العيد الوطني في إريتريا وذكرى استقلالها عن إثيوبيا

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 | آخر تحديث: الخميس، 26 يناير 2023
مقالات ذات صلة
تهنئات خاصة من النجوم بمناسبة عيد الاستقلال
سعوديات يحتفلن بزفافهن في ذكرى اليوم الوطني
فعاليات وأنشطة عيد الاستقلال الأردني 2024

عبرت الصحفية والمحررة ماري هاربر (Mary Harper) والمتخصصة بشؤون الدول الإفريقية في تقريرها لصحيفة بي بي سي (BBC)، في 22 حزيران/يونيو عام 2016، عن تفاجئها بما رأته في أسمرة عاصمة إرتيريا بعد أن كانت هناك عام 2015، فقد أصبحت شوارع المدينة نظيفة ومنظمة وواسعة، تصطفّ على جانبيها أشجار النخيل ومقاهي الأرصفة لاحتساء الإسبريسو تحت المظلات الواسعة.

فيديو ذات صلة

This browser does not support the video element.

ودخلت هاربر إلى سينما أسمرة والتي تمّ بناؤها في عام 1920 بمثابة دار للأوبرا؛ لتسمع تصفيقاً حاراً ضمن ظلام دامس في مسرح ذي طراز معماري تعتليه ستائر مخملية حمراء، حيث كانت فرقة أوركسترا لايبزيغ فلهرمونيك (Leipzig philharmonic)، الأوركسترا الأقدم في ألمانيا تحيي حفلاً هناك بمناسبة الذكرى 25 لاستقلال إريتريا، وقد عزفت الفرقة سيمفونية بيتهوفن الخامسة، بالإضافة إلى عزف وأداء النشيد الوطني الإرتيري؛ دُهشت الصحفية هاربر مما رأته من تطور وحداثة في إرتيريا، التي رفعت طلباً لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) لتكون عاصمتها أسمرة ضمن قائمة المدن التراثية العالمية.

العيد الوطني في إريتريا

يمثل العيد الوطني في إريتريا ذكرى الاستقلال عن إثيوبيا في 24 أيار/مايو عام 1993، يوم أعلن استقلالها الكامل باستفتاء تحت رقابة دولية، بعد أن كانت إريتريا قد أعلنت استقلالها عن إثيوبيا في اليوم نفسه من عام 1991، وذلك بعد سقوط نظام مريم (Mengistu Haile Mariam) في إثيوبيا.

ففي مثل هذا اليوم، شُكلت حكومة مؤقتة كما استطاعت قوات جبهة التحرير الشعبية دخول العاصمة أسمرة والسيطرة عليها ونالت الاستقلال بعد 30 عاماً من الصراع والمعارك مع الجيش الإثيوبي.

أما أجواء الاحتفال بهذا العيد، فتتمثل في مسيرات وكرنفالات شعبية حاشدة احتفالاً بماضٍ مجيد نابض بالحياة، فتحتفل القوات البحرية والجوية، بالإضافة إلى الجيش والشرطة بهذا اليوم، ويقفون إلى جانب الشعب الإريتيري لإثبات الهوية والثقافة الإيريترية.

وتضج الشوارع بالأغاني الوطنية، وتُقام عروض مسرحية مختلفة، ويحمل الناس العلم الوطني الإريتيري، ملوحين به مع لافتات كُتب عليها عبارات وطنية ويهتفون باسم البلاد، كما ينشدون نشيدهم الوطني، فتضج شوارع البلاد كلها بالاحتفالات، ولكن ذروة الاحتفال تكون في العاصمة أسمرة. [1]  

النشيد الوطني الإريتيري

اُعتمد رسمياً في عام 1993 عقب إعلان استقلال إريتريا عن إثيوبيا، ألفه سولومون تسيهاي بيراكي، ولحَّنه إسحاق أبراهام ميارزغي وآرون تيكل تيسفاستون.

كلمات النشيد الوطني

إرتيريا إرتيريا

قد دحرت بغيظهم أعداءها

وتوجت بالنصر تضحياتها

مع الأعداء قد مرت من عهود

غدا اسمها معجزة الصمود

فخر المكافحين في إرتريا

قد برهنت أن العلا لها

إرتريا إرتريا تبوأت

مكانها بين الأمم

بإصرارنا الذي جنى التحرير

سننجز البناء والتعمير

لتزدهر وتلبس الوقار

تعاهدنا أن تسمو إرتيريا

إرتيريا إرتيريا تبوأت مكانها بين الأمم

إرتيريا إرتيريا تبوأت مكانها بين الأمم [2]  

العَلَم الوطني الأريتيري

يتكون العَلم الوطني الإريتيري من أرضية زرقاء اللون إشارة إلى البحر الأحمر، الذي اكتسبت منه إريتريا اسمها، وفي وسطه أغصان الزيتون الخضراء التي تشير إلى السلام، فضلاً عن أنه ينبت في الهضبة الإيريترية بكثرة ويعرف بالزيتون البري، وقد تم إثبات هذا العلم شرعياً بالإجماع في الجمعية الوطنية الإيريترية المنتخبة وتم إثباته تحت المادة 22 من الدستور الإرتيري لعام 1952. [3]  

تسلسل الأحداث التاريخية في إريتريا

  • عام 600 قبل الميلاد: بداية انتشار الإسلام في إريتريا من خلال هجرة المسلمين إلى الحبشة.
  • عام 1500 ميلادياً: إقامة الأتراك العثمانيين حامية في منطقة مصوع الواقعة على ساحل البحر الأحمر، واستيلائهم على بلدة مساوا أحد أكبر المرافئ في إريتريا.
  • عام 1890 ميلادياً: إريتريا مستعمرة إيطالية من خلال مجموعات المستوطنين الإيطاليين الذين انتقلوا إلى هناك طامعين في احتلال الهضاب والمرتفعات.
  • في عام 1941 ميلادياً: بريطانيا العظمى تحتل إريتريا لتحل محل الاستعمار الإيطالي بعد هزيمة إيطاليا من قبل الحلفاء.
  • في عام 1952 ميلادياً: ضم إريتريا إلى إثيوبيا وفق قرار صادر عن الأمم المتحدة.
  • عام 1958 ميلادياً: تشكيل جبهة التحرير الإيريترية.
  • عام 1962 ميلادياً: بداية حرب الاستقلال في إريتريا.
  • عام 1970 ميلادياً: انشقاق داخل جبهة التحرير الإيريترية لتشكيل ما يسمى الجبهة الشعبية لتحرير إريتريا.
  • عام 1991 ميلادياً: الجبهة الشعبية لتحرير إريتريا تسيطر على العاصمة أسمرة، وتشكيل حكومة مؤقتة.
  • عام 1993 ميلادياً: استقلال إريتريا بالكامل. [4]  

الحرب الإثيوبية الإيريترية

شكلت إريتريا منذ القدم موضع اهتمام وأطماع الدول الاستعمارية، نظراً لموقعها الجغرافي المهم على ساحل البحر الأحمر، وكان الإمبراطور الإثيوبي هيلا سلاسي مدعوماً من قبل الولايات المتحدة الأمريكية لأسباب جيوسياسية بدافع الحرب الباردة.

إذ كان الاتحاد السوفيتي يدعم فكرة أن إثيوبيا وكينيا تشكلان جزءاً من الصومال، مما دفع الولايات المتحدة إلى دعم مطالب هيلا سلاسي بضم إريتريا إلى الأراضي الإثيوبية، فكان الخلاف يشكل انعكاساً للدعم من قبل القوتين العظيمتين آنذاك.

وقد قدمت الولايات المتحدة المساعدات العسكرية لإثيوبيا لاستخدامها ضد الإرتيريين المطالبين بالانفصال، وفي عام 1952، أصدرت الأمم المتحدة قراراً بإعلان إريتريا كياناً مستقلاً متحدةً مع إثيوبيا.

وذلك القرار كان برأيها يشكل حلاً وسطياً بين المطالبات الإثيوبية في السيادة والوصول إلى موانئ إريتريا، والتطلعات الإرتيرية بالاستقلال، ولكن الإريتيريين رفضوا ذلك القرار بشدة وخاضوا حروباً طويلة مع إثيوبيا لنيل استقلالهم وانفصالهم عنها.

فشُكّلت جبهة التحرير الإيريترية من العمال والطلبة الإيريتريين في المشرق العربي، وهدفها كان الكفاح المسلح لنيل الاستقلال الكامل، ولكن إثيوبيا أصرت على قرار الضمّ، وقامت بأعنف المعارك ضد الإريتيريين.

فاتبعت سياسة الأرض المحروقة، وأبادت المواطنين الإريتيريين وارتكبت أبشع المجازر فيهم، مما أدى إلى هجرة الكثير من الشعب الإريتيري إلى الغابات والصحاري، وهذا ما أدى بدوره إلى وجود أزمات داخلية صعبة بين صفوف الشعب في إريتريا.

وبقي الوضع على حاله حتى سقط نظام "مريم" في إثيوبيا في 24 أيار/مايو عام 1991، فأعلنت إريتريا استقلالها في اليوم ذاته، وتمّ تشكيل حكومة مؤقتة هناك حتى عام 1993، حيث جرى استفتاء تحت رقابة دولية بدعم من إثيوبيا، لاختيار الشعب الإرتيري الاستقلال عن إثيوبيا أو الانضمام إليها.

وقد صوت الإرتيريين بالإجماع تقريباً، من أجل حصولها على الاستقلال والانفصال عن إثيوبيا؛ وهكذا حصلت إريتريا على استقلالها بشكل تام، وتولى الحكم فيها الرئيس أسياسي أفورقي الذي ينتمي لحزب الديمقراطية والعدالة.

على الرغم من انفصال إريتريا عن إثيوبيا إلا أن الصراع بينهما ما زال دائراً حتى يومنا هذا، والسلام الذي يسود إريتريا اليوم ما هو إلا سلام هشّ، تواجه إريتريا فيه تحديات وصعوبات عديدة بشأن إعادة بناء البنية التحتية وتطوير اقتصادها القائم على الزراعة، والذي تدهور بسبب فترات الصراع الطويلة التي واجهتها مع الاستعمار. [4]

أخيراً، رغم المحاولات الاستعمارية للسيطرة على موارد وثروات البلدان العربية ومنها إريتريا، فإن إرادة الشعوب ووحدتها وتقديمها الغالي والنفيس والعديد من الضحايا كان سبباً قوياً في تحقيق الأريتيريين وغيرهم من الشعوب لاستقلالهم وسيادتهم ونجاحهم في تقرير مصيرهم.

  1. "مقال اليوم الوطني في إريتريا" ، المنشور على موقع nationaltoday.com
  2. "مقال النشيد الوطني الإريتيري" ، المنشور على موقع eritrea.be
  3. "مقال العلم الوطني الإريتيري" ، المنشور على موقع britannica.com
  4. أ ب "مقال تاريخ يوم الاستقلال في إريتريا" ، المنشور على موقع officeholidays.com