ما هي الخلايا الجذعية وما وظيفتها
تخضع الخلايا الحية الموجودة في أجسامنا لعملية يُطلق عليها التمايز (بالإنجليزية: Differentiation)، وهي عملية مستمرة من التخصص الخلوي، تتحول فيها الخلايا الجنينية إلى خلايا بالغة متخصصة للعمل في نسيج ما، مثل: الخلايا العصبية، والألياف العضلية، والكريات الدموية، وتبدأ عمليات التمايز من الخلايا الجذعية، فما هي الخلايا الجذعية، وما هي وظيفتها، وما هي أنواعها، وما أهم استخداماتها، ذلك ما سنخبرك به في هذا المقال.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
تعريف الخلايا الجذعية
تُعرف الخلايا الجذعية (بالإنجليزية: Stem Cells) بكونها خلايا بدائية غير متمايزة، تستطيع الانقسام والتحول إلى أنواع نسيجية مختلفة، وتتميز الخلايا الجذعية بحسب هذا التعريف بميزتين أساسيتين، هما: [1]
- قابلية التكاثر، وإنتاج نسخ أخرى من نفسها.
- قابلية التمايز، وإنتاج أنواع خلوية متخصصة.
وتشكل الخلايا الجذعية حجر الأساس لبناء الأنسجة الحية، وتنقسم إلى عدة أنواع، وتوجد في مناطق مختلفة من الجسم. [1]
وظيفة الخلايا الجذعية
يمكننا القول إن الخلايا الجذعية هي الأصل في كل الخلايا الحية في أجسامنا؛ ففي المرحلة الجنينية، تبدأ الخلايا الجذعية الجنينية بالتمايز تدريجيّاً لإعطاء الوريقات الجنينية الثلاثة، وهي 3 طبقات من الخلايا التي تعطي جميع الأنسجة والأعضاء الحية فيما بعد. [1]
إضافة إلى ذلك، تلعب الخلايا الجذعية البالغة دوراً محوريّاً في التجدد النسيجي والاستجابة للتلف، إذ تتنشط الخلايا الجذعية البالغة الموجودة بأعداد قليلة في نسيج ما كالكبد مثلاً أو الجلد أو أي مكان آخر عند إصابة أنسجة هذا العضو بتلف ما، وتتمايز للتحول إلى خلايا من نمط الخلايا الضائعة. [1]
ومثال آخر على ذلك، ما يفعله الجلد يومياً بشكل مستمر، إذ تسقط الطبقات السطحية من البشرة، ليحل محلها خلايا جديدة ناتجة عن الطبقات العميقة (الموّلدة) من البشرة، وهذا هو الأساس في قابلية الأنسجة المختلفة للتجديد والتعامل مع الإصابة. [1]
أنواع الخلايا الجذعية
تنقسم الخلايا الجذعية إلى عدة أنواع، نوضحها بالتفصيل فيما يأتي: [2]
- الخلايا الجذعية الجنينية (Embryonic Stem Cells): يوجد هذا النوع من الخلايا الجذعية في الأجنة التي تبلغ 3-5 أيام، وذلك عند بداية تشكل الجنين، ويُسمى في هذه المرحلة بالكيسة الأريمية (بالإنجليزية: Blastocyst) وتتكون من نحو 150 خلية، وتُعرف بأنها عديدة القدرات (بالإنجليزية: Pluripotent) أي أنها تستطيع التمايز إلى أي نوع آخر من الخلايا الموجودة في الجسم لدى البالغين، ويمكن استخدام الخلايا الجذعية الجنينية لإعادة تكوين الأنسجة التالفة، وإصلاح خلايا الأعضاء المريضة.
- الخلايا الجذعية البالغة (Adult Stem Cells): يوجد هذا النوع من الخلايا الجذعية بأعداد قليلة في غالبية أنسجة الجسم لدى البالغين، مثل: نخاع العظم، أو الدهون، وتتميز بكونها شاملة القدرات (بالإنجليزية: Totipotent) أو متعددة القدرات (بالإنجليزية: Multipotent)، أي أن كل نوع منها يستطيع التحول إلى عدة أنواع من الخلايا، وليس إلى جميع الأنواع مثل الخلايا الجنينية، إذ تستطيع الخلايا الجذعية في النخاع العظمي إنتاج خلايا العظم أو عضلة القلب.
- الخلايا الجذعية المُستحثة أو المُحفزة (Pluripotent stem cells): ينتج هذا النوع من الخلايا عن طريق تحويل الخلايا البالغة العادية إلى خلايا جذعية من خلال إعادة البرمجة الوراثية، وإجراء بعض التعديلات على الشفرة الجينية، وذلك حتى تتشابه الخلايا المتحوّلة في وظائفها مع الخلايا الجذعية الجنينية، لتفادي رفض الجهاز المناعي للخلايا الجذعية الجديدة عند زراعتها مرة أخرى لدى البالغين، مثل تحويل خلايا النسيج الضام العادية إلى خلايا قلب وظيفية.
- الخلايا الجذعية قبل الولادة (Perinatal stem cells): يوجد هذا النوع من الخلايا الجذعية في السائل الأمنيوسي المحيط بالجنين، وكذلك في دم الحبل السري، وتتمتع هذه الخلايا الجذعية أيضًا بقدرتها على التحول إلى خلايا متخصصة، ولكن ما زالت الأبحاث والدراسات قائمة لفهم مدى أهميتها وطرق الاستفادة منها.
أهمية الخلايا الجذعية
لدراسة العلاج بالخلايا الجذعية أهمية بالغة في العصر الحالي، إذ إن العلماء والباحثين يواصلون إجراء دراساتهم وأبحاثهم عليها، نظراً لرغبتهم في تحقيق العديد من الأهداف، أهمها ما يأتي: [2]
- زيادة فهم كيفية حدوث الأمراض: يمكن للباحثين تحقيق فهم دقيق لكيفية إصابة الإنسان بالأمراض، من خلال مراقبة نمو الخلايا الجذعية لتصبح خلايا جديدة في العظام، والأعصاب، والأعضاء والأنسجة الأخرى.
- توليد خلايا سليمة لتجديد الأنسجة التالفة: يمكن استخدام الخلايا الجذعية في توليد خلايا سليمة لتحل محل الخلايا التالفة، وبالتالي إعادة بناء أنسجة جديدة، وذلك من خلال تحويل الخلايا الجذعية إلى خلايا نوعية، وتستخدم هذه التقنية مع المصابين بأمراض؛ مثل: مرض السكري، وباركنسون، والتصلب الجانبي الضموري، والزهايمر، والقلب، والسكتة الدماغية، والحروق، والسرطان.
- معرفة مدى فاعلية الأدوية الجديدة: قبل تجربة الأدوية الجديدة على البشر، يُجري الباحثون دراساتهم باستخدام بعض أنواع الخلايا الجذعية لاختبار سلامة الأدوية ومعرفة مدى فاعليتها.
كيفية الحصول على الخلايا الجذعية
تأتي الخلايا الجذعية المستخدمة في علاج الأمراض والدراسات البحثية من العديد من المصادر، إذ إن الخلايا الجذعية الجنينية يمكن أن تستخلص مما يأتي: [3]
- الحبل السُري (بالإنجليزية: Umbilical Cord): وهو حبل من الأوعية الدموية يربط جهاز الدوران للجنين بجهاز الدوران لدى الأم ويؤمن له التروية الدموية اللازمة، ويمكن استخلاص الخلايا الجذعية الجنينية واستخدامها للأطفال حديثي الولادة بعد قطع الحبل السُري.
- المشيمة (بالإنجليزية: Placenta): المشيمة هي الجزء الذي يربط بين الأم والجنين، وهي تلتصق من جهة بجدار الرحم، ويخرج من الجهة الأخرى منها الحبل السري، وتتطور مع مراحل تطور الجنين خلال الحمل، ويمكن استخلاص الخلايا الجذعية الجنينية من دم المشيمة أو السائل الأمنيوسي المحيط بالجنين.
- البويضات الملقحة: يمكن استخلاص الخلايا الجذعية الجنينية من البويضات الملقحة الفائضة عن الحاجة في عمليات التخصيب الصناعي (أطفال الأنابيب).
أما الخلايا الجذعية البالغة المستخدمة في علاج الأمراض، فيمكن أن تستخلص مما يأتي: [3]
- الشخص نفسه: إذ يمكن استخلاص الخلايا الجذعية البالغة من أماكن معينة لدى الشخص، مثل: نخاع العظم أو الدهون، وإعادة زراعتها في أماكن أخرى.
- متبرع بالخلايا الجذعية: وعندما يتم التبرع من شخص آخر يُجرى على الخلايا عدد من الاختبارات للتحقق من توافق أنسجة الشخص المستقبل مع خلايا المتبرع لتجنب الرفض المناعي الذي قد يؤدي إلى فشل عملية الزرع لدى الشخص المستقبل.
استخدامات الخلايا الجذعية
للخلايا الجذعية استخدامات متعددة نظراً لخصائصها المميزة، فقد اهتم الباحثون بدراسة الخلايا الجذعية وآلية تمايزها للتحول إلى الأنماط الخلوية المختلفة، ويعتمد العلاج بالخلايا الجذعية على إدخال الخلايا الجذعية في مكان ما من الجسم، لتتمايز هذه الخلايا متحوّلة إلى خلايا مشابهة لتلك الموجودة في هذا النسيج، ومن أهم استخدامات الخلايا الجذعية في علاج الأمراض ما يأتي: [2]
استخدام الخلايا الجذعية في علاج القلب
يعد التجديد النسيجي (بالإنجليزية: Tissue Regeneration) من أهم استخدامات الخلايا الجذعية، وهو زرع عدد مدروس من الخلايا الجذعية في مناطق محددة من نسيج تالف بالجسم لإعادة بنائه، وقد يكون هذا النسيج عضلة قلبية تالفة بشكل جزئي بسبب الاحتشاء والقصور القلبي.
ويمكن للأطباء تطوير خلايا قلب سليمة في المختبر، وإعادة زرعها في الأشخاص المصابين بأمراض القلب، ويمكن لهذه الخلايا الجديدة إصلاح التلف الموجود بالقلب، عن طريق إعادة تكوين أنسجة سليمة. [3]
استخدام الخلايا الجذعية في علاج السكري
يمكن للأطباء كذلك زرع خلايا بيتا، وهي مجموعة من الخلايا التي توجد في البنكرياس، والمسؤولة عن إفراز هرمون الأنسولين الذي يخفض سكر الدم عند المصابين بمرض السكري من النوع الأول، الناجم عن تلف أو عجز هذه الخلايا عن إفراز هذا الهرمون، فقد شُفيت العديد من الحالات بشكل كامل بسبب الخلايا الجديدة المحقونة في بنكرياس المريض، والتي بدأت بإفراز الأنسولين.
استخدام الخلايا الجذعية في علاج السرطان
يمكن أن تستخدم الخلايا الجذعية في علاج سرطان الدم التي يعود أصله إلى العظام، مثل: مرض ابيضاض الدم أو اللوكيميا (بالإنجليزية: Leukemia)، وفي هذه الحالة يتم علاج المريض بالأشعة في البداية لإتلاف نخاع العظم (بالإنجليزية: Bone Marrow) الشاذ، وهو جزء في مركز العظام يقوم بتوليد الخلايا الدموية، لأنه يحتوي على خلايا جذعية بالغة وموّلدة للدم. [4]
وبعد إتلاف نخاع العظم القديم الشاذ، يتم نقل نخاع عظمي جديد من متبرع ما، لتتابع العظام القيام بوظيفة إنتاج المكونات الدموية بصورة سليمة لدى المريض. [4]
استخدام الخلايا الجذعية في علاج تساقط الشعر
اكتشف باحثو جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس طريقة جديدة لتنشيط الخلايا الجذعية في بصيلات الشعر والمساهمة في نمو الشعر، فوجدوا أن الخلايا الجذعية تعزز نمو الشعر لدى الأشخاص الذين يعانون من الصلع الوراثي أو الثعلبة ، وهو تساقط الشعر المرتبط بعوامل، مثل: عدم التوازن الهرموني، أو الإجهاد، أو الشيخوخة، أو العلاج الكيميائي. [5]
وعادةً ما تكون الخلايا الجذعية المستخدمة في علاج تساقط الشعر، خلايا طويلة الأجل تساهم في تحفيز بصيلات الشعر الموجودة في الجلد على إنتاج الشعر طوال حياة الشخص المريض. [5]
استخدام الخلايا الجذعية في علاج الحروق
يعد تجديد الأنسجة هو أحد أهم استخدامات الخلايا الجذعية، إذ يمكن أن يستخرج الأطباء خلايا جذعية من تحت سطح الجلد مباشرة لصنع أنسجة جلد جديدة، وتستخدم هذه الأنسجة بعد ذلك في علاج الحروق الشديدة أو أي إصابات أو تشوهات أخرى في الجلد، عن طريق زرع هذا النسيج على الجلد التالف، وبعدها ينمو الجلد الجديد مرة أخرى. [2]
وفي الختام، يعد العلاج بالخلايا الجذعية غير محدود، إذ إن جميع الأمراض الوراثية والإصابات والتشوهات التي تتسبب في ضياع أجزاء من الجسم هي أهداف محتملة للعلاج بالخلايا الجذعية، وهناك العديد من التقنيات المستخدمة في العلاج بالخلايا الجذعية، ولكن ما زال الأمر محل البحث.