أسباب الوسواس القهري وأعراضه وعلاجه
هل قضيت من قبل 15 دقيقة متواصلة في غسل يديك بسبب شعورك أنهما لا تزالان متسختين؟ هل صعدت الدرج إلى منزلك أكثر من مرة بعد خروجك للتأكد من قفل الباب؟ هل عدت إلى المنزل بعد إغلاق الباب بسبب شعور مستمر يراودك بأن صنبور الماء ما زال مفتوحاً في الحمام؟ يبدو أنك تعاني من اضطراب الوسواس القهري (OCD)، فماذا يعني هذا الاضطراب؟ هذا ما سنتناوله خلال هذا المقال.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
ما هو الوسواس القهري
يعرف اضطراب الوسواس القهري (OCD) بكونه اضطراباً مزمناً شائعاً طويل الأمد، تراود الشخص فيه (وساوس) ملحة متكررة، وهي (قسرية) لا يمكن طردها من الذهن بسهولة -من هنا جاء الاسم بالطبع- تدفع تلك الهواجس الشخص إلى القيام بتصرفات معينة بشكل متكرر، ولا يهدأ باله حتى القيام بذلك. [1]
يمكن أن يصيب هذا الاضطراب أي شخص إن كان ذكراً أو أنثى، وقد يتطور في أي مرحلة عمرية، إلا أنه يظهر غالباً في البالغين الشباب، ويمكن أن يؤثر بشدة على النشاطات الحياتية اليومية من خلال أعراضه المتنوعة. [1]
أسباب الوسواس القهري
كحال غيره من الأمراض النفسية، لا يزال السبب الرئيسي مجهولاً حول هذا الاضطراب، إلا أن فرضيات عديدة قد وضعت كمحاولة لتفسير الوسواس القهري وأسباب حدوثه، يشير إليها موقع المعهد الوطني للصحة العقلية فيما يأتي: [1]
- عوامل وراثية: يرتفع معدل ظهور الوسواس القهري لدى الأبناء في حال انتشاره بين أقارب الدرجة الأولى (أب، أم، أخ، أخت)، ومع ذلك لا تزال الأبحاث قائمة لعزل الجين المسؤول.
- عوامل بنيوية: لوحظ بالتصوير المقطعي لمرضى هذا الاضطراب وجود تبدلات بنيوية في القشرة الجبهية والمناطق تحت القشرية من الدماغ.
- عوامل بيئية: فتعنيف الأطفال أو أي شكل آخر من أشكال الصدمة قادرة على إطلاق فتيل هذا الاضطراب النفسي.
كما أن العامل البيولوجي له دور في ظهور اضطراب الوسواس القهري، إذ إن انخفاض مستويات السيروتونين (ناقل عصبي) في الدماغ قد يتهم كعامل مسبب لهذه الاضطراب، وحالياً يعتقد العلماء أن العامل البيولوجي يتضمن أيضاً مشاكل على مستوى النواة القاعدية الدماغية المسؤولة عن تصفية الأفكار (النواة المذنبة). [1]
ويلاحظ من خلال الأدوية العلاجية إلى أن تخفيض عمل هذه النواة قد حسّن من حالة الاضطراب، لنتأكد أكثر من صلة الوصل فيما بين الأفكار وقدرتها على إطلاق حركات أدائية معينة، وإضافة لما سبق، نشير إلى دور العوامل الإنتانية ببكتيريا العقديات (بالإنجليزية: Streptococci) كعامل مُطلق لهذا الاضطراب النفسي أيضاً. [1]
أعراض الوسواس القهري
إذا كنت تعاني من اضطراب الوسواس القهري، فيفترض أنك تشعر ببعض أعراضه، التي تنقسم إلى نوعين: الأفكار الوسواسية، والدوافع القهرية، وهما كالآتي: [2]
الأفكار الوسواسية
هي هواجس وصور ذهنية مزعجة في الأغلب، تراود الذهن باستمرار، وتزيد الشعور بالتوتر أو القلق المستمر، ومن الأمثلة عليها ما يأتي: [2]
- الخوف المرضيّ من الجراثيم، خصوصاً من تلوث الملابس أو الجسم بها.
- الخوف من إيذاء الآخرين.
- الخوف من الفشل في الامتحانات.
- الخوف من القيام بتصرف غير لائق في مناسبة رسمية.
- الخوف من التفكير بأفكار محرمة أو شريرة.
- الشك المتكرر والمفرط في التصرفات، كأن يقول الشخص لنفسه: "هل أغلقت الباب قبل أن أخرج؟" ويعود للمنزل عدة مرات للتأكد.
الدوافع القهرية
وهي دوافع متكررة ومزعجة تجعلك تقوم بتصرف ما، للحصول على راحة مؤقتة منه، كالشعور بالحكة الذي يدفعك لحك جلدك مثلاً، ومن الأمثلة عليه ما يأتي: [2]
- الاستحمام وغسل اليدين لوقت طويل ومرات عديدة.
- رفض مصافحة الآخرين أو ملامسة مقابض الأبواب خوفاً من الجراثيم.
- ترتيب الأشياء بدقة بطريقة معينة، مثل: ترتيب الأدوات والدفاتر على طاولة المكتب.
- تكرار عدد محدد من الكلمات أو الإشارات أو الأدعية والصلوات.
- الاحتفاظ بأدوات وأشياء لا قيمة لها، وتخزينها لشعور مُلح بقيمتها، ووجوب عدم إلقائها في القمامة.
علاج الوسواس القهري
إذا كنت تعاني من واحد أو أكثر من الأعراض السابقة فلا داعي للخجل، عليك أن تذهب مباشرة إلى الطبيب وتعرض عليه المشكلة، وهو سيُقدّر الموقف، وإما أن يعطيك بعض النصائح لتفادي تكرار وتأزم الوضع أو يحولك إلى معالج نفسي، ويمكن للمعالج النفسي أن يساعدك بعدة طرق لعلاج الوسواس القهري، منها ما يأتي: [3]
العلاج السلوكي
هنا يدربك الطبيب النفسي على تقبل الأفكار المسببة للهلوسة دون التصرف تجاهها، أو أن يدفعها بشكل مستمر إلى حد التعب لكي يكبحها اللاوعي بشكل تلقائي.
فمثلاً إذا كنت تغسل يديك لمدة ربع ساعة في كل مرة؛ يجبرك الطبيب هنا على غسلهما أكثر من ذلك حتى تشعر بأنك غير قادر على القيام بالتصرف أكثر من ذلك، وثبت دور هذه الطريقة في التخفيف من حدة الدوافع النفسية المزعجة وعلاجها مع الزمن.
ومن المعروف أن العلاج النفسي السلوكي (بالإنجليزية: Cognitive Behavioral Therapy) لديه فاعلية كبيرة في علاج اضطراب الوسواس القهري، وفيه يركز الطبيب النفسي على تثقيف المريض وتوعيته حول الصلة القائمة بين أفكاره ومشاعره وما يعقبهما من تصرفات سلوكية.
إضافة إلى تدريب المريض على مواجهة المشاكل الحالية التي يعاني منها وتجزأها لما هو أبسط، محاولاً مساعدة المريض كي يتوصل بنفسه إلى وضع الحلول المناسبة.
ويمكن للعلاج الجماعي الداعم أن يخرج مريض الوسواس القهري (OCD) من عزلته، مساعداً إياه على مشاركة تجربته الخاصة مع المرض، مع الاستماع لتجارب الآخرين وكيفية تخطيهم لهذه الحالة المشتركة.
العلاج الدوائي
هناك أدوية كثيرة مفيدة في علاج الوسواس القهري، إلا أن أهمها وأشهرها هي الأدوية المعروفة بالمهدئات النفسية التي تساعد على تخفيف التوتر وإمداد المريض بالشعور بالراحة.
ويلجأ الأخصائي النفسي عادةً إلى وصف مثبطات إعادة قبط السيروتونين الانتقائي (SSRIs) وهي فصيل من الأدوية المضادة للاكتئاب، وقد توصف أحياناً الأدوية المخصصة لعلاج القلق كالبنزوديازبينات.
ختاماً، لا بد من التأكيد على دور المحيط الاجتماعي المساعد والداعم في إعطاء المصاب شعوراً بالراحة بدلاً من الخجل من الحديث عن مشكلته بصراحة، ويبقى الدور الأساسي للمختصين في تشخيص الحالات، ووضع خطط العلاج المناسبة.