طرق عقاب الطفل في المراحل العمرية المختلفة

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الأحد، 01 سبتمبر 2024
طرق عقاب الطفل في المراحل العمرية المختلفة

أياً كان عمر طفلك، كونك مسؤولاً عنه؛ عليك أن تراقب تصرفاته وتعدلها وتصلح الخاطئ منها وألا تتهاون فيها، لكن بالتوازي مع ذلك ينبغي عليك اختيار طرق صحيحة من شأنها أن تقوّم سلوك الطفل لا أن تقيّده، فإذا لم يطبق الأهل القواعد والمبادئ الصحيحة في التربية لن يحصدوا نتائج إيجابية في سلوك أطفالهم، وفي هذا المقال نوضح لك طرق عقاب الطفل في المراحل العمرية المختلفة وأهم القواعد الأساسية في تربية الطفل وتأثير العقاب القاسي على الأطفال.

طريقة عقاب الطفل حسب عمره

لا شك أنه في حال قيام الطفل بعمل سيئ يجب معاقبته، لكن تختلف طرق عقاب الطفل حسب عمره، فلكلٍ حدوده ومجالاته، ومن المؤكد أن عقاب طفل ذي ثلاث سنوات لن يكون بالدرجة نفسها من عقاب طفل ذي عشر سنوات، لذا من المهم اتباع هذه النصائح عند الإقدام على عقاب الطفل بعد قيامه بسلوك خاطئ: [1]

طريقة عقاب الطفل من عمر الشهر لعمر السنتين

أي الأطفال الرضّع والصغار؛ لا شك بأن إلحاق العقاب بأطفال هذه السن يعتبر درباً من الجنون، فأنت لا تستطيع أن تشرح وجهة نظرك حول الأذى الذي سيلحق بالطفل في هذا العمر عند قيامه بسلوك خاطئ، لأنه وبكل بساطة لا يدرك ما يجري حوله.

لذا تكون مسؤوليتك في هذه الحالة هي اتباع أساليب الوقاية من الأذى، فمثلاً من الجيد أن تبعد عن الطفل الأجهزة الكهربائية والإلكترونية والأدوية ومواد التنظيف، بالإضافة إلى القطع الصغيرة التي يمكن للطفل أن يلتقطها بسهولة.

وخصوصاً، عندما يبدأ الطفل بمرحلة الحبو (الزحف)، لا تكون مهمتك فقط إبعاد تلك الأشياء عنه، بل مراقبته باستمرار حتى لا يؤذي نفسه، سواء بالسقوط من على السرير أو وضع أصابعه في مقابس الكهرباء.

أما عندما يتجاوز الطفل عمر السنة ويصبح قادراً على الإدراك والاستيعاب قليلاً، وبعد أن يجرب الوقوف على قدميه ويمشي ستتكون لديه رغبة في اكتشاف ما حوله، هنا عليك الاستمرار في المراقبة، وإن قام بسلوك خاطئ عليك ألا تقوم بضربه أو الصراخ فيه أو حتى صفعه، يجب أن تكتفي بمحاولة تفهيمه السلوك الخاطئ.

فمثلاً إذا ألقى الطفل الطعام على الأرض، يمكنك أن تنظف المكان جيداً، وتقول له إن هذا الأمر ليس جيداً، وتساعده على استخدام الطبق بالطريقة الصحيحة؛لأن أي عقاب بدني ستلحقه به في هذا العمر يجعله يشعر بألم الصفعة فقط، ولن يُدرك الأسباب التي دفعتك إلى ضربه أو الصراخ فيه.

طريقة عقاب الطفل من عمر 3 سنوات إلى 5 سنوات

في هذه السن، ينمو طفلك ويصبح قادراً على فهم العلاقة بين الفعل ونتائجه، لذا عندما يتصرف طفلك بشكل خاطئ ومزعج لأول مرة، يجب عليك أن تشرح له لماذا هذا التصرف سيئ وضار، وكيف أن هذا الفعل سيسبب نتائج سلبية.

فمثلاً، قد يستخدم الطفل في هذا العمر الطباشير الملون في الرسم على الجدران، وهنا يجب عليك ألا تغضب وتنبهه أن هذا الفعل غير مقبول، وأنه سيتسبب في تلوث الجدار، إضافة إلى تلوث يديه، وبالتالي انتقال الأمراض والجراثيم إليه في حال وضعها في فمه.

ويستدعي ذلك منك أن تجلب سبورة أو ورقة وتقدمها لطفلك، وتشرح له أن الطباشير يجب أن يستخدم للرسم على أي منهما وليس على جدران وحوائط المنزل.

طريقة عقاب الطفل من عمر 6 سنوات إلى 8 سنوات

أهم شيء يجب أن تنتبه له في هذه المرحلة العمرية، هو ألا تهدد طفلك بعقوبات كبيرة، كأن تقول له إن فعلت هذا مرة أخرى سأضربك ضرباً مبرحاً، لأن هذا القول من شأنه أن يخلق لديه شعوراً بالخوف من الضرب، دون أن يقتنع بأن هذا الأمر خاطئ أساساً.

إضافة إلى أنك عندما تلاحظ أن الطفل قد ارتكب الخطأ مرة أخرى غير آبهٍ بالتنبيهات والتهديدات السابقة، عليك أن تنفذ تهديداتك ولا تتجاوزها، فما إن تجاوزتها مرة حتى يظن الطفل أنك ستتجاوزها في كل مرة فيكررها مراراً.

طريقة عقاب الطفل من عمر 9 سنوات إلى 13 سنة

إن الأطفال في هذا العمر يتطلبون المزيد من الاستقلالية وتحمل المسؤولية بأنفسهم، فنراهم يعرضون خدماتهم على الأهل؛ مثل أن يطلب الطفل من أمه "دعيني أجلب لك هذا الشيء بنفسي"، أو "دعيني أساعدك في أعمال المنزل".

في هذه الحالة، يجب على الأهل ألا يرفضوا تلك الخدمات في المطلق، ومن الجيد أن يقبلوا بالعروض التعاونية من الأطفال، أما عن العقوبات فتقتصر في هذه المرحلة على ترك الطفل يتعلم من خطئه بنفسه والاكتفاء بتنبيهه وتقديم النصيحة له، وما إن يقع الخطأ، يقول الأب أو الأم للطفل: "أرأيت؟ هذا الفعل قد سبب لك المتاعب، يجب أن تمتنع عنه".

قواعد أساسية في تربية الطفل

هناك بعض القواعد التي يمكنك اتباعها عند تربية الطفل، لمساعدتك على انتهاج أساليب مختلفة في التعامل معه، سواء قبل قيامه بالأمر الخاطئ، بمبدأ "الوقاية من هذا السلوك"، أو حتى بعد قيامه به من مبدأ "تقويم هذا السلوك"، ومن أهم هذه القواعد ما يأتي: [2]

  1. وضع معايير محددة لأفعال الأطفال، كالاتفاق على نظام يومي يقوم به الطفل، مثل: تحديد ساعات النوم واللعب والطعام ومشاهدة التلفاز والنشاطات الأخرى، فكل ذلك يساعد طفلك على معرفة وتنسيق حدود سلوكه وتصرفاته وتنظيم حياته اليومية.
  2. محاولة شرح الفرق بين الأمور الجيدة والسيئة للطفل خلال الحياة اليومية، فمثلاً تستطيع أن تشرح له أنك قد حرقت يدك أثناء إشعال النار وتألمت، فمن شأن هذه الجملة أن تُحدث أثراً في نفس الطفل تجعله يحذر الاقتراب من النار حتى لا يؤذي نفسه.
  3. محاولة إيجاد حلول مناسبة للمشاكل التي قد يتعرض لها طفلك، أياً كان نوعها؛ مادية أو جسدية أو نفسية، فمثلاً إذا كان لدى طفلك صعوبة في النطق سيشعر أحياناً بعقدة النقص؛ مما يجعله متوتراً في أغلب الأوقات، ويغضب سريعاً من أبسط الأمور، وقد يفرّغ طاقته تلك عن طريق التمرد على الأهل ورفضه لنصائحهم، لذلك يجب عليك في هذه الحالة أن تحل المشكلة التي يعاني منها جذرياً وألا تتجاوزها أو تتهاون بها.
  4.  عندما تجد صعوبة في مواجهة أمر ما أثناء تربيتك لطفلك عليك استشارة طبيب مختص، كي يساعدك على فهم ما إذا كانت تصرفات الطفل طبيعية أو أن سلوكه يحتاج إلى تقويم عبر أساليب معينة.
  5. لا ضرر من الاستفادة من تجارب الآخرين، إذ يمكنك الاجتماع مع أهالي أطفال آخرين من معارفك أو أصدقائك والنقاش معهم، حول ما إذا كانوا أطفالهم يقومون بالتصرفات نفسها التي يقوم بها طفلك، وأن تستفسر عن الأسلوب الجيد للتعامل مع مشاكلك معه.
  6. من الجميل أن تنضم إلى بعض المجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي، التي تعرض موضوعات مهمة بشأن تربية الأطفال، وتتحدث عن تجارب الآخرين بهذا الخصوص، فتغني نفسك بالمعرفة من خبراتهم، ولكن احرص على التأكد من أن المحتوى الذي تتابعه مقدم من قبل مختصين.
  7. مكافأة السلوك الجيد أمر مهم جداً، مهمتك في التربية الصحيحة للطفل لا تقتصر على معاقبته على أخطائه، بل وإثابته على تصرفاته الجيدة، فتقول الطبيبة ميسون تيرنر، رئيس فريق الطب النفسي في المركز الطبي كايسر، في سان فرانسيسكو: "ستكون نتائج التربية أفضل في حال كان التعزيز النفسي الإيجابي لطفلك أكثر من العتاب والانتقاد وإلحاق العقاب به بشكل مستمر، لكن هذا لا يعني أن عليك أن تقدم الشوكولاتة له في كل مرة ينظف فيها غرفته، فسيصبح ذلك وسيلة بالنسبة له، لكي يحصل على الشوكولاتة مستغلاً قبولك لتصرفه".
  8. إظهار الاهتمام لطفلك عند النقاش أو التكلم، فمن الأفضل أن تخوض معه حديثاً ليساعدك على فهم ما يريده الطفل، وعندما يبدأ الطفل في شرح وجهة نظره فيما فعله، عليك أن تعيره انتباهك الكامل، وأن تنظر في عينيه، وتبين له أنك مهتم بالحديث معه، وعندما يقول لك: "هذا ليس عدلاً، كل أصدقائي يملكون هذه اللعبة وأنت لا تعطيني إياها" يفضل أن تقول له "أعرف ذلك ولكن...."، وتشرح عندها الأسباب التي منعتك من شراء تلك اللعبة ووجهة نظرك فيها بكل وضوح وهدوء حتى يقتنع بكلامك.
  9. من المهم الحفاظ على هدوئك، لأن الهدوء عند وقوع التصرف الخاطئ من الطفل، سيساعدك على تجنب الغضب السريع وفقدان الأعصاب، فتفكر حينها في النقاش الواجب عليك أن تبدأه مع الطفل وفي العقاب المناسب له.
  10. شئت أم أبيت، طفلك سيقلدك فأنت تمثل القدوة الأولى بالنسبة له، وسيلجأ إلى تقليدك مثلاً في طريقة تناولك للطعام، أو حتى طريقة حديثك مع الآخرين؛ لهذا من المهم أن تنتبه لتصرفاتك أنت قبل أن تقوم بانتقاد الطفل على تصرفاته.

تأثير العقاب القاسي على الأطفال

قد يقدم الكثير من الآباء والأمهات على عقاب الطفل بطريقة قاسية ومبالغ فيها في لحظة غضب من تصرفه السيئ، وتعد العقوبة القاسية في لحظة الغضب أكبر فخ قد يقع فيه الأهل بخصوص التربية الصحيحة؛ حيث يكون تركيزهم الأولي عند وقوع المشكلة هو كيفية معاقبة الطفل لا على كيفية تعليمه الفعل الصحيح. [3]

إذ نجد الكثير من الأهالي يلجؤون إلى ضرب الطفل وتعنيفه وشتمه بعبارات قاسية، إضافة إلى حبسه في الغرفة أحياناً، لذلك يجب التنويه إلى أن مثل هذه الأفعال لن تجدِ نفعاً مع تربية الطفل، بل ستزيد من المشاكل لتخلق لديه آثاراً سلبية على المدى الطويل، ومنها ما يأتي: [3]

  • السلوك المنحرف: بينت دراسة لوزارة التربية في المملكة المتحدة عام 2011، أن الأطفال الذين يتعرضون للتعنيف والعقوبات القاسية من أهاليهم يمكن أن تظهر لديهم تصرفات وسلوكيات منحرفة مستقبلاً، فقد يؤدي بهم الأمر إلى تعاطي المخدرات أو الكحول إضافة إلى إمكانية تمردهم على المجتمع.
  • الاكتئاب: هناك علاقة ترابطية بين علاقة الأهل مع طفلهم واكتئابه، فكلما كانت العلاقة بين الطفل وأبويه علاقة إيجابية، كانت نسبة الاكتئاب لديه قليلة، كما أن العقاب البدني والقاسي الموجه للطفل من الممكن أن يخلق لديه مشاعر سلبية تسبب له نقصاً في الدعم العاطفي والنفسي.
  • العدوانية: عند تعرض الطفل إلى العقوبات القاسية سينعكس ذلك على ردود فعله، ويقلد أبويه في العدوانية بحقه، فيظهر سلوكاً عدوانياً عند تعرضه لمواقف تستدعي الغضب ليفرغ غضبه بشكل متسرع ومبالغ فيه.

وبعد أن تعرفت معنا على طرق عقاب الطفل في المراحل العمرية المختلفة وأهم القواعد الأساسية في تربية الطفل وتأثير العقاب القاسي على الأطفال، نود التأكيد على أن تربية الطفل بالشكل الصحيح ليست بالأمر السهل، لكنها ليست بالأمر المستحيل أيضاً؛ فدراسة الموضوع من جميع جوانبه والتخطيط له بشكل متناسق من جميع أبعاده سيصل بك إلى نتائج جيدة، بالرغم من كل المتاعب التي قد تتعرض لها.

ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار