أبيات شعر للمتنبي عن عزة النفس
عزة النفس هي أهم ما يملكه الإنسان، فهي تشير على مدى قيمة الإنسان واحترامه لنفسه، ويعد المتنبي من أفضل الشعراء اللذين أطلقوا أبيات شعر تشير إلى عزة النفس، حيث أن أكثر الشعراء كتبوا عن العزة والكرامة في قصائدهم الشعرية، وقد كان العصر الجاهلي وعصر الدولة العباسية من العصور المتميزة في هذا الشعر.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
قصيدة لهوى النفوس
لِهَوى النُفوسِ سَريرَةٌ لا تُعلَمُ
عَرَضاً نَظَرتُ وَخِلتُ أَنّي أَسلَمُ
يا أُختَ مُعتَنِقِ الفَوارِسِ في الوَغى
لَأَخوكِ ثَمَّ أَرَقُّ مِنكِ وَأَرحَمُ
يَرنو إِلَيكِ مَعَ العَفافِ وَعِندَهُ
أَنَّ المَجوسَ تُصيبُ فيما تَحكُمُ
راعَتكِ رائِعَةُ البَياضِ بِعارِضي
وَلَوَ أَنَّها الأولى لَراعَ الأَسحَمُ
لَو كانَ يُمكِنُني سَفَرتُ عَنِ الصِبا
فَالشَيبُ مِن قَبلِ الأَوانِ تَلَثُّمُ
وَلَقَد رَأَيتُ الحادِثاتِ فَلا أَرى
يَقَقاً يُميتُ وَلا سَواداً يَعصِمُ
وَالهَمُّ يَختَرِمُ الجَسيمَ نَحافَةً
وَيُشيبُ ناصِيَةَ الصَبِيِّ وَيُهرِمُ
ذو العَقلِ يَشقى في النَعيمِ بِعَقلِهِ
وَأَخو الجَهالَةِ في الشَقاوَةِ يَنعَمُ
وَالناسُ قَد نَبَذوا الحِفاظَ فَمُطلَقٌ
يَنسى الَّذي يولى وَعافٍ يَندَمُ
لا يَخدَعَنَّكَ مِن عَدُوٍّ دَمعُهُ
وَاِرحَم شَبابَكَ مِن عَدُوٍّ تَرحَمُ
لا يَسلَمُ الشَرَفُ الرَفيعُ مِنَ الأَذى
حَتّى يُراقَ عَلى جَوانِبِهِ الدَمُ
يُؤذي القَليلُ مِنَ اللِئامِ بِطَبعِهِ
مَن لا يَقِلُّ كَما يَقِلُّ وَيَلؤُمُ
الظُلمُ مِن شِيَمِ النُفوسِ فَإِن تَجِد
ذا عِفَّةٍ فَلِعِلَّةٍ لا يَظلِمُ
يَحمي اِبنَ كَيغَلَغَ الطَريقَ وَعِرسُهُ
ما بَينَ رِجلَيها الطَريقُ الأَعظَمُ
أَقِمِ المَسالِحَ فَوقَ شُفرِ سُكَينَةٍ
إِنَّ المَنِيَّ بِحَلقَتَيها خِضرِمُ
وَاِرفُق بِنَفسِكَ إِنَّ خَلقَكَ ناقِصٌ
وَاِستُر أَباكَ فَإِنَّ أَصلَكَ مُظلِمُ
وَغِناكَ مَسأَلَةٌ وَطَيشُكَ نَفخَةٌ
وَرِضاكَ فَيشَلَةٌ وَرَبُّكَ دِرهَمُ
وَاِحذَر مُناواةَ الرِجالِ فَإِنَّما
تَقوى عَلى كَمَرِ العَبيدِ وَتُقدِمُ
وَمِنَ البَليَّةِ عَذلُ مَن لا يَرعَوي
عَن غَيِّهِ وَخِطابُ مَن لا يَفهَمُ
يَمشي بِأَربَعَةٍ عَلى أَعقابِهِ
تَحتَ العُلوجِ وَمِن وَراءٍ يُلجَمُ
وَجُفونُهُ ما تَستَقِرُّ كَأَنَّها
مَطروفَةٌ أَو فُتَّ فيها حِصرِمُ
وَإِذا أَشارَ مُحَدِّثاً فَكَأَنَّهُ
قِردٌ يُقَهقِهُ أَو عَجوزٌ تَلطِمُ
يَقلي مُفارَقَةَ الأَكُفِّ قَذالُهُ
حَتّى يَكادَ عَلى يَدٍ يَتَعَمَّمُ
وَتَراهُ أَصغَرَ ما تَراهُ ناطِقاً
وَيَكونُ أَكذَبَ ما يَكونُ وَيُقسِمُ
وَالذُلُّ يُظهِرُ في الذَليلِ مَوَدَّةً
وَأَوَدُّ مِنهُ لِمَن يَوَدُّ الأَرقَمُ
وَمِنَ العَداوَةِ ما يَنالُكَ نَفعُهُ
وَمِنَ الصَداقَةِ ما يَضُرُّ وَيُؤلِمُ
أَرسَلتَ تَسأَلُني المَديحَ سَفاهَةً
صَفراءُ أَضيَقُ مِنكَ ماذا أَزعُمُ
أَتُرى القِيادَةَ في سِواكَ تَكَسُّباً
يا اِبنَ الأُعَيِّرِ وَهيَ فيكَ تَكَرُّمُ
فَلَشَدَّ ما جاوَزتَ قَدرَكَ صاعِداً
وَلَشَدَّ ما قَرُبَت عَلَيكَ الأَنجُمُ
وَأَرَغتَ ما لِأَبي العَشائِرِ خالِصاً
إِنَّ الثَناءَ لِمَن يُزارَ فَيُنعِمُ
وَلِمَن أَقَمتَ عَلى الهَوانِ بِبابِهِ
تَدنو فَيُوجأُ أَخدَعاكَ وَتُنهَمُ
وَلِمَن يُهينُ المالَ وَهوَ مُكَرَّمٌ
وَلِمَن يَجُرُّ الجَيشَ وَهوَ عَرَمرَمُ
وَلِمَن إِذا اِلتَقَتِ الكُماةُ بِمازِقٍ
فَنَصيبُهُ مِنها الكَمِيُّ المُعلَمُ
وَلَرُبَّما أَطَرَ القَناةَ بِفارِسٍ
وَثَنى فَقَوَّمَها بِآخَرَ مِنهُمُ
وَالوَجهُ أَزهَرُ وَالفُؤادُ مُشَيَّعٌ
وَالرُمحُ أَسمَرُ وَالحُسامُ مَصَمِّمُ
أَفعالُ مَن تَلِدُ الكِرامُ كَريمَةٌ
وَفَعالُ مَن تَلِدُ الأَعاجِمُ أَعجَمُ [1]
قصيدة عِشْ عزيزا
عِشْ عزيزا أوْ مُتْ وَأنتَ كَرِيمٌ بَينَ طَعْنِ القَنَا وَخَفْقِ البُنُودِ
فَرُؤوسُ الرّمَاحِ أذْهَبُ للغَيْـ ظِ وَأشفَى لِغلّ صَدرِ الحَقُودِ
لا كَما قد حَيِيتَ غَيرَ حَميدٍ وإذا مُتَّ مُتَّ غَيْرَ فَقيدِ
فاطْلُبِ العِزّ في لَظَى وَدَعِ الذّل وَلَوْ كانَ في جِنانِ الخُلُودِ
يُقْتَلُ العاجِزُ الجَبَانُ وقَدْ يَعـجز عَن قَطْع بُخْنُقِ المَولودِ
وَيُوَقَّى الفَتى المِخَشُّ وقَدْ خوض في ماءِ لَبّةِ الصّنْديدِ
لا بقَوْمي شَرُفْتُ بل شَرُفُوا بي وَبنَفْسِي فَخَرْتُ لا بجُدودِي
وبهمْ فَخْرُ كلّ مَنْ نَطَقَ الضاد وَعَوْذُ الجاني وَغَوْثُ الطّريدِ
إنْ أكُنْ مُعجَباً فعُجبُ عَجيبٍ لمْ يَجدْ فَوقَ نَفْسِهِ من مَزيدِ
أنَا تِرْبُ النّدَى وَرَبُّ القَوَافي وَسِمَامُ العِدَى وغَيظُ الحَسودِ
أنَا في أُمّةٍ تَدارَكَهَا اللّــهُ غَريبٌ كصَالِحٍ في ثَمودِ [2]
قصيدة واحرَّ قَلباهُ مِمَّن قَلبُهُ شَبِمُ
واحرَّ قَلباهُ مِمَّن قَلبُهُ شَبِمُ
وَمَن بِجِسمي وَحالي عِندَهُ سَقَمُ
مالي أكَتِّمُ حُبّاً قَد بَرى جَسَدي
وتَدَّعي حبَّ سيفِ الدَولَةِ الأمَمُ
إن كانَ يَجمَعُنا حبٌّ لِغُرَّتِهِ
فليتَ أنَّا بِقَدْرِ الحبِّ نَقتسِمُ
قَد زُرتُهُ وسيوفُ الهندِ مُغمَدَةٌ
وقد نظرتُ إليه والسُيوفُ دَمُ
فَكانَ أحْسنَ خَلق الله كلِّهِمُ
وكانَ أحسنَ مافي الأحسَنِ الشِّيَمُ
فوتُ العدوِّ الذي يَمَّمْتُه ظَفَرٌ
في طيّه أسَفٌ في طيّه نِعَمُ
قد نابَ عنكَ شديدُ الخوفِ واصْطنَعَتْ
لكَ المهابةُ ما لا تَصنعُ البُهَمُ
ألزَمتَ نفسَكَ شيئاً ليس يَلْزَمُها
أن لا يوارِيَهمْ أَرضٌ ولا عَلَمُ
أكُلَّما رُمتَ جيشاً فانْثَنى هَرَباً
تَصرَّفَت بكَ في آثارِه الهِمَمُ
عليكَ هَزمُهُمُ في كلِّ مُعتركٍ
وما عليكَ بِهِمْ عارٌ إذا انهزَموا
أما تَرى ظَفراً حُلْواً سِوى ظَفَر
تَصافحَتْ فيه بيضُ الهِندِ واللمَمُ
يا أعدلَ الناسِ إلا في معامَلتي
فيكَ الخِصامُ وَأنتَ الخَصْمُ والحَكَمُ
أعيذُها نظراتٍ منكَ صادقةً
أن تَحْسبَ الشَّحمَ فيمَن شَحْمُهُ وَرَمُ
وما انتفاعُ أخي الدُّنيا بناظرِهِ
إذا استَوَت عندَهُ الأنوارُ والظُّلَمُ
سيَعلَمُ الجمعُ ممَّن ضمَّ مَجلسُنا
بأنَّني خيرُ مَن تسعى بهِ قَدَمُ
أنا الذي نظَر الأعمى إلى أدبي
وأسْمعَت كلماتي مَن بهِ صَمَمُ
أنامُ مِلْءَ جُفُوني عن شوارِدِها
ويَسْهَرُ الخلقُ جرَّاها وَيَختَصِمُ
وجاهلٍ مدَّه في جهلِهِ ضَحِكي
حَتّى أتَتْه يدٌ فرَّاسةٌ وفَمُ
إذا رأيتَ نيوبَ الليث بارزةً
فَلا تَظُنَّنَّ أنَّ اللَيثَ يبتَسِمُ
وَمُهجةٍ مُهجتي مِن هَمّ صاحبها
أدركْتُها بجَوادٍ ظهرهُ حَرَمُ
رِجلاه في الرَّكضِ رجلٌ واليدانِ يدٌ
وفعلُه ما تريدُ الكفُّ وَالقَدَمُ
ومُرهَفٍ سِرتُ بين الجَحْفَلينِ بهِ
حتى ضَربتُ وموجُ الموتِ يَلتَطِمُ
الخيلُ والليلُ والبيداءُ تَعْرِفُني
والسيفُ والرمحُ والقرطاسُ والقَلمُ
صَحِبتُ في الفلواتِ الوحشَ مُنفرِداً
حتى تعجَّبَ مني القُورُ والأكَمُ
يا مَن يَعِزُّ علينا أن نُفارقهم
وِجْدانُنا كل شيءٍ بعْدَكُم عَدَمُ
ما كان أخلقنا منكم بتَكرمَةٍ
لو أنَّ أمرَكُمُ مِن أمرِنا أمَمُ
إن كانَ سرَّكمُ ما قال حاسدُنا
فما لجُرح إذا أرضاكُمُ ألَمُ
وبيننا لَو رعيتُم ذاك مَعرفةٌ
إن المعارِفَ في أهلِ النُّهى ذِمَمُ
كَم تَطلُبونَ لنا عيباً فَيُعجِزُكُم
وَيَكرَهُ اللهُ ما تأتونَ والكَرَمُ
ما أبعدَ العيبَ وَالنقصانَ عن شَرَفي
أنا الثُّريا وذانِ الشيبُ والهَرَمُ
ليتَ الغمامَ الذي عندي صواعقُهُ
يُزيلُهُنَّ إِلى مَن عندَهُ الدِّيَمُ
أرى النَّوى يَقتضيني كلَّ مرحلَةٍ
لا تَستقلُّ بِها الوَخّادَةُ الرُّسُمُ
لئنْ تَرَكْنَ ضميراً عن ميامِنِنا
ليَحْدُثَنَّ لِمَنْ وَدَّعتُهم نَدَمُ
إذا ترحَّلتَ عن قومٍ وقد قدَروا
ألا تُفارِقهُمْ فالرَّاحلونَ هُمُ
شرُّ البلادِ مكانٌ لا صديقَ بهِ
وشرُّ ما يَكسِبُ الإنسانُ ما يَصِمُ
وشرُّ ما قنَّصَتْه راحتي قَنَصٌ
شُهْبُ البُزاةِ سواءٌ فيه والرَّخَمُ
بأي لفظٍ تَقولُ الشعرَ زِعْنِفَةٌ
تَجوزُ عندَك لا عُرْبٌ ولا عَجَمُ
هذا عتابُكَ إلّا أنَّهُ مِقَةٌ
قد ضُمِّنَ الدُرَّ إلّا أنَّهُ كَلِمُ [3]