أسباب البواسير، أعراضها وعلاجها
كيف يتم تشخيص الإصابة بالبواسير؟
العلاج الدوائي والجراحي لمشكلة البواسير
الأسباب التي تدفع الأطباء لاعتماد الاستئصال الجراحي للبواسير
البواسير عبارة عن تشكلات وعائية تحوي شرايين وأوردة وعضلات ملساء، هذه البنى تتجمع بشكل كتل متفرقة (عقد أو حليمات)، تتوضع تحت بطانة القناة المستقيمية (Rectum) التي هي الجزء الأخير من الأمعاء الغليظة (القولون)، وتحت بطانة القناة الشرجية (Anus) وحول فتحة الشرج الخارجية.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
بالتالي تتوضع البواسير على طول الطريق الذي تسلكه الفضلات أثناء خروجها من فتحة الشرج، هذه البواسير بنىً ومكونات طبيعية في الجسم؛ أي أنها موجودة عند جميع البشر، ولها وظيفة ودور في تنظيم الحركات المعوية لإخراج الفضلات من الأمعاء.
كيف تحدث البواسير؟
البواسير -كما قلنا- في الحالة الطبيعية تكون مغطاةً تحت الطبقة التي تبطن جوف المستقيم والشرج من الداخل؛ أي بمعنى أنها غير واضحة أو قابلة للرؤية والإحساس.
وتؤدي وظيفتها بدون أية مشكلة، ولكن عندما يحدث اضطراب يجعلها تظهر وتبرز ضمن المستقيم والشرج، أي تصبح واضحةً ومعرضة للجرح والخدش والرض بشكل خاص أثناء مرور الفضلات عبر المستقيم والشرج.
الآلية الأساسية التي تجعل هذه البواسير تبرز وتظهر هي زيادة تجمع الدم فيها، فهي كما تكلمنا بنية متشكلة من الأوعية، وحكماً الدم يمر عبرها، وبالتالي أي شيء يعيق مرور الدم عبر البواسير؛ سيؤدي لاحتباس الدم فيها وتوسعها وتمددها.
ومن هذه العوامل المعيقة والمؤدية لاحتباس الدم وتجمعه ضمن البواسير: الإمساك، ارتفاع الضغط ضمن جوف البطن وغيرها من الأسباب التي سنأتي على ذكرها لاحقاً ضمن المقال.
أي بالمحصلة، يصبح لدينا عقدٌ متورمةٌ وممتلئةٌ بالدم وجدارها رقيق، وهي البواسير، تتعرض للرض المتكرر من الفضلات التي تعبر باستمرار من المستقيم والشرج.
فبكثير من الأحيان تنجرح هذه البواسير، وتنزف وتسبب أعراض البواسير، التي أهمها النزف أثناء التغوط وغيرها من الأعراض سنأتي على ذكرها مفصلاً ضمن المقال.
وبهذا نجد أن مصطلح أو تعبير البواسير الدارج بيننا يستعمل للدلالة على توسع العقد والحليمات الباسورية بشكل غير طبيعي، التي ممكن أن تصل لمرحلة تدعى هبوط البواسير نتيجة التوسع الكبير الذي يصيبها؛ أي تصبح مثل كيس ممتلئ ومتدلٍ للخارج عبر فتحة الشرج.
ما هي أنواع البواسير؟
تصنف البواسير في نوعين أساسيين، الفرق بينهما يكون بمكان توضع كل منها في الجزء الأخير من الكولون (المستقيم) وفي الشرج، طبعاً يجب الإشارة إلى أن الإصابة بالبواسير تكون على حساب إما أحد النوعين أو إصابة كليهما، حيث تصنف الى:
1- بواسير داخلية:
وهي الحليمات الباسورية التي تكون موجودة في المستقيم تحت النسيج الذي يبطنه من الداخل، وهي -كما قلنا- تكون غير واضحةٍ وغير محسوسة بالحالة الطبيعية للجسم، ولكن تبرز عند حدوث اضطراب أدى الى تجمع الدم فيها بشكل كبير.
فتصبح ظاهرة ضمن جوف (لمعة) المستقيم، وهنا تنجرح وتنخدش بمرور الفضلات عبر المستقيم، العرض (العارض) الأساسي للبواسير الداخلية هو النزف غير المؤلم المترافق مع التغوط، حيث نرى نقاط دم مترافقة مع خروج البراز.
في الحالات التي تكون فيها هذه البواسير الداخلية متوسعة بشدة، وتتعرض لفترة طويلة للتهييج والخدش والضغط عبر مرور الفضلات، ممكن أن تصل لمرحلة الهبوط (Prolapse)؛ أي أنها تتدلى بوضوح نحو الخارج عبر فتحة الشرج.
ولا سيما أثناء عملية التغوط، حيث تحدث العملية ضغطاً على البواسير وتدفعها خارجاً، وتعود لتدخل إلى مكانها عادة بشكل تلقائي بعد الانتهاء، وتتكرر هذه الآلية مع كل عملية إخراج فضلات، وممكن أن تصل لمرحلة تبقى فيها هابطة ومتدلية على نحو دائم، وتحتاج هنا لإجراءات طبية معينة لعلاجها.
2- البواسير الخارجية:
تقع هذه البواسير في جدران فتحة الشرج وتحت الجلد المحيط بها، بالتالي تبدو واضحة جداً وقابلة للرؤية والجس عندما تتورم ويتجمع فيها الدم، حيث تبرز للخارج أثناء التغوط وتبدو بشكل عقد بنفسجية اللون أو زرقاء في محيط فتحة الشرج، وبطبيعة الحال، فهي تصبح معرضة للجرح والنزف عند مرور البراز عبر فتحة الشرج.
بالإضافة للنزف من هذه البواسير، فإنها تسبب إحساساً بالحكة والألم في الشرج، وفي بعض الحالات التي تكون فيها هذه البواسير متوسعةً بشدة، وتتخرش وتنزف بشكل متكرر.
من الممكن أن يحدث بها ما يسمى بـ (خثار البواسير)؛ أي أن الدم المتجمع في هذه البواسير يتخثر ويسبب انسداد واحتباس الدم ضمنها، هذا يجعلها مؤلمة جداً للمريض، وتتطلب تداخلاً طبياً لإزالة هذه البواسير المتخثرة.
أسباب حدوث البواسير
لا يوجد سبب مباشر تماماً لحدوث البواسير، بل هناك عدة أسباب تتداخل مع بعضها وتساهم بحدوث البواسير، قد توجد هذه الأسباب كلها، وقد يتواجد فقط بعض الأسباب المؤهبة.
فكما ذكرنا سابقاً، البواسير هي بنى وعائية يمر الدم عبرها، وأي سبب يؤدي إلى احتباس الدم فيها أو يعيق خروجه منها سيؤدي إلى توسعها، وتورمها، بالتالي تتمدد جدران هذه البواسير نتيجة احتباس الدم، وتصبح هذه الجدران أرق وعرضة للخدش والتهيج عبر مرور الفضلات.
الأسباب التي تساعد على حدوث البواسير:
1. الحمل: كما نعلم أن النساء الحوامل يزداد حجم الرحم لديهن نتيجة لنمو الجنين ضمنه، زيادة حجم الرحم يجعله يضغط على الأمعاء، ويعيق مرور الدم فيها، بالتالي يحرض حدوث البواسير.
2. الإسهال المتكرر: في الإسهال، يحدث زيادة شديدة في حركة الأمعاء، وهذه الحركات الشديدة تؤثر على جريان الدم ضمن البواسير وتسبب احتباسه، بالتالي توسعها.
3. الإمساك المزمن: الإمساك يعني حدوث تأخر أو توقف لعملية التغوط، قد تمتد لعدة أيام أحياناً، هذا التوقف قد يحدث لعدة أسباب: كانسداد الأمعاء بجسم غريب، أو توقف حركة الأمعاء نتيجة اضطراب ما في الجسم، أو عادات الغذاء السيئة كعدم تناول الخضراوات التي تحوي ألياف، وبالمحصلة تكون النتيجة زيادة ضغط ضمن الأمعاء، وهذا يؤدي لإعاقة مرور الدم واحتباسه ضمن البواسير وتوسعها.
4. الوقوف الطويل أو الجلوس الطويل: كما في بعض المهن والأعمال التي تتطلب الوقوف لساعات طويلة أو الجلوس مطولاً، هذا الوقوف والجلوس الطويل يؤدي الى ما يعرف ب (الركودة الدموية)؛ أي بطء جريان الدم ضمن الأوعية وتوقفه فيها، هذه الركودة قد تحدث ضمن البواسير مسببةً تجمع الدم فيها وتوسعها.
5. الحمية قليلة الألياف: تعد الألياف الموجودة في الخضار والفواكه عاملاً مهماً في تنظيم حركة الأمعاء وإفراغ الفضلات منها، حيث تسهل وتنظم عملية الإفراغ وتمنع حدوث الإمساك، بالتالي تنعكس ايجاباً على سلامة الأمعاء ككل ومن ضمنها البواسير، ولكن عند عدم الحصول على كميات كافية من الألياف، ستتأثر حركة الأمعاء وتزداد نسبة حدوث الإمساك، بالتالي يزداد خطر الإصابة بالبواسير.
6. محاولة الإفراغ القسري للأمعاء: يعني هذا محاولة التغوط قسرياً في حال غياب التنبيه والإحساس بالرغبة بالتغوط، لكن مع هذا الجلوس في المرحاض لفترة طويلة والضغط لإخراج الفضلات، يزداد الضغط على الأمعاء وعلى البواسير، ويؤدي لاحتباس الدم فيها.
أعراض الإصابة بالبواسير
تكلمنا عن أن البواسير نوعين، إما داخلية أو خارجية، والتوسع والإصابة بالبواسير قد تكون على مستوى البواسير الداخلية فقط، أو الخارجية فقط، أو الإثنين معاً.
ولكن هل هذا يعني وجود اختلاف بالأعراض؟ حقيقةً الأعراض العامة هي ذاتها في إصابة النوعين، ولكن يوجد أعراض تكون أشد وأوضح في نوع أكثر من الآخر، وهنا نستعرض الأعراض كما يلي:
- النزف: هو العارض الأساسي والأهم في الإصابة بالبواسير، وهو يحدث نتيجةً لاصطدام الفضلات أثناء مرورها عبر المستقيم وخروجها من فتحة الشرج بالبواسير المتوسعة ذات الجدران الرقيقة، فتكون النتيجة خدش متكرر للبواسير، وجرح نازف فيها. طبعاً النزف يحدث من فتحة الشرج أثناء عملية التغوط، لذلك يدعى (نزف هضمي سفلي)، هذا النزف يلاحظ إما مع البراز (حيث نرى الدم مرافقاً لخروج الفضلات، ويكون واضحاً بلون أحمر، أو ممكن أن يلون ماء المرحاض بالأحمر)، أو بعد الانتهاء واستعمال ورق المرحاض، حيث يلاحظ وجود نقاط دم على الورق بعد استعماله. كمية الدم النازف من البواسير عادةً ما تكون قليلة وغير مؤلمة، ولكن هناك حالات ممكن للنزف فيها أن يصبح بكميات كبيرة وواضحة لاسيما الحالات المهملة، ويعتبر النزف السبب الأساسي الذي يدفع المريض لمراجعة الطبيب، حيث يعتبر وجوده علامةً سيئة ومخيفة للمريض.
- الألم: حقيقةً الألم عارض مشترك بين نوعي البواسير الداخلية والخارجية، ولكنه يكون أوضح وأشد في حالة إصابة البواسير الخارجية، ويعود السبب في اختلاف الإحساس بالألم بينهما إلى أن النهايات العصبية والأعصاب التي تتحسس للألم وتنقله تكون أغزر وأكثر عدداً بوضوح في منطقة البواسير الخارجية، بينما تكون هذه الأعصاب أقل في منطقة تواجد البواسير الداخلية. لذلك نجد الاختلاف في الألم، الذي يكون أشد عند إصابة البواسير الخارجية ويجعل المريض منزعجاً وغير مرتاحاً بل حتى لا يستطيع الجلوس في بعض الأحيان، بينما في البواسير الداخلية يقتصر الموضوع على ألم طفيف، وغالباً لا يشعر المريض بألم إطلاقاً.
- الحكة والإحساس بالرغبة بالتغوط: تحدثنا عن أن الآلية في نزف البواسير هي الخدش المتكرر والجرح عبر مرور الفضلات، فهنا تخيل أنه لديك جرح وخدش في البواسير الموجودة في المستقيم والشرج، وهذا الجرح يعود لينزف وينخدش مراراً وتكراراً مع كل عملية تغوط، فهذا سيجعله متورماً متهيجاً على الدوام، ومسبباً للحكة في منطقة الشرج، ويجعلك تشعر بأن هناك شيء ما في المستقيم وعليك إخراجه، فتلجأ لمحاولة التغوط بشكل متكرر، وهذا ما يدعى (الزحير البرازي)؛ أي وجود إحساس ملح بالتغوط دون وجود فضلات.
- تورم حول فتحة الشرج: وهذا أوضح في إصابة البواسير الخارجية، نظراً لأنها تتوزع في هذه المنطقة تحت الجلد، وبالتالي توسعها وتهيجها سيكون واضحاً ويظهر بشكل تورم واحمرار حول الشرج.
- هبوط البواسير: وهذا العارض يحدث نتيجة التوسع الشديد للبواسير الداخلية فقط، حيث تكون كبيرة الحجم وتتعرض لضغط مستمر ومتكرر أثناء التغوط، وهذا يجعلها تتمدد وتندفع عبر فتحة الشرج نحو الخارج على شكل كيس متدلي من المستقيم، هذا ما يدعى بالهبوط الباسوري، الذي يكون أكثر إحداثاً للألم والنزف. ويصنف هبوط البواسير الداخلية حسب شدته الأربع درجات، وهذا التصنيف يعد مهماً لأنه يوجه للعلاج الأمثل:
- الدرجة الأولى: البواسير تهبط لكن بشكل خفيف، بحيث أنها تبقى ضمن المستقيم ولا تخرج عبر فوهة فتحة الشرج.
- الدرجة الثانية: البواسير تهبط هنا وتخرج عبر فتحة الشرج نحو الخارج أثناء التغوط، لكنها تعود تلقائياً ولوحدها للداخل بعد الانتهاء.
- الدرجة الثالثة: تهبط وتخرج عبر فتحة الشرج، ولكنها لا تعود لوحدها بعد الانتهاء من التغوط، بل تحتاج إلى دفع باليد لتعود البواسير الى الداخل.
- الدرجة الرابعة: تهبط البواسير وتبقى خارج الجسم بارزة عبر فتحة الشرج بشكل دائم، وهنا ستحتاج للإزالة عبر الجراحة أو الريط وغيرها من الطرق التي سنتحدث عنها بعد قليل.
- الخثار الباسوري: وهو يصيب البواسير الخارجية المتوسعة على نحو خاص، ففي بعض الحالات، ونتيجةً لتراكم الدم بشكل كبير في البواسير الخارجية، قد يحدث تخثر للدم؛ أي تشكل خثرات دم تسد الأوعية الدموية الخاصة بالبواسير، وبالتالي تمنع الدم من الخروج من البواسير وتبقى متورمةً متوسعةً بشكل كتلة حول الشرج. هذا الاحتباس الدموي الشديد في البواسير الناتج عن تخثر الدم فيها، إضافةً لتعرضها لخدش وجرح من الفضلات المارة عبر المستقيم، يجعلها تنزف وتصبح مؤلمة جداً، وفي النهاية سوف يندمل ويشفى الجرح في البواسير. لكن مع (ندبة) فوقه، هذه الندبة هي نسيج يشكله الجسم لإغلاق الجروح، حيث أنه يغطي الجرح ولكن يبقى بارزاً فوقه بشكل طفيف، وتعود هذه البواسير لتنجرح وتنزف مجدداً في عملية التغوط التالية، ويندمل الجرح فيها أيضاً مخلفاً ندبة فوق الندبة القديمة وهكذا. تكون النتيجة لتكرر هذه العملية، تراكم ندبات فوق بعضها، لتظهر بشكل كتلة بارزة وظاهرة حول الشرج ناجمة عن تراكم الندب من الجروح السابقة، هذه التشكلات الندبية تكون مزعجة للمريض، وتجعل عملية التغوط والعناية بنظافة الشرج أمراً صعباً للغاية.
كيف يتم تشخيص الإصابة بالبواسير؟
النقطة الأهم في التشخيص والمعالجة هي مراجعة الطبيب بوقت مبكر حالما تظهر الأعراض، ولا داعي للإحراج والخجل، فالعديد من الأشخاص يتأخرون بالتشخيص والمعالجة بسبب إحراجهم منها.
أو خجلهم بالتكلم عن أنهم يعانون من مشكلة أثناء التغوط، وهذا يجعل الأعراض تتطور لمرحلة يصبح العلاج فيها أصعب، وتتلخص خطوات التشخيص كالتالي:
- القصة المرضية: يجب على المريض إخبار الطبيب عن كل الأعراض التي يعاني منها، متى بدأت؟ هل يحدث نزف أثناء التغوط؟ ما هي كمية الدم التي تخرج؟ هل هناك إحساس بوجود كتلة مؤلمة عند فتحة الشرج، أو كتلة تظهر فقط مع التغوط وتختفي بعد الانتهاء؟ إخباره أيضاً عن وجود مشاكل سابقة في الأمعاء، كالإمساك المتكرر والإسهال المتكرر، وعن عادات الطعام ونوعية الأكل، هل يحوي خضاراً وأليافاً، أم لا؟ كل هذه الأمور توجه الطبيب الفاحص بشكل كبير للتوجه نحو البواسير.
- الفحص السريري: يتم وفق مراحل متسلسلة كالتالي:
- المعاينة الخارجية: حيث يكشف الطبيب عن فتحة الشرج، ويتأملها ويعاين وجود احمرار أو تورم أو كتل محيطة بالشرج.
- المس الشرجي: هنا يقوم الطبيب بلمس فتحة الشرج وتحسسها من المحيط ومن الداخل بقفاز معقم طبعاً، حيث يبحث عن البواسير المتوسعة في محيط الشرج وداخله.
- استخدام منظار الشرج: وهو أداة تشبه القمع تكون شفافة عادةً، توضع ضمن فتحة الشرج وتسمح للطبيب الفاحص الرؤية بشكل أعمق، وفحص جدران الشرج وتحري وجود بواسير عليها.
- التنظير الهضمي السفلي: وهو إجراء ممتاز ليس فقط لتحري وجود البواسير، بل أيضاً لتحري العديد من آفات الأمعاء التي تسبب نزف وأعراض مشابهة للبواسير، كسرطان الكولون والمستقيم (Colorectal Cancer) والشق الشرجي (Anal Fissure) الذي هو عبارة عن جرح يحدث في القناة الشرجية مسبباً ألماً ونزفاً من فتحة الشرج، حيث يقوم الطبيب بإدخال منظار مرن مزود بكاميرا وضوء وموصول على شاشة عرض ضمن فتحة الشرج، ويعاين القناة الشرجية والمستقيمية من الداخل باحثاً عن البواسير المتوسعة.
العلاج الدوائي والجراحي لمشكلة البواسير
علاج البواسير يتدرج حسب شدة توسعها ودرجتها حسب التصنيف الذي ذكرناه سابقاً، من علاج بالمراهم والمسكنات البسيطة، إلى الحل الجراحي، وسنستعرض العلاجات المقترحة، وعلى أي درجة من البواسير تطبق:
- العلاج الدوائي: هذا العلاج موجه بشكل أساسي للدرجات الخفيفة من توسعات البواسير (الدرجة1 و 2)، وهو عبارة عن مراهم وكريمات تحوي في تركيبها مسكن ألم (ليدوكائين)، ومضاد للتورم والحكة (كورتيزون)، تطبق على فتحة الشرج وضمنه، تسبب تحسناً في الأعراض وشفاءً تاماً، لاسيما إذا رافقها بعض إجراءات العناية المنزلية واتباع قواعد صحية (سنأتي على ذكرها بعد قليل)، كالمغاطس الساخنة واتباع حمية غنية بالألياف وغيرها.
- العلاج الجراحي: وفيه يتم استخدام عدة طرقٍ جراحيةٍ للتخلص من البواسير، وهذه الإجراءات تتراوح بين إجراءات بسيطة (غير باضعة)؛ أي لا يتم فيها إحداث شق جراحي كبير، بل يتم التدخل فقط على البواسير المتوسعة والتعامل معها بواسطة أجهزة طبية مساعدة، ولا تحتاج إلا لتخدير بسيط في موضع البواسير، وبين الحل الجراحي النموذحي والكامل، وهو استئصال البواسير بواسطة الجراحة والأدوات الجراحية التقليدية.
وسنستعرض هذه الإجراءات جميعها حتى نصل للحل الجراحي التقليدي الذي هو استئصال البواسير، وهذه الاجراءات هي:
- تصليب البواسير (SCLEROTHERAPY): وهو أحد أقدم العلاجات المستخدمة، حيث يقوم الطبيب بحقن مادة مصلبة (الفينول) ضمن البواسير المتوسعة باستخدام إبرة، هذه المادة تجعل البواسير تتصلب؛ أي تصبح قاسية، ويمنع الدم من التجمع فيها، وفي النهاية تكون النتيجة انقطاع الدم عن البواسير وتخربها وزوالها تاركةً مكانها ندبة.
- ربط البواسير برباط مطاطي (RUBBER BAND LIGATION): هنا يقوم الطبيب بوضع رباطٍ مطاطيٍ ضيق جداً في قاعدة البواسير المتوسعة، أي في بداية المنطقة التي بدء فيها التوسع، يعمل هذا الرباط المطاطي على قطع الدم عن البواسير المتوسعة، وهذا يجعلها تتنخر وتتخرب لعدم وصول الدم لها، وتزول بعدها.
- التخثير الكهربائي (HEAT COAGOLATION): يتم باستخدام جهاز خاص يسمى المخثر، يعمل هذا المخثر على تخريب البواسير المتوسعة عبر إحداث جروحٍ صغيرة فيها وتخثيرها مباشرة بالحرارة، أي إحداث جرح صغير ومن ثم كيه بالحراره، بحيث يتوقف النزف منه مباشرةً، ونستمر بالعملية حتى زوال البواسير.
- تغريز البواسير (HEMORRHOIDS STAPLER): وهو من أحدث العمليات المتبعة حالياً، وخصوصاً للبواسير المتوسعة من الدرجة الثالثة، حيث يتم استخدام جهاز يقوم أولاً بقطع البواسير المتوسعة، والتخلص منها مع وضع قطب (غرزات) تكون موجودة ضمنه يقوم بغرزها بشكل تلقائي عند الضغط على مفتاح موجود فيه بآلية مشابهة لآلة غرز الورق، لذلك سمي بتغريز البواسير.
هذه الغرزات تقوم بإغلاق الجرح الناجم عن الاستئصال، كما يتيح هذا الجهاز وضع غرزات إضافية على جدران المستقيم والشرج من الداخل، هذه الغرزات تدعم الجدران وتقويها وتجعلها متماسكة، وبالتالي تحمي من عودة تشكل بواسير جديدة وهبوطها مجدداً.
- استئصال البواسير جراحياً (HEMORRHOIDECTOMY): وهو العمل الجراحي الصريح والتقليدي، حيث يتم استخدام الأدوات الجراحية المعتادة من مشرط (مبضع) وغيرها، وتخدير المريض بشكل كامل أثناء العمل الجراحي، ويتم قطع البواسير سواء كانت داخليةً أو خارجيةً، وتكون من الدرجة الثالثة والرابعة، أي توسعها شديد، والحالة تستوجب التدخل الجراحي.
الأسباب التي تدفع الأطباء لاعتماد الاستئصال الجراحي للبواسير
-
الحالات المعندة: وهي حالات توسع البواسير التي يطبق عليها كل العلاجات الممكنة قبل الوصول للجراحة، ولكنها لا تتحسن ولا تستجيب وتبقى كما هي، فلا بديل يبقى للطبيب سوى اعتماد الحل الجراحي.
- تكرار حالات الخثار الباسوري: ذكرنا سابقاً أن البواسير الخارجية عرضة لحدوث خثرات ضمنها، مما تجعلها مؤلمة بشدة، وتؤثر على راحة المريض وتعيق نشاطه اليومي، بالتالي حدوثه بشكل متكرر في البواسير يعد سبباً لاعتماد الجراحة.
- النزف المتكرر منذ فترة طويلة: تكرار النزف من البواسير يعد سبباً كافياً للاستئصال الجراحي لها، لأنه يجعل المريض يخسر دماً بشكل متكرر، بالتالي ممكن أن يصاب بفقر الدم نتيجة هذا النزف المتكرر. هذا العمل الجراحي يعتبر حلاً شافياً لمعظم المرضى بالبواسير المتوسعة بدرجة شديدة، ويمكن للمريض إجراء الجراحة والعودة للمنزل في نفس اليوم، وعودته للنشاط الطبيعي في حياته تستغرق حوالي أسبوع وسطياً.
نصائح منزلية لتجنب الإصابة بالبواسير
هناك العديد من الأمور البسيطة التي يمكن أن نقوم بها في منزلنا، أو نمط حياتنا خلال روتيننا اليومي تجعل حركة الأمعاء منتظمةً، وحتى أنها تساهم في تحسن وعلاج الدرجات الخفيفة من البواسير (درجة1 و 2)، وهي على الشكل التالي:
نصائح تساهم في تخفيف الألم وعلاج البواسير الخفيفة:
- مغاطس الماء الدافئ: أي الجلوس في مغطس أو حوض استحمام يحوي ماءً دافئاً لمدة 15 دقيقة وسطياً، ثلاث مرات في اليوم، أو بعد كل عملية تغوط، الماء الدافئ يقلل من تورم وتهيج البواسير، ويريح الألم الناجم عن الضغط عليها أثناء التغوط، وبعد الانتهاء يجب تجفيف المنطقة بشكل كاملٍ وبلطفٍ لتجنب تهييج البواسير من جديد.
- كمادات الثلج: يتم وضع الثلج على الشرج في منطقة توضع البواسير حول الشرج، يساعد الثلج على تخفيف تورم البواسير ويقلل الألم الناجم عن توسعها وخدشها.
- تجنب الحك: عدم محاولة حك البواسير؛ لأن الحكة تهيجها، ومن الممكن أن تسبب جرحاً في البواسير المتوسعة، جاعلة إياها تنزف.
اتباع عادات جيدة عند الدخول للمرحاض:
- عدم الجلوس مطولاً في المرحاض: العديد من الأشخاص يقضون وقتاً طويلاً في المرحاض محاولين التغوط بشكل قسري، ولكن هذا الشيء غير صحي؛ لأن الضغط ومحاولة إخراج الفضلات بشكل قسري، يزيد الضغط على البواسير ويساهم في توسعها وحدوثها، انتظر عدة دقائق، فإن لم يحدث التغوط، لا تحاول بالقوة.
- لا تحبس الفضلات طويلاً: أي، ادخل المرحاض بسرعة حالما تشعر أنك بحاجة للتغوط، لاتحاول تأجيل الموضوع؛ لأن الفضلات البرازية في هذه الحالة تحتبس ضمن المستقيم، وترفع الضغط فيه، وتساهم في حدوث البواسير .
- جرب وضعية القرفصاء: حاول أثناء التغوط أن ترفع رجليك بحيث تصبح الركبتان قريبتين من الجسم عن طريق وضع شيء ما تحتهما يرفعهما ويقربهما من جسمك، هذه الوضعية تسمى القرفصاء، تساهم بتسهيل خروج الغائط وإفراغ الأمعاء.
- نصائح متفرقة:
- تناول الأطعمة التي تحوي ألياف: كالخضار والفواكه والحبوب، هذه الألياف تساعد على تنظيم حركة الأمعاء، وتسهل عملية إفراغها من الفضلات، أي أنها تمنع حدوث الإمساك وارتفاع الضغط ضمن الأمعاء.
- اشرب كثيراً من السوائل: حيث أن الحصول على كميات كافية من السوائل ولا سيما الماء يجعل بنية الغائط أقل قساوةً، ويجعل عملية تفريغ الفضلات أسهل.
- ممارسة الرياضة: المشي يومياً لمدة 20 الى 30 دقيقة يعد أمراً جيداً؛ لأنه يحرك الدورة الدموية وينشط حركة الدم، وبالتالي يمنع تجمعه في البواسير، ويمنع توسعها.
- غيِّر وضعيتك كل فترة: هنا نقصد الفئات التي تجلس مطولاً، أو تقف مطولاً، فيجب تغيير وضعية الجسم والتحرك كل فترة؛ لتجنب تجمع الدم ضمن البواسير.
في النهاية، نرى أن بعضاً من الاهتمام وممارسة العادات الصحية السليمة تجعلنا نتجنب مشاكل عدة، قد تتطور وتتفاقم وتؤثر على صحة أجسادنا، ويجب التذكير على الدوام بأن لا يجب علينا التردد بالذهاب الى الطبيب، ولا الشعور بالإحراج مهما كانت مشكلتنا، فهو الأقدر على مساعدتنا صحياً، ومراجعتك المبكرة له تساعد في الوصول إلى العلاج الشافي بأقصر الطرق.