جدري القرود عند الأطفال: الأسباب والأعراض والعلاج

  • تاريخ النشر: الجمعة، 16 أغسطس 2024 آخر تحديث: السبت، 17 أغسطس 2024
جدري القرود عند الأطفال: الأسباب والأعراض والعلاج

جدري القرود، المعروف أيضاً بفيروس جدري القردة، هو مرض فيروسي نادر نسبياً، لكنه أصبح محور اهتمام الصحة العامة في الآونة الأخيرة؛ بسبب انتشاره في بعض المناطق الجديدة. ورغم أن هذا المرض كان يُعتقد أنه يصيب الحيوانات البرية بشكل رئيسي مثل القوارض والقرود، فقد ظهرت حالات إصابة بين البشر، بما في ذلك الأطفال، مما أثار تساؤلات حول تأثير هذا المرض على هذه الفئة الحساسة.

في هذا المقال، سنغوص في تفاصيل مرض جدري القرود عند الأطفال، بدءاً من أسباب الإصابة وكيفية انتقاله، مروراً بالأعراض وطرق التشخيص، وصولاً إلى الأساليب الوقائية والعلاجية المتاحة.

ما هو جدري القرود؟

جدري القرود هو مرض فيروسي نادر ينتمي إلى عائلة الفيروسات الجدرية، وهي نفس العائلة التي تسبب الجدري البشري. تم اكتشاف المرض لأول مرة في عام 1958 بين مجموعة من القرود التي كانت تُستخدم في الأبحاث العلمية، ومن هنا جاءت التسمية. ومع ذلك، فإن المصدر الأساسي للعدوى هو الحيوانات البرية، وخاصة القوارض التي تعيش في مناطق الغابات الاستوائية في أفريقيا.

حتى وقت قريب، كانت حالات جدري القردة تقتصر إلى حد كبير على أجزاء من غرب ووسط أفريقيا، حيث كان ينتقل الفيروس من الحيوانات البرية إلى البشر. ومع ذلك، في الآونة الأخيرة، شهدنا انتشاراً متزايداً لهذا الفيروس خارج المناطق التقليدية، مما أثار القلق بشأن احتمالية تفشيه في مناطق جديدة.

في بعض الحالات، تم الإبلاغ عن حالات الإصابة بين الأطفال، مما يزيد من أهمية فهم هذا المرض وكيفية التعامل معه. [1]

هل جدري القرود معدي؟

ينتقل جدري القرود عادةً من الحيوانات إلى البشر من خلال الاتصال المباشر مع دم الحيوانات المصابة، أو سوائل الجسم، أو الطفح الجلدي. يمكن أن يحدث هذا الاتصال من خلال:

  • ملامسة الجروح أو الخدوش المفتوحة: يمكن أن يتسلل الفيروس إلى جسم الإنسان إذا ما لامس سوائل جسم الحيوان المصاب جرحاً أو خدشاً على جلد الإنسان.
  • التعرض للعض أو الخدش من قبل حيوان مصاب: قد يحدث انتقال الفيروس عند التعامل مع الحيوانات البرية دون اتخاذ الاحتياطات اللازمة، مثل ارتداء القفازات أو الأقنعة.
  • استهلاك لحوم الحيوانات المصابة: يمكن أن يحدث انتقال الفيروس عند تناول لحوم غير مطهوة جيداً من حيوانات مصابة.

كما ينتقل فيروس جدري القردة بين البشر، وعلى الرغم أن جدري القرود لا ينتقل بسهولة بين البشر مثل بعض الفيروسات الأخرى، إلا أن الانتقال يمكن أن يحدث من خلال:

  • الاتصال المباشر مع الطفح الجلدي أو سوائل الجسم: مثل الرذاذ التنفسي الذي يحتوي على الفيروس.
  • الاتصال المباشر مع الأدوات الملوثة: مثل الملابس أو البياضات التي استخدمها شخص مصاب.

وبينما يمكن لأي شخص أن يصاب بجدري القرود، فإن الأطفال الصغار قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بمضاعفات خطيرة؛ بسبب جهازهم المناعي الذي لا يزال في مرحلة التطور. بالإضافة إلى ذلك، الأطفال الذين يعيشون في مناطق تنتشر فيها الأمراض الحيوانية المصدر، أو الذين يتعرضون بشكل متكرر للحيوانات البرية قد يكونون أكثر عرضة للإصابة. أيضاً من الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بجدري القردة:

  • الأشخاص الذين يعانون من ضعف شديد في جهاز المناعة.
  • الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 1 سنة.
  • الأشخاص الذين لديهم تاريخ من الأكزيما.

أعراض جدري القرود عند الأطفال

تبدأ أعراض جدري القرود عند الأطفال بالظهور عادة بعد فترة حضانة تتراوح بين 6 إلى 16 يوماً. وتتشابه هذه الأعراض مع تلك التي تظهر في بداية الإصابة بالجدري البشري، لكنها تكون أقل حدة. تشمل الأعراض الأولية: [2]

  • الحمى: وتعتبر من الأعراض الأولى التي تظهر. قد تكون الحمى مرتفعة ومصحوبة بأعراض مشابهة لأعراض الإنفلونزا مثل القشعريرة والتعرق.
  • آلام العضلات والمفاصل: يشعر الأطفال عادة بآلام في عضلاتهم ومفاصلهم، مما قد يجعل الحركة صعبة ومؤلمة.
  • الصداع: قد يعاني الطفل من صداع شديد يرافقه شعور بالتعب والضعف العام.
  • الإرهاق: غالباً ما يشعر الأطفال المصابون بجدري القرود بالتعب الشديد حتى مع القيام بأقل مجهود.

ظهور الطفح الجلدي

بعد يومين إلى أربعة أيام من ظهور الحمى، يبدأ الطفح الجلدي في الظهور. يبدأ الطفح عادةً على الوجه، ثم ينتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم، بما في ذلك راحة اليدين وباطن القدمين. يتميز الطفح بتطوراته التدريجية حيث يبدأ كبقع حمراء مسطحة تتحول إلى بثور مليئة بالسوائل، ومن ثم تنفجر لتتحول إلى قشور.

  • الطفح الجلدي على الوجه: يكون أول مكان يظهر فيه الطفح الجلدي، ويكون أكثر وضوحاً على الجبهة والخدين.
  • انتشار الطفح إلى باقي الجسم: بعد الظهور على الوجه، ينتشر الطفح الجلدي إلى الذراعين، الساقين، والجذع. يكون هذا الانتشار سريعاً، ويشمل مناطق كبيرة من الجسم.
  • الطفح على الأطراف: الطفح الجلدي يظهر أيضاً على راحة اليدين وباطن القدمين، وهو أمر غير معتاد في العديد من الأمراض الأخرى.

شكل جدري القرود عند الأطفال

تورم الغدد اللمفاوية

من الأعراض المميزة لجدري القرود تورم الغدد اللمفاوية، والذي يحدث غالباً في الرقبة، الإبطين، والفخذين. يمكن أن يكون هذا التورم مؤلماً، ويصاحبه شعور بالضغط في المناطق المتورمة.

المضاعفات المحتملة

في بعض الحالات، قد يتسبب جدري القرود في مضاعفات خطيرة، خاصة لدى الأطفال. من بين هذه المضاعفات:

  • التهاب الرئة: قد يحدث التهاب في الرئتين نتيجة انتشار الفيروس عبر مجرى الدم.
  • التهاب الدماغ: في حالات نادرة، قد يؤدي جدري القرود إلى التهاب في الدماغ، مما قد يتسبب في مشاكل عصبية خطيرة.
  • التهابات بكتيرية ثانوية: الطفح الجلدي قد يصاب بعدوى بكتيرية، مما يتطلب علاجاً إضافياً بالمضادات الحيوية.

تشخيص جدري القرود عند الأطفال

عند الاشتباه بإصابة طفل بجدري القرود، يبدأ الطبيب بالفحص السريري والذي يشمل: [3]

  • تقييم الأعراض: مثل الحمى، الطفح الجلدي، وتورم الغدد اللمفاوية.
  • التاريخ الطبي والتعرض: من خلال السؤال عن تاريخ تعرض الطفل للحيوانات البرية أو السفر إلى مناطق ينتشر فيها الفيروس.

ولتأكيد التشخيص، يمكن للطبيب أن يطلب بعض الفحوصات المخبرية:

  • اختبار PCR (تفاعل البوليميراز المتسلسل): وهو اختبار يستخدم للكشف عن الحمض النووي للفيروس في عينات الدم أو سوائل البثور.
  • تحليل الأجسام المضادة: يمكن أيضاً إجراء اختبارات للكشف عن الأجسام المضادة التي ينتجها الجهاز المناعي استجابةً للفيروس.

علاج جدري القرود عند الأطفال

لا يوجد علاج محدد لجدري القرود عند الأطفال، ولكن يمكن تقديم الرعاية الداعمة لتخفيف الأعراض وتحسين حالة الطفل:

  • الراحة: يجب على الطفل المصاب الحصول على قسط كافٍ من الراحة لمساعدة الجسم على مقاومة الفيروس.
  • التغذية الجيدة: يجب تقديم وجبات غذائية متوازنة لتعزيز الجهاز المناعي.
  • السيطرة على الحمى: يمكن استخدام الأدوية الخافضة للحرارة مثل الباراسيتامول لتخفيف الحمى والصداع.

وفي بعض الحالات، قد يحتاج الطفل إلى أدوية مضادة للفيروسات للمساعدة في تقليل شدة الأعراض:

  • الأدوية المضادة للفيروسات: مثل سيدوفوفير قد تكون فعالة في علاج بعض حالات جدري القرود، لكن استخدامها يقتصر على الحالات الشديدة وتحت إشراف طبي متخصص.
  • المضادات الحيوية: إذا كانت هناك عدوى بكتيرية ثانوية ناتجة عن الطفح الجلدي، فقد يحتاج الطفل إلى مضادات حيوية للعلاج.

الوقاية من جدري القردة عند الأطفال

على الرغم من عدم وجود لقاح مخصص لجدري القرود حتى الآن، إلا أن هناك عدة إجراءات وقائية يمكن اتباعها لحماية الأطفال من الإصابة، وتشمل:

  • تجنب الاتصال المباشر مع الحيوانات البرية: خاصة تلك التي تظهر عليها علامات المرض، مثل القوارض والقرود.
  • الحفاظ على نظافة اليدين: يجب على الأطفال غسل أيديهم بانتظام باستخدام الماء والصابون، خاصة بعد التعامل مع الحيوانات أو البيئات التي قد تكون ملوثة.
  • التوعية والتثقيف: يجب تعليم الأطفال أهمية تجنب لمس الحيوانات البرية وعدم اللعب في المناطق التي قد تكون ملوثة.

يمكن أيضاً استخدام لقاح الجدري البشري للوقاية من المرض، فقد أظهرت بعض الدراسات أن لقاح الجدري البشري قد يوفر حماية جزئية ضد جدري القرود. ومع ذلك، فإن استخدامه يقتصر حالياً على حالات الطوارئ والوقاية في المناطق المعرضة للخطر.

وللوقاية في المنزل والمدرسة، يوصى بما يلي:

  • عزل المصابين: في حالة إصابة أحد أفراد الأسرة بجدري القرود، يجب عزله في غرفة منفصلة ومنع الأطفال من التواصل المباشر معه.
  • التنظيف والتعقيم: يجب تنظيف وتعقيم جميع الأسطح والأدوات التي قد تكون ملوثة، مثل الألعاب، الأدوات الشخصية، والأثاث.

خاتمة:

رغم أن جدري القرود لا يزال نادراً نسبياً، إلا أن انتشاره المتزايد يسلط الضوء على أهمية التعرف عليه واتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة، خاصةً عند الأطفال. فهم الأسباب، الأعراض، وطرق العلاج يمكن أن يساعد في حماية الأطفال من هذا الفيروس النادر، ويضمن توفير الرعاية المناسبة في حالة الإصابة.

مواضيع ذات صلة

  • الأسئلة الشائعة

  1. كيف هو شكل حبوب جدري القرود؟
    حبوب جدري القرود تظهر على شكل طفح جلدي مميز يمر بعدة مراحل تطورية. في البداية، تبدأ هذه الحبوب عادةً كبقع مسطحة حمراء على الجلد. مع مرور الوقت، تتطور إلى حبوب مرتفعة تحتوي على سوائل.
  2. هل يمكن أن يتسبب جدري القرود بمضاعفات خطيرة عند الأطفال؟
    في حالات نادرة، يمكن أن يتسبب جدري القرود في مضاعفات خطيرة مثل الالتهابات الجلدية البكتيرية، التهاب الرئة، أو إصابة العين بالتهاب قد يؤدي إلى فقدان البصر.
  3. ما هي مدة الشفاء من جدري القرود عند الأطفال؟
    تختلف مدة الشفاء حسب شدة الحالة، ولكن غالبًا ما تستمر الأعراض من 2 إلى 4 أسابيع.
ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار