أجزاء قلب الإنسان ومهامه وطريقة عمله
يقع القلب (بالإنجليزية: Heart) بين رئتي الإنسان اليمنى واليسرى، ممتداً من المسافة الوربية الثانية (الفاصل بين ضلعين متجاورتين) حتى المسافة الوربية الخامسة، ملقياً بثقله على السطح العلوي للحجاب الحاجز (بالإنجليزية: Diaphragm)، ويحد القلب عظم القفص (بالإنجليزية: Sternum) من الأمام، والعمود الفقري (بالإنجليزية: Vertebral Column) من الخلف، كما يشكل القلب بدوره واحداً من الأعضاء المهمة التي تشغل المنصف (بالإنجليزية: Mediastinum) (الحيّز التشريحي الذي يشغل منتصف الصدر، ويحوي أقساماً من جهازي الهضم والتنفس إضافة إلى القلب والأوعية الدموية)، ويماثل حجم القلب تقريباً حجم قبضة اليد بعد إغلاقنا المحكم لأصابع يدنا الواحدة وضمها لبعضها، غير أن هذا الحجم قد يختلف قليلاً بين فرد وآخر وفقاً للعمر وحجم الجسم، ولا ننسى دور بعض الأمراض التي تؤثر سلباً على القلب مغيّرةً بذلك من حجمه نحو الزيادة.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
حجرات القلب الأربعة والصمامات
يقسمُ القلب تشريحياً إلى أربع حجرات رئيسية، تتضمن ما يأتي: [1]
- الأذينتان (بالإنجليزية: Atria) يمنى ويسرى في الأعلى.
- البطينان (بالإنجليزية: Ventricles) أيمن وأيسر في الأسفل.
- يفصل حاجز غشائي بين الأذينتين، ويدعى الحاجز بين الأذينتين (بالإنجليزية: Atrial Septal).
- يؤدي الحاجز السميك بين البطينين (بالإنجليزية: Ventricular Septal) دوراً مماثلاً في فصل البطين الأيمن عن الأيسر.
تجدر الإشارة إلى وجود مكون تشريحي مهم ضمن القلب، يعرف باسم الدّسّام أو الصّمّام (بالإنجليزية: Valve) يؤمن مرور الدم باتجاه واحد فقط من الأذين إلى البطين أو من البطين نحو الشريان الرئيسي، ويمنع ارتداده بالاتجاه المعاكس.
يتألف الصّمام الواحد من وريقات نسيجية رقيقة ترتبط بواسطة حبال وترية (بالإنجليزية: Chordae Tendinae) مع العضلات الحليمية (بالإنجليزية: Papillary Muscles) التي تستقر في جدار البطين الواحد، وتسمح عبر استرخائها وتقلصاتها بانفتاح الصمام أو انغلاقه.
وعليه نجد في الجانب الأيمن للقلب الصمام ثلاثي الشُّرَف (بالإنجليزية: Tricuspid Valve) الذي يسمح عبر انفتاحه بمرور الدم غير المؤكسج (أي الحاوي على غاز ثاني أكسيد الكربون Co2) من الأذين الأيمن إلى البطين الأيمن.
وعلى الجانب الأيسر يسمح الصمام التاجي (بالإنجليزية: Mitral Valve) بانتقال الدم المؤكسج من الأذين الأيسر إلى البطين الأيسر، ويمنعان ارتداد الدم بالاتجاه المعاكس، ونجد أيضاً صمامات بطينية-شريانية ضمن القلب، مهمتها السّماح بمرور الدم من البطين إلى الشريان بشكل غير قابل للانعكاس، وتعرف بالصّمامات الهلالية (بالإنجليزية: Semi-lunar Valves).
فعلى الجانب الأيمن، نجد الصمام الهلالي الرئوي (بالإنجليزية: Pulmonary Valve) الذي يسمح بانتقال الدم من البطين الأيمن إلى الشريان الرئوي، كذلك نجد على الناحية القلبية اليسرى الصمام الأبهري (بالإنجليزية: Aortic Valve) الذي يؤمن مرور الدم باتجاه واحد فقط من البطين الأيسر نحو الشريان الأبهر، ويمنع كلا الصمامان الدم من العودة بالاتجاه المعاكس.
يمكن في بعض الحالات المرضية أن تتأذى وظيفة الصّمام الطبيعية، لنشهد مثلاً عودة جزء من الدم مرة أخرى إلى الأذين في حالة تعرف بقصور الصمام (بالإنجليزية: Regurgitation).
وهناك حالة أخرى قد يعجز الصمام عن تمرير كمية الدم المناسبة إلى البطين المستهدف؛ وذلك لأسباب وراثية أو عوامل التهابية تؤدي إلى تكلسه والحد من حركته الطبيعية والسليمة، وتعرف هذه الحالة طبياً بتضيق الصمام (بالإنجليزية: Stenosis). [1]
الأوعية الدموية التي تصب في الحجرات القلبية الأربعة
يصب في الأذين الأيمن (بالإنجليزية: Right Atrium) وريدان مهمان؛ هما: الوريد الأجوف العلوي (بالإنجليزية: Superior Vena Cava)، والوريد الأجوف السفلي (بالإنجليزية: Inferior Vena Cava)، ويحمل هذان الوريدان الدم غير المؤكسج من الأنسجة باتجاه الأذين الأيمن.
عندها يرتفع الضغط داخل هذا الأذين؛ مما يتسبب بانفتاح الصمام ثلاثي الشرف (بالإنجليزية: Tricuspid Valve) ليسمح بمرور الدم بشكل انسيابي إلى البطين الأيمن، بمعنى أن النسبة الأكبر من الدم غير المؤكسج (نحو 70%) ستصل إلى البطين الأيمن عبر المرور الانسيابي، بينما يتكفل التقلص الأذيني بنقل الكمية المتبقّية إلى البطين (تعادل 20-30%)، لينغلق بعدها الصمام مانعاً عودة الدم بالاتجاه المعاكس.
وعلى مستوى البطينات، يبدأ بعد ذلك التجويف البطيني الأيمن بالاتساع، كي يستوعب كمية الدم الواردة إليه من الأذين، مما يقود إلى ارتفاع الضغط داخل البطين؛ لينشأ لدينا فرق واضح في الضغط ما بين البطين الأيمن ذي الضغط المرتفع والشريان الرئوي ذي الضغط الأقل.
ستنفتح حينها الصمامات الهلالية سامحة للدم بالمرور عبر الشريان الرئوي والانتقال إلى الرئتين (بالإنجليزية: Lungs)، فتحدث هناك عملية مهمة تتركز على تخليص الدم من غاز ثاني أكسيد الكربون واستبداله بالأكسجين (O2)، لنحصل في المقابل على دم مؤكسج لونه أحمر قاني.
تأتي بعدها مهمة الأوردة الرئوية الأربعة (بالإنجليزية: Pulmonary Veins) بنقل الدم المؤكسج وصبّه في الأذين الأيسر (بالإنجليزية: Left Atrium)، ونستطيع الاستنتاج أن وصول الدم إلى هذا الأذين سيرفع الضغط فيها بديهياً، مما سيدفع بالصمام التاجي (بالإنجليزية: Mitral Valve) إلى الانفتاح سامحاً بالمرور الانسيابي للدم إلى البطين الأيسر، ويحدث بعدها التقلص الأذيني الذي يعقبه انغلاق الصمام مباشرة، كي لا يسمح للدم بالارتداد.
ومع ارتفاع الضغط ضمن البطين الأيسر، ستنفتح الصمامات الهلالية كي تسمح بضخ الدم المؤكسج إلى الشريان الأبهر (بالإنجليزية: Aorta) الذي سيتكفل بإيصاله إلى جميع أنحاء الجسم عبر فروعه المتنوعة. [1]
ما هو التامور القلبي
يغلف القلب غشاءٌ مصليّ رقيق يسمى التامور (بالإنجليزية: Pericardium) يتيح له حرية الاسترخاء والتقلص ضمن تجويف الصدر، ويؤمن له الحماية اللازمة والمضادة للاحتكاكات، ويقسم التامور بدوره إلى ما يأتي: [1]
- التامور الحشوي (Visceral Pericardium): الذي يشكل جزءاً مهماً من الطبقة الداخلية النسيجية للقلب، ويصل امتداده ليشمل مخرج الشريان الأبهر (بالإنجليزية: Aorta) والشريان الرئوي (بالإنجليزية: Pulmonary Artery) من القلب، إضافة إلى المنطقة التي يصب فيها كل من الوريدين الأجوفين العلوي (بالإنجليزية: Superior Vena Cava) والسفلي (بالإنجليزية: Inferior Vena Cava) في الأذين الأيمن للقلب،
- التامور الجداري (Parietal Pericardium): فهو يشكل الطبقة الخارجية للتامور التي تحمي القلب وتلتصق بطبقاته السطحية.
- تجويف التامور (Pericardiu Cavity): يفصل بين التامور الجداري والحشوي مسافة مهمة تسمى بتجويف التامور، والذي يملؤه سائل مصلي يمنع الاحتكاك الشديد بين طبقتي التامور ويحافظ على سهولة انزلاقهما.
وقد يتعرض التامور في بعض الأحيان إلى حالات مرضية مختلفة قد تسبب التهابه؛ مما يؤدي إلى إضعاف وظائفه الرئيسية التي تقوم على حماية القلب وتحديد حركته ضمن التجويف الصدري، إضافة إلى منعه استرخاء القلب الشديد عند زيادة الوارد الدموي إليه. [1]
طبقات القلب الثلاثة
يقسم القلب نسيجياً إلى ثلاث طبقات رئيسية، تتمثل فيما يأتي: [2]
- نُخاب القلب (Epicardium): هي الطبقة السطحية التي تغطي القلب من الخارج، وتتمادى بدورها مع التامور الحشوي.
- الطبقة العضلية (Myocardium): إنها الطبقة المتوسطة التي تحتوي أليافاً عضليةً مخططةً تتقلص لا إرادياً، تتمكن عضلة القلب عبرها من الانقباض والاسترخاء بشكل يتوافق وحالة هذه الألياف العضلية.
- شُغاف القلب (Endocardium): يمثل الطبقة العميقة التي تبطن الحجرات القلبية الأربعة، وتغطي الصمامات، وتتمادى هذه الطبقة مع بطانة الأوعية الدموية التي تصب أو تخرج من الحجرات القلبية الأربعة.
بعد أن تعرفنا على مكونات القلب النسيجية وحجراته الأربعة مع الأوعية الدموية التي تصب ضمنه، علينا أن نستعرض بشكل دقيق آلية عمل القلب، فكما أشرنا القلب يعمل كمضخة فعالة تضخ الدم المؤكسج إلى جميع أنحاء الجسم.
كما أنها تستقبل بدورها الدم غير المؤكسج وتنقله إلى الرئتين، وتتمكن العضلة القلبية من القيام بهذه المهمات الرئيسية عبر فاعليتها الحركية (التقلُصية) المرنة والمتزامنة مع فاعليتها الكهربائية. [2]
النسيج العقدي القلبي وفاعليته الكهربائية
تحتوي العضلة القلبية نسيجاً عضلياً مميّزاً فقدَ قدرته على التقلص واكتسب فاعلية خاصة؛ تولّدُ التنبيه الكهربائي وتنقله بسرعة كبيرة، ويتألف هذا النسيج العقدي مما يأتي: [2]
- العقدة الجيبية الأذينية (Sino-Atrial Node): تقع هذه العقدة في الجدار الخلفي للأذين الأيمن وتدعى بناظم الخطى (Pacemaker)، ونقصد بالمصطلح السابق أن لهذه العقدة قدرة فعالة على توليد التنبيهات الكهربائية ونقلها عبر جدار الأذين الأيمن لتصل بعدها عبر ألياف التوصيل إلى كامل أجواف القلب بشكل دوريّ ومنتظم وسريع.
- المسالك بين العقد (Internodal Tracts): تعمل على نقل التنبيهات الكهربائية من العقدة الجيبية الأذينية إلى العقدة الأذينية البطينية.
- العقدة الأذينية البطينية (Atrio-Ventricular Node): تقع أسفل الحاجز بين الأذينتين، تتصف بقدرتها على توليد تنبيهات كهربائية إنما بمعدل أقل من العقدة الجيبية.
- حزمة هيس (Bundle Of Hiss): تأتي هذه الحزمة مباشرة بعد العقدة الأذينية البطينية، وتتفرع إلى شعبتين يمنى ويسرى على جانبي الحاجز بين البطينين، تعطي بعدها أليافاً ناقلةً تدعى ألياف بوركنجي (Purkinje Fibers) التي تنقل التنبيه الكهربائي بسرعة بالغة إلى كامل العضلة القلبية.
ملاحظة مهمة: يمكن لجميع أقسام النسيج العقدي أن تولد التنبيه الكهربائي إنما بمعدلات إطلاق مختلفة عن بعضها، مما يجعل العقدة الجيبية ناظم الخطى بينها؛ لقدرتها الممتازة والسّريعة على توليد الفاعلية الكهربائية بمعدل قد يصل إلى 75 مرةً في الدقيقة الواحدة.
تليها العقدة الأذينية البطينية التي تولد ما يعادل 40-60 نبضةً كهربائية في الدقيقة، ثم حزمة هيس التي يبلغ معدل إطلاقها للنبضات نحو 20-40 مرةً في الدقيقة، وأخيراً ألياف بوركنجي التي تنتج نبضات كهربائية أقل من سابقاتها بكثير. [2]
كيفية توليد النبضات الكهربائية ونقلها ضمن القلب
ماذا نقصد بكمون الراحة وكمون العمل؟ وكيف تتزامن الفاعلية الكهربائية والحركية للعضلة القلبية؟ هذا ما سنجيب عنه فيما يأتي: [3]
كمون الراحة للعضلة القلبية
إذا نظرنا عن كثب إلى ليفٍ عضلي قلبي نلاحظ كيف تتوزع الشوارد على طرفيه الداخلي والخارجي بشكل مختلف وغير متساوٍ، لنجد مثلاً شوارد الصوديوم والكلور بكميات أكبر في الخارج قياساً لكميات البوتاسيوم والشوارد العضوية السالبة القليلة داخل الليف.
من خلال هذا التوزيع المتباين نستطيع القول إن الليف العضلي القلبي مستقطبٌ، فهو كالبطارية تماماً يتوضع قطبها الموجب نحو الخارج، والسالب نحو الداخل، نسمي استقطاب الليف العضلي خلال فترة الراحة وبمعزل عن أي تأثير كهربائي مُحرِضٍ؛ "كمون الراحة" (بالإنجليزية: Resting Potential) الذي يبلغ في الليف العضلي القلبي نحو 85 -إلى -95 ميلي فولت.
كمون العمل في العضلة القلبية
للقلب خاصيّة بيولوجية مميزة تدعى قابلية التنبّه أو الاستثارة (بالإنجليزية: Excitability)، فإذا طبقنا منبهاً ذا شدة معينة ولفترة زمنية كافية على ليف عضلي قلبي تنفتح قنوات خاصة في غشاء هذا الليف تدعى بقنوات الصوديوم السّريعة تسمح بمرور شوارد الصوديوم من الخارج نحو الداخل.
ليتسبب هذا المرور بزوال الاستقطاب الذي شاهدناه خلال فترة الراحة، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تنفتح أيضاً قنوات خاصة تمتاز بها الألياف العضلية القلبية يطلق عليها اسم أقنية الصوديوم-الكالسيوم البطيئة، حيث تدخل عبرها كميات كبيرة جداً من شوارد الصوديوم والكالسيوم نحو الداخل.
ويستمر دخول هذه الشوارد لفترة زمنية طويلة تنقص خلالها نفوذية غشاء الليف العضلي القلبي لشوارد البوتاسيوم فتبقى في الجهة الداخلية لليف إلى أن تنغلق قنوات الصوديوم-الكالسيوم البطيئة، يسترجع عندها الغشاء نفوذيته المميزة لشوارد البوتاسيوم سامحاً لها بالمرور من الداخل نحو الخارج، مما يعيد استقطاب الليف العضلي القلبي وصولاً إلى ما كان عليه قبل انفتاح الأقنية، أي إلى كمون الراحة.
تدعى المرحلة الممتدة من انفتاح أقنية الصوديوم وزوال استقطاب الليف العضلي القلبي وحتى عودة استقطابه مجدداً بكمون الفعل (بالإنجليزية: Action Potential)، الذي تنطلق فاعلياته بمجرد وصول التنبيهات الكهربائية من ناظم الخطى (العقدة الجيبية) إلى الألياف العضلية القلبية كافة.
وتتزامن بالطبع الفاعلية الكهربائية القلبية مع فاعليته الحركية التقلصية، لنجد أن كمون الفعل سيحرض دخول شوارد الكالسيوم التي تعتبر مسؤولة بشكل مباشر عن التقلصات الفعالة للعضلة القلبية، وبمجرد انغلاق أقنية الصوديوم-الكالسيوم البطيئة يتوقف تدفق شوارد الكالسيوم بشكل فجائي إلى داخل الليف العضلي القلبي.
لتسارع شوارد البوتاسيوم بالخروج سامحة بعودة استقطاب الليف لما كان عليه قبل وصول التنبيه الكهربائيّ، وتتوقف التقلصات ليبدأ عندها استرخاء العضلة القلبية.
الأصوات القلبية الطبيعية والمرضية
ترافق حركة الدم ضمن الأجواف القلبية الأربعة؛ أصوات مميزة يمكن سماعها إما بوضع الأذن مباشرة على جدار الصدر أو عبر السماعة الطبيّة (بالإنجليزية: Stethoscope)، صوتان منها طبيعيان وآخران مرضيان، وذلك كما يأتي: [3]
1. الصوت الأول (Lub): ينجم عن انغلاق الدسامات الأذينية البطينية (مثلث الشرف والتاجي)، يُعرف بكونه غليظاً وطويلاً ومنخفض اللحن قياساً بالصوت الثاني، تبلغ مدته 0.14 ثانية.
ويتألف الصوت الأول من مركبتين:
- الأولى تنجم عن انغلاق الدسام التاجي (M) تسمع في ذروة القلب، أي عند المسافة الوربية الخامسة.
- بينما تنجم الثانية عن انغلاق الدسام ثلاثي الشرف (T)، وتسمع فوق الذيل الخنجري.
2. الصوت الثاني (Dub): ينتج عن انغلاق الصمامات الهلالية من الجهتين، إضافة إلى مرور الدم بشكل انسيابي من الأذين باتجاه البطين. إنه صوت حادّ وقصير نسبياً، تبلغ مدته نحو 0.11 ثانية.
ولهذا الصوت مركبتان أيضاً، حيث نسمع المركبة الرئوية (P) في الورب الثاني الأيسر، ونستطيع الإصغاء للمركبة الأبهرية (A) بوضع السماعة بمستوى الورب الثاني الأيمن.
3. الصوت الثالث: يعتبر صوتاً طبيعياً إذا سمعه الطبيب الفاحص لدى الأطفال واليافعين، وهو ناجم عن التمدد السريع للبطين أثناء امتلائه بالدم، بينما إذا استمر ظهور هذا الصوت لما بعد سن الأربعين فهو علامة مرضية تتطلب الاستقصاء والبحث عن أسبابها.
4. الصوت الرابع: صوت مرضيّ ينجم عن الانقباض الأذيني الفعّال لا سيما إذا ترافق مع إعاقة نهاية استرخاء البطين تحت تأثير ارتفاع التوتر الشرياني مثلاً.
حصيل القلب أو نتاج القلب
يضخ القلب الدم المؤكسج عبر الشريان الأبهر بما يتناسب وحاجات الأنسجة والأعضاء ضمن الجسم، يطلق على كمية الدم التي يدفعها القلب في الدقيقة الواحدة نتاج القلب (بالإنجليزية: Cardiac Output)، الذي يقدر بنحو 5-6 لترات دم في الدقيقة، حينما يكون حجم الدفقة القلبية الواحدة 80 سم مكعب ومعدل ضربات القلب 70 – 75 نبضة في الدقيقة.
يعادل نتاج (حصيل) القلب حجم دفقة الدم الواحدة مضروباً بمعدل ضربات القلب، ويتأثر نتاج القلب بعوامل عديدة نذكرها وفق الآتي: [1]
- معدل ضربات/نبضات القلب (Heart Rate): يمكن قياس معدل نبضات القلب بشكل مباشر عبر جس نبض شريان سطحي يستند إلى سطح عظميّ كالشريان الكعبري الذي يقع ضمن الميزابة الكعبريّة، ويُجسّ عادة على الوجه الداخليّ للمعصم، نضع إصبعي السبابة والوسطى ونضغطهما بشكل خفيف على مكان توضع الشريان في المعصم، ثمّ نحصي عدد الدفقات الدموية المحسوسة بالإصبعين معاً لمدة دقيقة، بعدها ينبغي أن نحصل على نتيجة تتراوح بين 60-100 نبضة في الدقيقة تمثّل المعدل الطبيعي لضربات القلب عند الإنسان السليم.
وفي حالة أخرى يمكننا أن نعتبر انخفاض معدل ضربات القلب إلى 40-60 ضربة بالدقيقة أمراً طبيعياً لدى الرياضيين، فممارسة التمارين الرياضية بشكل دوري ومتتابع تقوّي عضلات البطين الأيسر وقدرته على التقلص بشكل أكبر، رافعة بذلك حجم الدفقة ليزداد معها نتاج القلب مقابل انخفاض المعدل القلبيّ لديهم.
وبشكل عام، يزداد نتاج القلب عند ازدياد المعدل القلبي إنما بدرجة محدودة، فعندما يفوق معدل ضربات القلب 160 ضربة في الدقيقة، لن يتسنَّى للقلب فرصة كافية للاسترخاء والسماح بامتلاء الأجواف البطينية بالدم؛ مما يؤدي إلى نقص النتاج القلبي. - التمارين الرياضية: تؤدي التمارين الرياضية إلى زيادة فاعلية الجهاز العصبي الودي (بالإنجليزية: Sympathetic Nervous System) أي إلى زيادة القدرة التقلُصية للعضلة القلبية، إضافة إلى زيادة كمية الدم الواردة عبر الوريدين الأجوفين إلى الأذين الأيمن (العود الوريدي)، وبالتالي ازدياد حجم الدفقة التي ستؤثر إيجاباً على نتاج القلب وترفعه.
- التقدم بالعمر: ينقص نتاج القلب مع التقدم بالعمر، نظراً لزيادة المقاومة الوعائية المحيطية وزيادة قابلية الشرايين الدموية للإصابة بتصلب الشرايين (بالإنجليزية: Atherosclerosis)، وهذا يؤثر حكماً بشكل سلبيّ على قدرة البطين الأيسر على دفق الدم باتجاه الأبهر، مسبباً نقصان الحصيل (النتاج) القلبيّ.
- بعض الهرمونات: كالتيروكسين (الهرمون المفرز من الغدة الدرقية) الذي يرفع معدل الاستقلاب في كامل خلايا الجسم، بما فيها العقدة الجيبية الأذينية المولدة للنظم القلبيّ، وهذا ما يؤدي إلى زيادة معدل ضربات القلب (بالإنجليزية: Heart Rate) وبالتالي رفع النتاج القلبي.
معلومات تتعلق ببنية القلب التشريحية
- يستطيع جهاز التخطيط الكهربائي (بالإنجليزية: Electro Cardio Graph) أو اختصاراً (ECG)، تسجيل الفاعلية الكهربائية للعضلة القلبية التي يستفيد منها الأطباء في كشف حالات مرضية معيّنة.
- تبدأ العضلة القلبية تقلصها بعد بضعة من الـ(ميلي ثانية) من انطلاق كمون الفعل، كما أنها تستمر بالتقلص لبضعة من الـ(ميلي ثانية) بعد انتهائه، لنستنتج بالتالي أن مدة تقلص العضلة القلبية تعبّر تماماً عن مدة كمون الفعل (بالإنجليزية: Action potential).
- هناك فترة زمنية أساسيّة تتوقف فيها ألياف العضلة القلبية عن الاستجابة لأي منبه كهربائي مهما كانت شدته طالما أنها استجابت منذ فترة قصيرة جداً لمنبه سابق، تعرف هذه الفترة باسم فترة العصيان المطلق، وهي تعادل تقريباً 0.25 - 0.30 ثانية.
- يحدث التقلص الأذيني الأيمن والأيسر معاً، بمعنى أننا لن نشهد أبداً تقلص الأذين الأيسر دون الأيمن، إنما متوافقون مع بعضهما بعضاً، كذلك الحال أيضاً مع تقلص البطينات.
- ينفتح الدّسّام مثلث الشرف؛ قبل الدّسّام التاجيّ في الحالة الطبيعيّة، ويُغلق بعده.
- ضغط الدم في البطين الأيسر أكبر منه في الأيمن، كذلك فإن الضغط في الشريان الأبهر أكبر منه في الرئوي.
- يطلق على الفترة الممتدة بين بدء ضربة قلبية وبدء الضربة التالية بالدورة القلبية، وهي فترة تتكرر بشكل منتظم دوماً، وتبلغ مدتها نحو 0.8 ثانية. [2] [3]
ختاماً، تعرفنا معاً على مكونات القلب التشريحية والنسيجية، واستعرضنا آلية التقلصات العضلية القلبية وفاعليتها الكهربائية تفصيلاً، وكحال أي عضو من أعضاء الجسم المختلفة يمكن للفاعلية القلبية الطبيعية أن تخضع في بعض الحالات لتغيرات مرضية تنعكس عليها سلباً وتضر بها، مسببةً طيفاً واسعاً ومتنوعاً من الأمراض القلبية الوعائية المهمّة.