قصائد فاروق جويدة
فاروق جويدة (1946) شاعر مصري - ولد في محافظة كفر الشيخ - يعد من الأصوات الشعرية في حركة الشعر العربي المعاصر، نظم كثيراً من ألوان الشعر ابتداء بالقصيدة العمودية وانتهاء بالمسرح الشعري، تخرج من كلية الآداب قسم الصحافة، وبدأ حياته العملية محررا بالقسم الاقتصادي بجريدة الأهرام، ثم سكرتيراً لتحرير الأهرام، وهو حالياً رئيس القسم الثقافي بالأهرام.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
قدم للمكتبة العربية 20 كتاباً من بينها 13 مجموعة شعرية، كما قدم للمسرح الشعري 3 مسرحيات حققت نجاحاً كبيراً في عدد من المهرجانات المسرحية هي: الوزير العاشق ودماء على ستار الكعبة والخديوي، كما تُرجمت بعض قصائده ومسرحياته إلى عدة لغات عالمية، وتناولت أعماله عدداً من الرسائل الجامعية في الجامعات المصرية والعربية، وقد عُين بالفريق الرئاسي واستقال منه احتجاجاً على الإعلان الدستوري المكمل 2012. [1]
قصيدة وعادت حبيبتي
يا ليل لا تعتب علي إذا رحلت مع النهار
فالنورس الحيران عاد لأرضه.. ما عاد يهفو للبحار
وأنامل الأيام يحنو نبضها
حتى دموع الأمس من فرحي.. تغار
وفمي تعانقه ابتسامات هجرن العمر حتى إنني
ما كنت أحسبها.. تحن إلى المزار
فالضوء لاح على ظلال العمر فانبثق النهار
يا ليل لا تعتب علي
فلقد نزفت رحيق عمري في يديك
وشعرت بالألم العميق يهزني في راحتيك
وشعرت أني طالما ألقيت أحزاني عليك
الآن أرحل عنك في أمل.. جديد
كم عاشت الآمال ترقص في خيالي.. من بعيد
و قضيت عمري كالصغير
يشتاق عيدا.. أي عيد
حتى رأيت القلب ينبض من جديد
لو كنت تعلم أنها مثل النهار
يوما ستلقاها معي..
سترى بأني لم أخنك و إنما
قلبي يحن.. إلى النهار
يا ليل لا تعتب علي..
قد كنت تعرف كم تعذبني خيالاتي
وتضحك.. في غباء
كم قلت لي إن الخيال جريمة الشعراء
و ظننت يوما أننا سنظل دوما.. أصدقاء
أنا زهرة عبث التراب بعطرها
ورحيق عمري تاه مثلك في الفضاء
يا ليل لا تعتب علي
أتراك تعرف لوعة الأشواق؟
و تنهد الليل الحزين و قال في ألم:
أنا يا صديقي أول العشاق
فلقد منحت الشمس عمري كله
وغرست حب الشمس في أعماقي
الشمس خانتني وراحت للقمر
و رأيتها يوما تحدق في الغروب إليه تحلم بالسهر
قالت: عشت البدر لا تعتب
على من خان يوما أو هجر
فالحب معجزة القدر
لا ندري كيف يجئ.. أو يمضي كحلم.. منتظر
فتركتها و جعلت عمري واحة
يرتاح فيها الحائرون من البشر
العمر يوم ثم نرحل بعده
ونظل يرهقنا المسير
دعني أعيش ولو ليوم واحد
وأحب كالطفل.. الصغير
دعني أحس بأن عمري
مثل كل الناس يمضي.. كالغدير
دعني أحدق في عيون الفجر
يحملني.. إلى صبح منير
فلقد سئمت الحزن والألم المرير [2]
قصيدة إذا دارت بنا الدنيا
إذا دارت بنا الدنيا وخانتنا أمانينا
وأحرقنا قصائدَنا وأسكتنا أغانينا...
ولم نعرف لنا بيتا من الأحزان يؤوينا
وصار العمر أشلاء ودمّر كلّ مافينا ...
وصار عبيرنا كأسا محطّمةً بأيدينا
سيبقى الحب واحَتنا إذا ضاقت ليالينا
إذا دارت بنا الدنيا ولاحَ الصيف خفّاقا
وعادَ الشعرُ عصفورا إلى دنيايَ مشتاقا...
وقالَ بأننا ذبنا ..مع الأيام أشواقا
وأن هواكِ في قلبي يُضئ العمرَ إشراقا ...
سيبقى حُبُنا أبدا برغم البعدِ عملاقا
وإن دارت بنا الدنيا وأعيتنا مآسيها...
وصرنا كالمنى قَصصا مَعَ العُشّاقِ ترويها
وعشنا نشتهي أملا فنُسمِعُها ..ونُرضيها...
فلم تسمع ..ولم ترحم ..وزادت في تجافيها
ولم نعرف لنا وطنا وضاع زمانُنا فيها...
وأجدَب غصنُ أيكتِنا وعاد اليأسُ يسقيها
عشقنا عطرها نغما فكيف يموت شاديها
وإن دارت بنا الدنيا وخانتنا أمانينا ..
وجاء الموت في صمتٍ وكالأنقاض يُلقينا ...
وفي غضبٍ سيسألنا على أخطاء ماضينا
فقولي: ذنبنا أنا جعلنا حُبنا دينا
سأبحث عنك في زهرٍ ترعرع في مآقينا
وأسأل عنك في غصن سيكبر بين أيدينا
وثغرك سوف يذكُرني ..إذا تاهت أغانينا
وعطرُك سوف يبعثنا ويُحيي عمرنا فينا [3]
قصيدة لأن الشوق معصيتي
لا تذكري الأمس إني عشت أخفيه
إن يغفر القلب جرحي من يداويه
قلبي وعيناك والأيام بينهما
درب طويل تعبنا من ماسيه
إن يخفق القلب كيف العمر نرجعه
كل الذي مات فينا كيف نحييه
الشوق درب طويل عشت أسلكه
ثم انتهى الدرب وارتاحت أغانيه
جئنا إلى الدرب والأفراح تحملنا
واليوم عدنا بنهر الدمع نرثيه
مازلت أعرف أن الشوق معصيتي
والعشق والله ذنب لست أخفيه
قلبي الذي لم يزل طفلا يعاتبني
كيف انقضى العيد وانقضت لياليه
يا فرحة لم تزل كالطيف تسكرني
كيف انتهى الحلم بالأحزان والتيه
حتى إذا ما انقضى كالعيد سامرنا
عدنا إلى الحزن يدمينا وندميه
مازال ثوب المنى بالضوء يخدعني
قد يصبح الكهل طفلا في أمانيه
أشتاق في الليل عطرا منك يبعثني
ولتسألي العطر كيف البعد يشقيه
ولتسألي الليل هل نامت جوانحه
ما عاد يغفو ودمعي في ماقيه
يا فارس العشق هل في الحب مغفرة
حطمت صرح الهوى والان تبكيه
الحب كالعمر يسري في جوانحنا
حتى إذا ما مضى لا شيء يبقيه
عاتبت قلبي كثيرا كيف تذكرها
وعمرك الغض بين اليأس تلقيه
في كل يوم تعيد الأمس في ملل
قد يبرأ الجرح والتذكار يحييه
إن ترجعي العمر هذا القلب أعرفه
مازلت والله نبضا حائرا فيه
أشتاق ذنبي ففي عينيك مغفرتي
يا ذنب عمري ويا أنقى لياليه
ماذا يفيد الأسى أدمنت معصيتي
لا الصفح يجدي ولا الغفران أبغيه
إني أرى العمر في عينيك مغفرة
قد ضل قلبي فقولي كيف أهديه [4]
قصيدة لقاء الغرباء
علمتني الأشواقَ منذ لقائنا
فرأيتُ في عينيكِ أحلامَ العُمر
وشدوتُ لحناً في الوفاءِ .. لعله
ما زال يؤنسني بأيامِ السهر
وغرستُ حُبكِ في الفؤادِ وكلما
مضت السنينُ أراهُ دوماً .. يزدهر
وأمامَ بيتكِ قد وضعتُ حقائبي
يوماً ودعتُ المتاعبَ والسفر
وغفرتُ للأيامِ كُلَّ خطيئةٍ
وغفرتُ للدنيا .. وسامحتُ البشر
علمتني الأشواقَ كيف أعيشُها
وعرفتُ كيف تهزني أشواقي
كم داعبت عينايَ كل دقيقةٍ
أطياف عمرٍ باسمِ الإشراقِ
كم شدني شوق إليكِ لعله
ما زال يحرق بالأسى أعماقي
أو نلتقي بعد الوفاءِ .. كأننا
غرباءُ لم نحفظ عهوداً بيننا
يا من وهبتُكِ كل شيء إنني
ما زلتُ بالعهد المقدسِ .. مؤمنا
فإذا انتهت أيامُنا فتذكري
أن الذي يهواكِ في الدنيا .. أنا [5]