السفر" ، منشور على موقع Dashboardliving.com
  • الأسئلة الشائعة

  1. كيف تتخلص من اكتئاب بعد السفر؟
    جربي تدريجياً العودة إلى روتينك اليومي، ومارسي نشاطات تستمتعين بها، وتواصلِ مع أحبائك. استغلي ذكريات رحلتك كدافع لبناء خطط للمستقبل، سواء كانت رحلات جديدة أو أهداف شخصية. تذكري أن هذا الشعور مؤقت، وستعودين قريبًا إلى نفسكِ المعتادة. إذا استمر الشعور بالاكتئاب لفترة طويلة، فلا تترددي في استشارة مختص.
  2. خمول ما بعد السفر؟
    يعاني الكثيرون من حالة من الخمول والتعب بعد العودة من رحلة ممتعة، وهذا الشعور طبيعي جدًا. قد يكون هذا الخمول ناتجًا عن عدة عوامل مثل تغير نمط الحياة: خلال السفر، نتبع روتينًا مختلفًا تمامًا، مما يؤثر على نومنا ووجباتنا وأنشطتنا اليومية. والإرهاق الجسدي: السفر يتطلب الكثير من الجهد البدني، خاصةً إذا كان يتضمن الكثير من التنقلات والأنشطة. والتأقلم مع بيئة جديدة: العودة إلى المنزل قد تكون صعبة، خاصة إذا كانت الرحلة إلى مكان مختلف تمامًا.