أسباب وعلاج الكساح لدى الأطفال
من المعروف أن الطفولة فترة مهمة في حياتنا جميعاً، فهي المرحلة التي تتشكل خلالها شخصية الإنسان ويكتمل نموه الجسدي والنفسي، وخلال سنوات الطفولة ومرحلة المراهقة ينمو جسم الطفل بسبب ازدياد طول العظام وثخانتها، لذا يمكن أن يسبب أي خلل في نمو العظام آثاراً واضحة وخطيرة على جسم الطفل، ويعد مرض الكساح من أكثر أنواع الاضطرابات التي تؤثر على عظام الطفل، وفي هذا المقال نوضح لك أعراض الكساح عند الأطفال وأسبابه وعلاجه وطرق الوقاية منه.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
الكساح عند الأطفال
يعتبر الكساح (بالإنجليزية: Rickets) أو تلين العظام عند الأطفال حالة مرضية تكون فيها عظام الطفل لينة وغير صلبة بشكل كافٍ، ويحدث هذا المرض عادةً بسبب عدم وجود كمية كافية من فيتامين د في جسم الطفل. [1]
يلعب فيتامين د دوراً مهماً في تحفيز الجهاز الهضمي على امتصاص الكالسيوم والفوسفور الموجودين في الطعام، لذلك يؤدي نقص هذا الفيتامين إلى صعوبة المحافظة على مستويات الكالسيوم والفوسفور في العظام، وبما أن هذه العناصر مكونات أساسية لتركيب العظم، فإن انخفاضها يُنقص من صلابة العظام وتماسكها، وهكذا يحدث الكساح. [1]
عادةً ما يستجيب الطفل على العلاج بإضافة فيتامين د أو الكالسيوم إلى غذائه اليومي، أما إذا كان الكساح ناجماً عن مشاكل طبية خفية، فإن الطفل سيحتاج إلى علاجات دوائية إضافية، حتى إن بعض الحالات تحتاج إلى جراحة تصحيحية إذا حدث تشوه في شكل العظام. [1]
أسباب الكساح عند الأطفال
يحتاج جسم الإنسان إلى فيتامين د من أجل امتصاص الكالسيوم والفوسفور من الطعام، لذلك يكون الكساح نتيجة نقص فيتامين د أو عدم قدرة الجسم على امتصاصه، وفي بعض الحالات، تكون المشكلة بسبب عدم تناول كمية كافية من الكالسيوم ضمن الغذاء، وفيما يأتي سنتناول أسباب الكساح عند الأطفال بالتفصيل: [1]
نقص فيتامين د
يحدث نقص فيتامين د، إذا لم يحصل الطفل على كفايته منه عبر هذين السبيلين، وهما:
- الشمس: ينتج الجسم فيتامين د في حال التعرض لأشعة الشمس، لكن الأطفال في بعض المجتمعات المدنية لا يقضون وقتاً طويلاً في الخارج، كما أن استخدام المستحضرات الواقية من أشعة الشمس، يمنع الجلد من امتصاص هذه الأشعة وتركيب الفيتامين.
- الطعام: يتوافر فيتامين د في زيت السمك وصفار البيض والحليب بمشتقاته وبعض عصائر الفواكه.
اضطرابات الامتصاص
هناك اضطرابات مرضية تؤثر على امتصاص فيتامين د في أجسامنا، قد تكون هذه الاضطرابات مكتسبة أو يولد الطفل مصاباً بها، ومن الأمثلة عليها:
- الداء الزلاقي (Celiac Disease): وهو مرض مناعي ذاتي يُعرف أيضاً باسم عدم تحمل الغلوتين، ومن أشهر أعراضه إصابة الطفل بالإسهال المزمن نتيجة تناول الأطعمة المحتوية على منتجات القمح والشعير ومنتجات الشوفان.
- الداء المعوي الالتهابي (Inflammatory Bowel Disease): هذا المرض غير مفهوم بشكل كامل، ويتميز بحدوث ألم بطني وانتفاخ وتناوب فترات من الإمساك والإسهال.
- الأمراض الكلوية المختلفة.
أعراض الكساح عند الأطفال
من أشهر أعراض مرض الكساح عند الأطفال ما يأتي: [2]
- تأخر النمو.
- آلام في الظهر والحوض والساقين.
- ضعف العضلات.
وفي حال عدم ملاحظة أعراض الكساح في بدايتها، قد يسبب الكساح ارتخاء مناطق النمو الموجودة في أطراف العظام، مما ينتج عنه بعض التشوهات، مثل:
- تقوس الفخذين والساقين.
- زيادة سماكة عظام المعصم والكاحل.
ويفضل استشارة الطبيب في حال شعر طفلك بآلام في العظام أو لاحظت عليه ضعفاً في العضلات أو تشوهاً في شكل الهيكل العظمي.
تشخيص الكساح عند الأطفال
من خلال الفحص السريري، يضغط الطبيب على عدة نقاط عظمية في جسم الطفل، للبحث عن التشوهات العظمية، ومن أهم هذه المناطق ما يأتي: [2]
- الجمجمة: تكون عظام الجمجمة رقيقة ولينة، كما أن مناطق الوصل بينها تتأخر في الالتحام.
- الساقان: بالرغم من كون الطرفين السفليين غير مستقيمين أصلاً لدى الأطفال الرضع الطبيعيين، فإن الطرفين السفليين للطفل المُصاب بالكساح يكونان أكثر تقوساً مقارنة بطفل آخر طبيعي.
- الصدر: تتطور لدى الأطفال المصابين بالكساح تشوهات في شكل القفص الصدري، كما يكون عظم القص (العظم الأمامي الواقع في منتصف الصدر) بارزاً إلى الأمام.
- المعصمان والكاحلان: يكونان أكبر وأثخن من القياس الطبيعي.
عوامل تزيد احتمالية الإصابة بالكساح
من أبرز عوامل الخطورة التي تزيد احتمالية إصابة الطفل بالكساح ما يأتي: [3]
- امتلاك البشرة الداكنة: الجلد الداكن لا يتأثر بأشعة الشمس، كما يتأثر بها الجلد الفاتح، لذلك لا يُنتج كميات كبيرة من فيتامين د.
- إصابة الأم بنقص فيتامين د خلال الحمل: إذا كان نقص فيتامين د لدى الأم شديداً أثناء فترة الحمل يكون طفلها معرضاً بشكل كبير للإصابة بالكساح بعد عدة أشهر من ولادته.
- الإقامة في بلد غير مشمس: إذ قد لا يحصل الطفل على مقدار جيد من أشعة الشمس حتى لو كان يخرج للعب في الخارج بشكل مستمر.
- تناول بعض الأدوية: مثل الأدوية المضادة للصرع والأدوية المستخدمة في علاج العدوى بفيروس العوز المناعي البشري (HIV).
- الاعتماد على الرضاعة الطبيعية فقط: حليب الأم لا يحوي بمفرده كمية كافية من فيتامين د، للوقاية من الكساح، لذلك يعطى الأطفال هذا الفيتامين بشكل قطرات فموية في حال كانت تغذيتهم مقتصرة على الرضاعة الطبيعية.
مضاعفات الكساح عند الأطفال
في حال ترك الكساح عند الأطفال دون علاج، يمكن أن يؤدي إلى بعض المضاعفات الخطيرة، ومن ضمنها ما يأتي: [3]
- فشل النمو.
- انحناء العمود الفقري بشكل غير طبيعي.
- تشوهات فقرات العمود الفقري.
- تشوهات الأسنان.
- نوبات اختلاج (صرع).
طرق علاج الكساح عند الأطفال
غالبية حالات الكساح عند الأطفال قابلة للعلاج، عن طريق تعويض الكالسيوم وفيتامين د، وهنا يجب التنويه إلى أن التقيد بالجرعة التي وصفها الطبيب أمر مهم جداً، ويجب عدم رفع الجرعة عشوائياً، من أجل تسريع الشفاء لأنها قد تصبح سامة. [4]
ويجب على الأم والأب أن يذهبا بطفلهما إلى الطبيب لمتابعة تطور حالة الطفل بشكل دوري، عن طريق فحصه بالصور الإشعاعية والتحاليل الدموية. [4]
وفي بعض الحالات التي تطورت إلى تقوّس الطرفين السفليين أو تشوه العمود الفقري، قد يقترح الطبيب وضع أربطة أو مشدات خاصة، من أجل تقويم العظام وتوجيهها للنمو في وضعية سليمة، أما تشوهات العظام الشديدة فتحتاج إلى إصلاحها بشكل جراحي. [4]
الوقاية من الكساح عند الأطفال
يعتبر التعرض المنتظم للشمس أفضل طريقة لتعويض فيتامين د، وفي معظم فترات السنة يكون تعريض الطفل لأشعة الشمس مدة ربع ساعة في أوقات النهار المشمسة كافياً للحصول على الجرعة اليومية إذا كان الطفل فاتح البشرة. [4]
أما أصحاب البشرة الداكنة أو القاطنين في البلدان الأوروبية الباردة، قد لا يكفيهم التعرض للشمس، ويحتاجون لتعويض فيتامين د بشكل مستحضر طبي. [4]
علاوة على ذلك، وبسبب خطورة الإصابة بسرطان الجلد، ينصح بعدم إبقاء الأطفال في الشمس لفترة طويلة خلال ساعات الظهيرة، ووضع الواقي الشمسي دوماً إذا كان هناك داعٍ للخروج ظهراً. [4]
احرص على أن يكون طعام طفلك محتوياً على فيتامين د، حيث يمكن الحصول عليه بشكل طبيعي من صفار البيض والسمك وزيت السمك، كما يمكن أن يُضاف إلى الخبز أو عصير البرتقال أو حليب الأطفال. [4]
وفي الختام، نجد أن الكساح عند الأطفال مرض قابل للتجنب في حال تم اتباع سبل الوقاية من التعرض المعتدل للشمس خارج أوقات الظهيرة، بالإضافة إلى دعم الطعام بفيتامين د للأطفال المعرضين للخطر، ومن المهم ألا يهمل الأهالي الأعراض المبكرة للكساح، فالعلاج المبكر يمنع من تطورها إلى حالات معقدة ومستعصية على العلاج.