أساطير وحكايات من التراث الإماراتي في يوم العلم

  • تاريخ النشر: منذ 3 أيام | آخر تحديث: منذ يومين
مقالات ذات صلة
عبارات عن يوم العلم الإماراتي
يوم العلم الاماراتي 2024
فعاليات يوم العلم الاماراتي

التراث الشعبي الإماراتي يُعبر عن قصصٍ ثرية تتناول الشجاعة والقيم، وتربط الجيل الحالي بجذوره الثقافية. تحتوي هذه القصص على أساطير عن الجن والغول، والأبطال الشجعان الذين يواجهون المجهول، وحكايات عن البحر والأسماك العملاقة التي ارتبطت بحياة أهل الإمارات عبر قرون من الزمن.

فيديو ذات صلة

This browser does not support the video element.

يهدف هذا المقال إلى استكشاف تفاصيل هذه القصص، وكيف ساهمت في بناء شخصية المجتمع الإماراتي، ويعرض أهم العبر والدروس المستفادة.

الجن والغول في الحكايات الشعبية الإماراتية

في التراث الإماراتي، تعتبر قصص الجن والغول من أقدم الحكايات التي تروى منذ القدم. يستند السكان إلى هذه القصص لترسيخ قيم الشجاعة والتحدي، ولتوضيح المخاطر التي قد تواجه الناس في الأماكن المهجورة والمناطق النائية. من أشهر هذه الشخصيات "الغولة"، التي تعتبر شخصية غامضة تتربص بالأطفال، حيث كانت تستخدم هذه الحكاية لترهيب الصغار ومنعهم من التسلل بعيداً عن ديارهم.

كما تحمل هذه القصص في طياتها رسائل خفية، حيث تشير إلى أهمية القوة الداخلية في مواجهة الأعداء، فـ "الغولة" ترمز للتحديات التي قد يواجهها الناس في حياتهم اليومية، سواء كانت هذه التحديات خارجية أو داخلية. ويُقال إن مواجهة الغولة تُكسب المرء شجاعة خاصة، مما يزيد من احترامه لنفسه وللآخرين.

من القصص التي تطرقت إلى الغول قصة الغولة الأم، وتروي قصة "الغولة الأم" أن الغولة كانت تسكن في أحد الأودية النائية، وتلتهم كل من يقترب منها، حتى ظهر شاب شجاع من القرية، وقرر التغلب عليها بحيلة. وتعلمنا هذه القصة أهمية الشجاعة، وكيف أن الصبر والتدبير يمكن أن يجعلا الإنسان قادراً على التغلب على أصعب الأعداء، وتظهر أهمية الذكاء في حل الأزمات.

قصة سلامة وبناتها

أيضاً من الأمثلة على هذه القصص قصة سلامة وبناتها، وتعد قصة "سلامة" من أشهر القصص الخيالية في التراث الشعبي الإماراتي القديم، حيث تتناول أسطورة جنية عملاقة تُدعى سلامة تسيطر على البحر، وتغرق السفن باستخدام العواصف والأمواج. من أجل تهدئتها، كان البحارة يقدمون قرابين من الماعز والغنم عند مرورهم بمضيق هرمز، الذي يعتبر ممراً بحرياً ضيقاً وخطيراً يعبر بين الخليج العربي والمحيط الهندي، ويتميز بظروفه الطبيعية الصعبة مثل الأمواج العالية والمد والجزر، مما يجعله منطقة محفوفة بالمخاطر على السفن.

الجني المحتال والساحر الماكر: رموز المواجهة مع المجهول

يظهر الجني والساحر في بعض الحكايات الإماراتية كرموز للعوائق والأزمات التي تواجه الناس، ويُستخدم الجني في القصة الشعبية كرمز للعراقيل التي تقف في طريق الأشخاص نحو تحقيق أهدافهم. من بين هذه القصص، نذكر قصة "الجني المحتال"، الذي كان يستغل السحر لتغيير شكله بين الحين والآخر، مسبباً بلبلة بين أهل القرية، حيث كان يظهر تارةً كعجوز مسن وتارةً كشاب وسيم، ليخدع الناس ويضللهم.

لكن القصة تنتهي بانتصار رجل حكيم على هذا الجني بمساعدة تعويذة سحرية مضادة. تعلمنا هذه القصة أن استخدام العقل هو السبيل الأمثل للتغلب على التحديات، وأن الحكمة دائماً تتغلب على الخداع والقوة.

حكايات البحر والأسماك العملاقة: بطولات الغواصين وصيادي اللؤلؤ

يُعتبر البحر جزءاً لا يتجزأ من الثقافة الإماراتية، إذ كان العديد من الإماراتيين يعتمدون على البحر كمصدر رزق، من خلال الغوص لصيد اللؤلؤ، وهي مهنة محفوفة بالمخاطر. ونتيجة لهذا الارتباط الوثيق بالبحر، ظهرت العديد من القصص والأساطير التي تتحدث عن الأسماك العملاقة التي تحرس أعماق البحر.

تتحدث إحدى القصص عن "سمكة ضخمة" تظهر فجأة للغواصين لتمنعهم من الاقتراب من كنوز البحر. كان يُعتقد أن هذه السمكة تحمي اللؤلؤ من الأطماع البشرية، حيث تشير القصة إلى ضرورة التحلي بالشجاعة والحذر عند مواجهة الأخطار في سبيل تحقيق الرزق. هذه الحكايات كانت تُروى دائمًا كتذكير للصيادين بأهمية الصبر والتحمل.

قصة "اللؤلؤ الأبيض" وكنوزه المخفية

من الحكايات الشهيرة المرتبطة بالبحر، قصة "اللؤلؤ الأبيض"، التي تُبرز أهمية المثابرة والشجاعة عند مواجهة مخاطر البحر. تحكي هذه القصة عن غواص اكتشف لؤلؤة بيضاء نادرة تضيء في الأعماق المظلمة.

وكان يُقال إن من يحصل على "اللؤلؤ الأبيض" يحصل معه على الحظ الوفير والثروة الكبيرة، مما يجعله محط إعجاب وتقدير في المجتمع. وتؤكد هذه القصة على فكرة أن التحدي والمغامرة يمكن أن يفتحا آفاقًا جديدة في حياة الأفراد.

قصة بابا درياه (أبو البحر)

تعتبر "بابا درياه" من الأساطير التي تجسد الرعب، وتُظهر مخاوف المجتمع الإماراتي الساحلي من مخاطر البحر ليلاً. و"بابا درياه"، أو "أبو البحر"، هو جنّي ضخم يتربص بالصيادين والبحارة خلال ساعات الليل، وخصوصاً في الفترة بين صلاة العشاء وأذان الفجر. يُقال إن الجني يتسلل إلى قوارب الصيادين وهم نيام، وعندما يختطف أحدهم، يُغرق القارب ويبتلع ضحيته. خوفاً من مصير مماثل، لجأ البحارة إلى وضع حراس على متن قواربهم، وعندما يسمعون أصواتاً غريبة، يصيحون: "هاتوا الميشارة والجدوم"، لإخافة بابا درياه وإبعاده.

النسخة الثانية من القصة: استغاثة بابا درياه

في رواية أخرى، يُحكى أن "بابا درياه" يستغيث بالبحارة خلال الليل، طالباً النجدة من الغرق. غير أن الصيادين يعرفون أن إنقاذه يعني أنهم سيتعرضون لخطر فقدان مؤونتهم أو حتى تعرّض سفينتهم للتخريب، مما يؤدي إلى غرقهم. لذا، كانوا يقرأون سورًا من القرآن والأدعية لحماية أنفسهم من أذاه.

هذه الأسطورة تشكلت ربما لترهيب الشباب المغامرين ومنعهم من الإبحار ليلاً، حيث يعتقد المجتمع بأن البحر يخفي أخطاراً مميتة تأتي في صورة جنّي ضخم يستهدف كل من يجرؤ على تحديه بعد حلول الظلام.

القصص الشعبية الإماراتية ودورها في ترسيخ القيم

تُعد القصص الشعبية الإماراتية أحد أهم وسائل نقل الحكمة والقيم من جيل إلى جيل، حيث يعتمد الإماراتيون على هذه القصص لتعليم الصغار معاني الشجاعة والصبر والحكمة في مواجهة التحديات. تُعد حكايات الجن والغول والأسماك العملاقة رمزاً للتحديات التي قد تواجه الإنسان، وتعكس صراعاً مستمراً مع المجهول والخوف من الأمور غير المتوقعة.

بالإضافة إلى ذلك، تحفز هذه القصص الأطفال على الحذر من مخاطر الابتعاد عن منازلهم دون مراقبة، كما تدعوهم إلى الاعتماد على العقل في حل المشاكل، وتعلمهم أن المثابرة والشجاعة قد تؤديان إلى تحقيق مكاسب كبيرة.

استمرار القصص الشعبية في الثقافة المعاصرة

مع التطور السريع الذي شهده المجتمع الإماراتي، لا تزال هذه القصص الشعبية تجد طريقها إلى نفوس الصغار عبر الكتب والمهرجانات الثقافية، حيث يُروى عن الجن والغول وحكايات البحر على خشبات المسارح وفي الأفلام. يسهم هذا الاهتمام بالتراث في غرس مفاهيم الانتماء إلى الهوية الثقافية، ويعزز من ارتباط الجيل الحاضر بجذوره العميقة.

خاتمة

إن التراث الشعبي الإماراتي مليء بالحكايات التي تجسد القيم الإنسانية وتستند إلى رموز تجذب الخيال، وتلهم من يستمع إليها بروح المغامرة والتحدي. من قصص الجن والغول التي ترسخ الشجاعة، إلى حكايات البحر التي تتحدث عن قوة الإنسان أمام الطبيعة، نجد في هذه الحكايات موروثًا غنيًا يعكس تاريخ الإمارات وشخصية شعبها.

تظل هذه القصص قيمة ثقافية يجب الحفاظ عليها، فهي ترسم ملامح المجتمع الإماراتي وتروي قصصه، كما تزرع في نفوس الأجيال الحالية أهمية الصمود والمثابرة في مواجهة التحديات.

مواضيع ذات صلة

  1. "الكائنات الخرافية في التراث الإماراتي حقيقة تاريخية" ، منشور على موقع jbhsc.ae
  2. "قصص من التراث الشعبي الإماراتي" ، منشور على موقع almrsal.com
  • الأسئلة الشائعة

  1. من أشهر الحكايات الشعبية في الإمارات؟
    من أشهر الحكايات الشعبية في الإمارات حكاية سلامة عن جنية تغرق السفن في البحر، وقصة بابا درياه الذي يرعب الصيادين ليلاً، وحكاية أم الدويس التي تجسد المرأة الجميلة ذات المظهر المخيف التي تخدع الرجال. هذه الحكايات تحمل طابعًا تراثيًا وتعبّر عن خوف المجتمع من قوى الطبيعة والمجهول في البيئة البحرية والصحراوية.
  2. ما أهمية التراث الإماراتي؟
    التراث الإماراتي يشكّل جزءًا أساسيًا من الهوية الوطنية، حيث يعكس تاريخ الإمارات وثقافتها وقيمها التي انتقلت عبر الأجيال. يساهم في تعزيز الانتماء الوطني من خلال تسليط الضوء على قصص الأجداد، والأمثال، والحكايات الشعبية، والحرف التقليدية، مما يحافظ على التواصل بين الماضي والحاضر. كما يُعتبر مصدر إلهام للشباب، يُحفّزهم على الفخر بتراثهم وتقدير قيم التعاون والصبر والشجاعة التي تجسدها تلك القصص.