قصائد عنترة بن شداد
عَنْتَرَةٌ بْنُ شَدَّادِ بْنُ قُرَادِ الْعَبَسِيّ (525م - 608م)، فارِس عَربي - اشتراكه في حرب داحس والغبراء - يُعَد من أشهر شُعراء الجاهلية - فََترة ما قبل الإسلام، لقب بالفلحاء لتشقق في شفتيه، اشتهر بِشعر الفُروسية، وبِالغَزل العَفيف، وقد أحبّ عنترة ابنة عمه عبلة بنت مالك أعظم الحب وأشده، وكانت من أجمل نساء قومها، وعندما تقدم عنترة إلى عمه مالك ليخطب ابنته، رفض أن يزوجه ابنته لأنه أسود اللون، كما يقال بأنه طلب منه طلبات تعجيزية كمهرٍ لها لسد السبل في وجهه.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
أمه كانت أميرة حبشية يقال لها زبيبة، أعجب بها شداد بعد أن تم أسرها في هجمة على قافلتها، وأنجب منها عنترة - كان ضخم البنية طويل القامة وله شعر ملتف - وكان له إخوة من أمه وهم جرير وشيبوب، وقد كان هو وإخوانه عبيداً لأن العرب كانت لا تعترف ببني الإماء إلا إذا امتازوا على أكفائهم ببطولة أو بالشعر. [1]
قصيدة حسناتي عند الزمان ذنوب
حَسَناتي عِندَ الزَمانِ ذُنوبُ
وَفَعالي مَذَمَّةٌ وَعُيوبُ
وَنَصيبي مِنَ الحَبيبِ بِعادٌ
وَلِغَيري الدُنُوُّ مِنهُ نَصيبُ
كُلُّ يَومٍ يُبري السُقامَ مُحِبٌّ
مِن حَبيبٍ وَما لِسُقمي طَبيبُ
فَكَأَنَّ الزَمانَ يَهوى حَبيباً
وَكَأَنّي عَلى الزَمانِ رَقيبُ
إِنَّ طَيفَ الخَيالِ يا عَبلَ يَشفي
وَيُداوى بِهِ فُؤادي الكَئيبُ
وَهَلاكي في الحُبِّ أَهوَنُ عِندي
مِن حَياتي إِذا جَفاني الحَبيبُ
يا نَسيمَ الحِجازِ لَولاكِ تَطفا
نارُ قَلبي أَذابَ جِسمي اللَهيبُ
لَكِ مِنّي إِذا تَنَفَّستُ حَرٌّ
وَلِرَيّاكِ مِن عُبَيلَةَ طيبُ
وَلَقَد ناحَ في الغُصونِ حَمامٌ
فَشَجاني حَنينُهُ وَالنَحيبُ
باتَ يَشكو فِراقَ إِلفٍ بَعيدٍ
وَيُنادي أَنا الوَحيدُ الغَريبُ
يا حَمامَ الغُصونِ لَو كُنتَ مِثلي
عاشِقاً لَم يَرُقكَ غُصنٌ رَطيبُ
فَاِترُكِ الوَجدَ وَالهَوى لِمُحِبٍّ
قَلبُهُ قَد أَذابَهُ التَعذيبُ
كُلَّ يَومٍ لَهُ عِتابٌ مَعَ الدَه
رِ وَأَمرٌ يَحارُ فيهِ اللَبيبُ
وَبَلايا ما تَنقَضي وَرَزايا
ما لَها مِن نِهايَةٍ وَخُطوبُ
سائِلي يا عُبَيلَ عَنّي خَبيراً
وَشُجاعاً قَد شَيَّبَتهُ الحُروبُ
فَسَيُنبيكِ أَنَّ في حَدِّ سَيفي
مَلَكَ المَوتِ حاضِرٌ لا يَغيبُ
وَسِناني بِالدارِعينِ خَبيرٌ
فَاِسأَليهِ عَمّا تَكونُ القُلوبُ
كَم شُجاعٍ دَنا إِلَيَّ وَنادى
يا لَقَومي أَنا الشُجاعُ المَهيبُ
ما دَعاني إِلّا مَضى يَكدِمُ الأَرضَ
وَقَد شُقَّت عَلَيهِ الجُيوبُ
وَلِسُمرِ القَنا إِلَيَّ اِنتِسابٌ
وَجَوادي إِذا دَعاني أُجيبُ
يَضحَكُ السَيفُ في يَدي وَيُنادي
وَلَهُ في بَنانِ غَيري نَحيبُ
وَهوَ يَحمى مَعي عَلى كُلِّ قِرنٍ
مِثلَما لِلنَسيبِ يَحمي النَسيبُ
فَدَعَوني مِن شُربِ كَأسِ مُدامٍ
مِن جَوارٍ لَهُنَّ ظَرفٌ وَطيبُ
وَدَعوني أَجُرُّ ذَيلَ فَخارٍ
عِندَما تُخجِلُ الجَبانَ العُيوبُ [2]
قصيدة حكّمْ سيُوفَكَ في رقابِ العُذَّل
حَكِّم سُيوفَكَ في رِقابِ العُذَّلِ
وَإِذا نَزَلتَ بِدارِ ذُلٍّ فَاِرحَلِ
وَإِذا بُليتَ بِظالِمٍ كُن ظالِماً
وَإِذا لَقيتَ ذَوي الجَهالَةِ فَاِجهَلي
وَإِذا الجَبانُ نَهاكَ يَومَ كَريهَةٍ
خَوفاً عَلَيكَ مِنَ اِزدِحامِ الجَحفَلِ
فَاِعصِ مَقالَتَهُ وَلا تَحفِل بِها
وَاِقدِم إِذا حَقَّ اللِقا في الأَوَّلِ
وَاِختَر لِنَفسِكَ مَنزِلاً تَعلو بِهِ
أَو مُت كَريماً تَحتَ ظُلِّ القَسطَلِ
فَالمَوتُ لا يُنجيكَ مِن آفاتِهِ
حِصنٌ وَلَو شَيَّدتَهُ بِالجَندَلِ
مَوتُ الفَتى في عِزَّةٍ خَيرٌ لَهُ
مِن أَن يَبيتَ أَسيرَ طَرفٍ أَكحَلِ
إِن كُنتَ في عَدَدِ العَبيدِ فَهِمَّتي
فَوقَ الثُرَيّا وَالسِماكِ الأَعزَلِ
أَو أَنكَرَت فُرسانُ عَبسٍ نِسبَتي
فَسِنانُ رُمحي وَالحُسامُ يُقِرُّ لي
وَبِذابِلي وَمُهَنَّدي نِلتُ العُلا
لا بِالقَرابَةِ وَالعَديدِ الأَجزَلِ
وَرَمَيتُ مُهري في العَجاجِ فَخاضَهُ
وَالنارُ تَقدَحُ مِن شِفارِ الأَنصُلِ
خاضَ العَجاجَ مُحَجَّلاً حَتّى إِذا
شَهِدَ الوَقيعَةَ عادَ غَيرَ مُحَجَّلِ
وَلَقَد نَكَبتُ بَني حُريقَةَ نَكبَةً
لَمّا طَعَنتُ صَميمَ قَلبِ الأَخيَلِ
وَقَتَلتُ فارِسَهُم رَبيعَةَ عَنوَةً
وَالهَيذُبانَ وَجابِرَ بنَ مُهَلهَلِ
وَاِبنَي رَبيعَةَ وَالحَريشَ وَمالِكا
وَالزِبرِقانُ غَدا طَريحَ الجَندَلِ
وَأَنا اِبنُ سَوداءِ الجَبينِ كَأَنَّها
ضَبُعٌ تَرَعرَعَ في رُسومِ المَنزِلِ
الساقُ مِنها مِثلُ ساقِ نَعامَةٍ
وَالشَعرُ مِنها مِثلُ حَبِّ الفُلفُلِ
وَالثَغرُ مِن تَحتِ اللِثامِ كَأَنَّهُ
بَرقٌ تَلَألَأَ في الظَلامِ المُسدَلِ
يا نازِلينَ عَلى الحِمى وَدِيارِهِ
هَلّا رَأَيتُم في الدِيارِ تَقَلقُلي
قَد طالَ عِزَّكُم وَذُلّي في الهَوى
وَمِنَ العَجائِبِ عِزَّكُم وَتَذَلَّلي
لا تَسقِني ماءَ الحَياةِ بِذِلَّةٍ
بَل فَاِسقِني بِالعِزِّ كَأسَ الحَنظَلِ
ماءُ الحَياةِ بِذِلَّةٍ كَجَهَنَّمٍ
وَجَهَنَّمٌ بِالعِزِّ أَطيَبُ مَنزِلِ [3]
قصيدة رمت الفؤاد مليحة عذراء
رمــــــت الـــفــؤاد مــلـيـحـة عـــــذراء
بــســهــام لـــحــظ مـــــا لـــهــن دواء
مـــــرت أوان الــعــيـد بـــيــن نــواهــد
مــثـل الـشـمـوس لـحـاظـهن ظــبـاء
فاغتالني سقمي الذي في باطني
أخـــفــيــتــه فـــــأذاعــــه الإخــــفــــاء
خـطـرت فـقـلت قـضـيب بـان حـركت
أعــطــافـه بـــعــد الــجــنـوب صـــبــاء
ورنـــــت فــقــلـت غــزالــة مــذعــورة
قــــد راعــهــا وســــط الــفــلاة بـــلاء
وبــــدت فــقـلـت الــبـدر لـيـلـة تــمـه
قــــــد قــلــدتـه نــجـومـهـا الـــجــوزاء
بـسـمـت فـــلاح ضــيـاء لـؤلـؤ ثـغـرها
فـــيــه لـــــداء الـعـاشـقـيـن شـــفــاء
ســجــدت تــعـظـم ربــهــا فـتـمـايلت
لـــجــلالــهــا أربـــابـــنـــا الــعــظــمــاء
يـــا عــبـل مــثـل هـــواك أو أضـعـافه
عـــنــدي إذا وقــــع الإيــــاس رجــــاء
إن كـــان يـسـعدني الـزمـان فـإنـني
فـــــــي هـــمــتــي لـــصــروفــه أرزاء [4]
قصيدة يا عبل قري بوادي الرمل آمنة
يا عَبلَ قَرّي بوادِي الرَّمل آمِنة ً
من العداة ِ وإن خوفتِ لا تخفي
فدونَ بيتك أسدٌ في أناملها
بيْضٌ تقُدُّ أَعالي البيض والحَجَفِ
لله دَرُّ عَبْسٍ لقدْ بلَغوا
كلَّ الفخارِِ ونالوا غاية َ الشِّرفِ
خافُوا من الحرْبِ لمّا أبصروا فرَسي
تحتَ العجَاجة ِ يهْوي بي إلى التلفِ
ثمَّ اقْتفوا أثري منْ بعدِ ما علموا
أنَّ المنية َ سهمٌ غير منصرفِ
خضتُ الغبار ومهري أدهمٌ حلك
فَعادَ مخْتضِباً بالدَّمّ والجِيَفِ
ما زِلْتُ أُنْصِفُ خصْمي وهوَ يظْلمني
حتى غدا منْ حسامي غيرَ منتصف
وإنْ يعيبوا سواداً قد كُسيتُ بهِ
فالدرُّ يسترهُ ثوبٌ من الصّدف [5]