الغسيل الكلوي، فوائده وأنواعه وأبرز مخاطره
يتألف جهاز الإطراح في جسم الإنسان من الكليتين والحالبين والمثانة والإحليل، وتعتبر الكليتان الجزء الأهم من هذا الجهاز، فهما تقومان بدور مصفاة يمر عبرها الدم ويتخلص من حجم الماء الإضافي ضمنه.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
بالإضافة إلى فضلات العمليات الحيوية التي تقوم بها خلايا الجسد، وهذا ما يحافظ على مستوى الفضلات متدنياً ويمنعه من الوصول إلى حد السمية.
كما تملك الكليتان العديد من الوظائف الأخرى المتعلقة بتحديد الضغط الدموي وتفعيل الفيتامين D، أما عند مرضى القصور الكلوي تكون وظيفة الكلية غائبة إلى حد كبير أو حتى بشكل كامل.
ما هو الغسيل الكلوي؟ ومن يحتاجه؟
لا يوجد أي جهاز قادر على أداء وظيفة الكليتين بشكل أكثر فعالية، فهذان العضوان اللذان يشبهان في الشكل والحجم حبة الفاصولياء يعملان على مدار الساعة ويصفيان الدم مهما كان حجم السوائل ضمنه كبيراً.
إلا أن العديد من المشاكل والأمراض تؤدي إلى تراجع وظيفة الكلية؛ مما يقود في النهاية إلى مرحلة الفشل الكلوي النهائي (Renal Failure).
الغسيل الكلوي باختصار هو عملية علاجية يتم من خلالها فلترة دم المريض باستخدام آلة التصفية، وهذا يساعد على إبقاء الجسد في حالة توازن بدون كليتين.
وقد استخدمت هذه الطريقة بدءاً من أربعينات القرن الماضي لمعالجة المصابين بأمراض الكلية، وهذا ما أنقذ المرضى من تراكم الأملاح والفضلات وتسمم الدم بها.
تجدر بنا الإشارة إلى أن الغسيل الكلوي ليس علاجاً شافياً للمشاكل الكلوية إنما هو يبقي المريض على قيد الحياة بانتظار الوصول إلى حل أكثر فعالية.
ما هي أنواع الغسيل الكلوي؟
هناك نوعان أساسيان للغسيل الكلوي:
- التحال الدموي (Hemodialysis) أو الغسيل الكلوي عبر الدم.
- والتحال البريتواني (Peritoneal Dialysis) أو الغسيل الكلوي عبر البطن.
يستخدم التحال الدموي نوعاً خاصاً من الفلاتر لتنقية الدم من الكمية الفائضة من الفضلات والسوائل، أما التحال البريتواني فيتم عبر وضع أنبوب عبر الجلد في بطن المريض.
التحال الدموي
أثناء القيام بالتحال الدموي الذي يعتبر النمط الأكثر شيوعاً، يتم سحب الدم من وعاء دموي في ذراع المريض أو فخذه أو ساقه، وينتقل هذا الدم إلى آلة الغسيل التي تصفيه.
ثم يعود هذا الدم المصفى عبر أنبوب آخر إلى جسد المريض ليتابع جريانه بشكل طبيعي، ويتم إجراء هذه العملية 3 مرات في الأسبوع وسطياً، تستمر كل جلسة تحال حوالي أربع ساعات.
التحال البريتواني
في هذه الحالة، يتم الاستعاضة عن جهاز الغسيل الكلوي واستخدام البطانة الداخلية للبطن كفلتر، البريتوان هو غشاء يبطن جوف البطن ويحيط بالأحشاء.
كما يشترك مع الكلية باحتوائه على عدد كبير من الأوعية الدموية الصغيرة، وهذا ما يتم استغلاله في الغسيل، إذ يتم إحداث شق صغير في بطن المريض بجانب السرة، وإدخال أنبوب أو ما يدعى بـ القثطرة (Catheter).
ومن ثم حقن سائل خاص بتركيز مدروس في بطن المريض إلى الجوف المحيط بأعضاء البطن (جوف البريتوان)، وعندما يمر الدم في الأوعية الدموية الدقيقة ضمن غشاء البريتوان يتم سحب الفائض من السوائل إلى جوف البريتوان.
بالإضافة إلى الفائض من المواد الكيميائية السامة بسبب الاختلاف في تركيزها بين ما هو ضمن الدم مقارنة بالسائل المحقون في البريتوان.
يتم سحب السائل من البطن بعد بضع ساعات وجمعه في أكياس ثم ضخ كمية جديدة، تستغرق عملية تبديل السائل حوالي نصف ساعة أو أكثر بقليل.
ويفضل بعض المرضى إجراء هذه العملية خلال نومهم في الليل باستخدام آلة تبدل السائل بشكل تلقائي.
ما الحالات التي تناسب كل نوع من الغسيل الكلوي؟
في معظم الحالات يتم طرح الخيار على المريض لاختيار نوع الغسيل، فالتقنيتان متشابهتان في الفعالية غالباً، إلا أن كل واحدة منهما تملك بعض المحاسن والمساوئ، ومنها على سبيل المثال:
- التحال الدموي: إذا اختار المريض هذا العلاج فينبغي أن يقوم به 3 مرات كل أسبوع فقط، لكنه غير قابل للإجراء إلا في المشفى، كما أن الجلسات تأخذ وقتاً طويلاً.
- التحال البريتواني: يمكن إجراء هذا العلاج في المنزل بسهولة، حتى أنه قابل للإجراء أثناء النوم، أما الجانب السلبي هو الحاجة إلى إجراء هذه العملية كل يوم.
في حال كنت محتاجاً للغسيل الكلوي، يمكن أن تتناقش مع الأطباء المشرفين على حالتك بخصوص إيجابيات وسلبيات كل أسلوب علاج من أجل اختيار خطة العلاج المثالية.
هل هناك مخاطر للغسيل الكلوي؟
بالرغم من قدرة الغسيل الكلوي بنوعيه على إنقاذ حياة مريض القصور الكلوي، إلا أن هذا العلاج لا يخلو من المخاطر.
يرتبط التحال البريتواني بزيادة في احتمال الإصابة بالالتهابات والإنتانات الموضعية في منطقة وضع القثطرة، وفي بعض الحالات ينتشر الالتهاب بشكل واسع داخل البطن ويحدث ما يدعى بـ التهاب البريتوان (Peritonitis).
ومن الآثار الجانبية الأخرى للغسيل البريتواني:
- ضعف عضلات البطن.
- ارتفاع سكر الدم: بسبب وجود سكر في سائل الغسيل.
- زيادة الوزن.
أما التحال الدموي، فيملك بعض الآثار الجانبية المميزة منها:
- نقص سكر الدم.
- فقر الدم: بسبب تحطم كريات الدم الحمراء أثناء مرور الدم عبر الفلتر.
- تشنج عضلي.
- الشعور بالحكة.
- صعوبة في النوم.
- التهاب التامور (Pericarditis): التامور هو الغشاء المحيط بالقلب الذي يفصله عن باقي أجزاء الصدر، وهذا من المضاعفات الخطيرة التي تقتضي نقل المريض إلى الإسعاف أو وحدة العناية المركزة.
أما على المدى البعيد فيظهر لدى المرضى الخاضعين للغسيل الكلوي ارتفاع في معدل الإصابة بالداء النشواني (Amyloidosis)، وفي هذا الداء يترسب نوع من البروتينات ويتراكم ضمن الكليتين والكبد والقلب وأعضاء أخرى.
مما يسبب مجموعة من الأعراض أهمها ألم في المفاصل وصعوبة في تحريكها بالإضافة إلى انتفاخ هذه المفاصل.
كما يمكن أن يلاحظ الاكتئاب بعد تشخيص القصور الكلوي بسبب اضطرار المريض إلى اتباع الغسيل الكلوي لفترة طويلة وغير محدودة، وما يرافق ذلك من التغييرات في نمط الحياة وصعوبة القيام بجميع النشاطات الطبيعية.
هل هناك إجراءات خاصة للتحضير قبل الغسيل الكلوي؟
قبل إجراء جلسة التحال الأولى يقوم الطبيب بزرع أنبوب أو جهاز للوصول إلى مجرى الدم، تجري هذه العملية عادة خلال دقائق، ويمكن للمريض أن يعود إلى المنزل في نفس اليوم.
أما بالنسبة لجلسات التحال فيفضل ارتداء ملابس فضفاضة ومريحة لأن الجلسة تستغرق وقتاً طويلاً نوعاً ما، كما يمكن أن يطلب الطبيب أموراً أخرى مثل الصيام لفترة محددة من الزمن قبل إجراء الجلسة.
مستقبل مريض الغسيل الكلوي
يتمتع معظم المرضى الموضوعين على الغسيل الكلوي بنمط حياة جيد، فإذا لم يكن القصور الكلوي مترافقاً بأمراض أخرى يمكن للمريض أن يتابع عمله أو دراسته.
بالإضافة إلى قيادة السيارة وممارسة الرياضة، وعادة ما يبقى المرضى موضوعين على التحال لعدة سنوات.
لا يمكن أن يعوض الغسيل الكلوي عن وظائف الكلية الطبيعية بشكل كامل، وهذا ما يتعب جسد المريض، لذلك يمكن أن يموت مريض القصور الكلوي في حال لم يتم الوصول إلى حل لمشكلته (زرع كلية جديدة أو شفاء المرض الكلوي) خاصة إذا ترافق القصور الكلوي مع أمراض أخرى.
ويمكن أن يعيش مريض القصور الكلوي على التحال أكثر من 20 سنة إذا بدأ بإجرائه في العشرينات من عمره، أما المريض الذي تجاوز عمره الـ 75 فلا يبقى في العادة أكثر من عامين أو ثلاثة.
وفي الختام.. تجدر الإشارة إلى كون تقنيات العلاج الحديثة قد حسنت معدلات البقاء بشكل كبير، وهي مستمرة في التطور من أجل تأمين أفضل نوعية حياة ممكنة.
لكن زرع الكلية يبقى العلاج النهائي الأفضل حتى اليوم للتخلص من الحاجة إلى الغسيل الكلوي والحصول على باقي وظائف الكلية التي لا يمكن تعويضها عبر الأجهزة.