أسباب الإسهال وأعراضه وعلاجه
جهازنا الهضمي، يعد المسؤول الوحيد عن حصولنا على غذائنا بشكل طبيعي، فكل أجزائه تعمل بشكل متناسق للحصول على المواد الضرورية لأجسامنا من الأطعمة التي نتناولها، وامتصاصها وطرح الفضلات المتبقية، والأمعاء بقسميها الدقيقة والغليظة تشكل جزءاً محورياً من الجهاز الهضمي، فهي تقوم بمهمة هضم وامتصاص المواد الغذائية وطرح الفضلات، لذلك من المهم التذكير بكيفية عمل أمعائنا قبل البدء بالحديث عن الإسهال، في هذا المقال، نوضح لك أسباب الإسهال وأعراضه وعلاجه.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
كيف تعمل الأمعاء
تتولى الأمعاء كقسم من الجهاز الهضمي وظيفتها الخاصة بها، التي تتلخص بمهمتين أساسيتين، ألا وهما الامتصاص وطرح الفضلات، حيث تصل المواد الغذائية من المعدة إليها طريةً وشبه سائلةٍ، أي يرافقها ماءٌ بشكلٍ كبير، هذا الماء ناتج عن اختلاط الطعام بالماء المشروب والعصارات الهاضمة في المعدة والأمعاء، هذه البنية السائلة للمواد تعد ضروريةً، فهي تسهل حركة الطعام ضمن الأمعاء. [1]
تعد تقلصات العضلات في جدران الأمعاء التي تحدث وفق نمط وإيقاع معين وبشكلٍ لا إرادي (الحركات التمعجية للأمعاء)، الآلية الأساسية لتحريك المواد ضمن الأمعاء؛ لذلك يعد وجود هذه المواد بشكل شبه سائل وطري عاملاً مساعداً لهذه التقلصات العضلية لتكون فعالةً أكثر. [1]
يحدث الامتصاص للمواد الغذائية في الأمعاء الدقيقة على نحو أساسي، وبعد ذلك تنتقل المواد شبه السائلة المتبقية إلى الأمعاء الغليظة (القولون)، هنا يتم ما يسمى ببناء الفضلات، حيث يمتص القولون السوائل من المواد التي وصلت إليه، ويجعلها أكثر تماسكاً وقابليةً للطرح بشكل براز طري طبيعي. [1]
ما هو الإسهال وكيف يحدث
يعرف الإسهال بأنه إفراغ أو تغوط متكرر لبراز لين جداً أو شبه مائي أكثر من 3 مراتٍ في اليوم، لأكثر من يومين متتاليين؛ ويعود السبب في هذا الخروج المائي إلى خللٍ في إحدى آليات عمل الأمعاء المتناسقة. [1]
فكما قلنا سابقاً: يغدو الطعام ضمن الأمعاء مواد شبه سائلة بفعل الماء المشروب وعصارات الهضم المفرزة من المعدة والأمعاء، وتتحرك بفعل تقلص عضلات الأمعاء، التي تكون متناسقةً خلال تحركها، ليتم امتصاص اللازم منها للجسم، ويتابع ما تبقى من هذه المواد إلى الأمعاء الغليظة (القولون)، عن طريق امتصاص الماء من هذه المواد المتبقية وتشكيل الفضلات. [1]
الخلل يكون على واحد من ثلاث آليات، إما زيادة نسبة الماء في المواد الغذائية بشكلٍ كبيرٍ، بحيث لا يستطيع القولون امتصاصها بشكلٍ كاملٍ، أو اضطراب على مستوى القولون (الأمعاء الغليظة) يمنعه من امتصاص الماء من هذه المواد الموجودة في القولون. [1]
أو اضطراب على مستوى تقلصات عضلات جدار الأمعاء، يجعلها سريعةً ولا تعطي مجالاً ليتم امتصاص الماء منها، وتكون محصلة هذه الاختلالات، سواء حدثت بشكلٍ منفصلٍ أو مع بعضها، خروج براز لين سائل (أي حدوث الإسهال). [1]
أنواع الإسهال وتصنيفاته
يقسم الإسهال إلى نوعين أساسيين، هما: إسهال حاد (بالإنجليزية: acute diarrhea)، وإسهال مزمن (بالإنجليزية: chronic diarrhea)، من ناحية الأعراض فهي نفسها في النوعين، كطرح فضلات سائلة والمغص البطني وغيرها من الأعراض التي سنفصلها فيما بعد، ولكن الفرق بينهما يكون في مدة استمرار الإصابة بكل نوع. [2]
فالإسهال الحاد هو الإسهال الذي يمتد من عدة أيام حتى أسبوع ثم ينتهي، وتعد الإصابة بعدوى بكتيرية أو فيروسية هي السبب الأكثر شيوعاً لحدوثه، في حين أن الإسهال مزمن يحدث عندما يستمر لأكثر من 3 أسابيع، وهذا يحدث عند إصابة الأمعاء ببعض الأمراض، التي تدعى أمراضاً وظيفية مزمنة كداء كرون الذي سنتحدث عنه بعد قليل. [2]
تصنيف الإسهال وفق المسببات
في سياق تسهيل فهم وتصنيف الإسهال، لا بد من استعراض الآليات المسببة، إذ يصنف الإسهال حسب الآليات المسببة كالآتي: [2]
- الإسهال الإفرازي (secretory diarrhea): من اسمه نجد أن للإفراز علاقة بحدوث هذا الإسهال، ونقصد هنا زيادة إفراز السوائل من قبل الأمعاء، إذ إن الأمعاء تفرز سوائل تحوي عصارات هاضمة وماء لتؤدي وظيفتها، ووجود سبب يؤدي إلى زيادة هذا الإفراز كالإصابة بعدوى بكتيرية مثلاً، يجعل المواد في الأمعاء سائلةً أكثر، وبالتالي يحدث الإسهال.
- الإسهال الحلولي أو الأوزمولي (osmotic diarrhea): هناك مجموعة من المواد التي نتناولها تكون مواد لا يستطيع الجسم هضمها، بل تدخل وتخرج كما هي، بعض هذه المواد تتصف بأنها محبة جداً للماء، بما معناه أنها تجذب الماء إليها، وتجعله يرتبط ويحيط بها بشكل قوي وكبير.
وبذلك تمنع الأمعاء الغليظة من تأدية وظيفتها بامتصاص الماء؛ لأنه مرتبط بقوة مع هذه المواد، وتكون المُحصّلة نزول كميات كبيرة من الماء عند طرح هذه المواد المحبة للماء، وبالتالي يحدث حينها الإسهال.
وتعد المحليات الصناعية التي تستخدم في صنع العلكة وبعض المواد الأخرى كالسوربيتول والمانيتول من أهم هذه المواد المحبة للماء. - الإسهال الحركي (motility related diarrhea): تحدثنا من قبل عن أن تقلصات عضلات الأمعاء هي المسؤولة عن تحريك المواد ضمن الأمعاء، ليتم هضمها وإطراحها لاحقاً أيضاً بفعل هذه التقلصات ذات الإيقاع المنتظم.
لكن عندما يحدث اضطراب يؤثر على حركة عضلات الأمعاء ويجعلها غير طبيعية، أو بالأحرى يجعلها تشتد وتتسارع على وجه الخصوص، هذا الاشتداد والتسارع يجعل المواد تتحرك بسرعة كبيرة ضمن الأمعاء، وهذا لا يعطي مجالاً ووقتاً للأمعاء لتأدية وظيفتها بسحب الماء من المواد الغذائية.
الأمر الذي يجعل الفضلات تخرج مليئة بالماء ويحدث الإسهال، وتعد متلازمة الأمعاء المتهيجة (IBS) أكثر الأسباب شيوعاً لهذا الاشتداد في حركات الأمعاء، وسنأتي على ذكرها بعد قليل ضمن مسببات الإسهال. - الإسهال الالتهابي (inflammatory diarrhea): هنا تتداخل عدة آليات مع بعضها لإحداث الإسهال، فعند وجود إنتان معين في الأمعاء، سواء كان فيروسياً أو بكتيرياً، يجعل الأمعاء تلتهب وتتهيج؛ وبالتالي تصبح أكثر إفرازاً للسوائل نتيجة حدوث الالتهاب والتورم وأكثر حركة وتقلصاً بفعل هذا الالتهاب؛ وفي المحصلة يصبح لدينا فضلات غنية بالسائل مع عدم قدرة الأمعاء على تأدية وظيفتها بفعل الإنتان؛ فيحدث الإسهال المائي.
هذه الآليات هي المسؤولة عن حدوث الإسهال، وتجدر الإشارة إلى أن كل آلية قادرة على أن تسبب إسهالاً بشكل مستقل وحدها، ولكن الشكل الغالب هو تداخل عدة آليات معاً في آنٍ واحدٍ، هذا التداخل يسبب حدوث الإسهال.
أسباب الإسهال الحاد والمزمن
قلنا إن الإسهال هو عبارة عن خروج متكرر لبراز سائل نتيجة اضطراب على مستوى الأمعاء يؤثر على وظيفتها، واستعرضنا معاً الآليات المسببة لحدوث الإسهال، فما أهم الأسباب التي تؤدي إلى اضطراب وظيفة الأمعاء وتحريض الآليات المسببة للإسهال؟ [2]
في الحقيقة الأسباب عديدة، منها ما يسبب إسهالاً حاداً ومنها ما يسبب إسهالاً مزمناً، ومنها ما يسبب الاثنين معاً، وفيما سنوضح لك أهم هذه الأسباب: [2]
- الإصابة بعدوى فيروسية: الفيروسات عبارة عن عضويات ممرضة تصيب الإنسان وتسبب له أمراضاً متنوعة، لعل أكثرها شيوعاً الزكام والإنفلونزا (الرشح)، وهناك مجموعة من الفيروسات تصيب الجهاز الهضمي وتسبب له ما يُعرف بزكام المعدة والأمعاء (بالإنجليزية: stomach flu).
تدخل هذه الفيروسات إلى الأمعاء عن طريق تناول الأطعمة الملوثة بالفيروسات، وعندما تصل تتكاثر ضمن الأمعاء مسببةً التهاباً وتهيجاً في الأمعاء ينتج عنها أعراض مرضية متنوعة على مستوى الجسم ككل والأمعاء بنحو خاص؛ فترتفع الحرارة ويحدث القيء والإسهال.
أكثر المجموعات الفيروسية التي تصيب الأمعاء شيوعاً هي: مجموعة فيروسات الروتا (بالإنجليزية: Rota Virus)، ومجموعة فيروسات النورو (بالإنجليزية: Noro Virus)، وهما يسببان حدوث الإسهال الحاد. - الإنتان البكتيري: تصيب البكتيريا الأمعاء، حيث تدخل إليها عن طريق تناول الأطعمة الملوثة غالباً، هذه البكتيريا تتكاثر ضمن الأمعاء وتسبب حدوث التهاب فيها، هذا الالتهاب يتسبب في الإصابة بالحمى وارتفاع درجة حرارة الجسم، بالإضافة إلى تهيج الأمعاء وحدوث القيء والألم البطني والإسهال.
ومن أكثر أنواع البكتيريا المسببة للإسهال شيوعاً هي بكتيريا العصية القولونية (E.coli)، التي تسبب ما يعرف بإسهال المسافرين (بالإنجليزية: traveler diarrhea).
وقد جاءت هذه التسمية من كونه شائعاً جداً عند الذين يسافرون إلى أماكن جديدة، ويتناولون طعاماً جديداً، يكون غير معقم بشكل جيد، ويحوي هذه العصيات، فتصل إلى أمعائهم لتتكاثر وتسبب حدوث الإسهال. - الإصابة بالطفيليات: الطفيليات هي أحياء دقيقة صغيرة الحجم تدخل إلى جسم الإنسان وتتطفل عليه، هذا يعني أنها تستغل الإنسان للحصول على المواد اللازمة لحياتها، وهذا التطفل له أعراض ويسبب مرضاً للإنسان، وتتم العدوى بالطفيليات إما عن طريق التماس مع الحيوانات المصابة بها، أو تناول الطعام الملوث بها.
وتعتبر الجيارديا من أهم الطفيليات التي تسبب الإسهال، حيث تدخل إلى الأمعاء عن طريق الطعام الملوث، وتسبب التعب والألم البطني والإسهال، بسبب تطفلها على الإنسان. - التسمم الغذائي (food poisoning): تناول الطعام الفاسد المخزن لفترة طويلة أو غير المطهي جيداً، يحدث الإسهال لأنه يكون حاوياً على بكتيريا وطفيليات، حيث تجد هذه العوامل الممرضة وسطاً مناسباً في هذا الطعام، لتتكاثر وتسبب حدوث أمراض واضطرابات، ومن ضمنها الإسهال.
- الحساسية للطعام (food allergy): يعاني بعض الأشخاص من حساسية تجاه أنواع محددة من الأغذية، هذه الحساسية مجهولة السبب، لكن الوراثة تعتبر المسؤول الأول عنها، عندما يتناولها الشخص الذي يعاني من الحساسية تجاهها، يعتبرها جسمه مواد غريبة تستنفر جهازه المناعي، فيسبب حدوث رد فعل تحسسي على مستوى الجسم كله.
أي عند تناولها يحدث اضطراب يشمل الجسم كله، فيحدث تورم واحمرار في الجلد، ويصبح التنفس صعباً وتُصاب الأمعاء باضطرابات في حركتها ويحدث الإسهال، ويعد البيض والحليب وزبدة الفستق وفول الصويا من أكثر المواد المسببة للحساسية شيوعاً عند الأشخاص الذين يعانون من الحساسية. - متلازمة الأمعاء المتهيجة (IBS): أو ما يعرف بالقولون العصبي، وهي حالة مجهولة السبب تصيب الأمعاء على وجه الخصوص، ويحدث فيها اضطراب في حركات العضلات الموجودة في جدار الأمعاء؛ وبالتالي اضطراب حركة المواد الموجودة بها.
هذا الاضطراب في الحركات يكون على شكل نوبات، إما أن تسبب النوبة نقصاً في سرعة حركة الأمعاء، وحينها يحدث الإمساك، أو أن تسبب تسارعاً في حركة الأمعاء وحينها يحدث الإسهال، وبالطبع تكون هذه النوبات متنوعة بلا قاعدة معينة، فأحياناً تسبب إمساكاً، وأحياناً أخرى تسبب إسهالاً عند المريض نفسه. - أمراض الأمعاء الالتهابية (IBD): تعد هذه الأمراض أمراضاً مناعية ذاتية، وهذا يعني أن مناعة الجسم نفسها تقوم بمهاجمة الجسم، وتسبب تخرباً واضطراباً في الأعضاء التي تهاجمها، والسبب في هذه الأمراض مجهول.
وتصاب الأمعاء بهذه الأمراض، حيث تقوم مناعة الجسم بمهاجمة الأمعاء وتخريبها، مُسببة بذلك التهاباً في الأمعاء واضطراباً في وظيفتها، ومن هنا جاءت تسمية هذه الأمراض، ويعتبر الإسهال أحد أهم الأعراض المرافقة لهذه الأمراض، والتي أهمها داء كرون (بالإنجليزية: Crohn disease)، والتهاب القولون القرحي (بالإنجليزية: ulcerative colitis). - تناول المضادات الحيوية: أو ما يعرف عامياً بأدوية الالتهاب (كخطأ شائع)، هذه المضادات عبارة عن مواد كيميائية تقتل البكتيريا الممرضة وتقضي عليها في حال حدوث إصابة، أي أنها مواد مهمة في حال الحاجة إليها، ولكن يمكن أن يكون لها أثر جانبي على الأمعاء وتحدث الإسهال، لا سيما في حال استعمالها عشوائياً من دون استشارة الطبيب أو استعمالها لفترات طويلة.
ولنوضح السبب في إحداثها للإسهال علينا معرفة أن الأمعاء تحوي ضمنها مجموعات كبيرة من البكتيريا غير الضارة المتعايشة مع الجسم، تٌعرف باسم الفلورا (بالإنجليزية: flora)، أي أنها موجودة في الحالة الطبيعية للجسم، وتساعد في حماية الأمعاء من بقية البكتيريا الممرضة مقابل حصولها على الغذاء الضروري لها.
ولذلك عند تناول المضادات الحيوية القاتلة للبكتيريا بشكل كبير، تُقتل البكتيريا المشكلة للفلورا، لأنها غير قادرة على تمييز البكتيريا الضارة من النافعة فتقتل الفلورا، والنتيجة غياب هذه البكتيريا غير الضارة وفقدان دورها في حماية الأمعاء؛ وبالتالي تصبح الأمعاء أكثر عرضة للإصابة بالعوامل الممرضة وتزيد احتمالية حدوث الإسهال، هذا ما يسمى بالإسهال المرافق لتناول المضادات الحيوية.
الأعراض المرافقة لحدوث الإسهال
يترافق الإسهال مع عدد كبير من الأمراض مما يجعل له أعراضاً ترافقه، هذه الأعراض متنوعة قد تظهر جميعها أو يظهر بعضٌ منها، ذلك حسب طبيعة الحالة المرضية الموجودة والتي تترافق مع الإسهال، سنعرض فيما يأتي أهم الأعراض المرافقة لحدوث الإسهال: [3]
- التغوط المائي: هو العرض الأساسي والمحوري للقول بأن هناك إسهالاً، حيث كما قلنا إن خروج براز مائي أكثر من 3 مرات في اليوم هو الموجه للإسهال.
- الألم البطني: هو أيضاً عرض شائع، يعود إلى أنه في الإسهال تضطرب تقلصات عضلات جدار الأمعاء، وتتهيج وتصبح سريعة، وهذا يجعلها متقلصةً متشنجةً، وتسبب ألماً بطنياً.
- الحمى: تعني ارتفاع درجة حرارة الجسم فوق المعدل الطبيعي (أي فوق 37.5 درجة مئوية)؛ والسبب يكون غالباً حدوث عدوى فيروسية أو بكتيرية، حيث ترتفع درجة الحرارة كرد فعل على وجود هذه الأحياء الممرضة، وإذا أصاب الإنتان الأمعاء؛ أدى إلى حدوث الإسهال والحمى معاً.
- تكرار الحاجة لدخول المرحاض: نتيجةً لأن الفضلات سائلة بشكل أكثر من المعتاد، وحركة الأمعاء أسرع من المعتاد في سياق الإسهال، هذا يعني أن هذه المواد والفضلات تسير أسرع ضمن الأمعاء، ويعني الشعور بالحاجة للدخول إلى المرحاض، كلما وجد شيئاً ضمن الأمعاء بحاجة للإفراغ.
- التجفاف (dehydration): يعتبر عارضاً ومضاعفةً خطيرةً للإسهال، حيث يحدث فقدان لكميات كبيرة من المياه نتيجة الإسهال المهمل، مما يعني نقص الماء في الجسم الذي يؤثر بدوره على كل الأعضاء؛ فيحدث جفاف للجلد ويصبح قاسياً ويفقد مرونته، ومن الممكن أن تتأثر الكليتان فتصبحان غير قادرتين على تصفية الدم؛ فيقل بذلك إطراح الفضلات وتشكيل البول، ومن الممكن أن يتأثر الجهاز العصبي ويحدث السبات، ويعد جفاف الفم والشفتين وتشققهما، والعطش الشديد والضعف العام من العلامات المبكرة لحدوث التجفاف.
عوامل الخطورة وتشخيص الإسهال
تشخص الكثير من حالات الإسهال بشكل ذاتي، إذ إن الشخص يلاحظ خروجاً لبرازٍ سائلٍ ويدرك أن لديه إسهالاً، غالباً ما يتراجع الإسهال بشكل عفوي بعد 48 ساعة، لكن هناك حالات لا يتراجع فيها الإسهال ويكون خطيراً مما يستدعي مراجعة الطبيب، ونستعرض فيما يأتي العوامل التي تستدعي مراجعة طبيب الجهاز الهضمي: [1]
- ظهور علامات التجفاف من عطش وتشققات الفم والشفتين.
- حمى شديدة مع درجة حرارة أعلى من 38.5 درجة مع قيء وألم بطني شديد.
- خروج كميات كبيرة من البراز السائل المترافق مع وجود دم.
عند مراجعة الطبيب يجري مجموعة من الإجراءات والفحوصات في سياق التوصل إلى السبب المؤدي إلى الإسهال، حيث يقوم بما يأتي: [1]
- القصة المرضية: يسأل الطبيب عن الوقت الذي بدأ عنده الإسهال، هل هو من فترة قريبة أم من مدة طويلة؟ هل يأتي على شكل نوبات؟ هل تم تناول طعام فاسد؟ هل هناك أمراض أمعاء عند أحد الأقارب؟ هل توجد حمى، وارتفاع درجة حرارة مرافق؟ كل هذه الاستفسارات تساعد الطبيب في التوجه إلى المسبب المحدث للإسهال.
- فحص الدم: وفيه يتم سحب عينة من دم المريض وإرسالها للفحص، حيث يمكن من النتائج أن يتوجه الطبيب فيما إذا كان هناك إنتان معين، أو حالة التهابية في الجسم مسببة للإسهال.
- فحص البراز: هنا تؤخذ عينة من البراز السائل، ويتم فحصها في المخبر عن طريق المجهر لتحري وجود الطفيليات كالجيارديا، أو إجراء فحص يدعى بالزرع البكتيري عليها، إذ يقوم الفحص بتحري أنواع البكتيريا الموجودة في هذا البراز، عن طريقه يعرف الطبيب ما إذا كانت الأمعاء مصابة بالتهاب بكتيري بأحد أنواع البكتيريا الممرضة للأمعاء.
- التنظير الهضمي السفلي: يفحص الطبيب الأمعاء عن طريق منظار مزود بكاميرا، يتم إدخاله عن طريق فتحة الشرج، ويعاين الطبيب القولون وجداره، ويتحرى وجود التهاب أو تورم فيه، ويأخذ خزعة تتم دراستها لتحري إصابة الأمعاء بأمراض في جدارها كداء كرون أو التهاب القولون القرحي.
علاجات ونصائح حول الإسهال
كما قلنا إن معظم حالات الإسهال الحادة تزول بشكل عفوي بعد مرور يومين ولا تحتاج لأي علاج أو تدخل طبي، لكن هناك حالات قد تستدعي أخذ بعض الأدوية، واتخاذ إجراءات معينة للحد من الإسهال. [3]
إذاً بمعنى آخر علاج الإسهال يعتمد على علاج المسبب والمرض الذي أحدثه، نعرض بعض الأدوية والإجراءات التي يمكن أن تتخذ في سياق الإسهال: [3]
- تناول المضادات الحيوية: حقيقةً معظم حالات الإسهال لا تتطلب أخذ هذه الصادات، إذ تتراجع تلقائياً، لكن يستحب أخذ هذه المضادات إذا كانت بتوجيه من الطبيب وحسب وصفته عندما يجد أن سبب الإسهال بكتيريا أو طفيليات تحتاج لمثل هذه الأدوية.
- مضادات حركة الأمعاء (antimotility): هذه الأدوية تقوم بإحداث ارتخاء في عضلات جدار الأمعاء المتهيجة، وهذا يجعل المواد تتحرك ببطء أكثر، مما يعطي الوقت الكافي للأمعاء لتقوم بامتصاص الماء الزائد منها؛ وهذا يجعل البراز متماسكاً أكثر، إضافةً إلى أن الارتخاء الذي يحدث في هذه العضلات يخفف كثيراً من المغص المرافق للإسهال.
يعد اللوبراميد (بالإنجليزية: loperamid) من أكثر هذه الأدوية شيوعاً، وهو متوفر من دون وصفة طبية، يساهم في تقليل الإسهال وتخفيف المغص والألم البطني. - تجنب التجفاف: كما قلنا يعد التجفاف من المضاعفات التي تحدث للإسهال، في حال إهماله، نتيجة خسارة كميات كبيرة من الماء، وعلامات التجفاف المبكرة تبدأ بالعطش وجفاف الفم، لتجنب هذه العوارض يجب الحرص على تناول كميات كافية من الماء والسوائل سواء في أوقات الإسهال أو خارجها.
وتقدر الحاجة اليومية من السوائل بنحو 2 إلى 3 ليترات، تؤخذ عن طريق شرب الماء والعصائر وتناول الخضار والفواكه الغنية بالماء. - تناول أنواع معينة من الأطعمة: وجد أن هناك أنواعاً من الأطعمة ممكن أن يتم تناولها في سياق الإسهال، حيث تعمل على تخفيفه، هذه الأطعمة تمتاز بأنها تحب الماء أي تقوم بامتصاصه واستهلاكه لكي يتم امتصاصها ضمن الأمعاء، نذكر من هذه الأطعمة البطاطا والأرز والموز، عند وصولها للأمعاء تمتص الماء من المحيط وتجعل البراز أكثر تماسكاً وبذلك تخفف من الإسهال.
- اطبخ الطعام جيداً وتناوله طازجاً: بمعنى آخر، في حال إعداد نوع من الطعام المطبوخ يجب الحرص على طبخه بشكل كافٍ؛ للتأكد من القضاء على كل العوامل الممرضة المحتملة، ويجب عدم الاحتفاظ به لفترات طويلة؛ لأن ذلك يجعله أكثر عرضةً للفساد ويصبح مصدراً للتسمم وإحداث الإسهال.
- اغسل يديك جيداً: هذا الأمر يعد من البديهيات ولا يجب ذكره، لكن العديد من الأشخاص يغفلونه، سواء بقصد أو بغير قصد، لكنه مهم ويجب التركيز عليه، فنحن نلمس أشياء كثيرة وأشخاصاً مختلفين دون أن ننتبه، هذا التماس يمكن أن يكون مع أشياء غير نظيفة تحمل عوامل مسببة للإسهال تنتقل لنا عند تناول الطعام، لذلك تذكر قبل أن تتناول الطعام أن تغسل يديك جيداً.
وبذلك نكون قد استعرضنا أهم النقاط التي تتعلق بالإسهال، ويجب التذكير بشكل دائم على أهمية بعض الإجراءات الوقائية، التي تساعد في تجنب المشكلات الصحية وتساعد في تجاوزها في حال حدوثها معنا.