الرئيس الراحل جمال عبد الناصر
الهرم الرابع في مصر، كما يُلقبه المصريون، إذ إنه يعد من أكثر زعماء العرب شعبية حتى تاريخنا الحاضر، كما أنه حَكَم مصر خلال فترة حساسة من تاريخها وتاريخ العرب، إنه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، فماذا تعلم عن تفاصيل حياته وفترة حكمه؟ هذا ما سنتحدث عنه خلال هذا المقال.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
نشأة جمال عبد الناصر
ولد جمال عبد الناصر حسين في الخامس عشر من يناير/كانون الثاني عام 1918، في حي باكوس الشعبي في الإسكندرية، وكان الابن الأكبر لوالديه، والده عبد الناصر حسين جاء من صعيد مصر؛ ليعمل في مصلحة البريد في الإسكندرية.
وقد فقد جمال والدته عندما كان في الثامنة من عمره، حيث كان يقيم في بيت عمه؛ ليتمكن من ارتياد المدرسة الابتدائية في القاهرة، كما كان يزور أهله في العطلة الصيفية، ليكتشف وفاة أمه بنفسه أثناء زيارته عام 1926، دون أن يبلغه أحد، ما ترك في نفسه أثراً بالغاً لم تمحه السنين.
التحق جمال بالمدرسة الثانوية في الإسكندرية عام 1930، وبدأ منها نشاطه السياسي ضد الاستعمار والمَلَكية؛ فشارك لأول مرة بمظاهرة في ميدان المنشية، دون أن يعرف السبب الحقيقي للمظاهرة، ثم تم اعتقاله، ليعلم في السجن أن المظاهرة نظمتها جماعة مصر الفتاة للاحتجاج على سياسات الحكومة المَلَكية.
كما تم نقله إلى مدرسة النهضة في القاهرة نتيجة نشاطه الطلابي، حيث أصبح رئيس اتحاد مدارس النهضة الثانوية عام 1933، كما بدأ منذ ذاك الحين بالقراءة في التاريخ والسياسة، إضافة إلى نشر بعض المقالات في مجلة المدرسة، وشارك في المسرح المدرسي بلعب دور يوليوس قيصر عام 1935. [1]
النشاط السياسي لعبد الناصر أثناء الدراسة
قاد جمال عبد الناصر مظاهرة طلابية في عام 1935
بعد إعلان وزير الخارجية البريطاني صمويل هور (Samuel Hoare1880-1959) عدم موافقة بريطانيا على إعادة العمل بموجب الدستور، أصيب جمال بطلقة نارية في الرأس مزقت الجلد، إلا أنها لم تخترق العظم، وتم نقله إلى مقر جريدة الجهاد القريبة من مكان الحادث، وظهر اسمه في عدد اليوم التالي من الجريدة المذكورة بين المصابين.
استمر التحرك الطلابي المطالب بإعادة الدستور، إلى أن تم ذلك بمرسوم ملكي في التاسع من ديسمبر/كانون الأول عام 1935، لكن همة الطلاب لم تبرد، حيث أعادوا نشاطهم النضالي بمواجهة اتفاقية 1936 بين الإنجليز والحكومة المصرية، والتي نصت على أن يحافظ الإنجليز على وحدات عسكرية لحماية قناة السويس والمصالح الإنجليزية في مصر.
إضافة إلى اعتبار الأراضي المصرية تحت تصرف الجيش الإنجليزي في أي حرب قد تخوضها بريطانية بعد الانسحاب من مصر، حيث أن هذه الاتفاقية هي شبيهة بالاتفاقيات التي وقعها الفرنسيون مع سوريا ولبنان في العام نفسه، والتي تعتبر استقلالاً جزئياً؛ فرفض الشارع المصري هذه الاتفاقية.
وكان لشريحة الطلاب الدور الأكبر في تلك التظاهرات، مما جعل مدرسة النهضة الثانوية تصدر قراراً بفصل جمال عبد الناصر حسين من المدرسة، بتهمة التحريض على المظاهرات؛ فنظم الطلاب إضراباً في المدرسة لإعادة عبد الناصر، كما هددوا بحرقها إذا لم يعد، فعاد عبد الناصر إلى مدرسته بعد أيام قليلة من فصله.
من جهة أخرى، كان جمال وأصدقاؤه من الطلاب، يخرجون ضمن مظاهرات حاشدة في ذكرى وعد بلفور في الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام، وهو الوعد الذي قدمته بريطانيا لليهود عام 1917 بإقامة دولة لهم في فلسطين.
كما أن عبد الناصر لم يكن يرى في الحركات والأحزاب السياسية في تلك الفترة أي فائدة، حيث إنه لم ينضم لأي منها بشكل فعلي، إنما انضم لحركة مصر الفتاة لفترة بسيطة، كما كانت له اتصالاته مع الإخوان المسلمين، لكنه لم يقتنع بفاعلية هذه الحركات، لذلك التحق بصفوف الجيش المصري. [1]
رفض الجيش لعبد الناصر
أنهى جمال عبد الناصر المرحلة الثانوية عام 1936، وقرر الالتحاق بالجيش، رغبة منه في أن يكون في موقع القوة والسلطة، لأنه أدرك مبكراً أن العمل السياسي لا طائل منه في ظل الاحتلال والحكم الملكي، لكن مكتب قبول الضباط رفضه بعد تجاوزه الفحص الطبي، وذلك لأن أبوه فلاح ويعمل موظفاً بسيطاً في مصلحة البوسطة (البريد)، فتقدم جمال إلى كلية الحقوق.
لكنه عاد إلى الجيش في عام 1937، حيث كان الجيش بحاجة إلى عدد من الضباط بغض النظر عن طبقتهم الاجتماعية، كما أن جمال عبد الناصر وصل إلى وكيل وزارة الحربية آن ذاك، اللواء إبراهيم خيري، الذي ساعده لدخول الكلية بعد أن لمس حماسته، بذلك دخل جمال الكلية الحربية في مارس/آذار 1937. [2]
عبدالناصر يدرس في الكلية الحربية
تخرج عبد الناصر من الكلية الحربية في يوليو/تموز 1938، قبل أن ينهي المدة الفعلية للدراسة، حيث اضطر الجيش المصري إلى تخريج ضباط الكلية مبكراً لسد الفراغ بعد انسحاب الإنجليز إلى قناة السويس بموجب معاهدة 1936، ثم تم تعيينه في سلاح المشاة في قرى الصعيد، حيث تعرف على أنور السادات (1918-1981).
ثم تم نقله إلى السودان بناءً على طلبه، وهناك تعرف على عبد الحكيم عامر (1919-1967)، ليكون لهذين الصديقين نصيب الأسد من حُكم عبد الناصر وتركته السياسية لاحقاً، وكان جمال يراسل صديقه حسن النشار باستمرار؛ فأصبحت هذه الرسائل وثائق تاريخية تعبر عمّا يدور في خلد عبد الناصر خلال تلك الفترة، فلم يكن راضياً عن أداء القيادات العسكرية العليا، وكان يرى أنه أكثر استقامة من أن يجاريهم بالتملق والرياء.
في وقت لاحق من عام 1941، تم نقل جمال عبد الناصر إلى كتيبة بريطانية في مصر، حيث كانت الحرب العالمية الثانية (1939-1945) على أشدها، فانعكس ذلك على كل المستعمرات الإنجليزية والفرنسية في الشرق الأوسط، حيث بدأ الإنجليز يجاهرون بتسلطهم على حكام مصر.
فأقدم السفير البريطاني في مصر السير مايلز لامبسون (Miles Lampson1880-1964) على حصار سرايا عابدين (قصر الملك فاروق) بالدبابات في الرابع من فبرار/ شباط عام 1942، كما أجبر الملك فاروق (1820-1965) على تعيين مصطفى النحاس (1879-1965) رئيساً للوزارة مع منحه الصلاحيات بالتعيين والخلع، ما اعتبره المصريون خرقاً لمعاهدة عام 1936، وتدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية لمصر؛ فكان لهذه الحادثة أثرها الكبير على الشعب والجيش.
فقد قال عبد الناصر في إحدى رسائله لصديقه النشار؛ واصفاً تأثر العسكريين بهذه الحادثة: "فبعد أن كنتَ ترى الضباط لا يتكلمون إلا عن النساء واللهو، أصبحوا يتكلمون عن التضحية والاستعداد لبذل النفوس في سبيل الكرامة".
بدأت تتشكل نواة ما سيُعرف لاحقاً باسم "الضباط الأحرار" عند هذا المنعطف، كما أن عبد الناصر أيضاً ترقى إلى رتبة نقيب، ثم تم تعيينه مدرساً في الكلية الحربية في شباط/فبراير عام 1943، إضافة إلى أنه كان مستمراً في تنمية فكره السياسي عن طريق المطالعة والقراءة. [2]
عبد الناصر ونكبة فلسطين عام 1948
- منذ إطلاق وعد بيلفور في الثاني من تشرين الثاني/نوفمبر عام 1917، بدأ العرب عموماً باستشعار الخطر القادم على بلادهم، حيث أرسل وزير خارجية بريطانيا آن ذاك آرثر بيلفور (Arthur James Balfour 1848-1930) رسالة إلى السير روتشيلد (Walter Rothschild1868-1937) نقل إليه من خلالها تعاطف ملك بريطانيا العظمى جورج الخامس (George V 1865-1938) مع إقامة وطن قومي لليهود على أرض فلسطين، فأطلق العرب عليه (وعد من لا يملك لمن لا يستحق).
- فيما بعد، جرت عدة محاولات عربية للتصدي للخطر الصهيوني قبل حلول الكارثة، لكن معظمها لم تكن فعّالة، فجميع الدول التي انطلقت منها تلك المحاولات كانت واقعة تحت الانتداب الفرنسي والإنجليزي، مما أتاح للعصابات الصهيونية تمتين وجودها في فلسطين، استعداداً للإعلان عن قيام دولة الاحتلال الإسرائيلي في الخامس عشر من مايو/أيار عام 1948، التاريخ الذي عرف لاحقاً بـ"النكبة".
- بعد موافقة الأمم المتحدة على تقسيم فلسطين في الثلاثين من نوفمبر/تشرين الثاني عام 1947، عرض جمال عبد الناصر على الفلسطينيين إقامة معسكرات تدريب سرية لهم في مصر، لكنهم رفضوا ذلك دون موافقة الحكومة المصرية، فيما بعد قررت الحكومة المصرية المشاركة في حرب فلسطين، التي بدأت بعد إعلان قيام دولة الاحتلال؛ فسافر جمال عبد الناصر إلى فلسطين للمشاركة في الحرب برتبة صاغ (رائد) في السادس عشر من أيار/مايو عام 1948.
- انتهت الحرب بالهدنة في الرابع والعشرين من فبراير/شباط عام 1949، دون أن يتمكن العرب من تحقيق أهداف الحرب، كما احتفظ الصهاينة بالأراضي التي احتلوها، لكن هذه الحرب غيرت طريقة تفكير الضباط العرب، بعد الهزيمة التي لحقت بالجيوش العربية نتيجة تزويدها بالأسلحة الفاسدة، إضافة إلى انعدام التنسيق بين القيادات العُليا؛ فكانت هذه الحرب لحظة مفصلية في تاريخ مصر، حيث انطلقت حركة الضباط الأحرار رداً على الهزيمة، وإيماناً من عبد الناصر بأن الحرب الحقيقية في مصر، بسبب السياسيين الفاسدين الذين مرروا صفقات الأسلحة الفاسدة؛ فكان هدف الضباط الأحرار الإطاحة بالملَكية قبل كل شيء، حيث اعتبروا الملك فاروق عميلاً للإنجليز واليهود. [1]
ثورة يوليو/تموز 1952
"إني أؤكد للشعب المصري أن الجيش اليوم كله أصبح يعمل لصالح الوطن في ظل الدستور مجرداً من أية غاية"
- جمع عبد الناصر خيرة الضباط الصغار في الجيش المصري، ليشكلوا فيما بينهم حركة سرية مناوئة للملك وللإنجليز، أطلقوا عليها اسم "الضباط الأحرار"؛ فتم تشكيل لجنة تنفيذية برئاسة جمال عبد الناصر، وبدأ نشاطهم بعد عودتهم من حرب فلسطين مباشرة، كما حدد عبد الناصر عام 1955 للإطاحة بالملك، لكنهم قدموا الموعد بسبب الأخطار الكثيرة التي أحاطت بهم، فقد أصبح التنظيم السري مستهدفاً من البوليس الملكي والمخابرات الإنجليزية.
- تمت ترقية عبد الناصر إلى بك باشي (عقيد) عام 1951، كما شارك الضباط الأحرار في حرب الفدائيين ضد الإنجليز المتمركزين في قناة السويس عام 1951-1952 بشكل سري، من خلال تمرير السلاح والتدريب، ثم بدأت الحركة تخطط لاغتيال الضباط المقربين من الملك، لكنها عدلت عن هذا الطريق بعد محاولة واحدة، حيث حاولت اغتيال اللواء حسين سري عامر، لكنه نجا؛ فقررت اللجنة التنفيذية توزيع المنشورات بسرية، لتحريض الشعب والجيش على الملك، ذلك من خلال فضح الفساد الملكي، والتذكير بهزيمة عام 1948.
- في السادس والعشرين من كانون الثاني/يناير عام 1952، حدث ما يُعرف بحريق القاهرة، حيث عمت المظاهرات العاصمة المصرية، رداً على هجوم الإنجليز على أحد مخافر الشرطة في الإسماعيلية؛ فسقط عشرات القتلة في صفوف الشرطة المصرية، كما اشتعلت النار في القاهرة دون أن تتدخل الحكومة لإخمادها، ما أدى لخسائر بشرية ومادية فادحة، إضافة إلى تقديم موعد الثورة على الملكية.
- في ليلة الثالث والعشرين من يوليو/تموز من عام 1952، اجتمع كبار ضباط الجيش المصري في مبنى قيادة الأركان، ليتخذوا قرارات حاسمة بشأن حركة الضباط الأحرار السرية، لكن الحركة كانت قد حددت نفس اليوم لتنفيذ الانقلاب على الملكية، حيث قاموا بمداهمة مبنى قيادة الجيش في كوبري القبة بعد نصف ساعة من بدء الاجتماع، واعتقال القادة المجتمعين، ثم ألقى أنور السادات بيان الثورة عبر الإذاعة الرسمية في اليوم التالي، كما استعانت الحركة باللواء محمد نجيب وأعلنته قائداً للثورة، إذ كانت أعلى رتبة عسكرية بين المنفذين الحقيقيين هي مقدم، وهذا ما قد يعرقل العملية، من جهة فقد أشيع أن عبد الناصر اتصل بالإنجليز والولايات المتحدة الأمريكية قبل التنفيذ بيومين، لضمان حيادهم.
- أعلن الملك فاروق -مرغماً- تنازله عن العرش لابنه أحمد فؤاد بعد الثورة بثلاثة أيام، كما وافق مجلس قيادة الثورة بضغط أمريكي على نفي الملك فاروق خارج البلاد بحفل وداع تكريمي، ثم أعلن مجلس قيادة الثورة عن إلغاء الملكية، وتأسيس جمهورية مصر العربية في الثامن عشر من يونيو/حزيران عام 1953، كما تم إعلان محمد نجيب رئيساً للجمهورية ورئيساً للوزراء، وعبد الناصر نائباً للرئيس ووزيراً للداخلية. [3]
عبد الناصر رئيساً لمصر
- بدأت دائرة الخلافات تتسع بين محمد نجيب وجمال عبد الناصر، حيث حاول نجيب الاستئثار بالسلطة، كما طالب مجلس قيادة الثورة بالمزيد من الصلاحيات، من بينها حق إلغاء أي قرار يصدر عن المجلس، لكن عبد الناصر كان يرى في ذلك محاولة للسيطرة على البلاد.
- خاصة وأن نجيب لم يكن إلا واجهة برتبة عالية بالنسبة للمجلس، كما أنه كان معارضاً للإجراءات التي قام بها عبد الناصر خاصة حل الأحزاب السياسية، لا سيما حل جماعة الإخوان المسلمين في كانون الثاني/يناير 1954.
- يعتبر هذا الصراع من الموضوعات الشائكة في تاريخ مصر الحديث، حيث انقسم مجلس الثورة بين محمد نجيب وجمال عبد الناصر، فقدم نجيب استقالته كنوع من الضغط على المجلس، لكن المجلس وافق على الاستقالة في الخامس والعشرين من شباط/فبراير عام 1954، كما أذاع المجلس بياناً وضح فيه بالتفصيل أسباب قبول استقالة رئيس الجمهورية، وتم تعيين عبد الناصر رئيساً للوزراء، في حين بقي منصب رئيس الجمهورية شاغراً، لكن استقالة نجيب بدأت تنعكس على الشارع المصري وكذلك الجيش، الذي انقسم بدوره حول القائدين، فقرر مجلس قيادة الثورة إعادة محمد نجيب إلى منصبه في المجلس بعد يومين فقط من قبول استقالته، ذلك تفادياً للفوضى والانقسامات.
- أصدر مجلس قيادة الثورة مجموعة من القرارات في الخامس من مارس/آذار عام 1954، أبرزها إلغاء الأحكام العرفية والرقابة على الصحافة والنشر، إضافة إلغاء الفترة الانتقالية التي مدتها 3 سنوات يتولى خلالها المجلس الثوري إدارة البلاد، وإجراء انتخابات عاجلة للجمعية التأسيسية بالاقتراع العام لوضع دستور للبلاد، ثم عاد نجيب إلى منصبه في رئاسة الجمهورية والوزراء، بعد تنحي عبد الناصر عن رئاسة الوزراء، كما تم في الخامس والعشرين من مارس/آذار رفع الحظر عن الأحزاب، واتخاذ قرار بحل مجلس قيادة الثورة في نفس يوم انتخاب الجمعية التأسيسية للدستور، إذ إن هذه القرارات التي يعتبرها البعض خطوات حثيثة باتجاه الديموقراطية المنشودة، رأى فيها آخرون خروجاً عن خط الثورة، فنشب خلاف كبير بين عبد الناصر ومؤيديه في المجلس من جهة، ونجيب ومؤيديه في المجلس من جهة ثانية، فتم إلغاء القرارات السابقة بعد 3 أيام من اتخاذاها، إلا أن الانقسام داخل المجلس لم يعد قابلاً للإصلاح، ليتم تعيين عبد الناصر رئيساً للوزراء، إضافة إلى تعيين عبد الحكيم عامر قائداً للجيش، واحتفاظ محمد نجيب برئاسة الجمهورية فقط في السابع عشر من أبريل/نيسان من العام نفسه.
- تعرض عبد الناصر لمحاولة اغتيال في السادس والعشرين من أكتوبر/تشرين الأول ذات العام، فاتهم الإخوان المسلمين بالوقوف وراء هذه المحاولة بالتآمر مع محمد نجيب، فاتخذ مجلس قيادة الثورة قراراً بعزل نجيب من جميع مناصبه، وتعيين جمال عبد الناصر رئيساً للمجلس الذي يتولى قيادة البلاد حتى نهاية الفترة الانتقالية عام 1956، على أن يبقى منصب رئيس الجمهورية شاغراً إلى حينها.
- تم وضع أول دستور لمصر بعد الثورة في السادس عشر من يناير/كانون الثاني عام 1956، كما تم الاستفتاء الشعبي على جمال عبد الناصر رئيساً لمصر في الرابع والعشرين من يونيو/حزيران عام 1956، ليكون أول رئيس منتخب بالاستفتاء في مصر الحديثة.
- يرى بعض المؤرخين، أن عبد الناصر كان يعمل منذ اليوم الأول على إقامة نظام دكتاتوري سلطوي، حيث تتركز جميع السلطات في يد رئيس الجمهورية، ويستدلون على ذلك من خلال قرارات إلغاء الأحزاب وحل الجماعات السياسية، إضافة إلى رفض إلغاء الأحكام العرفية قبل انتهاء الفترة الانتقالية، التي اعتبرها الكثيرون فترة طويلة تكفي ليتخلص عبد الناصر من أعدائه، كما أنه أعطى المناصب الحساسة لمؤيديه في مجلس قيادة الثورة بعد وصوله إلى الرئاسة، في حين همش مناصري نجيب تماماً. [3]
تأميم قناة السويس
دعم الرئيس المصري الثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي بالمال والسلاح، كما وقف ضد حلف بغداد الذي دعمته فرنسا وبريطانيا، إضافة إلى موقفه المحايد من الحرب الباردة الذي ألب الأمريكيين عليه، فأدت مواقفه هذه إلى إلغاء عرض تمويل سد أسوان (السد العالي) من قبل أمريكا وبريطانيا في التاسع عشر من يوليو/تموز عام 1956.
فاتخذ عبد الناصر قراره بتأميم قناة السويس لتمويل مشروع السد من أرباحها، إذ أعلن قرار التأميم في السادس والعشرين من الشهر نفسه، في خطاب ألقاه في الإسكندرية. [1]
من دمشق... هنا القاهرة
عقدت بريطانيا اتفاقاً سرياً مع فرنسا ودولة الاحتلال الإسرائيلي، لاحتلال قناة السويس وسيناء؛ فبدأ العدوان في التاسع والعشرين من أكتوبر/تشرين الأول عام 1956، حيث انسحبت القوات المصرية من سيناء بأمر من عبد الناصر، الذي رأى أنها لن تستطيع الصمود أمام القوات الغازية، كما قامت القوات الجوية البريطانية في الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني بتدمير المطارات المصرية الحربية حول القناة.
إضافة للاجتياح البري الذي نفذته قوات العدو الإسرائيلي في سيناء، كما نشبت الخلافات ضمن القيادة العسكرية بين مؤيد للانسحاب ورافضٍ له، من جهة أخرى، عرفت مدينة بورسعيد أقسى المعارك التي خاضها الجيش المصري إلى جانب المتطوعين المدنيين بقيادة مباشرة من عبد الناصر.
إلى أن انتهى العدوان بانسحاب القوات الغازية في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني بضغط من الرئيس الأمريكي آيزنهاور (Dwight D. Eisenhower 1890-1969)، باستثناء قوات العدو الإسرائيلي التي أتمت انسحابها في مارس/آذار 1957.
من جهة أخرى، شهدت المدن العربية مظاهرات حاشدة منددة بالعدوان على مصر، حيث كانت شعارات التضامن العربي في أوجها؛ فعندما قصفت القوات الغازية الإذاعة المصرية، بدأت إذاعة دمشق بثها بجملة "من دمشق... هنا القاهرة"، ومنذ ذلك الحين بدأ عبد الناصر يأخذ صفة القائد القومي للعرب، حيث اعتبر صموده انتصاراً. [2]
الوحدة بين سوريا ومصر بقيادة عبد الناصر
- قامت الوحدة بين سوريا ومصر بناء على اتفاق بين عبد الناصر وضباط في الجيش السوري، على الرغم من رفض عبد الناصر لها في بداية الأمر، لما كان يراه من انقلابات عسكرية متتالية في سورية، إضافة إلى التعددية الطائفية الواسعة، التي لا وجود لها في مصر.
- إلا أنه وافق أخيراً على قيام الوحدة بشروطه، أبرزها توليه رئاسة الجمهورية العربية المتحدة، وحل الأحزاب السياسية في سوريا، فتم إعلان جمال عبد الناصر رئيساً للجمهورية العربية المتحدة في الثاني والعشرين من فبراير/شباط عام 1958، بعد توقيع "ميثاق الوحدة" بين عبد الناصر والرئيس السوري شكري القوتلي (1891-1967)، الذي لقب بـ"المواطن العربي الأول" لتخليه عن منصبه في سبيل الوحدة.
- كما تم تحديد القاهرة عاصمة الجمهورية العربية المتحدة، إضافة إلى تشكيل برلمان مشترك وحكومة مشتركة، حتى عام 1960، حيث تم توحيد البرلمانين والحكومتين ومقرهما القاهرة.
- تم حل الأحزاب السياسية في سورية بناء على طلب عبد الناصر، إلا أن أغلب هذه الأحزاب مارست نشاطاً سرياً، مما عرضها للملاحقة طيلة فترة الوحدة، كما تم تعيين عبد الحميد السراج رئيساً لجهاز المخابرات في سورية، حيث فرض هذا الأخير حكماً بوليسياً، يرى أكثر المؤرخين أنه أحد أهم عوامل الانفصال، حيث تولى السراج مهمة ملاحقة المعارضين لعبد الناصر، إضافة إلى الحملة الشرسة على الشيوعيين، الذين رفضوا حل حزبهم، فألقى السراج القبض على فرج الله الحلو (1906-1959) أحد قيادي الحزب الشيوعي السوري اللبناني، حيث قتل الأخير تحت التعذيب، وتمت إذابة جسده بالأسيد، ما شكل صدمة للشارع السوري كله.
- تم تعيين مؤسس الحزب العربي الاشتراكي أكرم الحوراني (1911-1996) نائباً للرئيس في الإقليم الشمالي (سورية)، لكن على أرض الواقع لم يكن الحوراني يملك سلطة فعلية، حيث كان الحاكم الفعلي لسورية المشير عبد الحكيم عامر، وهذا التفصيل أيضاً كان أحد الأسباب المباشرة للقضاء على الوحدة، حيث شعر الضباط والسياسيون السوريون أن لا دور لهم في هذه الوحدة بوجود ضباط مصريين على رأس السلطة في سورية.
- من جهة أخرى، بدأ الفكر الوحدوي يتمدد، حيث طلبت اليمن الدخول في الوحدة، إضافة لمباحثات بشأن ضم العراق، وكذلك لبنان، لكن القوى السياسية كانت متصارعة في هذه الدول حول الوحدة، حيث اندلعت اشتباكات مسلحة بين الناصريين ومناهضي الوحدة في لبنان على سبيل المثال، هذا التمدد كان مرعباً بالنسبة للقوى الاستعمارية، ما جعلها تساهم أيضاً في الانفصال وتدعمه.
- كما لا يمكن ذكر الكثير من الإنجازات في الوحدة، إذ فرض عبد الناصر سياسات التأميم الاشتراكي، التي طالت القطاعات الاقتصادية المختلفة، وهددت المصالح البرجوازية، فحملت سنوات الوحدة الثلاث الكثير من المشاكل، حتى قيل أن الوحدة وئدت في مهدها؛ فقامت مجموعة من الضباط السوريين بقيادة المقدم عبد الكريم النحلاوي بحصار قيادة الأركان، والسيطرة على الإذاعة والتلفزيون في الثامن والعشرين من سبتمبر/أيلول عام 1963، حيث تقدموا بقائمة طلبات إلى المشير عامر، لم تتضمن الانفصال عن الجمهورية المتحدة، بل بعض الإصلاحات التي تتعلق بشكل أساسي بكف يد بعض الضباط المصريين في الجيش السوري، كما أرسل عبد الناصر قوات مظلية إلى (مطار حميميم) في اللاذقية، إضافة إلى القوات البحرية، لكن هذه القوات انسحبت دون قتال، كما أن المشير عامر أيضاً غادر سوريا دون أن يقدم للمتمردين جواباً واضحاً حول طلباتهم، فأعلن المتمردون الانفصال عن مصر، وقيام الجمهورية العربية السورية، فاشتعلت مظاهرات حاشدة في معظم المدن السورية والمصرية ضد الانفصال، لكن الانفصال وقع بالفعل.
- لاحقاً تم الكشف عن العديد من الأسرار المتعلقة بالوحدة والانفصال، من خلال مذكرات السياسيين المعاصرين لتلك الحقبة، فقد كشف النحلاوي من خلال برنامج شاهد على العصر على قناة الجزيرة عام 2010، أن حكومة الوحدة قامت بنقل كميات كبيرة من الأسلحة الحديثة من سوريا إلى مصر، كما كان هناك مخطط لنقل احتياطي الذهب السوري إلى مصر.
- من جهة أخرى، روى بعض المؤرخين وقوف بعض الحكومات العربية والأجنبية خلف الانفصال، كما ألمح عبد الناصر نفسه في خطاب الانفصال إلى وقوف "الرجعية" خلف الانفصال، بذلك يبقى تقييم الوحدة أمراً معقداً خاضعاً لمئات التحليلات والاعتبارات، إلا أنها تبقى الوحدة العربية الأولى والأخيرة. [3]
حرب الأيام الستة
- فوجئ العرب في الخامس من يونيو/حزيران عام 1967 بغارات طيران العدو الإسرائيلي، التي استهدفت المطارات العسكرية في مصر وسوريا، بهدف تعطيل القدرة الجوية المصرية من خلال قصف الطائرات الرابضة وتدمير مدارج الهبوط والإقلاع، حيث كان قائد الجيش المصري المشير عبد الحكيم عامر يستقل طائرته إلى سيناء؛ فلم يعرف بالهجوم إلا عندما لم تجد الطائرة مهبطاً صالحاً للهبوط، حيث كان طيران العدو قد دمر كل المهابط، مما جعله يعود ليهبط في مطار القاهرة الدولي، بذلك اعتمد جيش العدو على تدمير القدرات الجوية المصرية، حيث كانت الأقدر على تغيير مسار المعركة، إضافة إلى هجوم مماثل في سورية.
- شاركت قوات عراقية وأردنية في الحرب إلى جانب القوات المصرية والسورية، لكن اليوم الأول كان حاسماً، حيث تمكن العدو من تدمير ثلثي القوة الجوية السورية، كما دمر 388 طائرة مصرية في مرابضها، إضافة إلى قتل 100 طيار مصري؛ فاستمرت الحرب 6 أيام فقط، حيث عرفت فيما بعد باسم حرب الأيام الستة، التي نتج عنها سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على سيناء المصرية، وقطاع غزة الذي كان يحكم إدارياً من قبل مصر، إضافة إلى احتلال مرتفعات الجولان السورية، والتمدد في الأراضي الفلسطينية إلى الضفة الغربية، التي كانت تحت إدارة المملكة الأردنية، حيث توقف القتال في العاشر من يونيو/حزيران، بعد أن دمر جيش العدو الجيوش العربية بشكل شبه نهائي.
- لم يكن من الممكن تجاهل الهزيمة من قبل عبد الناصر، فقد تمكن العدو من احتلال الأراضي العربية بسهولة بالغة، وخلال ستة أيام فقط، كما كانت صدمة كبيرة للشعوب العربية التي آمنت بقوة جيوشها على استعادة فلسطين، فوجدتها عاجزة عن حماية نفسها؛ فقرر عبد الناصر التنحي عن منصبه، حيث أعلن ذلك في خطابه الشهير في التاسع من يونيو/حزيران، إلا أنه تراجع عن الاستقالة بعد مظاهرات شعبية حاشدة طالبته بالعودة، لكنه فور عودته عزل قائد الجيش عبد الحكيم عامر من منصبه، الذي خطط فيما بعد للانقلاب على عبد الناصر، إلا أنه انتحر قبل التنفيذ في الأول من سبتمبر/أيلول 1967. [2]
عبد الناصر أكثر الشخصيات السياسية العربية إثارة للجدل
- شهدت مصر إنجازات كبيرة على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي في عهد عبد الناصر، تكاد تكون الأكبر منذ حكم محمد علي باشا (1769-1849) لمصر، ابتداء من تأميم قناة السويس والتصدي للعدوان الثلاثي عام 1956، ثم البدء ببناء السد العالي بالتعاون مع السوفييت عام 1960، الذي تم افتتاحه لاحقاً عام 1971، إضافة إلى حملة التأميم التي بدأها عبد الناصر عام 1961 في الجمهورية العربية المتحدة، واستمر بها في مصر بعد انفصال سوريا عن الوحدة، حيث يعتبر التأميم أحد أسباب الانفصال.
- كما يسجل المؤرخون الوحدة بحد ذاتها من أهم إنجازات عبد الناصر، فهي أكمل أشكال الوحدة التي عرفها العرب، باستثناء تجربة الإمارات العربية المتحدة، التي تعتبر من أنجح تجارب الاتحاد في العالم.
- من جانب آخر لم يكن عبد الناصر ميالاً إلى الديموقراطية، حيث كان إلغاء الأحزاب السياسية وحل الجماعات الدينية سياسته منذ اليوم الأول، كما حارب جميع القوى السياسية الموجودة في مصر، وفي سوريا فترة الوحدة، على الرغم من اختلاف طبائع هذه القوى، فشن حملة كبيرة على الإسلاميين المتمثلين بحركة الإخوان، كذلك على الشيوعيين واليساريين، فعرفت مصر حكماً أمنياً بامتياز، تلعب فيه أجهزة المخابرات دوراً كبيراً في الحياة اليومية للمصرين، إضافة إلى تشديد الرقابة على النشر والصحافة، ووضع قيود على سفر المصريين إلى خارج البلاد، كذلك على دخول الأجانب إليها، مما جعل عدداً من الفنانين المصريين يقيمون خارج مصر؛ ليتمكنوا من التنقل بحرية، مثل الممثل الراحل عمر الشريف.
- على الصعيد الإقليمي، أرسل عبد الناصر القوات المصرية إلى اليمن عام 1963، لدعم الرئيس اليمني المخلوع آن ذاك عبد الله السلال، وبقيت القوات المصرية تشارك بشكل مباشر في الحرب الأهلية اليمنية حتى انسحابها عام 1967، هذا التدخل الذي اعتبره عبد الناصر فيما بعد خطأ في التقدير، كما اعتبر عبد الناصر انتصار الثورة الجزائرية على المستعمر الفرنسي في عام 1962 انتصاراً شخصياً، حيث قدم الدعم الكبير للثوار الجزائريين منذ وصوله إلى الحكم، وحتى استقلال الجزائر.
- كما بقيت العلاقة متوترة بين عبد الناصر وحكام سوريا، إلى أن استطاع حزب البعث الوصول إلى السلطة في كل من العراق وسوريا، وتم الاتفاق في مارس/آذار 1963 على قيام اتحاد بين الدول الثلاث في مايو/أيار 1965، إلا أن ذلك لم يحدث، من جانب آخر قدم عبد الناصر الدعم المالي والعسكري لمنظمة التحرير الفلسطينية، كما رفع سوية هذا الدعم بعد حرب عام 1967، حيث خاض ما عرف بحرب الاستنزاف ضد العدو الإسرائيلي، أما على الصعيد الدولي انتهج عبد الناصر سياسة الحياد الإيجابي وعدم الانحياز فيما يتعلق بالحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي (1945-1991). [1]
الحياة الشخصية لعبد الناصر
تزوج جمال عبد الناصر من تحية كاظم في عام 1944، وهي من أب إيراني وأم مصرية، أنجب منها هدى ومنى، خالد وعبد الحكيم وعبد الحميد، كما عانى عبد الناصر من أعراض صحية عديدة، من بينها مرض السكر، وتصلب الشرايين الناتج عن شراهته في التدخين.
حيث أصيب بنوبتين قلبيتين نهاية عام 1969، من جانب آخر، كان عبد الناصر يعمل 18 ساعة متتالية كل يوم، ونادراً ما يأخذ الإجازات، إضافة إلى مؤلفات عديدة نشرها، من أهمها: (فلسفة الثورة) الصادر عن دار المعارف عام 1955، و(في سبيل الحرية) الصادر عن الشركة العربية-القاهرة عام 1959.
وقد كرّس الفن المصري الكثير من الأعمال الفنية المتنوعة لتخليد ذكرى عبد الناصر وتمجيد إنجازاته، أبرزها فيلم ناصر 56 بطولة أحمد زكي عام 1995، وفيلم جمال عبد الناصر بطولة خالد الصاوي عام 1999، إضافة إلى أوبريت الجيل الصاعد للموسيقار محمد عبد الوهاب نهاية الخمسينيات. [1]
وفاة جمال عبد الناصر
توفي الرئيس جمال عبد الناصر نتيجة أزمة قلبية في الثامن والعشرين من سبتمبر/أيلول عام 1970، في اليوم التالي لعقد القمة العربية الاستثنائية، التي دعا لها لمناقشة التوترات بين منظمة التحرير الفلسطينية والمملكة الأردنية، فأعلن السادات على التلفزيون الرسمي وفاة الرئيس.
تم تشييع جنازته في الأول من أكتوبر/تشرين الأول، بحضور أكثر من 5 ملايين مُشيع، من بينهم جميع الزعماء العرب باستثناء الملك فيصل ملك السعودية، كما أغمي على الرئيس الليبي معمر القذافي مرتين، وبكاه الملك حسين ملك الأردن، إضافة إلى وفود من دول أجنبية أخرى شاركت في الجنازة، ليتم دفنه في جامع النصر في القاهرة، الذي عرف فيما بعد باسم جامع جمال عبد الناصر. [2]
وبذلك يعتبر جمال عبد الناصر هو ثاني رؤساء جمهورية مصر العربية، بعد الرئيس محمد نجيب، فقد تولى الحكم في عام 1956 واستمر فيه حتى وفاته عام 1970.