أمراض الغدد اللعابية الشائعة
لا بد أنك سمعت بمرض النكاف الذي يصيب الغدد اللعابية أو ما يعرف باسم (أبو كعب)، بل في الغالب أنك أصبتَ به في مرحلة ما من مراحل طفولتك، أو قد سمعت عن أمراض أو إصابات أخرى تصيب الغدد اللعابية كانسدادها أو إصابتها بالأورام أو جفاف الفم وغير ذلك من الأمراض، فما الذي تعرفه عن أمراض الغدد اللعابية والتهابها وانسدادها وغيره؟ في هذا المقال نقدم لك كل ما يتعلق بأمراض الغدد اللعابية.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
ما وظيفة الغدد اللعابية
للعاب أهمية كبيرة في ترطيب الفم، وهضم بعض أنواع الأطعمة، والأهم من كل ذلك هو احتواؤه على مواد قاتلة للبكتيريا تسمى بالأنزيمات (بالإنجليزية: Enzymes)، وتنتج الغدد اللعابية نحو 0.75-1.5 لتر من اللعاب كل يوم. [1]
أنواع الغدد اللعابية وأماكن وجودها
- الغدد النكفية (بالإنجليزية: Parotid)، وتوجد أمام الأذن.
- الغدد اللعابية تحت اللسان (بالإنجليزية: Sublingual).
- الغدد اللعابية تحت الفك السفلي (بالإنجليزية: Submandibular) وهي تفرغ محتوياتها من اللعاب عبر أقنية خاصة تنفتح في الفم في أماكن محددة.
- الغدد اللعابية داخل الفم تتراوح ما بين 600-1000 غدة لعابية متوزعة في كامل أنحائه. [1]
التهاب الغدد اللعابية
تحدث إصابة الغدد اللعابية بالالتهاب نتيجة إصابتها هي أو قنواتها المفرغة بالبكتيريا أو الفيروسات، وعادة ما تكون العنقوديات المذهبة هي البكتيريا الشائعة (بالإنجليزية: Staphylococcus Aureus)، ومن الفيروسات الشائعة المسببة لالتهابات الغدد اللعابية هي فيروسات الإنفلونزا (بالإنجليزية: Haemophilus Influenzae).
تزداد فرصة حصول التهابات الغدد اللعابية عند كبار السن، الأشخاص الذين يتناولون أدوية من تأثيراتها الجانبية التقليل من إفراز الغدد اللعابية، وجود حصاة لعابية في أقنية الغدد.
والعديد من الأمراض العامة الأخرى كداء السكري (بالإنجليزية: Diabetes) أو متلازمة شوغرن (بالإنجليزية: Sjogren)، وأيضاً في حالات قلة العناية بالصحة الفموية (بالإنجليزية: Oral Hygiene)، بالإضافة لبعض العادات الصحية السيئة مثل: عادة التدخين أو قلة تناول الماء. [1]
عوامل خطورة التهابات الغدد اللعابية
العوامل الآتية قد تجعلك أكثر عرضة للإصابة بالتهابات الغدد اللعابية: [2]
- العمر يتجاوز 65 عاماً.
- لديك صحة فموية ضعيفة.
- الإصابة بداء السكري (بالإنجليزية: Diabetes).
- الإدمان على الكحول أو التدخين.
- متلازمة الفم الجاف (بالإنجليزية: Xerostomia) وداء شوغرن (بالإنجليزية: Sjogren).
- الإصابة بالإنفلونزا.
- الإصابة بمرض الإيدز (AIDS) أو أي مرض آخر مضعّف للمناعة.
أعراض التهابات الغدد اللعابية
تتجلى الإصابة بالتهاب الغدد اللعابية ببعض أو كل من المظاهر والأعراض التالية التي بإمكانك الشعور بها وتحديدها، وهي: [2]
- الإحساس بطعم غريب في الفم.
- ارتفاع الحرارة (حُمّى).
- تورم في المنطقة الموافقة لموقع الغدة، بالإضافة لازدياد حجم العقد اللمفاوية القريبة.
- احمرار في المنطقة القريبة من منطقة الإصابة.
- ألم شديد يُوصف بأنه عاصر أو ضاغط (Squeezing)، خصوصاً عند تناول الطعام.
- قلة إفراز اللعاب بشكل عام، وبالنتيجة يحدث تجفاف الفم.
- انخفاض المقدرة على فتح الفم وتحددها نتيجة الألم المرافق لذلك.
- تورم في منطقة الوجه (خصوصاً في حالة إصابة الغدة النكفية بالتهاب فيما يعرف باسم مرض أبو كعب).
مضاعفات التهابات الغدد اللعابية
تشكل خراج أو قيح
بالرغم من كون ذلك غير شائع إلا أنه لا بد من الحديث عنه، يعتبر تجمع القيح داخل الغدة ليشكل خراجاً (تجمع قيحي كبير داخل الغدة) من أكثر الاختلاطات شيوعاً.
الأورام التي قد تسبب الشلل الجزئي
أيضاً يمكن في حال كان التهاب الغدد اللعابية ناجماً عن الإصابة بورم حميد أن يتضخم ليبلغ حجماً كبيراً فيسبب شللاً في المنطقة القريبة منه في الوجه، أما في حال كان الورم خبيثاً فقد يستمر بالنمو بسرعة أكبر من ذلك الحميد وأكثر انتشاراً، وقد يضر بجزء أو بكامل المنطقة القريبة منه خلال وقت قياسي.
حدوث التهابات في مناطق أخرى من الجسم
في حال لم يتم العلاج، يمكن أيضاً أن يحدث انتشار للبكتيريا ضمن باقي أنحاء الجسم ليسبب أمراضاً جهازية أخرى مثل مرض خناق لودفيج (بالإنجليزية: Ludwig’s Angina) (شكل من أشكال التهاب النسيج الخلوي الذي يحدث في الجزء السفلي من الفم).
حدوث العقم عند الرجال
يرتبط التهاب الغدة النكفية أو ما يعرف باسم مرض أبو كعب أو النكاف بالتهاب الخصيتين أو المبيضين، وقد يكون مسبباً حقيقياً للعقم عند الرجال الذين يصيبهم بعد أن يبلغوا (يسبب التهاب الخصيتين العقم بنسب تتراوح بين 15% إلى 40% عند الرجال كاملي البلوغ).
عدا عن ذلك فهو مرض يشفى تلقائياً ولا يحتاج إلى أدوية، وبعد الإصابة به يحصل الجسم على مناعة كاملة منه مدى الحياة.
"عادة ما يصيب النكاف الأطفال بعمر 2-12 سنة، وهو لا يسبب العقم في هذا العمر حتى في أشد حالاته، لذلك تم في بعض الدول تطبيق سياسة تلقيح ضد النكاف، وفي الدول التي لا يوجد فيها هذا اللقاح ينصح بجعل الطفل يتلقى هذه العدوى في عمر مبكر من أيّ من أقرانه". [1]
علاج التهابات الغدد اللعابية
يتم علاج التهابات الغدد اللعابية تبعاً لعاملها المسبب، فإن كان السبب جرثومياً يتم وصف المضادات الحيوية، وإن كان فيروسياً فتوصف مضادات الفيروسات وهكذا، وبالطبع يترك للطبيب قرار اختيار طريقة العلاج بعد تحديد العامل المسبب. [3]
وبشكل عام، التهابات الغدد اللعابية تشفى تلقائياً بعد فترة، لكن يفضل مراجعة الطبيب للتأكد من التشخيص والعلاج، ويمكن استخدام العلاجات المنزلية للتخفيف من حدة الحالة وأعراضها إلى حين الشفاء، وتشتمل على الآتي: [3]
- تناول كمية وافرة من الماء (ما يزيد عن 10 أكواب).
- تدليك المنطقة المصابة بانتظام لتنشيط الدورة الدموية فيها.
- تطبيق كمادات ماء دافئة على المنطقة المصابة.
- المضمضة بالماء الدافئ والملح، حيث يعمل على تطهير الوسط الفموي والتخفيف من التورم الحاصل في المنطقة، إذ يُضاف الملح إلى الماء المغلي ويُحلُّ جيداً، ثم الانتظار إلى أن يصبح دافئاً.
أمراض الغدد اللعابية الأخرى
حصيات الغدد اللعابية (انسداد الغدد اللعابية)
الحصيات اللعابية (بالإنجليزية: Salivary Calculi)، عبارة عن حصاة (بالإنجليزية: Stone) أو قطعة صغيرة من بلورات الكالسيوم تسد القناة اللعابية في أي منطقة من مناطق القناة، تحدث نتيجة اضطرابات نسب الكالسيوم في الجسم لأي سبب من الأسباب.
وتغير تدفق السوائل ضمن الغدة اللعابية، كما تحدث بسبب نقص السوائل، كذلك تناول طعام غير صحي ومتوازن كما أن لبعض الأدوية تأثيراً مساعد على تشكيل الحصيات اللعابية.
في كثير من الأحيان، قد يكون لدينا حصاة لعابية لكننا لا ندرك ذلك حتى؛ لأنها تكون صغيرة وتعبر القناة بسهولة، فيما لو كان حجمها أكبر من ذلك بالتأكيد سوف نشعر بها وبأعراضها، وتستمر هذه الأعراض إلى حين زوال الحصاة. [1]
وينتج عن انسداد القناة اللعابية الأعراض الآتية: [1]
- الشعور بجفاف الفم.
- التورم والشعور بالألم.
ويكون تشكل الحصيات اللعابية أكثر ما يحدث في الغدد تحت الفك (بالإنجليزية: Submandibular Glands)، حيث يتم الكشف عنها بدقة عن طريق التصوير الشعاعي (X-Ray)، التصوير المقطعي (CT Scan)، الرنين المغناطيسي (MRI)، تنظير القناة بمنظار خاص (Sialendoscopy)، أي أن طرق الاكتشاف والتشخيص كثيرة جداً.
وفي كثير من الأحيان يكون شفاء الحصيات اللعابية ذاتياً، أي أن الحصى تخرج تلقائياً إلى تجويف الفم أو تحتاج إلى عناية خاصة مثل التدليك المتكرر الذي قد يدفعها تدريجياً للخروج، قد تنحشر الحصى في أي منطقة من مناطق القناة في باديتها، وسطها أو نهايتها.
ويعتبر انحشارها في الوسط هو الأصعب، في حال لم تخرج الحصاة فقد يلجأ الطبيب إلى العلاج أثناء إجراء التنظير فيما يعرف باسم (Sialendoscopy) تحت التخدير الموضعي، فإذا كانت الحصاة مرئية يقوم الطبيب بإدخال أداة خاصة صغيرة الحجم ويقوم بعدها بإخراج الحصاة.
فيما سابقاً كان الأطباء يلجؤون إلى عملية جراحية بسيطة عن طريق إحداث شق صغير في القناة في المنطقة التي توجد فيها الحصاة وإعادة خياطتها تحت التخدير الموضعي أيضاً، وقل استخدام هذه الطريقة كثيراً في أيامنا هذه. [1]
الكيسة الضفدعية (Ranula)
تتشكل هذه الكيسة داخل الغدد اللعابية تحديداً الغدتين تحت الفك وتحت اللسان، وهي كيسة احتباسية (ناتجة عن احتباس السوائل) تظهر على شكل كرة شفافة في قاع الفم (أي تحت اللسان) وهي غير مؤلمة.
عادة ما تشفى تلقائياً، ولكن يفضل مراجعة الطبيب للتأكد من تشخيص الحالة وسيرها نحو الشفاء ففي بعض الحالات يكون علاجها باستئصالها جراحياً.
أورام الغدد اللعابية (Tumors)
يكون 80% منها حميداً (أي غير سرطاني)، و80% منها يحدث في الغدة النكفية، وأغلب هذه الأورام هي أورام غدية (تصيب الخلايا المفرزة للعاب)، تتوضع الخلايا هذه ضمن محفظة الورم في كلتي الحالتين سواء كان الورم حميداً أو خبيثاً.
تعالج الأورام بكل أشكالها عن طريق استئصال الورم جراحياً بالإضافة إلى هامش أمان من النسيج الطبيعي؛ كي لا تعود الحالة وتنتكس.
في حالة الأورام الخبيثة، يتوجب الكشف عليها مبكراً قدر الإمكان ومراجعة الطبيب بأقصى سرعة؛ كي لا تصل إلى مراحل متقدمة وتنتقل إلى باقي أنسجة الجسم.
"تم إثبات وجود ارتباط بين الأورام الخبيثة في الغدد اللعابية وتلك التي قد تحدث في الرئة، لسهولة وصول النقائل الورمية من الغدد اللعابية إلى الرئة، إذ إن لهما جملة لمفاوية متصلة ببعضها بعضاً". [1]
زيادة إفراز اللعاب (Sialosis)
- يحدث نتيجة وجود تورم لا التهابي في الغدد اللعابية الكبرى (النكفية، تحت الفك، تحت اللسان)، لكنه عادة ما يحدث في الغدة النكفية ويكون عادة ثنائي الجنب، ينتج عنه بالتالي زيادة إفراز اللعاب.
- يعتقد أن السبب في حصول ذلك مجموعة عوامل وراثية بالإضافة إلى نقص بعض المغذيات وإدمان الكحول.
- يتم العلاج عادة عن طريق استئصال جزء أو كل الغدد المصابة، أو بربط أقنيتها المفرغة (بالإنجليزية: Ducts). [1]
جفاف الفم (Xerostomia)
- يمكن لجفاف الفم أن يكون عارضاً لمرض آخر، أو مرضاً بحد ذاته.
- يسبب جفاف الفم الحقيقي قلة الإحساس بنكهات الطعام، والإصابة بنخور سنية عديدة والتهابات اللثة.
- يمكن أن يكون جفاف الفم نتيجة تناول أنواع معينة من الأدوية والتي من تأثيراتها الجانبية الإقلال من إفراز اللعاب، وعادةً تعود الأمور إلى طبيعتها بعد التوقف عن أخذ الدواء.
- يمكن علاج هذه الحالة باستخدام اللعاب الصناعي، وقد يكون مضغ العلكة الخالية من السكر مساعداً على إفراز اللعاب، كما تم مؤخراً استخدام العلاج الشعاعي لتنشيط إفراز الغدد اللعابية. [1]
ختاماً، يمكننا القول إن صحة الغدد اللعابية من صحة الفم والأسنان، بل حتى من صحة الجسم بشكل عام، لذلك يتوجب الانتباه لها أكثر وجعلها جزءاً من الفحص الدوري عند الطبيب، والعناية بها عن طريق شرب كميات وافرة من الماء والانتباه إلى التوازن الغذائي والعناية بصحة الفم والأسنان بشكل عام.