وداد برطال تحقق إنجازاً تاريخياً جديداً في الملاكمة للمغرب

في ليلة تاريخية للملاكمة العربية، نجحت البطلة المغربية، وداد برطال في تحقيق إنجاز عالمي غير مسبوق بفوزها بلقب بطولة العالم للملاكمة النسائية في وزن 54 كيلوغراماً، وذلك بعد أداء استثنائي في البطولة التي احتضنتها مدينة نيش الصربية، لتصبح ثاني مغربية في التاريخ تحقق هذا اللقب الرفيع، بعد البطلة السابقة خديجة المرضي.

هذا الانتصار لم يكن مجرد فوز فردي، بل هو انتصار يعكس التطور الملحوظ الذي تشهده الرياضة النسائية المغربية في مختلف المجالات، ويؤكد أن الملاكمة المغربية أصبحت رقماً صعباً في المنافسات الدولية.

نزال حاسم أمام بطلة العالم السابقة

لم يكن طريق وداد برطال نحو اللقب مفروشاً بالورود، فقد واجهت في النهائي واحدة من أقوى الملاكمات في العالم، التركية خديجة أكباش، التي سبق أن توّجت ببطولة العالم عام 2022، وحصدت الميدالية الفضية في أولمبياد باريس 2024، مما جعل المواجهة مليئة بالتحديات والصعوبات.

انطلقت المباراة بقوة من طرف أكباش، حيث تفوقت في الجولة الأولى بإجماع الحكام، ما وضع وداد برطال أمام تحدٍّ كبير لإعادة التوازن في النزال، لكن الأخيرة أظهرت شخصية البطل الحقيقي، فعادت في الجولة الثانية بقوة، مستخدمة تقنيات هجومية دقيقة وسرعة استثنائية، مما أربك منافستها، وأجبرها على التراجع.

أما في الجولة الثالثة، فقد قدمت وداد برطال أداءً تكتيكياً مذهلاً، حيث استغلت نقاط ضعف خصمتها، وأمّنت تفوقها بأسلوب ذكي جعلها تنتزع الفوز بالنقاط بنتيجة 5-2، لتصبح بطلة العالم عن جدارة واستحقاق، وسط فرحة عارمة في صفوف الجمهور المغربي وعشاق الملاكمة حول العالم.

رحلة مليئة بالتحديات نحو القمة

لم يكن وصول وداد برطال إلى هذا الإنجاز وليد الصدفة، بل كان نتاج سنوات من العمل الجاد والتضحيات، حيث خاضت خلال البطولة مواجهات قوية ضد أبرز الأسماء في الملاكمة النسائية. في نصف النهائي، اصطدمت بالملاكمة الصربية سارة سيركوفيتش، التي كانت تحظى بدعم جماهيري كبير، لكنها تمكنت من التفوق بمهاراتها العالية، مما عزز ثقتها قبل النهائي المرتقب أمام أكباش.

هذا الإنجاز لم يكن مجرد انتصار على خصوم أقوياء، بل كان أيضاً رسالة واضحة بأن وداد برطال قادرة على مقارعة أفضل الملاكمات في العالم، وأن المغرب أصبح قوة صاعدة في الملاكمة النسائية العالمية.

إنجاز تاريخي للمغرب وللعالم العربي

بتتويجها بهذا اللقب، دخلت وداد برطال التاريخ كواحدة من أبرز الملاكمات العربيات، حيث أصبح هذا الإنجاز ثاني ميدالية ذهبية للمغرب في بطولة العالم للملاكمة النسائية، بعد أن سبق للبطلة خديجة المرضي تحقيق هذا الشرف.

هذا الانتصار يؤكد أن المغرب لم يعد مجرد مشارك في المحافل الدولية، بل أصبح من بين الدول الرائدة في الملاكمة النسائية، بفضل المواهب الشابة التي تثبت يوماً بعد يوم أنها قادرة على مقارعة أبطال العالم والتفوق عليهم.

مسيرة وداد برطال الحافلة بالألقاب

لم يكن هذا اللقب العالمي الأول في مسيرة وداد برطال، فقد سبق لها تحقيق العديد من الألقاب القارية والعربية والدولية، مما يعكس تفوقها واستمراريتها في الأداء العالي.

ومن أبرز إنجازاتها:

• ذهبية بطولة إفريقيا عامي 2023 و2024، بعد انتصارات قوية على أبرز الملاكمات في القارة.
• ذهبية الألعاب الإفريقية 2023، والتي أقيمت في غانا، حيث أظهرت تفوقاً كبيراً على منافساتها.
• ذهبية دورة الألعاب العربية 2023 في الجزائر، لتؤكد ريادتها على المستوى العربي.

هذه الإنجازات المتتالية لم تأتِ من فراغ، بل كانت ثمرة إرادة قوية وتدريبات مكثفة، مما جعل وداد برطال واحدة من أكثر الملاكمات ثباتاً في المستوى خلال السنوات الأخيرة.

نهضة كبيرة في الرياضة النسائية المغربية

يأتي هذا الإنجاز في وقت تشهد فيه الرياضة النسائية المغربية نهضة غير مسبوقة، حيث أصبحت المغربيات يحققن إنجازات كبرى في مختلف الرياضات، مثل ألعاب القوى، الجودو، التايكواندو، والملاكمة.

المسيرة التي بدأتها البطلات المغربيات السابقات، مثل خديجة المرضي، تمثل اليوم إلهاماً كبيراً لجيل جديد من الملاكمات الطموحات، اللواتي يرون في وداد برطال نموذجاً للنجاح والتحدي.