قصة غريبة وراء أغنية فيروز "كيفك أنت"؟ لم تغنها لحبيبها

تُعتبر السيدة فيروز واحدة من أعظم الفنانات العربيات التي أسرت القلوب بصوتها العذب وأغانيها التي لامست مشاعر الملايين. ومن بين الأغاني التي تحمل قصة مؤثرة وتاريخاً خاصاً في حياة فيروز، تأتي أغنية "كيفك أنت" التي كتبها ولحنها ابنها زياد الرحباني.

في هذا المقال، نلقي الضوء على تفاصيل هذه الأغنية المميزة، التي لا تزال ترنيمة خالدة في عالم العشاق، لنكتشف أنها لم تغنها لحبيبها أصلاً!

البداية: حكاية زياد ودلال

بدأت قصة أغنية "كيفك أنت" عندما قرر زياد الرحباني الهجرة من لبنان للزواج بحبيبته دلال كرم. ترك زياد لبنان، دون أن يُبلغ أحدا عن موعد عودته، ما أثار قلق والدته فيروز.

وبعد فترة من الزمن، عاد زياد إلى لبنان بشكل مفاجئ، وفي أحد الأيام التقى والدته فيروز بالصدفة. وعندما رأته، سألت بحنان ودهشة: "كيفك أنت؟ عم بيقولوا صار عندك ولاد؟ أنا والله كنت مفكرتك براة البلاد". من هذا الحوار العفوي والمفعم بالمشاعر، ولدت فكرة أغنية "كيفك أنت".

شاهدوا الفيديو:

كواليس تحضير الأغنية: رحلة طويلة من الإقناع

كتب زياد كلمات الأغنية مستوحاة من حديثه مع والدته فيروز، وعرضها عليها، لكنه واجه تحديا كبيرا في إقناعها بأدائها. ففي إحدى زياراته إلى منزل فيروز، أحضر زياد شريطا يحتوي على الأغنية بصوته، وطلب منها أن تستمع إليها. ورغم أن فيروز كانت مترددة في البداية، حيث قالت إنها ستستمع للأغنية "عندما تأتي الكهرباء"، أصر زياد على أن تستمع إليها في وجوده حتى يوضح لها الكلمات. بعد سماعها، سألت فيروز زياد قائلة: "هيدي شو بدنا نعمل فيها؟" معبرة عن دهشتها من الكلمات، وخصوصا عبارة "ملا أنت".

ترك زياد الأغنية لفيروز لتقرر بشأنها، ولكنها استغرقت أربع سنوات قبل أن توافق أخيرا على غنائها. ومنذ ذلك الحين، أصبحت أغنية "كيفك أنت" واحدة من الأغاني الخالدة التي يتذكرها جمهور فيروز دائما.

التعاون الفني بين فيروز وزياد الرحباني

لم تكن أغنية "كيفك أنت" أول تعاون بين فيروز وابنها زياد. فقد بدأت العلاقة الفنية بينهما منذ أن قدم زياد أولى ألحانه لوالدته في أغنية "سألوني الناس" وهو في سن الخامسة عشرة. حينها كان والده عاصي الرحباني على فراش المرض، وأثناء التحضير لمسرحية "المحطة"، عانى من نزيف في المخ. عندما سمع عاصي الأغنية لأول مرة، شعر بالقلق لأن الموضوع يرتبط بمرضه، إلا أنه بعد نجاح الأغنية الباهر، أدرك أن زياد يحمل راية الفن الرحباني بجدارة.

استمرت النجاحات بين فيروز وزياد، حيث قدم زياد موسيقى حديثة تتسم بالحيوية والتطور، مما أعاد تشكيل مسيرة فيروز الفنية، وأضفى عليها نكهة مميزة.

الخلافات السياسية بين فيروز وزياد: أزمة عائلية

في عام 2013، أثارت تصريحات زياد الرحباني جدلاً واسعا عندما تحدث في مقابلة صحفية عن إعجاب والدته فيروز بشخصيات سياسية مثل الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، والزعماء مثل معمر القذافي وأدولف هتلر وجمال عبد الناصر. هذه التصريحات أغضبت فيروز وابنتها المخرجة ريما الرحباني، ورفضت فيروز الإفصاح عن ميولها السياسية بهذه الطريقة، مما أدى إلى قطيعة بين زياد ووالدته استمرت لمدة ثلاث سنوات.

العودة إلى التواصل: إنهاء القطيعة

في عام 2018، أعلن زياد الرحباني خلال مقابلة تلفزيونية عن عودة العلاقات إلى طبيعتها مع والدته فيروز. بعد مكالمة هاتفية مع والدته، تم حل الخلاف، وكان أول ما قاله لها زياد: "حمدالله بالسلامة". هذا اللقاء الأول بعد فترة الانقطاع أزال التوتر، لكنها عاتبته على الفترة الطويلة التي قضياها في القطيعة.

تأثير الأغنية في قلوب الجماهير

رغم التحديات التي واجهت فيروز في قبول أغنية "كيفك أنت"، أصبحت هذه الأغنية جزءا من تراثها الغنائي الخالد. الكلمة البسيطة والعاطفة العميقة التي تحملها الأغنية جعلتها محفورة في قلوب محبي فيروز، لتظل قصة هذه الأغنية تذكارا لحب الأم لابنها وعلاقتها القوية به، سواء في حياتها الشخصية أو الفنية.