مشاهد ما بعد غزوة بدر

شارك الرسول صلى الله عليه وسلم في العديد من الغزوات منها غزوة بدر دفاعاً عن النفس والأهل والوطن، وحماية الدين، ورفع الظلم عن المسلمين، وسنتناول في هذا المقال مشاهد ما بعد غزوة بدر.

مشاهد ما بعد غزوة بدر

بعد انتهاء القتال ومقتل صناديد قريشٍ، أمر النبي عليه الصلاة والسلام بأن تُجمع جُثثهم وتُرمى في أحد آبار بدرٍ غير الصالح للشرب، ثمَّ نادى عليهم اسماً اسماً، ثم قال: أيَسُرُّكم أنكم أطعتم الله ورسوله؟ فإننا قد وجدنا ما وَعَدنا ربُّنا حقّاً، فهل وجدتم ما وعدكم ربُّكم حقّاً؟ فقال عمر رضي الله عنه: يا رسول الله، إنك تُكلم أجساداً لا حِراك فيها، فقال النبي: ما أنتم بأسمع منهم لما أقول، وقد قُتل من المشركين سبعين،وأُسِر سبعين.

كما أنَّ النبي عليه الصلاة والسلام قسم الغنائم بين المسلمين على السواء، أما الأسرى فقد أمر النبيُّ الإحسان إليهم في المُعاملةِ، وقد طلب الفِداء منهم كُلٌّ على حسب قُدرته، فمن كان غنياً كان يدفعُ المال ليفدي نفسه، ومن كان فقيراً ويعرف القراءة والكتابة، أمره النبيُّ أن يُعلِّم عشرةً من أبناء الأنصار القراءة والكتابة، ومن كان لا يملك شيئاً، كان النبيُّ يُطلقُ سراحه بلا أي مُقابل.

وكان من بين الأسرى أبو العاص بن الربيع، وهو زوج زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث إنها كانت ما تزال في مكة، وقد أَرسلت عِقْداً كانت قد أهدتها إياه أمها خديجة رضي الله عنها يوم عُرسها، فلما رآه النبيُّ رَقَّ قلبه لابنته رِقَّةً شديدة، فقال لأصحابه يستأذنهم، إذا رأيتم أن تردوا لها مالها وزوجها، فوافق الصحابة مباشرةً، وقد أخذ النبيُّ العهد على أبي العاص هذا أنه عندما يصل مكة أن يُرسل للنبيِّ في المدينة ابنته زينب، ففعل أبو العاص ووفَّى بعهده للنبي.

وكان العباس عم النبي من بين الأسرى، حيث إن قريشاً أجبرته على الخروج للقتال معهم، فقد جاءه النبي وقال له: افْدِ نفسك وابنا أخويك وحليفك، فقال العباس أنا مسلمٌ وقد أجبرتني قريش، قال النبيُّ الله أعلم بحالك، نحن لنا بالظاهر، فقال العباس ليس لي مالٌ أفتدي به نفسي، فقال النبي له: وماذا عن المال الذي خبَّأته أنت وزوجتك، فقال العباس، والله لا يعلم بهذا إلا أنا وزوجتي، وإني لأعلم أنك رسول الله، ففدى نفسه ومن معه.