أسباب البلغم وألوانه وعلاجه
يفرز الجسم عادةً المخاط لإبقاء أنسجة الجهاز التنفسي في حالة رطبة؛ بهدف منع الجزيئات الصغيرة للمواد الغريبة من مهاجمته، وإجبارها على الخروج من الصدر، وفي بعض الحالات المرضية تُفرز كميات زائدة من المخاط، فيطرحها الجسم من الصدر من خلال السعال؛ على شكل مخاط كثيف يُسمى القشع أو البلغم (بالإنجليزية: Sputum)، ويختلف لون البلغم حسب المرض المسبب له، وفي هذا المقال سنتعرف معاً على أسباب البلغم ودلالات ألوانه وطرق علاجه والتخلص منه.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
أسباب البلغم ودلالات ألوانه
هناك كثير من الأسباب التي تدفع الجسم لإنتاج البلغم، وفيما يأتي ندرج لك أهم هذه الأسباب: [1]
التدخين (Smoking)
يتراكم البلغم في الرئتين عند المدخنين مُسبباً السعال، والبلغم الناتج عن تدخين السجائر قد يكون أخضر، أو أصفر، أو دمويّاً.
الربو (Asthma)
قد يتحسّس المصابون بالربو نتيجة التعرض للعديد من المواد، التي تسمى المحسِّسات (بالإنجليزية: Allergens) كالتلوث البيئي، أو نتيجة للإصابة بالتهابات رئوية، وقد تصيب هذه الحساسية السبل التنفسية بالالتهاب، وبالتالي تدفعها إلى إنتاج المزيد من المخاط.
التليّف الرئوي (Cystic fibrosis)
يعتبر التليف الرئوي مرضاً وراثياً يؤدّي إلى نقص حجم السبل التنفسية، وكثافة المخاط، ما يسبب صعوباتٍ في التنفس، ويشكل المخاط الكثيف في التليف الرئوي بيئةً مثاليةً لنمو البكتيريا، وبالتالي الإصابة بالالتهابات الرئوية لدى العديد من المصابين به، ويكون لون البلغم فيه أصفر أو أخضر أو بنياً.
إنتانات السبل التنفسية (Respiratory Tract infections)
يُعرّف الإنتان بأنّه غزوُ الجسم من عضوياتٍ صغيرةٍ مؤذيةٍ كالبكتيريا أو الفيروسات أو الطفيليات، التي لا توجد داخله بشكلٍ اعتيادي، وتكاثرُها فيه مسببةً له الأذى.
كقاعدةٍ عامة، يكون البلغم أخضر غامقاً في المراحل المبكرة للإنتان التنفسي، ومن ثم يفتح لونُهُ تدريجياً مع تحسن حالة المريض، في بعض الإنتانات يكون البلغم أصفر، أو رمادياً، أو بلون الصدأ.
وتتضمن الإنتانات التنفسية الإصابة ببعض الأمراض التي تتمثل فيما يأتي: [1]
1. الإنفلونزا (Flu)
قد ينتج عنها بلغمٌ أخضر، ومن أعراضها: ارتفاع درجة الحرارة، والتعب، والوهن، والشعور بالصداع والألم، والسعال، وبعض الأعراض الشبيهة بنزلة البرد الشائع، مثل: سيلان الأنف، والعطاس، والتهاب الحلق.
ويتمثل العلاج في هذه الحالة في الامتثال للراحة وأخذ المسكنات، وكذلك تناول السوائل والتدفئة الجيدة، فمعظم المرضى يتعافون خلال أسبوع من الإصابة.
كما يمكن لمضادات الفيروسات، مثل: الأوسيلتاميفير (بالإنجليزية: Oseltamivir) أن تُقلل فترة الإصابة، إذا ما بدأ الشخص بتناولها خلال يومين من ظهور أعراض المرض.
2. التهاب القصبات (Bronchitis)
إنتانٌ للسبل التنفسيّة الرئوية الرئيسية التي هي القصبات، حيث تغدو ملتهبةً وتنتج الكثير من المخاط، ويكون البلغم الناتج أصفر رمادياً أو مخضراً.
- يمكن لالتهاب القصبات أن يكون حاداً أو مزمناً: التهاب القصبات الحاد (بالإنجليزية: Acute Bronchitis)؛ ويستمر نحو 3 أسابيع، ومعظم حالات التهاب القصبات الحاد يمكن معالجتها في المنزل عن طريق تناول مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية (NSAIDs) وشرب السوائل الساخنة.
- التهاب القصبات المزمن (Chronic Bronchitis)؛ يُعرّف بأنه سعال يوميّ منتج لبلغم يستمر 3 أشهر على الأقل، ويحدث لسنتين متتاليتين، وهو عرضٌ لأمراض رئوية أخرى تتضمن النفاخ الرئوي (بالإنجليزية: Emphysema)، والداء الرئوي الانسدادي المزمن (COPD).
3. ذات الرئة (Pneumonia)
السعال المنتج لبلغم سميك أصفر، كذلك البلغم الأخضر أو البنيّ أو الملطخ بالدم؛ قد يكون علامةً على الإصابة بذات الرئة، وهي إنتان بكتيري يؤدّي إلى التهاب النسيج الرئوي،.
ومن أعراضه الشائعة أيضاً: صعوبة التنفس، وسرعة ضربات القلب، والإصابة بالحمّى، والتعرق والقشعريرة، ونقص شهية. ويتوجب على من يشعر بأعراض ذات رئة أن يقوم بمراجعة الطبيب المختص.
4. السلّ (Tuberculosis TB)
يتميز بسعال منتج لبلغم بلون أخضر أو دموي، من أعراضه أيضاً: نقص الوزن، والتعرق الليلي، والحمّى، والتعب، ونقص الشهية، وتورم العنق، وهو حالة خطيرة لكنّها قابلة للعلاج خلال 6 أشهر من المضادات الحيوية.
طرق التخلص من البلغم
ندرج لك فيما يأتي عدة طرق للتخلص من البلغم، تتضمن علاجات منزلية ودوائية لا تحتاج إلى وصفة طبية: [2]
ترطيب الهواء
يساعد ترطيب الهواء المحيط بالمريض على إبقاء مخاطه رقيقاً، كما أنه من الشائع أن البخار (بالإنجليزية: Steam) قد يزيل البلغم، لكن لا يوجد دليل علميّ على ذلك، بالإضافة إلى احتمال الحروق التي قد يسببها.
لذا يُفضّل استعمال الرذاذ المرطب (بالإنجليزية: Mist humidifier) بدلاً منه، وهو عبارة عن جهاز يمكن تشغيله بأمانٍ خلال اليوم، وكل ما على الشخص فعله تبديل مائه كل صباح وتنظيفه.
شرب الكثير من السوائل
يساهم شرب السوائل خصوصاً الساخنة، في تحريك المخاط وحلّ الاحتقان، لذا ينصح بتناول جميع السوائل بداية من العصائر الطبيعية ووصولاً إلى شوربة الدجاج، وهناك خيارات جيدة أخرى تتضمن الشاي الخالي من الكافيين، وعصير الليمون.
تناول الأطعمة المعززة للتنفس
يُنصَح بتناول الأطعمة والمشروبات التي تحتوي على الليمون، وجذر الزنجبيل، وفصوص الثوم، إذ إن هناك أدلة على فاعليتها في معالجة نزلات البرد، والسعال، والمخاط الزائد، وكذلك بعض أنواع البهارات التي تحتوي على مادة الكبسائيسين (بالإنجليزية: Capsaicin).
كما أن تناول الفلفل الأحمر أو الأخضر قد يساعد أيضاً في تنظيف الجيوب الأنفية وتحريك المخاط وبالتالي إزالة الاحتقان، إلى جانب بعض الأطعمة التي تساهم في علاج الأمراض التنفسية الفيروسية، مثل: عرق السوس، والتوت، وبذر الرمان، وأوراق الجوافة، والزنك الفموي.
وتعتبر إضافة العناصر السابقة للنظام الغذائي آمناً لدى معظم الناس، لكن يجب على الشخص أن يستشير طبيبه قبل تناولها إذا كان يأخذ علاجاً دوائياً.
الغرغرة بالماء المالح
تساعد الغرغرة بالماء المالح الدافئ في إزالة البلغم العالق بالحلق، كما قد تقتل البكتيريا وتخفف التهاب البلعوم، ويمكن إعداده من خلال مزج كوب من الماء الدافئ مع نصف ملعقة صغيرة من الملح، ومن الأفضل استخدام الماء المفلتر الذي لا يحوي الكلور المهيّج.
كل ما عليك هو ارتشاف قليلاً من المزيج، وإحناء رأسك إلى الخلف قليلاً، لتدع الماء المالح يغسل حلقك دون أن تشربه، يمكنك الاستمرار بالغرغرة لمدة 30-60 ثانية، ثم بصق الماء وإعادة الكَرّة حسب الحاجة.
تناول زيت الكافور
يمكن أن يساعد استعمال زيت الكافور الأساسي في حَلّ وتخفيف المخاط والبلغم، مما يمكّن من إخراجه من الصدر عبر السعال بسهولة، وفي الوقت نفسه، يمكن للكافور أن يخفّف السعال المزعج، ويتمّ استعماله من خلال استنشاق بخاره أو تدليكه على منطقة الصدر.
تناول أدوية البلغم
يمكنك تناول مضادات الاحتقان التي لا تحتاج إلى وصفة طبية، إذ إنها تساهم في فتح المجاري الهوائية، وتوجد بأشكال متعددة كالكبسولات أو الشراب أو المساحيق، مثل: موسينيكس (بالإنجليزية: Mucinex)، الذي يساعد على ترقيق المخاط وحلّه، وبالتالي تسهيل خروجه من الصدر.
وفي حال كان البلغم ناتجاً عن حالات معينة أو إنتانات، فمن المفيد استعمال بعض العلاجات التي تحتاج لوصفات طبية بعد استشارة الطبيب المختص، مثل ما يأتي:
- الملح مفرط التوتر: يستعمل عبر جهاز إرذاذ، إذ إنه يؤدي إلى زيادة كمية الملح في الطرق الهوائية، ويمكن استخدامه بداية من 6 سنوات فما فوق، لكنه قد يسبب بعض الأعراض الجانبية كالسعال، والتهاب الحلق، وضيق الصدر.
- بوليموزيم: يساهم دواء بوليموزيم (بالإنجليزية: Pulmozyme) في ترقيق المخاط وتخفيفه، ويُستخدم للمصابين بالتليف الرئوي من خلال استنشاقه عبر جهاز إرذاذ، وهو أيضاً مناسبٌ بداية من 6 سنوات فما فوق، وله بعض الأعراض الجانبية، مثل: بحة الصوت، والطفح الجلدي، والحمى، وسيلان الأنف.
وفي الختام، من المهم التأكيد على أن الجسم ينتج المخاط بشكل طبيعي، لذا فإنّ بعض أنواع البلغم لا تُعدّ مشكلةً بالضرورة، لكن إذا عانى المريض من البلغم لأكثر من شهر أو إذا ترافق مع أعراض أخرى كالسعال الدموي، أو الألم الصدري، أو ضيق التنفس، يجب عليه أن يراجع الطبيب المختص للاطمئنان وتحرّي وجود أي أمراض قد تكون وراء ذلك.