أعراض الحمل المنتبذ وعلاجه
يحدث الحمل المنتبذ (بالإنجليزية: Ectopic Pregnancy)، ويطلق عليه أيضاً الحمل الهاجر والحمل خارج الرحم، عند انغراس البويضة الملقحة خارج موقعها الطبيعي، أي خارج بطانة الرحم، لتتخذ من قناة فالوب أو عنق الرحم أو البطن بديلاً لمكان تعشيشها الأصلي، وتعد بطانة الرحم هي المكان الأنسب للبويضة الملقحة، كي تتمكن من النمو ومتابعة انقساماتها لتكوين الجنين، وعليه فإن أي تعشيش خارج بطانة الرحم قد يكون خطيراً ويتطلب تدخلاً إسعافياً فورياً، وفي هذا المقال، نوضح كيفية حدوث الحمل المنتبذ وأعراضه وأسبابه وطرق علاجه ومضاعفاته المحتملة.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
ما هو الحمل المنتبذ
يُعرف الإلقاح (الإخصاب) بأنه عملية تتحد فيها نواة النطفة القادمة من الذكر مع نواة البويضة الناضجة القادمة من الأنثى، لإعطاء البويضة الملقحة، تحدث عملية الاتحاد عادة ضمن موقع محدد من قناة فالوب يسمى الأمبورة (بالإنجليزية: Ampulla)، ويطرأ بعدها على البويضة الملقحة انقسامات عديدة أثناء انتقالها على طول قناة فالوب وصولاً إلى الرحم. [1]
ويساعد في عملية الانتقال التقلصات العضلية لقناة فالوب إضافة إلى أهداب الخلايا المبطنة للقناة، حيث تلعب مستويات الهرمونات الأنثوية (الأستروجين والبروجستيرون) دوراً في تنشيط حركة الأنبوبين وتفعيلهما، وعادةً ما تستغرق عملية الهجرة (الانتقال) على طول أنبوب فالوب نحو 3-4 أيام ليصل نتاج الانقسامات المتعددة إلى جوف الرحم ليعشش ضمن بطانته. [1]
ونستطيع القول إن العوائق التي تمنع هجرة البويضة الملقحة على طول قناة فالوب وصولاً إلى الرحم؛ ستساهم بشكل أساسي في تعشيش نتاج البيوضة الملقحة ضمن قناة فالوب. [1]
وفي حالات أخرى نادرة قد تهاجر البويضة الملقحة من المبيض الذي تحررت منه بويضة الأنثى الناضجة إلى المبيض المقابل، لتعشش في أي جزء من جوف البطن كالأمعاء مثلاً. [1]
أو قد تعشش البويضة الملقحة ضمن عنق الرحم مسببة نزفاً مهبلياً شديداً وغزيراً، وبشكل عام، يعتبر التعشيش في قناة فالوب واحداً من أكثر الأسباب الشائعة للحمل المنتبذ. [1]
أعراض الحمل المنتبذ
تظهر أعراض الحمل المنتبذ عادة ما بين الأسبوع الرابع إلى الثاني عشر من الحمل، وتشمل ما يأتي: [2]
- آلام أسفل الظهر أو في إحدى الحفرتين الحرقفيتين (الوركين) أو قد تكون معممة في كامل البطن، يمكن لهذا الألم أن ينتشر إلى الكتفين عند حدوث نزف شديد في جوف البطن، يسبب تخريش الأعصاب الحسية للحجاب الحاجز، الذي يفصل تجويف الصدر عن تجويف البطن، وعند انتشار هذا النزف الشديد ليشمل كامل البطن؛ يأخذ الحجاب الحاجز حصته ويتأثر بسببها، حيث تتنبه الأعصاب الموجودة فيه، وفي المقابل تشعر المرأة بألم في الكتفين أو ما بينهما نتيجة هذا التنبيه العصبي، بسبب ما يسمى بالألم المحوّل، وهنا تشعر المرأة بألم الكتفين لأن الألياف العصبية الحسية في الحجاب الحاجز والألياف العصبية الحسية في الكتفين أيضاً تتجه إلى نفس الجزء من النخاع الشوكي، الذي يستقبل هذه الأحاسيس ويحولها للدماغ، وببساطة تُترجم الآلام على أنها موجودة في الكتفين.
- نزف مهبلي خفيف غامق اللون عادةً، وقد يكون فاتحاً أحياناً، ويصبح غزيراً عند حدوث تمزق الأنبوب أو التعشيش ضمن عنق الرحم.
- الغثيان والقيء.
- التعب العام والدوخة.
ملاحظة مهمة: قد تتطور لدى المرأة أعراض وعلامات شديدة خاصة مع صدمة نقص الحجم الناجمة عن النزف الشديد، كبطء النبض وهبوط الضغط والشحوب والإعياء الشديد، وتتطلب هذه الحالة الإسعاف الفوري للمريضة. [2]
تشخيص الحمل المنتبذ
يصعب على الأطباء اعتمادهم المطلق على اللوحة السريرية للحمل المنتبذ في التشخيص، نظراً لتشابه الأعراض والتباسها مع حالات أخرى قد تحدث ضمن الثلث الأول من الحمل، كالحمل العنقودي أو ما يُعرف بالرحى العدارية (بالإنجليزية: Molar Pregnancy). [3]
وعليه، يجري الطبيب إيكو عبر المهبل لتأكيد التشخيص بشكل أدق، إضافة إلى قياس نسبة مادة كيميائية موجودة بوسط معين، وتحديد مستوى هرمون الحمل (HCG) والبروجستيرون في دم الحامل، حيث يلاحظ انخفاض نسبتهما، مما يشير بشكل كبير إلى وجود حمل منتبذ (هاجر) خارج بطانة الرحم. [3]
أسباب الحمل المنتبذ
من أهم المعيقات التي تتسبب في منع مرور البويضة الملقحة من قناة فالوب وانتقالها إلى جوف الرحم ما يأتي: [2]
- التشوهات الخلقية لقناة فالوب.
- التندبات الموجودة على طول قناة فالوب، التي تتشكل تحت تأثير إنتانات سابقة في طورها الحاد أو المزمن، وغير المعالجة بشكل جيّد.
- الالتصاقات حول القناة نتيجة انفجار زائدة دودية أو عملية إجهاض حدثت في ظروف تفتقد للتعقيم.
- الأورام التي تضغط على قناة فالوب من الخارج، مثل: تكيسات المبيض.
- حدوث حمل منتبذ سابق لدى المرأة، حيث ترتفع نسبة التكرار الثاني بعد الحمل المنتبذ الأول بنسبة 10%.
- التداخلات الجراحية السابقة على قناة فالوب، وذلك لفتحها أو تصنيعها، حيث نجح بعض العلماء في تصنيع القناة مخبرياً وزرعها.
- اضطراب حركية قناة فالوب (التقلصات العضلية وحركة الأهداب الموجودة داخلها) التي تعيق انتقال البويضة الملقحة إلى جوف الرحم.
- استعمال اللولب النحاسي الرحمي كوسيلة لمنع الحمل.
- تبدل مستويات الهرمونات الأنثوية (الأستروجين والبروجستيرون)، فقد يساهم هذان الهرمونان في تنشيط حركة قناة فالوب لتسهيل انتقال البويضة الملقحة إلى الرحم.
عوامل تزيد من فرص الحمل المنتبذ
هناك عوامل معينة تساهم بشكل كبير في رفع معدلات حدوث الحمل المنتبذ لدى المرأة، نذكر منها ما يأتي: [3]
- تقدم سن المرأة فوق 35.
- عادة التدخين.
- استعمال الأدوية المساعدة على التخصيب، أو اللجوء إلى الإلقاح الصناعي (طفل الأنابيب).
- الإجهاض المتكرر.
- بطانة الرحم المهاجرة (بالإنجليزية: Endometriosis).
علاج الحمل المنتبذ
لا يعتبر الحمل المنتبذ أمراً صحياً بالنسبة للحامل، إذ يفشل الجنين في النمو والتطور الطبيعي خارج الرحم، مما يجعل استخراجه من مكان تعشيشه المنتبذ إجراءً مهماً لا بد منه فور تأكيد التشخيص، للحفاظ على صحة المرأة وسلامتها، ويمكن علاج الحمل المنتبذ بطريقتين هما: [4]
- علاج الحمل المنتبذ بالأدوية: يمكن استخدام أدوية عديدة تساهم في التخلص من الحمل المنتبذ لدى المرأة، وذلك تحت إشراف الطبيب المختص، منها حقن الميثوتركسات (بالإنجليزية: Methotrexate) الذي يعتبر مضاداً للانقسام ويمنع استمرار نمو الحمل المنتبذ، ويحرض على حدوث تقلصات شديدة ونزف مهبلي لطرح الكتلة المنتبذة خارج الجسم، وينصح الطبيب بتجنب حدوث الحمل لمدة 3 أشهر على الأقل بعد استعمال الميثوتركسات، وتجدر الإشارة إلى إمكانية استخدام الميثوتركسات في المراحل المبكرة من الحمل المنتبذ.
- علاج الحمل المنتبذ جراحياً: يقترح الأطباء أيضاً التدخل الجراحي للتخلص من الحمل المنتبذ وتصحيح الأذى الداخلي الناتج عنه في قناة فالوب، عبر تنظير البطن (بالإنجليزية: Laparoscopy)، الذي يلجأ الطبيب فيه لإحداث شقوق صغيرة وبسيطة في بطن الحامل، كي يدخل المنظار لإزالة الكتلة المنتبذة (بالإنجليزية: ectopic mass)، مع استئصال أنبوب فالوب في حال تضرره الشديد إثر هذا الحمل، وحينما تصل الحالة إلى تمزق الأنبوب وغزارة النزف في جوف البطن، قد يُجري الطبيب فتح البطن الجراحي (بالإنجليزية: Laparotomy) لتدبير الحالة بشكل أسلم، مع غسل التجويف البطني بالمحلول الملحي، للحد من حدوث الالتصاقات قدر الإمكان، إضافة إلى إعطاء المريضة المضادات الحيوية لمنع حدوث الإنتان.
مضاعفات الحمل المنتبذ
قد تتطور في الأيام القليلة التالية لفتح البطن الجراحي علامات وأعراض معينة تظهر على المرأة تشير إلى إنتان الجرح، ومنها ما يأتي: [4]
- علامات الالتهاب كالانتفاخ والتوذم والاحمرار الموضعي لمكان الشقوق الجراحية المحدثة في البطن.
- النزف وانبعاث الروائح الكريهة من مكان الغرز الجراحية.
ومع ظهور هذه المضاعفات لا بد من مراجعة أقرب مركز صحي أو الطبيب المشرف على العمل الجراحي لعلاج التهاب الجرح بشكل فوريّ. [4]
ماذا بعد الحمل المنتبذ
ينبغي على المرأة بعد حدوث الحمل المنتبذ أن تتابع استشارتها لأخصائي النساء والتوليد، خصوصاً إذا استئصلت قناة فالوب كنتيجة للحمل المنتبذ، فقد أشرنا من قبل إلى أن احتمالية تكرار الحمل المنتبذ مجدداً ترتفع بنسبة 10% بعد الإصابة الأولى. [4]
لذلك لا بد من التحدث مع الطبيب المختص الذي يشرح للمرأة بشكل دقيق مدى إمكانية الحمل الطبيعي أو الحاجة إلى التلقيح الصناعي، بما يتناسب مع الدرجة التي تطور فيها الحمل المنتبذ لديها. [4]
في النهاية، لا تنسي ضرورة مراجعة الطبيب الفورية عند ظهور أي من أعراض الحمل المنتبذ التي ذكرناها لكِ اليوم، فلطالما كان الكشف المبكر مهماً ومساعداً في تدارك مخاطر الوصول إلى نقاط حرجة قد تضر بصحة الحامل الإنجابية لاحقاً.