تربية الأطفال بعد الطلاق

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الجمعة، 11 أكتوبر 2024
تربية الأطفال بعد الطلاق

يعاني الآباء والأمهات من صعوبات كبيرة في تربية أطفالهم، كما يجدون صعوبة في دمج المفاهيم التربوية لكل منهما، لكن بعد الانفصال ستزداد هذه المصاعب، كما ستصبح مسؤولية كلا الأبوين أن يخففا من آثار انفصالهما على الصحة النفسية للأطفال، كيف يتم ذلك؟ ما هي الأمور التي يجب التقيد بها؟ وما هي الأخطاء التي يجب تجنبها؟ هذا ما نحاول إجابتكم عنه.

كيف ينظر الطفل إلى الانفصال؟

أسباب الانفصال كثيرة ومتعددة، يستطيع الراشدون إدراكها دون الحاجة لدراستها، لكن الأطفال غالباً ما ينظرون إلى الأمور بطريقة مختلفة، حيث لا يستطيع الطفل أن يحلل الأسباب الحقيقة لانفصال والديه عن بعضهما، كما أنه يشعر بصدمة كبيرة أمام تفكك البيئة الاجتماعية التي اعتاد عليها، فهو ينظر إلى عائلته باعتبارها ملاذه الآمن الذي فقده.

من جهة أخرى، فالطريقة التي ينفصل فيها الأبوان عن بعضهما تلعب الدور الأكبر باستيعاب الطفل لحياته الجديدة، لذلك يجب على الأهل أن يتجنبوا الانفصال العنيف، حتى إن اضطروا للتمثيل أمام أطفالهم، حيث يجب أن يشعر الطفل أن والديه قد حافظا على المحبة والاحترام بينهما.

سيتعامل طفلكم مع الكثير من الأمور الجديدة عليه، فهو ينظر إلى الطلاق كما ينظر لوفاة أحد أبويه، كذلك يجد صعوبة في التنقل بين بيتين، والتعامل مع شخصين مختلفين تربطه بهما ذات الصلة، لذلك هناك بعض الأمور التي يجب مراعاتها، كما هنالك بعض الأخطاء التي يجب تجنبها، لنتعرف عليها معاً. [1]

أبرز الأمور التي يجب الاهتمام بها بعد الانفصال

يجب أن يشعر طفلك بالمحبة

قد يعتقد بعض الأطفال أن محبة الوالدين لهم مرتبطة بمحبتهم لبعضهم، لذلك يجب أن يؤكد الآباء والأمهات على محبتهم لأطفالهم بشكل دائم، ويأخذ هذا التأكيد الشكل اللفظي أو الفعلي، حيث يجب شرح الموضوع بطريقة واضحة، باستخدام جمل مثل، نحن نحبك، أمك تحبك، والدك يحبك...إلخ، كما يجب أن يشعر أنه محبوب من الأب والأم معاً، من خلال تأكيد كل منهما على صيغة الجماعة، "أنا وأبوك نحبك، أنا وأمك نحبك".

حافظوا على القواعد السابقة

من أهم الأشياء التي يجب الاتفاق عليها، هي الحفاظ على روتين حياة الطفل قبل الانفصال بالقدر الممكن، ويتم ذلك من خلال الاتفاق بين الوالدين على قواعد معينة، سيتم تطبيقها في حال وجود الطفل عند أي منهما، تلك القواعد كلما كانت قريبة من القواعد الأساسية التي اعتاد عليها الطفل قبل الانفصال، كلما كانت أكثر نفعاً، فهذه القواعد تتعلق بأوقات النوم، ومبلغ المصروف الشخصي للطفل، إضافة إلى الأمور المسموحة والممنوعة.

حيث يصطدم الأطفال في أغلب الأحيان بأن يكون أحد الأبويين أكثر حزماً وصرامة بعد الانفصال، فيما يكون الآخر أكثر مرونة وتساهلاً، هذا ما سيولد لدى الطفل اعتلالات سلوكية، مثل نوبات الغضب والعصيان عند الأطفال، فمن الأجدر بالوالدين أن يتفقا على هذه القواعد لتجنب أي آثار سلبية قد تنعكس على طفلهم نتيجة عدم توافقهم.

حافظوا على علاقة طيبة

على الرغم من صعوبة الحفاظ على علاقة طيبة بين الشريكين بعد الانفصال، إلا أنه من الممكن تجنب أسباب الشجار، كما يجب أن يكون هناك نقاش هادئ لوضع قواعد مشتركة لتربية الأطفال في المرحلة القادمة، إن أكثر ما قد يؤثر في أطفالكم، هو أن يشاهدوا شجاراً بينكما بعد الانفصال، لذلك يجب تجنب أي توتر أمام الأطفال، والبحث عن النقاط المشتركة فقط للحديث حولها.

أشعر طفلك أنه محاط بالاهتمام

يجب أن يهتم الأبوان بالتفاصيل الصغيرة المتعلقة بطفلهما، كما يجب أن يحافظوا على خط تواصل مفتوح بينهما، لمناقشة سلوكه ودراسته وكل ما يتعلق به، حيث يفترض أن يحافظ الشريك الذي غادر المنزل على الاتصال الدائم بالأطفال، والسؤال اليومي عن واجباتهم وصحتهم، كي لا تتحول زيارتهم له في نهاية الأسبوع إلى مجرد زيارة روتينية.

اسمع ما سيقوله لك طفلك

يجب أن تكون مستمعاً جيداً، فالأطفال في هذه المرحلة سيرغبون بالحديث عن مشاكلهم، وعن مشاعرهم، لذلك يجب أن يتمتع الأهل بصدر رحب لاستيعاب الطفل، إضافة إلى التعامل الإيجابي مع الأفكار التي يطرحها عليهم.

بعض الأمور التي يجب تجنبها بشكل نهائي بعد الانفصال

يجب على الآباء والأمهات أن يكونوا أكثر حذراً في التعامل مع أطفالهم بعد الانفصال بشكل عام، فهذا الطفل يشعر بحزن كبير نتيجة انفصال والديه، إضافة إلى أنه يشعر بألم الفقدان بعد أن يغادر أحدهما البيت، كما أن هذه المرحلة الحساسة من تاريخ الطفل العائلي، ستؤثر بشكل مباشر على مراهقته، ثم على حياته كلها، لذلك هناك بعض الأمور التي يجب تجنبها بشكل مطلق، حفاظاً على الصحة النفسية لأطفالكم، وعلى مستقبلهم.

لا تُحمل أطفالك الرسائل

لا يجب أن ينقل الطفل أي رسالة بين أبيه وأمه، مهما كانت بسيطة أو مهمة؛ فهناك طرق اتصال مباشرة أو غير مباشرة متعددة، لنقاش أي موضوع، لكن لا يجدر بالأهل استخدام طفلهم لإرسال رسائلهم إلى الطرف الآخر، فذلك يعمق من شعوره بالخلاف بين أبويه، خاصة إذا حملت هذه الرسائل دلالات على هذا الخلاف.

لا تجند طفلك كجاسوس

يشعر معظم الذين ينفصلون عن بعضهم بفضول شديد لمعرفة تفاصيل حياة شريكهم السابق، إن كان حزينا أم سعيداً، يفكر في الزواج أم لا، إضافة إلى الكثير من الأمور التي يرغبون بمعرفتها عن بعضهم، لكن من غير المشروع أبداً تجنيد الأطفال كجواسيس لنقل تلك المعلومات، لأن ذلك من شأنه أن يزيد من الضغوطات التي يشعر بها أطفالكم بعد الانفصال، حاولوا أن ترضوا فضولكم بطريقة أخرى، عن طريق سؤال الأصدقاء أو الأقارب، لكن يجب ألا يشعر الطفل أن والديه يستخدمانه في خلافهم.

طفلك ليس معالجاً نفسياً

يميل الآباء والأمهات إلى الشكوى بعد الطلاق، حيث يتوجهون إلى أطفالهم بالحديث عن خيبة أملهم، وعن آثار الانفصال، وسرد أخطاء الشريك السابق، لكن يجب أن تتذكر أن طفلك ليس معالجاً نفسياً، ومن الأجدر تحييده عن كل المشاكل التي تقع فيها، فلا تتحدث إليه عن شريكك السابق وسلبياته، لأن ذلك سيضعف من ثقته بكلا الأبوين، وسيشعر أنهما مذنبان بحقه.

لا تضع نفسك على الطرف الآخر

يحاول الأبوان بعد الانفصال استمالة الأطفال كل إلى صفه، فتسمح الأم لابنها بفعل أمور نهاه عنها الأب، والعكس صحيح، كما يعارض أحدهما الآخر في كل شيء، لكن هذا النزاع سيكون هداماً لصحة الطفل النفسية، حيث سيفقد اتزانه، كما لن يستطيع تكوين اتجاهات مستقرة وسط هذا التجاذب، لذلك يجب تجنب هذا النوع من الاسترضاء، والتأكيد دائماً على أحقية الطرف الثاني بالسماح والرفض، ليشعر طفلكم أن والديه متفقان على ما هو ممنوع وما هو مسموح، ويمكن نقاش الموضوع بينكما فيما بعد.

لا تحرض طفلك

يقوم أغلب الأهل بتحريض الطفل على الشريك القديم، وذلك من خلال سرد سلبياته بقصد تشويه صورته في عين الطفل، لكن الحقيقة، أن الطفل يفقد ثقته بكلا الأبوين بعد فترة وجيزة، لذلك يجب على الأهل أن يدركوا أن الطفل ليس أداة لحربهم، ويجب تحييده تماماً عن هذه المعارك.

بادر بإصلاح أي خطأ قمت به

قد يفقد أحد الشريكين السيطرة على انفعالاته، فيقوم ببعض الأخطاء التي يجب تجنبها، في هذه الحالة يجب المبادرة لإصلاح هذه الأخطاء مباشرة، على سبيل المثال؛ إذا قال أحد الأبوين أموراً سيئة عن شريكه القديم أمام الطفل، يجب الاعتذار من الطفل والتأكيد على أنه لم يكن يعني ما قاله، وأنه لا زال يحترم الطرف الآخر. [2]

كيف سيتعامل طفلك مع أصدقائه بعد الانفصال؟

سيتعرض الطفل للكثير من الأسئلة من رفاقه، ربما من أساتذته أيضاً، لذلك يجب تزويده ببعض الأجوبة المناسبة بطريقة غير مباشرة، ليتمكن من تجنب أي إحراج، حيث لا بد من شرح بعض الأمور للطفل بعد الانفصال، ليتمكن من الرد على رفاقه في المدرسة، على غرار أن الأمر طبيعي، ويحصل للكثيرين.

كما يجب إبلاغ المدرسة والمعلمين بالانفصال، حيث سيتابع المعلمون أي سلوك طارئ على الطفل، ليتمكن الأهل بالتعاون مع المدرسة من استدراك أي مشكلة، خاصة وأن أغلب الأطفال سيتعرضون بعد انفصال الأهل لتراجع دراسي، إضافة إلى العزلة وظهور ميولهم نحو العنف.

كيف سيواجه الطفل المجتمع بعد الانفصال؟

يعاني الأطفال عادة من تدخل الأقارب بتربيتهم بعد الانفصال، هذا ما يؤدي لفقدان الطفل ثقته بأبويه، كما سيؤدي لاحقاً لعدم وجود أي موجه تربوي موثوق في حياته، لذلك يجب على الأبوين ألا يسمحا لأحد من الأقارب (الأخوال والأعمام، الجد والجدة...إلخ) بتوجيه الملاحظات لأطفالهم بطريقة تربوية، حتى وإن كان ذلك مسموحاً قبل الانفصال؛ لأن حساسية الأطفال تزداد تجاه هذه الملاحظات بعد انفصال الأبوين، إضافة إلى أن هذه التدخلات التي قد تكون فجة أحياناً، توّلد شعوراً لدى الطفل أن والديه قد تخلوا عنه وتركوا تربيته لغيرهم.

من جهة ثانية يجب أن يتصدى كل من الأبوين إلى أي محاولة للحديث السيء عن أحدهما من قِبل العائلة، حيث تميل عائلة الأب لانتقاد الأم أمام الطفل، والعكس صحيح، فيجب أن يُظهر الأبوان رفضهم لهذا الأمر، كما يفضل الاتفاق عليه مع الأقارب بعيداً عن الطفل.

نصائح هامة للتعامل مع طفلك بعد الانفصال

  • إذا كان أطفالك قد اختاروا أن يسكنوا عند شريكك السابق؛ فلا تشعرهم أن خيارهم خاطئ، بل احترم رغبتهم، وسهل عليهم هذا الخيار، دون أن تشعرهم بالذنب.
  • حاول أن تسهل التنقل بين المنزلين، من خلال الحفاظ على بعض الأغراض للأطفال في كل منزل، ليتنقلوا دون أن يشعروا بعناء الانتقال، كما أنهم سيشعرون بخصوصيتهم في كلا البيتين.
  • لا تربط الترفيه أو النزهات بأحد الأبوين، يجب أن يكون هناك توازن في كل ما يتعلق بالأمور الترفيهية.
  • لا تقل لطفلك "هذه ليست مسؤوليتي، بل مسؤولية والدتك"، أو العكس، بل قل/قولي سأتحدث مع أمك/والدك بهذا الخصوص.
  • سيحاول أطفالكم إقناعكم بالعودة عن الطلاق، لا تستخدموا عبارات فجة، ولا تمنحوهم أملاً مزيفاً، بل حاولوا التأكيد أن الخيار الذي اتخذتموه أفضل من أجلهم.
  • قد يحاول الأطفال تأليف بعض القصص لاستعطاف أحد الأبوين، يجب التأكد جيداً من صحة تلك القصص قبل البدء بحلها، كما يجب حلها بعيداً عن الأطفال.
  • ستظهر بعض السلوكيات السيئة لدى أطفالكم، كالعصيان، والغضب السريع، يجب مراعاة ظروفهم، والتعامل معهم بمحبة وعطف، كما يجب تجنب أي نوبات غضب أمامهم.
  • لا تحمّلوا الطرف الآخر المسؤولية عن الانفصال أمام أطفالكم.
  • إذا استطعتم تجاوز الخلافات الشخصية، من المفضل لدى الطفل أن تلتقيا على الغداء مثلاً بين فترة وأخرى. [3]

لا بد من الاعتراف أن وجود الأبوين معاً هو الحالة الأكثر صحية للطفل، لكن إذا وصلت الخلافات إلى طريق مسدود، يمكن للطلاق أن يكون خياراً أفضل، بشرط أن يستطيع الأهل التعامل مع الأطفال بشكل جيد، وأن يحافظا على الاتصال بينهما من أجل تربية أطفالهما، إضافة إلى تجاوز الخلافات التي يفترض أنها انتهت بالطلاق، فلا داعي لإثارتها مجدداً.

ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار