اليوم العالمي للسرطان (World Cancer Day)
يعد مرض السرطان من أخطر الأمراض المنتشرة في العالم، لذلك خصصت له الأمم المتحدة يوماً دولياً للتذكير بمخاطر هذا المرض، وأهمية الكشف المبكر عنه، وطرق الوقاية منه.. فما هو هذا اليوم العالمي؟ وما هو مرض السرطان؟ وما هي آخر الإحصاءات العالمية حول هذا المرض؟ هذا ما سنجيب عنه في هذه المقالة.
تحديد اليوم العالمي لمرض السرطان
تأسس اليوم العالمي للسرطان في ميثاق باريس المعتمَد عن مرض السرطان؛ في الرابع من شهر شباط/فبراير عام 2000، ويهدف الميثاق إلى تحقيق الأهداف التالية:
- تعزيز البحوث لعلاج المرضى المصابين بهذا المرض والوقاية منه.
- رفع مستوى الخدمات المقدمة للمرضى.
- توعية الرأي العام وتعبئة المجتمع الدولي ضد السرطان.
وبحسب موقع اليوم العالمي للسرطان يموت كل عام 8.2 مليون شخص في أنحاء العالم بسبب أمراض السرطان، منهم أربعة ملايين شخص يموتون قبل الأوان (تتراوح أعمارهم بين 30- 69 عاماً).
آليات ميثاق باريس لمحاربة السرطان
أكدت المادة العاشرة من ميثاق باريس أن مرض السرطان ليس له حدود، ولا تستطيع الدول مكافحته منفردة، بل لا بد من وضع نهج تعاوني جديد للبحث والتوعية والوقاية والعلاج عالمياً، وذلك من ما يلي:
- إنشاء لجان دائمة من شأنها أن تنتج تقارير سنوية، هدفها قياس التقدم المحرز في كل مادة من مواد الميثاق.
- تشكيل شبكة عالمية لتشجيع الدعم الشعبي بهدف زيادة الوعي المجتمعي بأهداف الميثاق.
- إنشاء مؤسسة بحثية عالمية مكونة من كبار المجتمعات المهنية في جميع أنحاء العالم. وسيتم تخصيص هذه المؤسسة لضمان الحصول على المعارف الحالية حول أمراض السرطان ومشاركتها عالمياً، بحيث يتم تحديد الفجوات البحثية واستكشاف مجالات واعدة في معالجة السرطان.
- العمل على حشد مليون شخص في جميع أنحاء العالم للتوقيع على ميثاق باريس بحلول عام 2001، بالتالي الاستعداد للتعبئة العامة لصالح المتضررين من السرطان. وهو ما تحقق لاحقاً.
تاريخ مرض ومصطلح السرطان
مرض السرطان ليس حديث بل مرض قديم، وفق ما أكدته جمعية السرطان الأمريكية، يعود تاريخه إلى ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد، حيث وجد في مصر جزء من كتاب مصري قديم عن جراحة الحوادث، وصف فيها الكتاب ثماني حالات عن أورام الثدي تم إزالتها بالكي.
أما مصطلح السرطان فجاء متأخراً نوعاً ما، حيث استخدمه للمرة الأولى الطبيب اليوناني أبقراط (أبو الطب)، (عاش بين عامي 460-370 قبل الميلاد) بالكلمة اليونانية (carcinos) لوصف نمو الأورام، ثم انتقلت الكلمة إلى الإمبراطورية الرومانية من خلال الطبيب الروماني سيلسوس (بين عامي 28-50 قبل الميلاد)، وهذه الكلمة اليونانية (carcinos) تستخدم لوصف الأمراض الخبيثة.
كما استخدم الطبيب اليوناني جالينوس (الذي عاش بين عامي 130-200) كلمة (oncos) لوصف الأورام، ومرض السرطان عبارة عن نمو غير طبيعي لبعض خلايا جسم الإنسان وبشكل خارج عن السيطرة، يعد هذا المرض (السرطان) السبب الرئيسي الثاني للوفاة في الولايات المتحدة، فحوالي نصف جميع الرجال وثلث النساء في الولايات المتحدة الأمريكية يصابون بالسرطان خلال حياتهم.
أعراض الإصابة بمرض السرطان
من حيث المبدأ لا يعني وجود الأعراض وجود مرض السرطان، نظراً لتشابه الأعراض مع أمراض أخرى، لكن في حال كان لدى الشخص أحد هذه الأعراض واستمرت لفترة طويلة، فيجب مراجعة الطبيب لمعرفة السبب، وهذه الأعراض هي:
- خسارة الوزن غير المبررة: معظم الناس المصابين بالسرطان يفقدون وزنهم بسرعة، بشكل غير مبرر، وهذا قد يكون أول علامة على السرطان، يحدث هذا في أغلب الأحيان مع سرطان البنكرياس والمعدة والمريء (أنبوب البلع) أو الرئة.
- الحمى: أمر شائع جداً مع مرض السرطان، والحمى قد تكون علامة مبكرة على الإصابة بالسرطان، مثل: سرطان الدم (اللوكيميا) أو سرطان الغدد الليمفاوية.
- التعب: التعب الشديد غير المبرر (بمعنى لا يوجد سبب منطقي له كالعمل لساعات طويلة أو الدراسة لفترات طويلة)، قد يكون أحد الأعراض الهامة مع نمو السرطان لكن قد يحدث مبكراً في بعض أنواع السرطان، مثل: سرطان الدم.
- الألم: قد يكون الألم عرضاً مبكراً مع بعض أنواع السرطان مثل: سرطان العظام وسرطان الخصية، أما الصداع فقد يكون من أعراض ورم في المخ، كذلك آلام الظهر يمكن أن تكون أحد أعراض سرطان القولون والمستقيم أو المبيض. في معظم الأحيان، الألم بسبب السرطان يعني أنه قد انتشر بالجسد من حيث بدأ.
- التغيرات الجلدية: مثل: قتامة البشرة (فرط التصبغ)، اصفرار الجلد والعينين، احمرار الجلد، الحكة، نمو الشعر الزائد.
علامات وأعراض الإصابة ببعض أنواع السرطان
إضافةً للأعراض العامة السابقة توجد أعراض محددة لبعض أنواع السرطان، لكن يجب أن تضع في اعتبارك عزيزي القارئ أنه ليس بالضرورة أن تكون الأعراض دليلاً على الإصابة بالمرض، لكنها مفيدة في معرفة سبب الأعراض، وأحياناً الكشف المبكر عن المرض يسرع العلاج، فعلى سبيل المثال:
- التغيير في عادات الأمعاء أو وظيفة المثانة: مثل: المعاناة من الإمساك، الإسهال، تغير حجم البراز، قد يكون مؤشراً على سرطان القولون.
- ألم عند التبول، دم في البول أو تغيير في وظيفة المثانة: (مثل الحاجة إلى التبول أكثر أو أقل من المعتاد)، يمكن أن تكون مؤشراً على سرطان المثانة أو سرطان البروستات.
- دم في البراز: يمكن أن تكون علامة على سرطان القولون أو سرطان المستقيم.
- القروح التي لا تلتئم: قد تكون مؤشراً لسرطان الجلد.
- قروح طويلة الأمد في الفم، وجود بقع بيضاء داخل الفم كذلك بقع على اللسان: قد تكون مؤشراً على سرطان الفم.
- السعال الذي يترافق مع الدم: قد يكون علامة على سرطان الرئة.
- نزيف مهبلي غير طبيعي: قد يكون مؤشر على سرطان عنق الرحم أو بطانة الرحم.
- إفرازات دموية من الحلمة، أو سماكة وتكتل الثدي: قد تكون علامة على سرطان الثدي.
- عسر الهضم أو صعوبة في البلع: قد تكون مؤشر على سرطان المري، المعدة، أو البلعوم (الحلق).
الكشف المبكر عن مرض السرطان يساعد في سرعة المعالجة ويحد من انتشاره
بينت منظمة الصحة العالمية أن الكشف المبكر عن السرطان يزيد بشكل كبير من فرص نجاح العلاج، ويشير الفحص المبكر إلى استخدام اختبارات بسيطة من أجل تحديد إذا كان الأفراد مصابين بهذا المرض أم لا، ففي بعض الأحيان يكون المرض موجوداً لكن لم تظهر الأعراض بعد، ومن الأمثلة على ذلك، سرطان الثدي حيث يتم الفحص باستخدام التصوير الشعاعي للثدي، وفحص سرطان عنق الرحم باستخدام أساليب علم الخلايا (الفرز)، بما في ذلك مسحات (خزعات) عنق الرحم.
الطرق العلاجية للسرطان بالجراحة والإشعاع وكيميائياً وبالخلايا الجذعية وغيرها
توجد عدة طرق لعلاج السرطان وفق ما ذكر المعهد الوطني لأبحاث السرطان في الولايات المتحدة الأمريكية، وهذه الطرق هي:
1- العمليات الجراحية
أحياناً تكون العمليات الجراحية هي الحل الوحيد لاستئصال الورم، وفي معظم الحالات يتم اللجوء لأنواع أخرى من العلاج سنتناولها في الفقرات القادمة، ويمكن إجراء العملية لتحقيق أحد هذه الأهداف:
- استئصال الورم بالكامل.
- استئصال الورم من منطقة محددة.
- استئصال جزء من الورم، عندما يكون استئصال الورم يضرّ الجسم.
- تخفيف أعراض السرطان.
تسبق العملية الجراحية تحاليل طبية، وصور بالأشعة السينية، لمعرفة المرحلة التي وصل إليها المرض، وبعد الجراحة ينصح بأخذ استراحة يحددها الطبيب المعالج. أحياناً تكون الجراحة هي العلاج الوحيد لكن في معظم الأحيان، هناك علاجات أخرى لمرض السرطان.
2- العلاج الإشعاعي
هو علاج السرطان باستخدام جرعات عالية من الإشعاع لقتل الخلايا السرطانية وتقليص حجم الأورام. في الجرعات المنخفضة، يستخدم الإشعاع في الأشعة السينية لرؤية داخل الجسم، كما هو الحال مع الأشعة السينية للأسنان أو كسور العظام. نذكر أن من آثار العلاج الإشعاعي الجانبية، أنه لا يقتل أو يبطئ نمو الخلايا السرطانية فقط، بل يمكن أن يؤثر على الخلايا السليمة المجاورة، ومن أشهر آثاره الجانبية الشعور بالتعب والإرهاق، لكن غالباً ما تزول هذه الآثار بعد انتهاء العلاج الإشعاعي.
3- العلاج الكيماوي
هو نوع من علاج السرطان باستخدام العقاقير الكيميائية لقتل الخلايا السرطانية، من آثاره الجانبية أنه يقتل أو يبطئ نمو الخلايا السليمة أيضاً، من الأمثلة على ذلك الخلايا التي تبطن الفم والأمعاء وتلك التي تسبب نمو شعرك، فتصاب بتقرحات في الفم، والغثيان، كذلك فقدان الشعر، وغالباً ما تزول هذه الآثار بعد انتهاء العلاج الكيميائي.
4- العلاج بالخلايا الجذعية
هو نوع من علاج السرطان، ونوع من العلاج البيولوجي الذي يساعد الجهاز المناعي للجسم على قتل الخلايا السرطانية، يتكون هذا العلاج من خلايا الدم البيضاء، والأعضاء والأنسجة الليمفاوية، يتم فيه استخدام المواد المصنوعة من الكائنات الحية لعلاج السرطان.
من الآثار الجانبية الأكثر شيوعاً لهذا النوع من العلاج هي ردود فعل الجلد في موقع الإبرة، حيث تشمل هذه الآثار: (الشعور بالألم، تورم، احمرار، حكة، طفح جلدي)، قد يكون لديك أعراض شبيهة بأعراض الإنفلونزا، والتي تشمل: (الحمة، قشعريرة برد، ضعف، دوخة، ألم في العضلات، إعياء، صداع، صعوبة في التنفس، انخفاض أو ارتفاع ضغط الدم)، كما يمكن أن تشمل الآثار الجانبية الأخرى: (زيادة في الوزن، احتقان الجيوب الأنفية، إسهال).
5- العلاج الموجَه للسرطان
هو نوع من علاج السرطان الذي يستهدف التغييرات في الخلايا السرطانية نفسها والتي تساعدها على النمو والانقسام، بالتالي الانتشار، كما يعمل الباحثون أكثر على التغييرات التي تصيب الخلية التي تنشر السرطان.
ومن خطوات وأنواع العلاج الموجَه: (مساعدة الجهاز المناعي على محاربة السرطان - إيقاف نمو الخلايا السرطانية - إيقاف إشارات الخلايا الدموية التي تغذي الورم - استهداف سطح الورم بالمضادات الحيوية - كذلك العلاج بالهرمونات)، من عيوب العلاج الموَجه أن الخلايا السرطانية يمكن أن تصبح أكثر مقاومة، لهذا السبب قد تعمل العلاجات الموَجهة أفضل عندما تستخدم معها علاجات السرطان الأخرى، مثل العلاج الكيميائي والإشعاعي. يسبب هذا النوع من العلاج آثاراً جانبية: (الإسهال، مشاكل في الكبد، تخثر الدم، ارتفاع ضغط الدم، التعب، تقرحات الفم، تغيرات الأظافر، فقدان لون الشعر، مشاكل الجلد).
وهناك علاجات أخرى للسرطان منها:
- ارتفاع الحرارة لعلاج السرطان: عندما تتعرض الخلايا في الجسم لأعلى من درجات الحرارة العادية، تحدث تغيرات داخل الخلايا، هذه التغييرات يمكن أن تجعل الخلايا أكثر عرضة للتأثر بعلاجات أخرى مثل العلاج الإشعاعي أو العلاج الكيميائي، فدرجات الحرارة العالية جداً تقتل الخلايا السرطانية بشكل مباشر (الاجتثاث الحراري)، لكنها أيضا يمكن أن تجرح أو تقتل الخلايا والأنسجة السليمة أيضاً. هذا هو السبب في أن العلاج بارتفاع الحرارة يجب أن تتم السيطرة عليه.
- العلاج الضوئي (PDT): هو العلاج الذي يستخدم أدوية خاصة تقوم بتنشيط أنواع معينة من الضوء، توضع في مجرى الدم عن طريق الوريد أو على سطح الجلد، على مدى فترة معينة من الوقت يتم امتصاص الدواء من قبل الخلايا السرطانية، ثم يتم تطبيق الضوء على المنطقة المراد علاجها، حيث يتفاعل الدواء مع الأكسجين، مشكلاً مادة كيميائية تقتل الخلايا السرطانية كما تدمر الأوعية الدموية التي تغذي الخلايا السرطانية وتنبه جهاز المناعة لمهاجمة السرطان.
- زرع الخلايا الجذعية للسرطان: بما في ذلك تا الخلايا اللمفاوية، وخلايا نقي العظم، كذلك زرع خلايا دم الحبل السري، التي يمكن استخدامها لعلاج السرطان. غالباً ما يستخدم زرع الخلايا الجذعية لعلاج سرطان الدم أو الجهاز المناعي، كذلك سرطان الغدد الليمفاوية، أو المايلوما المتعددة.
- نقل الدم والتبرع، حيث يحل الدم الجديد مؤقتاً محل الدم الذي خسره جسم الإنسان المصاب، ولا يستطيع تعويضه بمفرده.
- الليزر في علاج السرطان: من العلاجات المستخدمة للقضاء على بعض الأورام التي تتأثر بالضوء.
إحصائية حديثة عن أعلى انتشار لمرض السرطان في دول العالم
قامت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان بالتعاون مع المركز العالمي لأبحاث السرطان بإحصائية في عام 2012، رصدت من خلالها البلدان التي ينتشر فيها مرض السرطان، وبينت الدراسة التي نشرها المركز العالمي لأبحاث السرطان أن أعلى معدل للسرطان للرجال والنساء وجدت معاً في الدنمارك، حيث أصيب 338 شخصاً من أصل مئة ألف حالة تم تشخيصها في عام 2012، وتركزت البلدان العشر التي شهدت أعلى نسبة إصابة بالسرطان في قارات (أوروبا، أوقيانوسيا، أمريكا الشمالية، آسيا)، وفق التالي:
- الدنمارك، في المرتبة الأولى، حيث أصيب 338.1 من أصل كل 100 ألف حالة حول العالم.
- فرنسا، في المرتبة الثانية، حيث أصيب 324.6 من أصل كل 100 ألف حالة حول العالم.
- أستراليا، في المرتبة الثالثة، حيث أصيب 323.0 من أصل كل 100 ألف حالة حول العالم.
- بلجيكا، في المرتبة الرابعة، حيث أصيب 321.1 من أصل كل 100 ألف حالة حول العالم.
- النرويج، في المرتبة الخامسة، حيث أصيب 318.3 من أصل كل 100 ألف حالة حول العالم.
- الولايات المتحدة الأمريكية، في المرتبة السادسة، حيث أصيب 318.0 من أصل كل 100 ألف حالة حول العالم.
- إيرلندا، في المرتبة السابعة، حيث أصيب 307.9 من أصل كل 100 ألف حالة حول العالم.
- جمهورية كوريا الجنوبية، في المرتبة الثامنة، حيث أصيب 307.8 من أصل كل 100 ألف حالة حول العالم.
- هولندا، في المرتبة التاسعة، حيث أصيب 304.8 من أصل كل 100 ألف حالة حول العالم.
- كاليدونيا الجديدة، في المرتبة العاشرة، حيث أصيب 297.9 من أصل كل 100 ألف حالة حول العالم.
في الختام.. يبقى مرض السرطان هاجساً لحكومات دول العالم وللبشرية جمعاء، حيث تتكثف الجهود لإيجاد علاج لهذا المرض الذي يسبب الوفاة للكثير من الناس حول العالم، ويبقى التذكير بأهمية الفحص المبكر والفحوصات الدورية للتأكد من عدم إصابتنا بهذا المرض، أو على الأقل اكتشافه المبكر قبل أن ينتشر؛ الأمر الذي يسهل علاجه على المُصاب وعلى الطبيب المعالج أيضاً.