أعراض وأسباب وعلاج مرض النقرس
يُعرف التهاب المفاصل النقرسي (Gouty Arthritis) أو النقرس (Gout) بأنه أحد أشكال التهاب المفاصل، يظهر بشكل هجمات مفاجئة وشديدة من الألم والاحمرار والوذمة في المفاصل خاصة في المفصل الأول من إصبع القدم الكبير.
يمكن أن يصيب هذا المرض أي شخص، لكن احتمال الإصابة به ليس متساوياً لدى الجميع.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
يمكن أن تحدث هجمة النقرس بشكل مفاجئ يوقظ المريض من نومه وهو يشعر أن إصبع قدمه الكبير يحترق، كما يشعر المريض بالألم الشديد لدى لمس المفصل أو تحريكه.
وقد لا يحتمل المريض حتى أن تلامس قدمه غطاء السرير، هذه الهجمات تحدث بشكل متكرر وتستمر في التزايد حتى يعالج المرض بشكل جيد.
ما هو سبب النقرس؟
يحدث النقرس بسبب تراكم مادة تدعى حمض البول (Uric Acid) في الدم وترسبها على شكل بلورات البولة (Urate Crystals) في المفاصل.
توجد هذه المادة في أجسامنا بشكل طبيعي ولا تسبب مشاكل في العادة، كما توجد في بعض المأكولات مثل اللحوم الحمراء ولحوم الأسماك ويرتفع مستواها بعد استهلاك المشروبات الكحولية والمشروبات المحلاة باستخدام سكر الفواكه (Fructose).
يزداد احتمال تراكم حمض البول وحدوث النقرس في حال كان الشخص بديناً، يستهلك اللحوم والأسماك بشكل كبير، أو يفرط في تناول المشروبات الكحولية، كما أن بعض الأدوية مثل المدرات البولية يمكن أن تحرض النقرس.
العوامل المؤهبة لحدوث النقرس
هناك العديد من العوامل المؤهبة التي تضع الشخص في خطر الإصابة بالنقرس، من هذه العوامل:
- الوراثة: يمكن أن تساهم جيناتك في جعلك أكثر أو أقل عرضة للإصابة بالنقرس، إذ يعتبر السبب الأكثر شيوعاً هو أن الكليتين (بالرغم من كونهما طبيعيتين) تكونان غير قادرتين على تصفية البولة وبالتالي تتراكم تدريجياً في المفاصل.
- الوزن الزائد: كلما كان حجم الجسم كبيراً كلما كانت كمية البولة التي ينتجها كل يوم أكبر، وهذا ما يزيد الحمل على الكليتين.
- بعض الأمراض الكلوية: عند إصابة الكلية بمرض ما تنخفض قدرة الجهاز البولي على تصفية الدم من البولة والسموم الأخرى.
- بعض الأدوية: أهمها المدرات البولية التي تعطى لمرضى قصور القلب.
- بعض الحالات المرضية: مثل ارتفاع ضغط الدم، السكري من النمط الثاني، ارتفاع الشحوم والكوليسترول، الأمراض التي تؤدي إلى زيادة عدد الكريات الحمر؛ لأن البولة ناتج طبيعي عن تخرب الكريات الحمراء القديمة.
- العمر والجنس: يحدث النقرس لدى الرجال أكثر من النساء، وهذا لأن النساء يملكن في العادة مستويات من البولة أقل من الرجال، لكن الخطورة تزداد عند السيدات بعد سن اليأس لتصبح مشابهة للخطورة لدى الرجال، الرجال عادة يصابون بالنقرس في عمر مبكر (بين 30 و50).
ما هي الأعراض المترافقة مع الإصابة بمرض النقرس؟
- تبدأ الأعراض بترسب بلورات البولة في المفصل الذي يصبح مؤلماً، أحمر اللون، ساخناً ومنتفخاً، كما يكون الجلد فوق المفصل لمّاعاً أو حتى قابلاً للتقشر.
- عادة ما تصيب هجمة النقرس إصبع القدم الكبير، ويغلب أن تبدأ خلال الليل.
- تتطور الأعراض بسرعة وتصل إلى ذروتها خلال 12-24 ساعة من بدء ظهورها.
- يصبح المفصل المصاب حساساً للألم بشكل مخيف، ولا يحتمل المريض ارتداء جوارب أو تغطية قدمه بغطاء السرير.
- يمكن أن تصاب مفاصل أخرى غير مفصل إصبع القدم الكبير، مثل مفاصل القدم الأخرى أو الكاحل أو الركبة، ومفاصل الطرف العلوي مثل المرفق وأصابع اليدين، ومن النادر أن يصيب النقرس المفاصل المركزية مثل الكتف أو المفاصل بين الفقرات في العمود الفقري.
مضاعفات الإصابة بمرض النقرس
من النادر أن يتطور النقرس حتى مرحلة المضاعفات الدائمة، خاصة أن الوعي حوله قد ازداد والوقاية منه ممكنة، لكن إهماله يؤدي إلى المضاعفات التالية:
- تحدد حركة المفصل: بسبب تضرر المفصل بعد الهجمات المتكررة.
- الأقلاح (Tophi): الأقلاح هي كتل بيضاء صغيرة تظهر تحت الجلد نتيجة تراكم بلورات البولة، خاصة على الأذن والأصابع والمرفق، وليس من الضرورة أن تكون مؤلمةً لكن منظرها قد يكون محرجاً إذا كانت كبيرة الحجم، كما أنها قد تتمزق وتخرج منها مادة بيضاء شبيهة بالقيح هي بلورات حمض البول المتراكمة.
- حصيات الكلية: يمكن أن تتشكل حصيات حمض البول في الكلية إذا كان مستواه في الدم مرتفعاً جداً، وهنا يحتاج المريض إلى استخدام الأدوية الخافضة لحمض البول.
العلاج الدوائي لمرض النقرس
عادة ما يتم استخدام الأدوية في علاج النقرس، مثلاً في حالة الهجمة الحادة يمكن إعطاء المريض حقنة من الستيروئيدات المضادة للالتهاب.
ثم متابعة العلاج بنوع أو أكثر من الأدوية على مدة عدة أيام عبر جرعات تتناقص تدريجياً للمحافظة على استقرار الحالة، وتبدأ هجمة النقرس بالزوال بعد 24 ساعة إذا أعطي العلاج مباشرة.
هناك العديد من الأدوية التي تعمل بآليات مختلفة من أجل علاج النقرس، منها ما يعطى في حال حدوث هجمة النقرس من أجل تخفيف الأعراض الالتهابية الحادة، ومنها ما يعطى من أجل تخفيف احتمال حدوث الهجمات فيما بعد.
كما يحتاج أغلب المرضى إلى الدواء المدعو (Allopurinol) الذي يخفض إنتاج حمض البول داخل الجسم، يعتمد اختيار الخطة العلاجية على مدى سوء حالة المريض، عمره وجنسه وقدرته على التأقلم مع الأعراض الجانبية لكل دواء.
نصائح مفيدة لتخفيف ألم هجمة النقرس
هذه الإجراءات لا تغني عن العلاج الدوائي، لكنها قد تكون إضافة مفيدة:
- ضع المفصل المصاب في وضع مريح، وحاول عدم إجهاده لمدة 24 ساعة بعد الهجمة.
- ارفع المفصل المصاب.
- استخدم الثلج من أجل تخفيف الوذمة وتخدير المنطقة المؤلمة.
- المسكنات الشائعة تخفف من شدة الالتهاب، لكن عليك الحذر من تناول الأسبيرين لأنه يرفع حمض البول في الدم.
هل يمكن الوقاية من الإصابة بالنقرس؟
الوقاية ممكنة إلى حد بعيد إذا لم يكن الشخص في مجموعات الخطر، وفيما يلي بعض النصائح لتجنب الإصابة بالنقرس:
- تحكم بوزنك: زيادة الوزن عامل خطورة مهم بالنسبة لمرض النقرس، لذلك يجب إنقاص الوزن الزائد من أجل الوقاية منه، لكن إنقاص الوزن لا يجب أن يكون عن طريق الصيام عن الطعام أو اتباع حمية قاسية منخفضة السعرات الحرارية كما يظن البعض، لأن هذه الإجراءات تزيد من خطر حدوث هجمة النقرس عن طريق زيادة إنتاج حمض البول، لذلك حاول اتباع نظام غذائي متوازن وصحي.
- مارس الرياضة: أفضل شكل من الرياضة في هذه الحالة هو الممارسة المنتظمة للتمارين الرياضية معتدلة الشدة.
- خفف من تناول الكحول: خاصة البيرة، لأن المشروبات الكحولية تقلل من طرح حمض البول عبر الكلية إلى البول مما يسبب تراكم هذه المادة السامة، كما أن البيرة بشكل خاص تحتوي على مواد تدعى البورينات (Purines) تتفكك في الجسم إلى حمض البول.
- تجنب الأطعمة المسببة للنقرس: مثل اللحوم والأسماك.
- واظب على استعمال الدواء: من المهم ألّا تتوقف عن تعاطي الدواء بمجرد اختفاء الأعراض، كما يجب إخبار الطبيب بالأدوية التي تتعاطاها في العادة مثل أدوية الضغط أو السكري للتأكد من عدم وجود تداخل دوائي بينها وبين الأدوية المستخدمة في علاج النقرس.
في الماضي كان يُعتقد أن النقرس يحدث فقط بسبب تناول الأغذية الغنية باللحوم ومنتجاتها والإفراط في شرب الكحول لذلك دُعي هذا المرض في السابق بداء الملوك.
أما الآن فقد ظهر أن السبب الرئيسي لحدوثه وراثي قد يكون خللاً في الجهاز البولي أو في العمليات الحيوية للجسد وتعامله مع فضلات المواد الغذائية، أما عوامل الخطر الأخرى فهي تحرض حدوث نوبات النقرس غالباً، ومن غير المرجح أن تكون قادرة بحد ذاتها على إحداث المرض.
وفي الختام.. لنا أن نذكِّر بضرورة اتباع إجراءات الوقاية من الهجمات بالنسبة لفئات الخطر بمرض النقرس وخاصة النظام الغذائي المتوازن والرياضة، لأن هذه الإجراءات البسيطة تثبت فعاليتها على المدى البعيد في تحسين نوعية الحياة والوقاية من عدد لا يحصى من الأمراض المزمنة.