أسباب قصور الغدة الدرقية وعلاجاتها

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 | آخر تحديث: الخميس، 18 نوفمبر 2021
مقالات ذات صلة
خمول الغدة الدرقية والحمل
أطعمة ضارة بالغدة الدرقية
الدرقة

تتوضع الغدة الدرقية في الجزء الأمامي للعنق أمام القصبة الهوائية (الرغامى)، تتكون من قسمين (فصين) بينهما منطقة اتصال (برزخ)، فيبدو شكلها كالفراشة، وترويتها الدموية غزيرة (التروية هي كمية الدم التي تمر في الغدة) حيث يمر عبرها خمسة أضعاف وزنها من الدم في كل دقة قلب.

فيديو ذات صلة

This browser does not support the video element.

وتعد أمراضها شائعة لا سيما عند النساء، إذ يعتبر قصورها من أهم الاضطرابات فقد يؤدي إلى القزامة وتأخر النمو والتخلف العقلي عند الوليد في حال كان القصور ولادياً، إضافة إلى الأعراض القلبية والتنفسية والاستقلابية المرافقة سواء عند الأطفال والبالغين.

ما هو قصور الغدة الدرقية؟ ومن هم الأكثر عرضة للإصابة؟

هو نقص إنتاج الهرمونات الدرقية من الغدة الدرقية، حيث تصبح قاصرة عن إنتاج الكميات الكافية لحاجة الجسم من الهرمون، وهذا ينعكس سلباً على جميع أجهزة الجسم التي تتأثر بالهرمون الدرقي، فعند نقصانه يظهر التعب والبرود والوهن وغيرهم من الأعراض التي تعكس الوضع غير الطبيعي للجسم في ظل القصور.

ويعد قصور الدرق مرضاً "تحت حاد" (Underactive)، أي أن أعراض القصور لا تظهر مباشرة بل تحدث التغيرات ببطء وبشكل تدرجي، ومن الأسباب الشائعة لحدوثه عند البالغين أمراض المناعة الذاتية (مرض هاشيموتو) الذي سنأتي على ذكره فيما بعد ضمن هذا المقال، والتداخلات الجراحية على الغدة كاستئصال قسم منها والعلاج الشعاعي لبعض الأورام، كما يمكن أن يكون ولادياً.

عوامل خطر قصور الغدة الدرقية

على الرغم من أن أجسامنا متشابهة جميعاً ولكن هناك فئات تعد أكثر عرضةً من غيرها للإصابة بقصور الدرق، والسبب يعود لوجود مؤهلات للإصابة متعلقة بالوراثة، الاختلافات العرقية، تأثير العمر على استجابة الجسم للمرض، وبشكل أساسي هنا نذكر أن النساء هم الأكثر عرضة للإصابة لاسيما الكبيرات في السن، ونستعرض فيما يلي أهم عوامل الخطر:

  • النساء: تعتبر المرأة أكثر عرضة للإصابة كونها أكثر حساسيةً للتغيرات الهرمونية التي تتعرض لها شهرياً بسبب الدورة الطمثية، بالتالي أي خلل على مستوى هرمونات الغدة الدرقية سيظهر أثره عندها بشكل أوضح، على عكس الذكور الذين يعدون مستقرين هرمونياً، وبحسب آخر إحصائيات منظمة الصحة العالمية حتى تاريخ (2010)، والجمعية الأمريكية للغدة الدرقية (2016) فإن كل 5 إلى 8 نساء عرضة للإصابة بأمراض الدرق مقابل كل رجل مصاب بها.
  • العرق: لوحظ حسب البيانات الإحصائية شيوع المرض بشكل أكبر عند السكان في قارة أوروبا والقارة الآسيوية.
  • العمر: التقدم بالسن يرفع خطر الإصابة، حيث نعلم أن التقدم بالسن يجعل الجسم أضعف مناعياً، وأقل قدرةً ومرونةً على تقبل وتحمل التغيرات الهرمونية في الغدد.
  • وجود أمراض مناعية ذاتية أخرى: هذه الأمراض تدعى بأمراض المناعة الذاتية لأن مناعة الجسم ذاتها تقوم بمهاجمة خلايا وبنى الجسم نتيجة خلل ما في الجهاز المناعي، وهذه الأمراض تنتقل بالوراثة بشكل أساسي، و بالتالي وجود بعض الأمراض كالسكري أو تصلب الجلد أو التهاب المفاصل الرثياني (الروماتيزم) سواء عند المريض نفسه أو أقاربه، يرجح بشكل أكبر أن يكون هذا الخلل الوراثي منتقلاً له، وبهذا يصبح معرضاً أكثر من غيره لمرض مناعي ذاتي يؤثر على الغدة الدرقية ويسبب قصورها.
  • متلازمة داون: أو ما يعرف "بتثلث الصبغي 21" وهي متلازمة خلقية ناجمة عن اضطرابات صبغية تحدث أثناء تشكل الجنين ضمن الرحم، حيث وجد أن قصور الدرق الخلقي أشيع عند المولودين بهذه المتلازمة.

آلية عمل الغدة الدرقية

كل أعضاء الجسم تعمل تحت ضبط وإشراف معين لتقوم بوظائفها على أكمل وجه، والغدة الدرقية ليست شذوذاً عن القاعدة، فهي خاضعة لإشراف الغدة النخامية والوطاء المعروف باسم تحت المهاد (Hypothalamus) (الوطاء هو عبارة عن بنية عصبية موجودة في الدماغ تقوم بعدة وظائف منها التحكم بإفراز الغدد في الجسم)، حيث يقوم الوطاء بإفراز ما يعرف بالهرمون المطلق للتايروتروبين (TRH).

ومهمة هذا الهرمون تحريض الغدة النخامية كي تنتج ما يعرف بالهرمون المحرض للغدة الدرقية (TSH)، وهذا الأخير ينتقل إلى الغدة الدرقية ويحرضها على إفراز هرموناتها وهي (T4 و T3)، فالموضوع أشبه بسلسلة أحداث متتالية كل هرمون ضروري لإنتاج الذي يليه حتى نحصل على إنتاج الهرمون الخاص بالغدة الدرقية، وأي خلل في أي مرحلة من هذه العملية سينعكس سلباً على الغدة الدرقية.

أنواع قصور الغدة الدرقية

يبدو الأمر هنا مثل مركز الإدارة وإصدار الأوامر المتمثل بالوطاء والغدة النخامية، ومركز الاستقبال وتنفيذ الأوامر هو الغدة الدرقية، فإذا كان القصور ناجماً عن خلل أو مرض على مستوى مركز الإدارة (الوطاء والغدة النخامية) كأورام الغدة النخامية أو غيرها؛ سمي قصور الدرق "ثانوياً" لمرض؛ (وهنا الغدة الدرقية سليمة ولكن الاضطراب خارجها أثر على وظيفتها وبزواله تعود لعملها الطبيعي).

أما في حال كان الخلل والاضطراب في مركز التنفيذ (الغدة الدرقية نفسها) مثل التهاب الغدة الدرقية المناعي الذاتي أو وجود تداخل جراحي على الغدة؛ هنا نقول أن سبب القصور "أولي" لأن الغدة هنا متأذية مباشرةً بالمرض.

الأسباب التي تؤدي لقصور الغدة الدرقية

سنستعرض معاً الأسباب المؤدية لقصور الدرق:

  • السبب المناعي الذاتي (التهاب الدرق لهاشيموتو): الجهاز المناعي هو المسؤول عن حماية الجسم ووقايته من العوامل الممرضة والإنتانات، لكن في بعض الأحيان من الممكن أن يحدث خللاً في خلايا وبنية الجهاز المناعي ويهاجم عن طريق الخطأ خلايا الغدة الدرقية مسبباً تلفها، بالتالي يقل عددها ويصبح إفرازها لهرمونات الغدة الدرقية غير كافٍ.
  • التداخل الجراحي على الغدة الدرقية: هناك عدة أمراض تصيب الغدة الدرقية مثل العقيدات في الغدة الدرقية، سرطان الدرق، داء غريف (مرض مناعي ذاتي يؤدي إلى ضخامة الغدة الدرقية وفرط نشاطها)، هذه الأمراض قد تحتاج لتداخل جراحي على الغدة الدرقية واستئصالها إما بشكل كامل أو استئصال جزءٍ منها، في حال الاستئصال الكامل سيحدث قصور درق بشكل حتمي ويتطلب المعالجة الدوائية، أما الاستئصال الجزئي ممكن أن يكون القسم المتبقي قادر على إفراز الكميات الكافية من الهرمون الدرقي، وفي حال كان غير كافٍ يحدث قصور الغدة الدرقية.
  • العلاج الشعاعي لبعض الأورام والسرطانات: بعض السرطانات على مستوى العنق مثل سرطانات العقد اللمفية (اللمفوما) أو سرطانات الرأس تحتاج لأن يتم وضعها تحت العلاج الشعاعي بغرض التخلص منها وعلاجها، هذه المعالجة بالأشعة تؤثر على الغدة الدرقية وخلاياها وتخرب جزءاً منها أو كلها وبالتالي تسبب قصورها عن إنتاج هرموناتها.
  • التهاب الغدة الدرقية: يحدث الالتهاب في الغدة الدرقية إما نتيجة مرض مناعي ذاتي أو نتيجة عدوى فيروسية، هذا الالتهاب يجعل خلايا الغدة الدرقية تطرح كل مخزونها من الهرمونات الدرقية دفعة واحدة في الدم، بالتالي وجود كمية كبيرة من الهرمونات الدرقية في الدم وحدوث ما يسمى "العاصفة الدرقية "، بعدها تصبح الغدة الدرقية وخلاياها بلا مخزون كافٍ وتدخل في مرحلة القصور بعد تراجع الالتهاب.
  • الأدوية: مثل الأميودارون (يستخدم لعلاج اضطرابات النظم القلبية)، الليثيوم (يستخدم لعلاج بعض الأمراض النفسية) والألفا انترفيرون (في بعض أمراض المناعة والإنتانات)؛ تقوم هذه الأدوية بمنع الغدة الدرقية عن إنتاج هرموناتها بشكل طبيعي نتيجة تأثيرها على خلايا الغدة.
  • الحمية الغنية جداً أو ناقصة اليود: الغدة الدرقية تحتاج اليود لصنع هرموناتها، واليود لا ينتجه الجسم أبداً بالتالي يحصل عليه من مصدر خارجي ألا وهو الغذاء، لذلك فإن نقصه في الطعام سيؤدي إلى نقصه في الدم بالتالي نقص اصطناع الهرمونات الدرقية وحدوث القصور، أما بالنسبة لزيادة اليود في الطعام ثم زيادته في الدم  فإنه أيضاً من الممكن أن يسبب قصوراً، لأنه سيجعل خلايا الغدة ومخزونها من الهرمون الدرقي مرتفع لفترة طويلة، وهذا سينعكس سلباً على الغدة وخلاياها لأنها ستتثبط (ستتوقف) عن الإنتاج لفترة طويلة، وفي حال انخفضت مستويات اليود واحتاج الجسم كميات من الهرمون الدرقي عندها ستجد خلايا الغدة الدرقية صعوبةً في استعادة عملها والبدء بالإنتاج مجدداً مما يحدث قصوراً درقياً.
  • اضطرابات الغدة النخامية: كما ذكرنا سابقاً أن الغدة النخامية هي المسؤولة عن تنظيم إفراز الغدة الدرقية لهرموناتها وتعرف بأنها "الغدة الزعيمة"، بالتالي أي اضطراب أو مرض يصيب الغدة النخامية كالأورام أو الجراحة أو التعرض للأشعة سيؤدي إلى اضطراب وظيفة الغدة الدرقية، لأنها تفقد التعليمات اللازمة لعملها.
  • قصور الدرق الولادي: العديد من الأطفال يولدون إما بدون غدة درقية؛ وهذا يؤدي إلى غياب الهرمونات الدرقية تماماً بالتالي قصور درقي حتمي، أو بغدة درقية ناقصة التصنع أو غدة درقية "هاجرة "أي أنها ليست بمكانها الطبيعي، وهنا تكون الخلايا الدرقية غير طبيعية وحتى الهرمونات التي تقوم بإنتاجها ليست فعالة؛ وبالمحصلة يحدث القصور الدرقي.
  • أسباب نادرة: بعض الأمراض والاضطرابات التي تؤدي إلى ترسب مواد في الغدة الدرقية تمنعها عن القيام بعملها، مثل الداء النشواني حيث يترسب البروتين النشواني الذي هو بروتين يشكله الجسم وينتجه بكميات وتركيب دقيق ويستعمله لأغراض متنوعة، ولكن هنا في هذا الداء يضطرب إنتاجه لسبب ما، فيصبح غير طبيعي ولا يستطيع الجسم التخلص منه، وبالتالي هذا الإنتاج لكميات غير طبيعية منه وعدم التخلص منها يجعلها تتجمع وتترسب في عدة أعضاء من الجسم، ومنها الغدة الدرقية ويعيق عملها، و"الهيموكروماتوز" الذي هو اضطراب يؤدي إلى ترسب الحديد في الغدة الدرقية مما يؤدي إلى حدوث القصور.

أعراض قصور الغدة الدرقية تظهر بشكل تدريجي وبطيء

كما ذكرنا سابقاً أن قصور الغدة الترقية هو مرض "تحت حاد" أي أن التظاهرات السريرية تظهر بشكل بطيء ومتدرج وليس دفعة واحدة، ولأن تأثير الهرمونات الدرقية يكون على عدد كبير من أعضاء الجسم فهذا يجعل من الأعراض التي تظهر واسعةً وكبيرةً وشاملةً لعدة أجهزة في آن واحد.

بالتالي في معظم الأحيان تكون هذه الأعراض غير نوعية وغير موجهة للقصور "أي تكون ضبابية ولا تدل على القصور الدرقي"؛ تحتاج إلى فحوص متممة للوصول للتشخيص، ولعل العَرَض والمسبب الأبرز لكل هذه الأعراض هو نقص الاستقلاب وإنتاج الطاقة على مستوى الخلايا والذي ينعكس بشكل سيء على الجسم ككل، وسنذكر هنا أبرز الأعراض في كل عضو:

أعراض قصور الغدة على الشكل الخارجي

  • الوجه يكون متورماً متوذماً بالإضافة لتورم وتوذم الشفتين واللسان.
  • يصبح الجلد جافاً وقليل المرونة ويمكن أن يتقشر ويصاب بالتشقق ومظهره يصبح سيئ.
  • الشعر يصبح جافا متقصفاً ويتساقط بكثرة وحتى يمكن أن يصل التساقط للحاجبين.

أعراض الاضطرابات الاستقلابية

  • حساسية شديدة للبرد حيث أن المريض لا يتحمل البرد أبداً بسبب نقص الاستقلاب وإنتاج الطاقة لديه، بالتالي يبقى شعور البرد موجوداً حتى مع الطقس الحار.
  • حدوث التبلد والخمول الحركي الشديد بسبب نقص الطاقة، كما يحدث خمول على المستوى النفسي ويصبح المريض غير متفاعل ويفقد الرغبة بالقيام بأي نشاط أيضاً، مما يجعلنا نعتقد بأن المريض مصاب بالاكتئاب ولكن هذا ليس صحيحاً.

أعراض الاضطرابات العصبية

  • الإحساس بخدر وتنميل على مستوى الأطراف وخصوصاً الطرفين العلويين، وهذا يدفع المريض إلى عدم القيام بنشاطاته اليومية المعتادة.
  • تناذر الأنفاق، العصب يقوم بتعصيب منطقة ما ونقل الإحساس والأوامر الحركية إليها، وهو يسلك طريقه في الجسم ليصل إلى المكونات التي يكون مسؤولاً عن تعصيبها، وفي هذا الطريق هناك أماكن يمر بها تكون ضيقة ومحاطة بعدة مكونات أخرى؛ فتأخذ شكلا شبيهاً بالنفق وخاصةً هنا أعصاب اليدين والقدمين، بطبيعة الحال فإن النفق يكون ضيقاً، بالتالي انضغاط العصب لأي سبب ضمن هذه الأنفاق كالكسور مثلاً أو البدانة أو الأعمال المجهدة لفترات طويلة ستؤدي لحدوث أعراض عصبية مثل الخدر وضعف الحركة، وهو ما يدعى "بتناذرات الأنفاق"، ولوحظ أن هذه التناذرات تزداد نسبتها في حالة القصور الدرقي بآلية غير مفهومة تماماً حتى الآن.

أعراض القصور على الجهاز القلبي الوعائي

  • بطء معدل ضربات القلب: حيث أنه ونتيجة لنقص إنتاج الطاقة الشديد؛ يتأثر القلب وخلاياه العضلية ويصبح غير قادر على العمل بشكل طبيعي وضخ الدم إلى الجسم فتنخفض نبضات القلب الطبيعية ويقل عددها.
  • نقص التروية القلبية: بالتالي حدوث احتشاء العضلة القلبية، والسبب كما ذكرنا أن تقلص القلب ونبضه يصبح ضعيفاً للحد الذي لا يستطيع أن يؤمن حتى حاجته الذاتية من الدم والتروية؛ فيصاب بالاحتشاء في مراحل متقدمة ومهملة من المرض غالباً.

أعراض قصور الغدة على الجهاز التنفسي

  • صعوبة التنفس وحدوث الزلة التنفسية (اللهاث): أي أن الأوكسجين غير كافٍ، أيضاً لعدم وجود طاقة كافية لفعالية الجسم فيتأثر الجهاز التنفسي ويصبح التنفس أصعب، بالتالي لا يتم تأمين الأوكسجين الكافي وتحدث الزلة التنفسية.
  • توقف التنفس أثناء النوم: والذي يمكن أن يؤدي إلى التعب والنوم غير المريح والاستيقاظ المتكرر ليلاً، والسبب ضخامة اللسان التي من الممكن أن تحدث في سياق القصور الدرقي المهمل وغير المعالج.

أعراض قصور الغدة على الجهاز الهضمي

  • حدوث الإمساك: لأن الأمعاء لا تقوم بعملها بهضم المواد الغذائية وامتصاصها بسبب البطء والضعف في فعاليتها، بالتالي يحدث ركود وتراكم الأغذية في الأمعاء؛ ويحدث الإمساك.
  • زيادة وزن: كون إنتاج الطاقة غير موجود أو فعال، بالتالي تتراكم المواد الغذائية في الجسم على شكل دهون بدون أن يتم استهلاكها؛ وتحدث زيادة الوزن.

أعراض متفرقة أخرى لقصور الغدة الدرقية

  • نقص الخصوبة والرغبة الجنسية عند الرجال: نتيجة تأثر الخلايا المنتجة للنطاف والهرمونات الذكرية بنقص إنتاج الطاقة الحاصل، بالتالي لا تستطيع القيام بمهمتها.
  • اضطرابات طمث عند النساء: حيث تتأثر الدورة الطمثية نتيجة لتأثر المبايض، ويمكن أن يحدث حيض مبكر أو متأخر، كما ستنخفض الرغبة الجنسية والخصوبة في حال عدم العلاج أيضاً.

كيف تعرف أنك تعاني من قصور الغدة الدرقية؟ (التشخيص)

حقيقةً كون الأعراض غير نوعية وغير موجهة بشكل واضح لقصور الغدة الدرقية، وتشمل عدد كبير من الأجهزة، ومن الممكن أن لا تتظاهر جميعها معاً؛ يبقى موضوع إدراكك أن هناك قصور في الغدة الدرقية ذاتياً صعباً بعض الشيء، ولذلك للوصول إلى التشخيص الأمثل باكراً يجب أن يتم التعاون مع الطبيب.

واتباع الإجراءات كافة من فحص سريري وفحص مخبري حسب توجيهات الطبيب، هذا ما يشكل مفتاحاً للتشخيص الأمثل فالطبيب هو الأقدر والأكثر تأهيلاً على ربط كافة الأمور والخروج بالنتيجة الأدق، سنستعرض الإجراءات المتبعة عادة للتشخيص كالتالي:

الفحص السريري

من المهم أن يتم إخبار الطبيب عن الأعراض كافة، ومتى ظهرت؟ هل هي حديثة الظهور أم قديمة؟ هل حدثت بشكل مفاجئ أم تدرجي؟ وكما ذكرنا فإن الأعراض من المرجح أن لا تظهر كلها سويةً فقد يوجد عدد قليل منها وقد توجد جميعها، وهذا يجعلها تلتبس مع الكثير من الأمراض في الجسم.

ولكن بالمجمل كدليل عام موجه، في حال كان الجسم طبيعياً وبدأت الأعراض بالظهور على نحو تدريجي فهو موجه لوجود قصور غدة درقية، أما ظهور الأعراض بشكل مفاجئ وحاد فهذا يرجح وجود اضطراب أو مرض آخر مسبب للأعراض كأمراض القلب مثلاً أو التسمم ببعض المركبات وغيرها.

القصة المرضية والعائلية

هنا يجب إخبار الطبيب الفاحص بكل المعلومات عن الحالات المرضية السابقة والمهمة التي عانى منها المريض كالجراحات على مستوى العنق أو التعرض للأشعة أو تعاطي أدوية قد تؤثر على الغدة الدرقية، ومن المهم ذكر ما إذا كان أحد أفراد العائلة يعاني من مشاكل على مستوى الغدة الدرقية؛ لأن الوراثة تلعب دوراً بالإصابة بقصور الغدة الدرقية.

الفحص المخبري

حيث يتم استخدام فحوص دموية لمعايرة الهرمونات في الدم والتي توجه مستوياتها إلى التشخيص، فنجري فحصاً لما يلي:

  • الهرمون المحرض للغدة الدرقية TSH: وهو الهرمون المفرز من الغدة النخامية والذي يحرض الغدة الدرقية على إنتاج هرموناتها، وهو الأكثر حساسية لتقييم كمية إفراز الغدة الدرقية، ففي الحالة الطبيعية إذا ارتفع هذا الهرمون سيؤدي إلى إنتاج كميات أكبر من الهرمون الدرقي، وتقدر نسب الهرمون الطبيعية في الدم من (0.4 حتى 4.2) وحدة دولية بالليتر (هي واحدة قياس معتمدة عالمياً لقياس النسب المخبرية)؛ في حال كان أكبر من 4.2 يجب البحث عن سبب، وفي حال الانخفاض عن ال 1 وحدة دولية عادةً يجب المتابعة مع الطبيب.

لكن في حالة القصور إما سيكون "مرتفعاً بشكل ملحوظ " وهذا يعني أنه يطلب إنتاج كميات أكبر من الهرمون الدرقي ولكن نتيجة القصور فإن الغدة لا تستجيب؛ فيصبح عياره في الدم مرتفعاً ويكون موجهاً للقصور البدئي للدرق، أو سيكون "منخفضاً" عن حده الطبيعي وبالتالي الغدة لا تتلقى الأوامر لتنتج الهرمون الدرقي وهنا يحدث القصور الثانوي.

ولنوضح الفكرة سنعود لفكرة مركز الإدارة وإصدار التعليمات (الغدة النخامية) ومركز التنفيذ (الغدة الدرقية)، مركز الإدارة يصدر الأمر عبر هرمون ال TSH الذي ينتقل إلى مركز التنفيذ وتكون الاستجابة الصحيحة بإفراز الهرمون الدرقي بالقدر المطلوب، في القصور البدئي تكون الغدة الدرقية (مركز التنفيذ) ولا تعمل بشكل صحيح بالتالي يقوم مركز الإدارة (الغدة النخامية) بإصدار المعلومات عبر ال TSH لأول مرة فلا يلقى استجابة مناسبة، فسيعود لإصدار الأمر مرة أخرى عبر ال TSH من جديد.

ثم سيكرر الأمر مراراً وتكراراً لعله يحصل على الاستجابة الصحيحة، هكذا تزداد نسبة ال TSH في الدم بشكل كبير في حالة القصور البدئي، أما في حال كان الخلل في مركز إصدار الأوامر والإدارة (الغدة النخامية) فلن يتم إرسال الأمر عبر ال TSH أو سيكون غير قادر على الوصول لينخفض ال TSH في الدم لأنه لا ينتج من مركز الإدارة، وكونه لا ينتج بالقدر الكافي لوجود خلل ما، فهو سيكون قاصراً عن تحريض إفراز الهرمون الدرقي وسيحدث القصور.

  • عيار التيروكسين T4: المفرز من الغدة الدرقية والذي يكون منخفضاً في الدم نتيجة القصور في الغدة الدرقية وعدم إنتاجها لهذا الهرمون، القيم الطبيعية تقدر (0.7 حتى 2.0) نانو غرام بالديسي ليتر، عندما يكون أقل من ذلك يشير إلى وجود مشكلة على مستوى الغدة الدرقية، لأنها لا تنتج هرمونها وبالتالي هناك قصور درقي.

علاجات قصور الغدة الدرقية

حالما يحدث قصور الدرق في حال كان "بدئياً" أي ناجم عن إصابة الغدة الدرقية بحد ذاتها، أو كان القصور ولادياً، فإنه يصبح غير قابل للعلاج الشافي أي أن الخلايا الدرقية المتضررة تفقد وظيفتها نهائياً، لكن لا داعي للقلق فالمرض قابل للسيطرة والتحكم عن طريق إعطاء أدوية تحوي مشابهات صنعية للهرمون الدرقي (هرمون درق بشري ولكنه مصنع في المخبر)، وباختلاف الأسماء التجارية للأدوية فإن المادة الفعالة هي نفسها وهي الليفوثيروكسين "levothyroxine"، وهو كما ذكرنا مشابه صناعي للهرمونات الدرقية.

هذه الأدوية تعطى عن طريق الفم، وتقوم بتعويض النقص الحاصل في الهرمونات الدرقية الناجم عن قصور الغدة الدرقية، بالتالي تبدأ مستويات الهرمون الدرقي بالارتفاع ويستجيب الجسم لوجوده، فيبدأ باستعادة وظائفه بالتدريج والعودة لإنتاج الطاقة والفعاليات الطبيعية، وتأخذ الأعراض بالتراجع على نحو ملحوظ حتى تختفي بشكل كامل في حال الالتزام بالتعليمات والجرعة الدوائية حسب توجيهات الطبيب.

وبما يتعلق بالحمل والإنجاب فالعلاج الدوائي كافٍ، أي أنه عند اتباع تعليمات الطبيب والجرعات من الدواء؛ الخصوبة تبقى طبيعية وتستطيع المرأة الحمل والإنجاب بشكل طبيعي.

أما في حال كان القصور" ثانوياً" أي مُسَبباً من قبل اضطرابات أخرى فمرجح بشكل كبير أن تستعيد الغدة الدرقية عملها بعد إزالة العامل المسبب، كورم على مستوى الغدة النخامية مثلاً يؤثر على تحكمها بالغدة الدرقية وإفرازها؛ بمجرد معالجته تستعيد الغدة الدرقية وظيفتها، أو في حال كان القصور نتيجة الأدوية فقطع الدواء بشكل مبكر يسمح باستعادة الغدة لوظيفتها.

كيف تقي نفسك من قصور الدرق؟

تعد المتابعة بشكل دوري وإجراء الفحوص المخبرية والسريرية مرة كل ستة أشهر على الأقل من أهم عوامل الوقاية من حدوث القصور الدرقي والتحكم به منذ البداية، الأمر الذي يحسن بشكل كبير التحكم والتعامل مع المرض لا سيما عند المجموعات الأكثر خطراً للإصابة كالنساء والعائلات التي تكثر فيها أمراض الغدة الدرقية.

ويعد الحصول على كميات كافية من اليود اللازم لعمل الغدة الدرقية إجراء مهم في الوقاية أيضاً، حيث ذكرنا سابقاً أن النقص الشديد في اليود المأخوذ عن طريق الطعام يعد عاملاً مسبباً لحدوث القصور في الغدة الدرقية، لاسيما في بلدان العالم الثالث والبلدان الفقيرة التي لا تحصل على طعام يحوي يود بشكل كافي لحاجة الجسم، وتجنباً لهذا الأمر قامت العديد من الدول بإضافة اليود إلى ملح الطعام، وهذه الإضافة أمنت بشكل كبير الحاجة اليومية الكافية من اليود للجسم ولعمل الغدة الدرقية، وتقدر الحاجة الكافية من اليود يومياً ب (0.15) ميليغرام.

تشخيص قصور الغدة الدرقية لدى الأطفال

ذكرنا أن هناك قصور غدة درقية ولادي يتظاهر منذ الولادة وبعمر الطفولة المبكرة عند الأطفال، نتيجة لغياب الغدة الدرقية الكامل أو اضطراب تشكلها، هنا أيضاً كما هو الحال بالنسبة للبالغين فإن الفحص والاستقصاء المبكر مفتاح مهم لتجنب التظاهرات الناجمة عن القصور الدرقي.

تعد التظاهرات عند الأطفال أكثر خطورة لأنها ستؤثر على نموهم ليس الجسدي فحسب بل حتى على ذكائه ونموه العقلي، فالطفل المصاب بالقصور الدرقي سيعاني من القزامة نتيجة عدم تأمين خلاياه للطاقة والمواد اللازمة لنموه، ونقص هذه المواد سيؤثر أيضاً على نمو الخلايا الدماغية والعصبية وسيتأخر في تحصيله العلمي واكتساب المعارف من المحيط.

ولأن أطفالنا هم أغلى ما نملك فلا بد لنا من التنويه والإشارة إلى الأعراض المترافقة والتي توجه لوجود قصور الغدة الدرقية، ليتسنى لنا الكشف المبكر عن المرض واستدراكه في الوقت المناسب وتجنب النتائج الكارثية له، فما هي هذه الأعراض؟

  1. تطاول مدة اليرقان الفيزيولوجي: اليرقان الفيزيولوجي حالة منتشرة غير خطيرة، حيث يكون الوليد بسحنة صفراء في الجلد وبياض في العين بسبب تأخر الكبد في معالجة البيلروبين bilirubin (هو مركب ناتج عن تخرب واستقلاب الكريات الحمر بشكل طبيعي)؛ حيث من الممكن أن يرتفع اليرقان عند الوليد لسبب ما، وعادة يزول بشكل عفوي وتلقائي، لكن هنا في حال ترافقه مع قصور الغدة الدرقية فإنه يأخذ وقتاً أطول من المعتاد.
  2. ضعف عضلي وضعف استجابة للمنبهات الخارجية: لأن جسم الطفل لا ينتج الطاقة اللازمة لعمل العضلات والأعصاب بسبب القصور الخلقي للغدة الدرقية، فتصبح استجابته الحركية والعصبية للمنبهات ضعيفة.
  3. صعوبة تنفس: التي تلاحظ بسبب ضخامة اللسان الحاصلة نتيجة القصور، والتي تعيق التنفس عند الطفل.
  4. عدم اهتداء الوليد لحلمة الثدي واضطراب المص والبلع: الذي يدل على تأثير القصور الدرقي على الجملة العصبية للطفل وهو أمر لا يجب أن يهمل.

ويعد الفحص المخبري والتحاليل الدموية هي الإجراء الأهم حيث يجرى فحص دموي للأطفال بعد الولادة بحوالي الأسبوع؛ هو المعيار الأهم للتقييم حيث يقاس تركيز (تعاير) هرمونات الغدة الدرقية في الدم، ويشير انخفاضها إلى وجود المشكلة ويسهل تدبيرها بالدواء المناسب ويمنع تفاقمها.

علاج قصور الغدة الدرقية لدى الأطفال

في حال أشارت الفحوص السريرية والمخبرية لوجود قصور غدة درقية عند الطفل، فهذا يعد حكماً واجباً للمعالجة الدوائية للطفل. والأمر عند الأطفال لا يختلف كثيراً عنه عند البالغين، بمجرد التشخيص يتم إعطاء الهرمون الدرقي الصنعي الليفوثيروكسين (levothyroxine) عن طريق الأدوية للطفل، وهذا التداخل يكون كاف تماماً للطفل ليتجنب كل المشاكل والاختلاطات الناجمة عن القصور ويجعله يتطور وينمو طبيعياً بشكل كامل.

أخيراً.. على الرغم من تطور الطب والعلاجات الطبية لمعظم الحالات والأمراض، حيث تصبح كلها قابلة للتدبير والعلاج بشكل كبير، لكن تبقى المتابعة الدورية لصحتكم باستمرار من الأمور شديدة الأهمية التي حتماً يمكن أن تقي وتجنبكم الكثير من الأمراض والاضطرابات، التي من الممكن أن تصبح مزعجة لكم وتؤثر على صحتكم وصحة أطفالكم ونمط حياتكم.