بلقيس ملكة سبأ
بلقيس ملكة سبأ أحد أبرز الشخصيات النسائية في العصور القديمة. فقد كانت امرأة ذات ملك عظيم وحكمة بالغة، ذُكرَت في القرآن الكريم ليُخلَّد ذكرها حتى آخر الزمان. وها نحن الآن نتحدث عن هذه الشخصية ونتعرَّف على قصتها بشيءٍ من التفصيل.
قصة بلقيس ملكة سبأ وعلاقتها مع الجن
يرجع عصر بلقيس ملكة سبأ إلى القرن العاشر قبل الميلاد. ويُقال فيما رويَ عنها من أساطير أن أمها كانت من الجن. إذ كان والدها يرفض الزواج من بنات الملوك، فزوجوه جنية، وأنجبا بنتًا فائقة الجمال تُدعى "بلقمة" وهي "بلقيس". وقد استنكر الكثيرون هذه الرواية مُرجعين الأمر إلى استحالة التناسل بين الإنس والجن لتباينهما واختلاف طبيعتهما. [1]
أما نسبها فينتهي لهميسع بن حمير وفق ما ورد في أحد أسفار التوراة (سفر التكوين). وقد نشأت بلقيس سليلة الحسب والنسب لتُصبح امرأة بالغة الجمال شديدة الحكمة والذكاء، لديها من المقومات ما يؤهلها لتقلد الحكم.
كيف تولت بلقيس الحكم
قيل في قصة تولي بلقيس الحكم أن والدها "الهدهاد بن شرحبيل" كان يثق فيها جدًّا، غير أنه لم يُنجب أولادًا ذكور، فورَّثها عرش مملكة سبأ. إلَّا أن بلقيس لاحظت فور توليها الحكم رفض شعبها لها وعدم تقبلهم لأن تتولى أمرهم امرأة. وما إن انتشرت تلك الأخبار إلى خارج المملكة حتى بدأ الملوك المجاورون يطمعون في الاستيلاء على ذلك العرش، وكان على رأسهم "ذي الأذعار" الذي عُرِفَ بظلمه وبطشه. فما كان منها إلا أن تنكرت وذهبت إليه تراوغه وتراوده، وبدأت تسقيه الخمر وتقنعه بالزواج منها حتى غاب عقله، فاستلَّت خنجره وقتلته.
أثار ما فعلته بلقيس إعجاب الكثيرين، خاصةً من كانوا يعانون من بطش ذي الأذعار وظلمه. ومنذ ذلك الحين بدأت بلقيس في القيام على شؤون الحكم بحكمة بالغة وسط مستشاريها ورجال دولتها الأقوياء الأوفياء.
قصة بلقيس ملكة سبأ مع سليمان
ذُكِرَت بلقيس ملكة سبأ في القرآن الكريم دون التصريح باسمها ضمن قصة سُليمان عليه السلام. وتبدأ أحداث القصة بإقامة عرض عسكري لجنود سيدنا سليمان عليه السلام غاب خلاله الهدهد. فلما لاحظ سليمان غيابه هدد بتعذيبه أو ذبحه ما لم يأتِ بحجة قوية وسبب مُقنع لهذا الغياب. [2]
فما إن أتى الهدهد حتى بدأ يقص على سيدنا سليمان ما رآه في سبأ. فقد رأى امرأة تتولى الحكم، ولديها وفرة في القوة والمال، ولها عرش عظيم. إلا أنه لاحظ أن قومها يسجدون للشمس من دون الله. وهو ما ذكره سبحانه وتعالى في سورة النمل:
(وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (20) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ (21) فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22) إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24) أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25) اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيم) [3]
اهتم سيدنا سليمان بالأمر ورأى أن يتأكد بنفسه، فكتب رسالة وطلب من الهدهد أن يلقيها على ملكة سبأ ثم يتابع الأمر من بعيد ليرى ماذا هي فاعلة.
حكمة بلقيس في الرد على سليمان
نفذ الهدهد أمر سيدنا سليمان وألقى الرسالة على بلقيس، فما كان منها إلا أن جمعت كبار رجالها وقرأت عليهم الرسالة التي تتضمن دعوة لها من سيدنا سليمان للدخول وشعبها في الإسلام طوعًا لا كرها. وهو ما ورد في آيات الذكر الحكيم في قوله تعالى: (إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (31) أَلاَّ تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ). [3]
وتجلت حكمتها وتواضعها وأخذها بمبدأ الشورى حين أردفت تستشيرهم كما ورد في الآيات: (قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ (33) قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُوْلُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ) [3]
ومع مواصلة التشاور شعرت بلقيس بضرورة التعرف أكثر على سليمان، رغبةً منها في تجنب حدوث صدام أو مواجهة؛ فهي تعلم تمام العلم أن الملوك الأقوياء ما دخلوا بلدًا حتى حولوا أعزة أهلها إلى عبيد وأسرى. ورأت أن تُرسِل له هدية وتنظر ماذا يفعل.
فما كان من سيدنا سليمان إلا أن أعاد إليها هديتها مُهددًا بإرسال جيوشه إليهم نظير عدم إسلامهم. وهو ما دفع بلقيس ورجالها إلى الاستسلام لسيدنا سليمان وإبلاغه بذهاب ملكة سبأ إليه على رأس وفد من كِبار رجال مملكتها.
وها هو سليمان يقرر أن يُبهر ملكة سبأ ويريها بعضًا مما آتاه الله فطلب من الجن المُسخرين له بأمر الله أن يأتوه بعرش بلقيس قبل أن تأتي بنفسها. فقال أحدهم: "أنا آتيك به قبل أن تقوم من مجلسك"، وقال آخر: "أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك". وقد كان، فشكر سليمان ربه.
إسلام بلقيس على يد سليمان
هنا وجدت بلقيس نفسها عند سليمان دون حولٍ منها ولا قوة. ليس هذا فحسب، فقد انبهرت من جمال ما رأت وعظمته. إذ بدا لها عرش سليمان قائم على الماء، ولكن ما إن كشفت عن ساقيها لتخطو في الماء حتى اكتشفت أن هذا الماء الجاري أمامها مُغطى بزجاجٍ نقيٍّ لا تكاد تلحظه الأعين. فما كان منها إلا أن قالت ربِّ إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان وجنوده. وهو ما ورد في قوله تعالى: (قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ). [3]
الأسئلة الشائعة
من هو زوج بلقيس ملكة سبأ؟
ذكرت العديد من كتب التاريخ الإسلامي قصة زواج نبي الله سليمان عليه السلام من ملكة سبأ بلقيس.
من هي بلقيس ملكة سبأ؟
بلقيس التي عرفت باسم بلقيس بنت الهدهاد واسمها الحقيقي هو بلقمة بنت شيصان وهي ملكة سبئية يقال أن أمها كانت جنية ووالدها هو الهدهاد بن شرحبيل.
ما هو نسب بلقيس ملكة سبأ؟
يعود نسب بلقيس ملكة سبأ إلى لهميسع بن حمير وذلك وفقاً لما ورد في سفر التكوين.
كانت هذه أهم المعلومات حول قصة بلقيس ملكة سبأ زوجة نبي الله سليمان عليه الصلاة والسلام.
شاهدي أيضاً: قصة سليمان عليه السلام مع النمل
شاهدي أيضاً: قصة نبي الله سليمان
شاهدي أيضاً: قصة سليمان عليه الصلاة والسلام